07-10-2011 06:43 PM
لم تعد القريه التي أسكنها تشبه قريتي , و لم تصبح مدينه , بل أنها أضحت غيرهما , ففي الصباح تمتلئ الشوارع بازدحام يشابه ازدحام المدينه , و تبقى فقط أم حسن تسير بقطيع غنماتها لتذكرني بقريتي , و عند الظهيره لا تهدأ أصوات زوامير السيارات , و تسمع بين الفينه و الأخرى زوامير سيارات الاسعاف و وضجيج الشارع , و الوجوه في الحواري الضيقه لا تكاد تعرف ساكنيها ,فحينما أسير بالشوارع الضيقه لا أرى الا أم حسن بقطيع غنماتها عائده , فأتذكر قريتنا , فأم حسن هي أخر ما تبقى من قريتنا , و عصراً أبدأ بالبحث عن لحظه هدوء , فأسير الى حيث بقي شيء من الهدوء و مساحه خضراء لم تقربها تطفلات الاسمنت المزروع في التربه الحمراء , و لكني لا ألمح في ذلك المكان الا أم حسن ترعى قطيع غنماتها ,
هناك حيث أخر المساحات الخضراء مما كان يسمى قريتي وأعود الى البيت , أركن متاملاً بحال القريه التي لم تصبح مدينه بعد , فأتفحص وجهها لأرى أي ملامح تشابه ماضيها أنها كانت قريه فلا أرى الا أم حسن و قطيع غنماتها , فأم حسن هي أخر ما تبقى من قريتنا , حتى الأطفال الذين يتراكضون لعباً بالشارع لم يعودوا يلعبون على أساس الحواري و العوائل , فقد تغيرت قواعد اللعب حسب المصالح , ولا يقطع على لعبهم مرور سياره , فالسياره تمضي مسرعه , بل أم حسن ببطء قطيعها وروائح قطيعها هي ما يستفزهم و ويؤخر لعبهم , فهي أخر مظهر قروي سيلمحونه من طفولتهم و شيخوخه قريتي ,
فقريتي لم تعد تشبه ماضيها ,ولم يتبقى من قرويه أهلها الا حديث عن الاحوال لا يطول الا للحظاتو من بعدها نعود لممارسه مدنيتنا التي لم نتقنها فنحن لم نعد قرويين و لم نتقن المدنيه بتجلياتها , و أصدق ما فينا أم حسن ليس بسبب قطيع غنماتها فقط , بل لأنها ما زالت تلهث وراء رزقها الطيب وتسأل ببراءة أحوال من تسعفها الذاكرة بتذكرهم وان كان معظمهم تحت التراب , بارك الله بأم حسن فما زالت تذكرني أنني سكنت يوما قريه , ولم أعد أسكن مدينة !
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-10-2011 06:43 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |