حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,29 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 44313

د. ماجد الخواجا يكتب لسرايا: الحكومة متعهدة صيوانات عزاء الفنانين والمبدعين

د. ماجد الخواجا يكتب لسرايا: الحكومة متعهدة صيوانات عزاء الفنانين والمبدعين

د. ماجد الخواجا يكتب لسرايا: الحكومة متعهدة صيوانات عزاء الفنانين والمبدعين

22-09-2011 02:39 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - مات محمود صايمة... يقولون أنه ( فنان أردني) وهذه جملة يلوكها المتيمون بقتل المبدعين.. هكذا فعلوا مع حسن إبراهيم ( مرزوق) .. ومع هشام يانس.. ومع أديب الحافظ .. ومع ربيع شهاب .. هل تتوقعون أن أستثني أحداً.. أبداً فهم يفعلونها مع موسى حجازين ونبيل صوالحة وعبير عيسى وأشرف أباظة وحسن سبايلة وريم سعادة وقمر الصفدي ومحمد وهيب وتوفيق النمري  واسماعيل خضر ومالك ماضي ومالك الربضي وعبد الكريم القواسمي وعلي عبد العزيز وجميل عواد وزهير النوباني وعادل عفانة ونبيل المشيني ومحمود أبو غريب وفؤاد الشوملي ... والقائمة لم تكتمل بعد...
 
مات أبو العبد الفنان الجميل الطيب الرائع الصادق محمود صايمة...   كانت الساعة السابعة مساء من يوم الثلاثاء 20 أيلول 2011 حين وصلت إلى صيوان العزاء في  ضاحية الحاج حسن في النزهة .. كان صيواناً بسيطاً يوحي أنه أقيم على عجل وربما على  شحٍّ في المال ... لم يكن سوى عدد محدود من المعزّين .. لم أجد من أعزّيه.. يا لحماقتي وكيف أعزّي وأنا العزاء وصاحب العزاء.. جلست واجماً ساهماً  ببلاهةٍ معهودةٍ عن البائس حين يريد أن يبكي فيبدأ بالضحك.. دخل الفنان عثمان الشمايلة وبرفقته شخص عرّف بنفسه بعد حينٍ أنه ( هاني الأردن) قلنا لبعضٍ سوياً: عظّم الله أجركم.. بالمناسبة كان كل من يدخل أو يخرج من الصيوان يردد ذات الجملة والتعبير وكأننا كلنا أهل العزاء...
 
قال الشمايلة وهو يختنق بالكلمات : أنا فنان .. هكذا أراد لي الشعب أن أكون فناناً.. هل تعلم معنى أن تكون فنان ؟؟ قلت : أعلم .. قال: أن تكون فناناً في الأردن يعني أنك لا تستطيع أن تعمل في أي مجالٍ سوى الفن.. أنا لا أستطيع أن أعمل سائق أو عامل أو موظف ولم يعد العمر يحتمل العمل بعيداً عن الفن... أن تكون فناناً يعني أن تموت من الجوع ومن التجاهل ومن انتظار أن يتم منحك أي دورٍ كي تحصل على مبلغٍ زهيدٍ لا يغطي ثمن رغيف الخبز لعائلتك..
 
قال الشمايلة : لقد انفجر دماغ الفنان أبو العبد مع الجلطة الدماغية تماماً كما هو حال كل الفنانين .. لم يحتمل كل التهميش والعماء الذي يمارس بحقنا وضدنا..  حضر أكثر من فنان لم أتمكن من تذكّر أسمائهم ليس عن ضعفٍ في الذاكرة وإنما عن ضعفٍ في إعطائهم القيمة التي يستحقونها..
 
قال هاني الأردن: لقد كنت لغاية الساعة السابعة صباحاً وأنا أتواصل مع الفنان محمود صايمة على الإنترنت والفيس بوك.. وكانت آخر جملة كتبها صايمة لي: انتظر لحظة.. وفعلاً انتظرت ولكن الانتظار طال ولم يرجع ... كررت الكتابة له.. لم يردّ.. قال آخر كلماته أنه يتوجع من بطنه.. وجاء خبر وفاته العاجل بعد أقل من ساعةٍ..
 
في الأثناء دخل لصيوان العزاء وزير الثقافة جريس سماوي.. استقبلناه وجلس حيث قال: أنا مندوب دولة رئيس الحكومة الدكتور معروف البخيت في تقديم واجب العزاء بالفقيد الفنان محمود صايمة.. واضاف أن الحكومة ستغطي كافة النفقات الخاصة بالعزاء...
 
انتفضت من مكاني صارخاً وقلت له باعتباره ممثلاً للحكومة: لقد كانت الحكومة وما زالت مقصرة بحق الفن والفنانين.. لقد قصرت مع أديب الحافظ ومع ربيع شهاب ومع حسن إبراهيم .. مع جميع الفنانين إلا من رحم ربّي.. وقلت أن الحكومة باتت متعهدة لصيوانات العزاء للفنانين والمبدعين..
 
نعم لقد واصلت الدولة الأردنية العمل الدؤوب على محو ذاكرتها الفنية والتربوية والأدبية والسياسية.. كما تغافلت الحكومات المتعاقبة عن أي عملٍ جادٍّ وحقيقي لدعم وإسناد المثقفين والمفكرين والفنانين.. وهي استمرأت بقاء عدد من الأوصياء في الإعلام والسياسة والفكر والأدب والفن والرياضة وغيرها من المجالات بحيث باتت هذه الهيئات والتجمعات عبارة عن إقطاعيات ومزارع يتقاسمها ويتوارثها حاشية الوزارة التي تسمى بوزارة الثقافة أو مجلس الشباب أو رابطة الكتّاب أو نقابة الصحفيين وما شابه..
 
حين خرج الزميل والصديق موسى حجازين لتسلّم ( درع تقدير) بالنيابة عن الفنان الرائع ربيع شهاب من فيصل الفايز .. والذي زامل ربيع شهاب بأكثر من عمل فني منتصف الثمانينات من القرن الماضي قبل أن يبدأ بالبكاء ويبكي جموع الحاضرين : كرامة ربيع شهاب من كرامتنا وكرامتك وكرامة سيدنا ..
 
ربيع شهاب ومحمود صايمة اللذان أدخلا الضحكة النقية الصافية الدافئة لبيوت الأردنيين فيما كانا يدميان القلوب في الحالة التي وصل لها الفنان والفن الأردني... ربيع شهاب الذي يعيش حالة من فقدان الذاكرة نتيجة جلطة دماغية.. ومحمود صايمة الذي باغتنا بوفاة سريعة إثر جلطة دماغية.. هما دليل إدانة على قبح ممارساتنا تجاه من شغلوا التاريخ والذاكرة الوطنية بأعمالهم الفنية العظيمة...
 
ربيع يا خريف الضمير الشعبي والرسمي... يا عارنا عندما نخذل أنفسنا ... ربيع لا تنتظر ولا تتوقع ولا تأمل ... كلنا على دربك البائس بهمّة الحكومات سائرون...
 
بماذا أعزّي نفسي ... بماذا أعزيك... يرى محمود عبد الرحمن صايمة أن العمل في الصغر كالنقش بالحجر، حيث إنه لم يخجل يوماً من العمل حيث كان يعمل في صغره بائع «اسكيمو» و»قشطة بحليب» و»قشطة بالعسل»
 
أنا موجوع فوق الوجع**** محمود صايمة مات*** ببساطة مات*** كنت قبل قليل في واجب العزاء*** لم أجد من أقول له عظّم الله أجركم*** ما أحمقني : من غيري أعزّيه في أبو العبد*** استأذنكم لأكتب وجعي وحزني هذه الليلة كببير
وداعاً صديقي ** هكذا هم المبدعون لا بواكي لهم **** عهداً سأفقأ أعينهم بموتٍ يكشف قبحهم
 
الحكومة حضرت وصرحت........... صرح وزير الثقافة أن الحكومة تتكفل بدفع ما يترتب من التزامات الصيوان.. والقهوة.. والمياه.. والفاين.. وربما ستحضر الندّابات للمساعدة في النواح لنا وعلينا.. 
 
مضى ابو العبد كما مضى وقضى طمليه.. تتذكر طمليه الطفل الشقي... الذي أصرً ان ينشر وصيته في زاويته الصحفية.. ثم رتب الليلة.. استدان ثمن الخمرة.. بدأ بالسكر.. واصل السكر.. واصل الشكر لنا وللحكومة.. واصل القهر.. واصل.. إلى أن وصل.
 
 وجه أبو العبد الصبوح الباسم الأشهب كان أسوداً كأن الجلطة فجّرت ما تبقى من دماغه.. الحكومة احتارت كيف تتلقى الرصاص من فمي.. جاءت الاقتراحات السريعة.. سنعمل حفل تأبين لأبو العبد في المركز الثقافي وسيكون بمكرمة حكومية.. صرخ أبو العبد في قلبي : كيف تسمح لهم... تمايل ذنب أحد الحكوميين.. وزاد مواء الحاضرين....
 
حتى تأبين أبو العبد يتطلب استئذان الحكومة....
 
وداعاً صديقي..   


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 44313
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
22-09-2011 02:39 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم