بقلم :

    في لقاء أجريته مع الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي  الشيخ زكي بني رشيد تحدث بجملة لا تزال تتردد في إذني وقصد بها التدخل الحكومي في انتخابات البلدية 2007- حسب وجهة نظره- فقال :" أرادت الحكومة أن تعاقب بمن وضعتهم رؤساء بلديات فعاقبت الشعب بأسره".  هذه الكلمات القصيرة أعادتني لقراءة ماضية وحاضرة لبلد يتفرغ سياسيا بل لا نكاد نرى فيه حراكا حقيقا يمثل مستوى الشعب الأردني وثقافته ، ولا يتناسب نهائيا مع بلد ديمقراطي يصنف من دول الاعتدال .

    وطالما أن وزارة الداخلية تتحكم بالنشاطات السياسية فسنظل ندور في حلقة الحكم القمعي وهذا أشد من العرفي ، بل أن تحكم المحافظين بالخطاب السياسي يظهر أننا لم نتخط بعد أبجديات الحياة السياسية وأحقيتها ، وان كل ما دفع للأحزاب من أمول ضرائب الشعب ذهب هباءا أو لشراء قهوة وشاي .

    الاحد 26/4/2009 في صحيفة الغد نشر الزميل أحمد التميمي خبرا عن منع محافظ اربد لمهرجان خطابي لأجل القدس  عاصمة للثقافة !  أستطيع أن افهم منع المحافظ لإضراب في مكان عام أو لمظاهرة في وسط البلد أو في شارع الحصن أو وجود أخبار مسبقة عن تحضير لأعمال تخريبية أو مهاجمة دولة عربية وقد أجد له أنا ألف عذر ، ولكن أن يمنع مهرجان والموقع المحدد بلدية اربد  ولأجل القدس عاصمة ثقافية وليس لأجل حماس أو حزب الله فهذا لم أستطع تفهمه حتى لو كان المحافظ له "ريموت" المحافظة .

      فنحن نفهم سياسات الأمن القومي والحدود العليا لسياسة الأردن ونسير معها ونؤيدها لمصلحة الوطن ككل ، ولكني لا أعرف أن الأردن بينه وبين القدس أي خلاف ، فالهاشميون فقدوا المغفور له عبد الله الأول على باب القدس وانفقوا الملايين لأعمال الصيانة التي أقيمت للمسجد الأقصى .وحتى أوقاف الاردن  هي التي  تشرف على إدارة القدس ، ولا يوجد في القدس أي تواجد للقاعدة أو لحركة شيعية أو لحماس لنغطي على الأمر  فلماذا رفض محافظ اربد أن يقام المهرجان ؟

ثانيا إن كانت الحكومة تتوجس خيفة من أي مهرجان أو من كلمات الملقين فليسمحوا للأحزاب بان تقيمها، وإن حدثت أي مخالفة فهناك محكمة وقضاء لمحاسبة المفسدين إن أفسدوا. أماالحكم على النوايا المسبقة فهذا والله من عمل العرافين وليس الحكومات الديمقراطية إن وجدت الديمقراطية أصلا.

    لنفرض أن الحكومة تريد تحجيم حركة الإخوان المسلمين وتخفيف حركتهم بعد تصريحات نارية متتابعة تصدرها جبهة العمل .  فهذا من حق الحكومة أن تحجم معارضيها ، ولكن منظمي المهرجان المرفوض محافظيا  ليسوا من الإخوان بل حزب الشعب الديمقراطي "حشد" ، وهو حزب يساري، لا يوجد له أي شغب أو أعمال عنف وليس لأعضائه حجوزات في سجن سواقة !وقد حضرت له عدة اجتماعات في الزرقاء ولم أجد لهم أي خطاب تهديدي أو تحريض على العنف.

       حسنا سأعود لخمسة أشهر مضت حيث كنت في مدينة اربد الحبيبة وفي أكثر الأماكن محبة لي وهو دوار الساعة القريب من شارع السينما والجامع الكبير ، وكنت قد تلقيت اتصالا هاتفيا من أحد الأصدقاء يخبرني بالهجمة البربرية ضد غزة ، وما أن صليت العصر جماعة في مسجد اربد الكبير  حتى خرجت مظاهرة كبيرة من المسجد وكانت شرطة السير تسهل سير المظاهرة التي كان أعضاء الإخوان المسلمين يسعون لتنظيمها وضبطها وكأنهم رجال أمن عام فوقفت في وسط شارع الهاشمي وأجريت اتصالا مباشرا مع الزميل طارق أبو عبيد حتى نغطي في وكالة سرايا الخبر مباشرة ، فلاحظت أن مظاهرة أخرى تأتي من شارع الهاشمي وعندما رأيت صور "الحكيم " أدركت أنها لحزب حشد وكانت المظاهرة في غاية التنظيم وهذا معروف عن كل كواد هذا الحزب اليساري المعتدل .

وطوال معركة غزة وفي ظل شحن عاطفي هائل للمواطنين لم نسجل أي إساءة من قبل الأحزاب للدولة أو للشرطة سوى ما أحدثه بعض المراهقين سياسيا في الرابية ، لذا فعندما يراجع محافظ اربد تلك الفترة ويجد أن الأحزاب كانت ملتزمة في احترام الشارع والنظام الداخلي فهل يكون الجواب منعهم بعد غزة ، وهل يقبل وزير الداخلية هذا الفراغ السياسي الذي تعاني منه المحافظات الكبرى بسبب جاهزية أقلام المحافظين للرفض .

   ثالثا لا أظن أن محافظنا لديه أجندة ضد القدس وعروبتها ، والأقصى في أخطر مراحله التاريخية ويتعرض لحملة هدم وحفر  ، وفي الوقت الذي سمحت به حكومة المتطرف نتنياهو وزعيم حزب بيتنا المتطرف ليبرلمان أن تقام مظاهرات عربية لأجل القدس نجد أننا في أردن الهاشميين أحفاد النبي  الذي صلى لأولى القبلتين من يمنع تذكير الناس بالأقصى.

    إذن أيها الشعب كل ما ينفق على السياسة والأحزاب ما هو إلا مسرحية باتت فصولها مكشوفة ولم تنسج بطريقة شكسبيرية بل يكتبها ضعاف في علم السياسة. وعقول ما زالت تعيش في الستينات من القرن الماضي ، فصحيفة السبيل توجد في كل الشوارع ، وخطابات مشعل وحزب الله وحتى القاعدة تعرضها الجزيرة التي تفتح في كل البيوت. وفي شاشات الانترنت تشاهد موقع الجبهة نت واي موقع اخباري وفيه ما يفوق ما كان سيتحدثه أعضاء حزب حشد ، ونحن لم نعد نحتمل مدن دون سياسة دون تمثيل ثقافي بحجة عدم اقتناع المحافظين ، الذين أتمنى منهم فقط تعيين مستشارا سياسيا أو إعلاميا يوضح فقط لماذا يرفضون ، حتى نقتنع .

     الغريب توجه محافظ اربد قبل عدة أشهر إلى شارع الجامعة في اربد وشاهد فيه وفي غيره من الشوارع الشباب يشاهدون الأفلام الإباحية ومنهم يجلس على الشات  ويعمل عجب العجاب ، وقام المحافظ مشكورا بإغلاق تلك المحلات ، ولكني اذكر المحافظ الحبيب بان الفراغ الفكري والديني هو الذي يوجه الشباب فقط إلى النساء العاريات وأقول له امنع سيدي ما شئت من المهرجانات والندوات واترك شبابنا الأردني في البحث عن أخر أفلام الجنس .ودعم ينسون الأقصى والقدس .

Omar_shaheen78@yahoo.com

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا