حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,29 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 8621

'فرجة' على الموت

'فرجة' على الموت

'فرجة' على الموت

13-04-2009 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

 
تحويل الفتاة الأردنية التي حاولت الانتحار عن طريق رمي نفسها من فوق عمارة على دوار الداخلية الى الطب النفسي يقفز عن جوهر القضية المتمثل بكونها طالبة جامعية فقيرة اسودت الدنيا في وجهها عندما لم تجد مصروفها اليومي، ورسوم ساعاتها فقررت ان تضع حداً لحياة بائسة يحرم فيها الأردني من إكمال حلمه في التعليم. وهذه الفتاة أرادت أن تديننا جميعاً بمحاولتها الموت علناً، بالبث المباشر، ولكي توصل رسالة دامية الى ضمائرنا المتحجرة عندما يحرم الفقير من التعليم رغم تفوقه، ولا يجد يداً رحيمة تمتد اليه، ويتحول بؤسه الى شبح يمشي معه على الأرض. فهي بالموت تحتج على أنانية الكثيرين وتدين ضمير المجتمع، وتؤشر على مشكلة كبيرة يعاني منها أبناء الريف والقرى التي لا يزيد دخل المعيل السنوي فيها عن 3000 دينار غالباً تصرف على عائلة بأكملها بما فيها من طلاب جامعات ومدارس، فالتعليم الجامعي بات عقبة كأداء في وجه الإنسان الأردني العادي، واضحى يشكل هاجساً مقلقاً لكل معيل، وهذه القضية مؤرقة وقد سبق وكتبت فيها مراراً واذكر ان الرئيس فيصل الفايز حاول جهده ان يوظف جزءً من المساعدات الرسمية لرعاية الطلبة الفقراء عندما كان رئيساً للديوان الملكي، وكان المئات منهم يتلقون دعماً شهرياً يتيح لهم مواصلة التعليم الجامعي. وفي جلسة جمعتني بدولته أشار إلى إمكانية حل هذه المشكلة بتضافر جهود القطاعات الوطنية بحيث تساهم البنوك واصحاب الشركات، وغرف التجارة بالإضافة الى مخصصات من الخزينة كي تكون الأساس لدعم سنوي منظم لتمكين الفقراء من التعليم، ولربما أن مئة مليون دينار تفي بهذا الغرض. وهذه المعضلة تتحول الى قضية وطنية كبيرة ويجب ان يساهم الجميع في حلها بدلاً من ان يجد الطالب الفقير نفسه امام تفضيل خيار الموت على حياة تكسر فيها أحلامه، ويتحول الى العجز عندما يحاصره الألم والخذلان. وحتى الجمعيات الخيرية فغالباً ما تقف خلفها جهات حزبية، وتوظف التبر عات التي تحصل عليها في خدمة غايات هذه الجهات ، ولا تقدم المساعدات على اساس مساعدة الفقير بحد ذاته وانما لكسب الصوت الانتخابي، وزيادة اعداد المؤيدين . فجيهان يجب ان تعيد محاولة انتحارها القضية إلى واجهة الاحداث ، وليس تحويل الطالبة للطب النفسي. وهذه الفتاة جاءت من قرى بني حميدة التي تعتبر مستودعاً للفقر والحرمان في هذا البلد، حيث تعرضت الى الاهمال المتواصل حتى لتكاد تخلو من اية مشاريع منتجة، بالرغم من وجود امكانيات واسعة لزيادة دخول الفقراء فيها فمنطقة الهيدان قابلة للاستثمار السياحي، وفيها ميزات زراعية كثيرة، وهنالك اراضي دولة واسعة الى جوار ينابيع المياه قاحلة لا تكاد تزرع حتى بشجر الزيتون، وكذلك فإقامة مصانع تتناسب مع طبيعة المنطقة الزراعية يعمل على تحسين مستوى معيشة الأفراد. وتستطيع البيوت ان تربي الأغنام والماشية لو وجدت الحد الأدنى من الإمكانيات المادية لمثل هذه المشاريع الصغيرة، والحل لا يكمن في كراتين المساعدات على أهميتها، وانما الأولى ان تسخر المساعدات الرسمية في إعادة إنتاجية المنطقة، حيث لا تخفى المشكلة على احد فقد عبر لي شخصياً أكثر من مسئول كبير عن شعورهم بالظلم الذي تتعرض له منطقة بني حميدة التي لولا وجود المخافر وأبنية الحكام الإداريين لربما اوحت انها خارج الأردن، فمعظم الناس في هذه المناطق يعيشون عيشة الكفاف. ومن المهم ان تخصص فوراً جهة تعنى بحل مشكلة الطالب الجامعي الفقير الذي يعجز عن دفع رسوم ساعاته، وعدم ترك هذه الفئة أمام مصير يدمي القلب رأيناه في مشهد فتاة من منطقة محافظة تقدم على الانتحار علناً امام ضمير المجتمع وكأنها تهزه، وهي ليست فرجة على الموت، وإنما محاولة كي تصحو ضمائرنا. علي السنيد


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 8621
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
13-04-2009 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم