بقلم :
فرق هائل بين من يخدمون البلد " هكذا لوجه الله " باعتبار انه " الوطن" وخدمة الوطن واجب ، وبين من يستخدمون البلد هكذا عينك عينك في سبيل تحقيق الذات وجني المكاسب والمناصب ، باعتبار انه الضرع الذي وجب ان يستثمر في خدمة الذات وحسب وحتى اخر قطرة !. نعم ... فرق هائل بين من يتفانون في خدمة الوطن باعتبار ان ذلك شرف ليس كمثله شرف ، وبين من يتفانون في استخدام الوطن باعتبار ان ذلك نوع من " شطارة .. فهلوة " او ما شابه ... ولا حول ولا قوة الا بالله . في بلادنا كما في سائر بلاد الدنيا هذان النوعان من الناس موجودان تماما ، لكن الغلبة ولسوء الحظ هي لذلك النوع الذي لا يتقي الله في القول والعمل فتراه يمارس النفاق في سبيل الوصول ظانا ان ذلك فن مشروع لجني المراد مهما كلف ذلك من عذابات الاخرين والتطاول على حقوقهم وحظوظهم وحتى لو كان من ذلك اغتيال شخصياتهم او تشويه سمعاتهم !. مؤلم هذا الحال الذي يؤول اليه حالنا في زمن تشتد فيه التحديات من حولنا وتتشكل ظروف تتطلب حالا اخر مغايرا تماما لما نحن فيه ، فالاصل ان الناس تتحد في وجه العواصف وتزداد تعلقا ببعضها البعض وفاء ومودة وتراحما وليس العكس !. حقا مؤلم ان يحسد الاخ اخاه وان يتقدم الابن على ابيه وان يعق الولد والديه وان تصبح الدنيا قمة همنا وان لا " يطيق " الناس الناس وان تنتفى من حياتهم قيم التراحم والتواد والايثار والكرم ، لتحل بدلا منها القسوة والغلظة والاستئثار والاحتكار والجشع ، نعم مؤلم ان لا يرى الاخ اخاه الا في المناسبات ، وان لا يتزاور الناس على النحو الذي كان وان تصبح المناسبات الاجتماعية عبئا على الجميع . نعم مفزع ومحزن ان يصد الناس عن الناس هكذا ولمجرد الضيق الذي لا مبرر له ، وان لا يجد احد سبيلا لالتماس العذر لاحد ، لا بل وان يبحث الناس عن مبرر للوم الناس بذنوب لم يقترفوها ، وان يتمنى الجميع زوال النعمة عن الجميع وان يسعد الجميع بعثرات الجميع . يحدث كل هذا واكثر بينما تجد المساجد والكنائس ملآى بالمصلين ، والمنابر وعلى اختلافها ملآى بالمتحدثين الواعظين الناصحين ، والاحزاب والنقابات والجمعيات والاتحادات ملآى بالمنظرين، والصحافة ملآى بالكاتبين ،والمجالس ملآى بالداعين ، فالكل يدعو ويعظ وينصح وينظر ومع ذلك يواصل الحال حالة الانحدار الى حيث المجهول والمنذر بما هو اسوأ واخطر ولا حول ولا قوة الا بالله !. في زمن غبر ، كنت تبحث و ب" المندل " كما يقولون عن الرجل " الهامل " في القرية او العشيرة او العائلة او البلدة وبالكاد تجده ، فقد كان الناس جميعا في الاعم الاغلب بسطاء طيبين كرماء مؤثرين لا مستأثرين ، واليوم انت تجهد في البحث وبذات " المندل " عن الرجل الرجل في القرية والعشيرة والعائلة والبلدة ولكن بالكاد تجده ولا حول ولا قوة الا بالله ، فقد انقلب الحال رأسا على عقب وصار الصدق استثناء والكذب اصلا ، صارت الطيبة غباء وتخلفا والفهلوة والشطارة ذكاء ، صار الكرم هبلا والبخل وعيا ونباهة ، صار الحب الصادق ندرة والبغضاء والشحناء سمة وصبغة ، ولا حول ولا قوة الا بالله . هذا حال مائل لا بد وان يتصدى العقلاء والحكماء ورجال الدولة الحقيقيون لاصلاحه ، فهو حال يخصنا اكثر من سوانا هنا في هذا البلد وليس صحيحا ابدا انه حال الكون من حولنا ، والطاعنون في السن مثلي ممن ادركوا زمنا طيبا مضى وزمنا اقل طيبة هو بين ظهرانينا الان ، يدركون وبتقوى ووازع من ضمير ربما حاجتنا الماسة للعودة الى الاصول واصلاح الحال الذي بات من المحال وذلك رحمة بجيل حاضر يأمل واجيال قادمة ستأتي وتتأمل ما كنا عليه من حال يجوز ان يوصف بالحال المفزع . ختاما .. يستحق الاردن المحترم ان يحترم ، ففي ذاكرة المنصفين الصادقين اجيال طيبة نبيلة عاشت كريمة وبنت بالسهر والدم والدمع والعذاب وطنا يستحق حقا ان يحترم ، وحياة تستحق فعلا ان تعاش باحترام وكرامة وعلى نحو مختلف عما تفعله "نخب" ظالمة بحياة شعبنا الطيب الكريم من فتن وبدع وضغينة واحقاد... والله من وراء القصد.
شحاده أبو بقر
she_abubakar@yahoo.com
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا