حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,19 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 19100

.مشروع القانون المعدل لقانون الجمعيات بين الحرية والتقييد .. د. رلى الحروب

.مشروع القانون المعدل لقانون الجمعيات بين الحرية والتقييد .. د. رلى الحروب

.مشروع القانون المعدل لقانون الجمعيات بين الحرية والتقييد .. د. رلى الحروب

29-03-2009 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا -

 استكمالا للنهج الحكومي الجديد في الانفتاح على وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني وإشراكها في صنع القرار اطلعنا مع بعض الكتاب ورؤساء التحرير يوم الأربعاء الماضي على مشروع القانون المعدل لقانون الجمعيات بمجرد خروجه من المطبخ الوزاري وموافقة مجلس الوزراء عليه. مشروع القانون يتضمن تعديلات ملموسة وجوهرية على القانون السابق رقم 51 لعام 2008 الذي مرره البرلمان العام الماضي وأثار استياء مؤسسات المجتمع المدني وجمعيات حقوق الإنسان المحلية والدولية، ورغم أن مطالبات المجتمع المدني لم تتحقق بمجملها إلا أن الحكومة نجحت في التوصل إلى صيغة وسطية ترضي بها المجتمع المدني إلى حد ما وتحافظ بها في الوقت ذاته على بعض السلطات في التأسيس والتنظيم والرقابة وهو ما تعتبره حقا دستوريا لها في حين تعتبره مؤسسات المجتمع المدني تعديا على الدستور، فالأصل من وجهة نظرها أن يكون الإشهار وحده كافيا لممارسة عملها دونما حاجة إلى الحصول على موافقة من الحكومة لتأسيس الجمعيات، لأن الدستور إن كان ينص على حق المواطنين في إنشاء الجمعيات وحق الحكومة في ممارسة سلوكات تنظيمية ورقابية، إلا أنه لا ينص على حق الحكومة في منح موافقتها من عدمها على التأسيس الذي جاء باعتباره حقا مطلقا في نص الدستور وليس مقيدا، وهي النقطة التي بقيت مثارا للجدل حتى في مشروع القانون المعدل الجديد. في مشروع القانون المعدل الذي يفترض أن يطرح على البرلمان في دورته القادمة نقاط إيجابية عديدة ونقاط سلبية أقل، فالحكومة على عادتها احتفظت لنفسها بصلاحيات غير منصوص عليها صراحة في الدستور وغير معمول بها تقليديا في دول العالم الأول التي احتضنت وأطلقت هذا النوع من الأعمال التطوعية التي تمتاز بانعدام سلطة الحكومة عليها ولذلك تعد جسما رابعا خارج الأجسام التقليدية السابقة. إصرار الحكومة على التدخل في عمل تلك الجمعيات يعتبره الكثيرون انتهاكا لروح العمل التطوعي وأساسياته باعتباره عملا شعبيا محضا تحرك أفراده دافعية داخلية للعطاء المجتمعي دونما نية في الربح ودونما سعي إلى السلطة أو النفوذ أو المنفعة الشخصية أو التأثير السياسي، وبذلك يختلف عملها عن القطاعين الخاص والعام ويختلف أيضا عن العمل النقابي والحزبي رغم تصنيفه تقليديا ضمن قطاع مؤسسات المجتمع المدني. في المقابل هناك نقاط أخرى إيجابية قللت من حجم التدخلات الحكومية ولكنها لم تنهيها ، وسنناقش هنا أهم تلك التعديلات بوجهيها الإيجابي والسلبي معا. أولا: إدارة السجل بدلا من تعيين مراقب للسجل يتحكم هو ووزير التنمية الاجتماعية في قرارات تسجيل وحل الجمعيات ومنحها التمويل اللازم ووضع الخطط لمساعدتها في النهوض بعملها عند الحاجة وهو ما كان منصوصا عليه في القانون رقم 51 لعام 2008، فقد تم استبدال مراقب السجل بأمين عام السجل واستحداث إدارة للسجل يرأسها وزير التنمية الاجتماعية وتتكون من ممثلين عن الوزارات المختصة وممثلين عن القطاع التطوعي. هذا الإجراء يقلل من حجم الشخصنة والاستحواذ وربما أيضا الفساد الإداري الذي كان يتيحه القانون السابق ويمنح الصلاحيات لمجلس السجل بدلا من شخصين هما المراقب والوزير، وإن كانت الجمعيات تعترض أساسا على وجود أي جسم حكومي منظم يكون من حقه منح التراخيص لإنشاء تلك الجمعيات، على اعتبار أن عملها لا يتطلب إلا الإشهار أسوة بما هو معمول به في الدول المتقدمة، إلا أن الإبقاء على إدارة للسجل يمكن أن يكون إيجابيا شريطة التغلب على معوق واحد في مشروع القانون الحالي وهو احتفاظ إدارة السجل بحق الرفض غير المسبب لتسجيل الجمعية. حق الرفض غير المسبب هذا يعيد الأمور كلها إلى المربع الأول لأنه يكون من حق إدارة السجل رفض طلب أي جهة أو شخص يرغب في إنشاء جمعية دون إعطاء أسباب وجيهة للرفض، وهو ما يدخل السياسة من الباب بعدما ظننا أننا أخرجناها من الشباك، وهناك حوادث عدة تشهد على مثل تلك المزاجية في منح التراخيص لإنشاء جمعيات أو محطات فضائية أو غيرها من أعمال تتطلب موافقة الحكومة وتحتفظ الحكومة فيها بحق الرفض غير المسبب، وهو ما قد يخضع الراغبين في إنشاء تلك الجمعيات للابتزاز في بعض الأحيان أو الاضطهاد بناء على سجلهم السابق لدى الحكومة، أما مسألة اللجوء إلى القضاء فهي شكلية لسببين أولهما أن القضاء لا يملك سلطة لإبطال قرار الرفض طالما أن القانون ينص على حق إدارة السجل في رفض غير مسبب، وثانيهما أن إجراءات التقاضي لدينا طويلة ومكلفة وهو ما قد يتسبب في ملل الشخص الراغب في ممارسة ذلك العمل التطوعي وتراجعه عن فكرته كلها. من هنا، فإن الأمل معقود على مجلس الأمة الكريم بإضافة بند ينص أولا على ضرورة إبداء الاسباب في حالة الرفض ويحدد ثانيا الأسباب الموجبة للرفض ويحصرها في أمور تهدد أمن الدولة والمجتمع بناء على غايات الجمعية وأهدافها وليس هوية أفرادها المؤسسين، ويمنح ثالثا حق الرجوع إلى القضاء لنقض ذلك الرفض في حال كانت الأسباب غير موجبة . إن فعل النواب ذلك يكونون قد سحبوا صاعق التفجير من مشروع القانون وأعادوا قدرا من العدالة والتوازن إليه بما يبقي للدولة السلطة التي تبحث عنها في ممارسة التنظيم والرقابة كما ينص على ذلك الدستور، وسلطة إضافية لم ينص عليها تتعلق بمنح التراخيص والتسجيل والحل، ودون أن يحرم الأفراد حقهم الذي ينص عليه الدستور في إنشاء تلك الجمعيات. ثانيا: تسجيل الجمعيات تضمن مشروع القانون المعدل عددا من التسهيلات مقارنة بالقانون رقم 51 لعام 2008، فقد تم خفض عدد الأشخاص الراغبين في تأسيس الجمعيات العامة من 11 إلى 7 ، واعتماد 3 أشخاص مؤسسين للجمعيات الخاصة وشخص مؤسس واحد للجمعيات المغلقة، كما تم توحيد المرجعية المتعلقة بالتسجيل وربط إجراءات التسجيل بمدة لا تتجاوز الستين يوما، يعتبر طلب التسجيل موافقا عليه حكما إن لم يرد رد قبل انتهائها. كما تم السماح بإنشاء أنواع جديدة من الجمعيات كالجمعيات المغلقة والخاصة بما يلبي الحاجات القانونية والفنية للجمعيات بناء على طلب المؤسسين، وسمح أيضا بتسجيل مكاتب إقليمية لهيئة مسجلة خارج الأردن على أن تمارس نشاطاتها خارج الأردن. كل ذلك يندرج في باب التسهيل، ولكن تبقى نقطة يشتكي منها مؤسسو الجمعيات وهي الفقرة( د) من المادة (7) التي وإن كانت صيغتها في التعديل جاءت أفضل من صيغتها في القانون الأصلي إلا أنها تبقي تفسيرها ضمن نفس الباب، حيث تنص الفقرة ( د ) على أن يكون الأعضاء المؤسسون جميعهم غير محكومين بجنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو أي جناية، وهو ما يتطلب الحصول على شهادة عدم محكومية لكل عضو، ويعترض ممارسو العمل التطوعي على ذلك بسبب صعوبة إجراءات الحصول على شهادة عدم المحكومية وهو ما يمكن أن يجعل بعض الأعضاء يتراجعون عن الانضمام إلى الهيئة التأسيسية من جهة، وما يعتبرونه غير ضروري أصلا لكل الأعضاء المؤسسين، ويمكن حصره في عضو واحد فقط . من جانب آخر يمكن تصنيف عمل الجمعيات بحيث يختص هذا الشرط " شهادة عدم المحكومية" بالجمعيات العاملة في مجالات اجتماعية ونفسية وتربوية وإرشادية كالأسرة والطفولة والمرأة والشباب وذلك لحساسيتها وخطورتها، ويحذف من باقي الفئات كالبيئة والثقافة وغير ذلك باعتبار ذلك الشرط غير جوهري في عمل تلك الجمعيات، وهنا يأتي دور مجلس النواب مرة أخرى في تعديل بنود القانون بما يحقق غاياته في تسهيل العمل المجتمعي التطوعي وتشجيع الأفراد على خدمة المجتمع ضمن أقل قدر من الشروط والإجراءات الحكومية. ثالثا: قرارات الهيئات العامة ألغيت إمكانية التدخل الحكومي في قرارات الهيئات العامة التي كان يسمح بها القانون رقم 51 لعام 2008 واعتبرت كافة القرارات الصادرة عن الهيئات العامة للجمعيات نافذة باستثناء تلك المتعلقة بالتعديل على أنظمتها الأساسية، كما تم إلغاء موافقة الوزير على نتيجة انتخابات الهيئة الإدارية، ويمكن اعتبار هذه التعديلات إيجابية كونها تعيد بعضا من الحريات التي استلبها القانون السابق. رابعا: التمويل ما زالت البنود المتعلقة بالتمويل مثارا للجدل رغم دخول بعض التسهيلات عليها، ومنها استبدال موافقة مجلس الوزراء على قبول التمويل أو التبرع الخارجي بموافقة الوزير المختص، ولكن تبقى مع ذلك نقاط أخرى جدلية منها عدم تمتع حسابات الجمعية بالسرية المصرفية في مواجهة أي استفسار من الوزير المختص أو أمين السجل، وهو ما يعتبره البعض تعديا على خصوصية تلك الجمعيات وحريتها في إدارة نشاطاتها المالية، ويعتبره آخرون سيفا مسلطا على رقبتها يجعلها عرضة للمساءلة والمضايقة في حالات قد لا تكون مسبباتها مالية بالأساس. وإن كانت الحكومة تدافع عن تلك التدخلات باعتبارها حماية لأموال تدخل في باب النفع العام، فإن مؤسسي تلك الجمعيات يقولون إن عملهم أساسه تطوعي وتعاقدي بينهم وبين الفئة التي يخدمونها والفئة التي تتبرع لهم وأن أي شكوى ترتئيها أي من تلكما الفئتين يفترض أن يكون مرجعيتها القضاء وليس السلطة التنفيذية. خامسا: الهيئات الإدارية المؤقتة أضيف تعديلان إيجابيان عليها يقضي الاول بحذف عبارة "مخالفة التعليمات " كشرط موجب لتعيين هيئة إدارية مؤقتة للجمعية، ويقضي الثاني بمشاركة أعضاء من الهيئة العامة للجمعية ضمن هيئتها الإدارية المؤقتة، وإن كان التعديل لم ينص على كيفية اختيار أولئك الأعضاء وكان من المفضل أن يكون الاختيار بالانتخاب أو التزكية من أعضاء الهيئة الإدارية المنحلة ما لم تكن الوفاة أو الاستقالة سببا للحل. سادسا: حل الجمعيات دخلت بعض التعديلات الإيجابية هنا من مثل إعطاء قرار حل الجمعية لمجلس السجل بدلا من الوزير المختص وتضييق حالات الحل وإضافة شرط يسبق الحل يتضمن استنفاد الوزير المختص كافة الإجراءات الواردة في المادة 19 المتعلقة بأسباب حل الجمعية ومنحها المهلة اللازمة لتصويب أوضاعها بعد تقديم التوجيه والإرشاد لها. مع ذلك، فإن الفقرة الرابعة التي تنص على قبول تبرع أو تمويل دون الإفصاح عنه تبقى سببا موجبا للحل وتبقى أيضا محلا للجدال بين الحكومة والعاملين في هذا القطاع. سابعا: العقوبات طرأت تغيرات إيجابية أيضا في هذا البند حيث تم إلغاء عقوبة الحبس مع الإبقاء على الغرامة، ولكن بقي هناك نص ملغوم يتعلق بإمكانية تطبيق أي عقوبة أشد نص عليها القانون في أي تشريع آخر، وهو ما يذكر بحالة الصحفيين مع قانون المطبوعات والنشر فالقانون قدم بعض التسهيلات ولكن قوانين أخرى يمكن بناء عليها محاكمة الصحفي وفق بنود أشد قسوة تلغي باليسار ما قدمه قانون المطبوعات باليمين. بوجه عام، قامت الحكومة بدورها في تعديل القانون آخذة في الاعتبار اعتراضات المجتمع المدني ومبقية في الوقت ذاته كثيرا من الصلاحيات بيديها، وهذا طبيعي لأن الحكومات في العالم الثالث لا تستطيع التضحية بسلطاتها بسهولة ولا تقبل إطلاق الحريات على عواهنها دون قيود، والكرة الآن في مرمى مجلس النواب ومؤسسات المجتمع المدني ذاتها إذ يفترض بها عقد سلسلة من اللقاءات مع أعضاء المجلس لشرح اعتراضاتها على القانون ومبرراتها واقتراح التغييرات المطلوبة، أما نواب الشعب فهذه فرصتهم لتصحيح الصورة التي يصفهم بها البعض باعتبارهم أعداء الحريات أو رهائن الحكومات، والمطلوب منهم قراءة دقيقة لمشروع القانون مع أخذ كل وجهات النظر بعين الاعتبار والعمل وفق هدف وحيد هو رفع سقف الحريات ضمن حدود المسؤولية وسلطة القانون بما يحقق الإصلاح المنشود ويديم أمن المجتمع ويوسع قاعدة رفاهه.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 19100
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
29-03-2009 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم