حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,20 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 275

«وشوشات الياسمين» .. بـــوح الــذاكــرة وذاكــــرةُ البـــوح

«وشوشات الياسمين» .. بـــوح الــذاكــرة وذاكــــرةُ البـــوح

«وشوشات الياسمين» ..  بـــوح الــذاكــرة وذاكــــرةُ البـــوح

26-06-2021 10:53 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - محمود البنا
يندرجُ كتاب «وشوشاتُ الياسمين» تحت باب النصوص الملتَبِسةِ؛ إنها نوعٌ من النصوص تجعلُكَ تقعُ في الحَيْرَةِ، أين تضعُها في؛ الشعر أم النثر، لما تحتويه من عناصرَ مكتنزةٍ تتوزع بين شعرية السرد وسردية الشعر. إنها نصوصٌ تجعلُكَ توقنُ أن الأدبَ النِسْويَّ كان وما زال وسيبقى الأدبَ المدهشَ اللافتَ إن كانَ بيدِ مبدعةٍ تدركُ أبعادَ الكتابةِ وفنونَها وكوامنَها؛ وهذا ما يتجلى في الحقيقةِ في هذه المجموعة النصّيةِ ذات الدهشة.
إن اللغة المتفردةَ التي تكتبُ بها ميساء المومني تحملُ في مكنونها حِسًّا احترافيًا لا ينبعُ من ذوقٍ فقط، ولا انطباعٍ عفويٍّ عابرٍ حَسْبُ؛ وإنما تُحيطُ بها، أي باللغة، الثقافةُ الواعيةُ، والقدرةُ على سبرِ أغوارِ المعنى، كما أنها قادرةٌ على تغيير العادي والنمطي إلى شكل غير مألوفٍ ومألوفٍ في الآنِ نفسِه: غير مألوفٍ لغرابته، ومألوفٍ لقُربِه من قلبِ كل متلقٍّ وفكرِهِ.
أحيانًا، يقفُ القارئُ أمام النصِّ، أيِّ نصٍّ، حائرًا، لا تلمسه الكلماتُ، ولا تخلقُ في داخلِهِ ثورةً ولا صورةً ولا مِخيالاً معيّنا يُعينه في الاستمرارِ أكثرَ؛ هذا الأمر يتجاوزه هذا الكتابُ بكل نجاح وتفوّقٍ لافِتَين، فترتيبُ النصوص، واختيارُ العناوين، بوصفها عتباتٍ مهمةٍ للنصوص، والفواصل بين كل جزءٍ وجزءٍ، وكأننا أمام مقطوعةٍ موسيقيّةٍ تتنفّسُ، في جزءٍ منها شهيقٌ، حتى يكادُ ينتهي، فتصلَ إلى زفيرٍ، وهكذا، فإنك بين شهيق وزفيرٍ، تسيرُ، ثم تقفُ، ثم تهرولُ، ثم تقفُ، ثُمَّ تجري، ثم تقفُ، تلهثُ خلفَ المعنى، تقتفي أثرَ المجازِ الكامنِ؛ تبتغي استجلاءَه، لكنك لا تصلُ إلى إجابةٍ تمنحُكَ الشفاءَ من داء السؤالِ؛ إنها محاولةٌ جادّة إلى إنباتِ الأسئلة في تربة النصوصِ التي تحفِّزُ على ذلكَ، فتجعلنا رهيني الحرفِ ومأسوري الاستعارات والبلاغة الفيّاضة.
قصصية النص، وشعريّته، اللتان تمنحانِه قيمةً لافتةً، هما العاملان الأكثرَ اقترابًا من ذهنِ المتلقّي. النصوص العالية هي تلك النصوص التي تنفتحُ فيها شرفاتُ التأويل، وتجعلُ القارئَ يسيرُ على دربٍ من الأسئلةٍ، والبحث، والاستكشاف. إنها وشوشاتٌ صادحة، وصارخة، وذاتُ أفقٍ عالٍ كثيفِ الخُطى.
الفيسبوك، هذه المساحة الافتراضية، التي تمنحُ مرتادَها فضاءً رحبًا، يستطيعُ أن يوسّعه فيصير كونًا، أو يضيّقه فيصيرُ قبرًا، استطاعت الكاتبة ميساء المومني أن تجعلَ منه مجرّةً من أبجدياتٍ عرجتْ إلى سماواتها بالدُّربةِ والمِرانِ والممارسةِ والثقافةِ والتثاقفِ، فانعكسَ ذلكَ على نصِّها، فأصبحت النصوصُ سماواتٍ لا شِيَةَ فيها، ولا بأسَ يعتريها.
إننا نَجْنَحُ نحوَ أفقٍ لا ينتهي، ومساحاتٍ رحبةٍ تأنفُ الوقوفَ، وتجعلنا في دورةٍ مستمرةٍ حول بلاغةِ اللفظ وَعُمق المعنى، وبهذا، فإن هذه المجموعة النصّية تُشكّلُ عتبةً فارقةً في مسيرة كاتبتها، وأثرًا واضحَ الشعاعِ في سماء الثقافةِ، مما يجعلها أمام رهانٍ كبيرٍ يكونُ ديدنه الوحيدُ الاستمرار واللا وقوف في محطة واحدة، فالكتابة سَفَرٌ لا ينتهي، وسِفْرٌ لا يجفُّ حبرُه.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 275

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم