حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,19 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2018

سجناء النقص

سجناء النقص

سجناء النقص

26-10-2020 11:04 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : فداء المرايات



ولأننا في مجتمعات لا تحظى بالكثير من الخصوصية على المستوى الفردي ، فإننا نجد مبدأ التباعد الاجتماعي المنبثق عن قواعد التعامل مع الوباء الجديد ( كوفيد - 19 ) أمرا عصيا في التنفيذ ، وبسيطا وقابعا في مرحلة التنظير عند البعض على اقل تقدير .

وليست المسألة بوليدة الاحداث او متأتية من رحم الازمة الوبائية ، بل تضرب جذورها في عمق السنوات ، وتصدح في كل الآفاق ولا تكاد تخلو طبقة او تجمع انساني في المنطقة الا ويواجه هذا التحدي ..

وبعيد عن المستجدات العالمية فإن ما وراء المناكفة ، لا يعد تعبيرا عن غياب الوعي في الازمات وحسب ، ففي المجتمع - بشكل اساسي - مشكلة في عقول يعيث بها النقص المركب أو ليكونوا كما اسميتهم " سجناء النقص " الباعثين على السلبية العابثين بكل ما هو ايجابي ، محاولين تغيير دفة نجاح المحيطين بهم نحو الهزيمة ..

إن سجناء النقص هؤلاء ، أشخاص يشكون في كينونتهم من عقد طويلة المدى ، عميقة الاثر ، بالغة الوضوح ، اكل عليها الدهر كثيرا ؛ حيث تجد الواحد منهم يعيش في حالة كبيرة من التخبط ، فرط التركيز لضياع الاهداف ، والركض بسرعة الضوء في دوائر الفراغ ، يتنمرون على الاشخاص في كل موقف ومناسبة ولا يوفرون ذلك ، بل على العكس ، في كل جيئة وذهاب تجدهم يتحققون ذواتهم بهذه الطريقة التي يسقطون فيها امراضهم الدفينة على الآخرين ..

لغة التنمر باتت نمطا مألوفا تراه في معظم تعاملاتك ان لم تكن جميعها ، ما بين المتفرج ، وما بين الواقع عليه ذلك الشعور الازدرائي الخالي من الاسس المنطقية والقيم الانسانية ..

ولأن الموضوع يحتوي على مساحات فضفاضة لاختلاف الجوانب ، الا انه مهما طال الحديث به ومهما كتبنا له من سلسلة طويلة من المقالات والكتابات بوجه عام ، فإن الاستمرارية في الكتابة والوقوف عليه ، يتناغم بشكل طردي مع استمرارية بقائه في عالمنا ومجتمعنا ..

من المؤلم حقا ان بلغنا في هذه الحياة ، عقودا من الزمن ، ونحن نجد أولئك المتهكمين ، المتشدقين بالمثالية على العالم الافتراصي ، المميزين في كيدهم واحقادهم على العالم الواقعي ، ما زالوا يعيثون في مجتمعاتنا بلا رقيب او حسيب ..

لدقائق من التأمل اتساءل لماذا لا يتم شرعنة قانون يعمل على اقصاء المتنمر او كبح جماح نفسه المتآكلة نقصا ، الفائضة شرا ، ان كان واقعا او عبر هذا العالم الافتراضي ايضا؟؟!!

مع الاسف الشديد - وبعيدا عن تحديد الشخوص والاماكن - هنالك عدد لا يستهان به ممن يغردون ويصدحون على المواقع والشبكات ، وهم نماذج مصغرة لشر اكبر ، او شر كبير ما زال ينمو بلا توقف ببوصلة موجهة ( اجندات ) او ببوصلة ذاتية ( قناع الوطنية / المصلحة والتكسب ) ..

وعودة لموضوع الازمة الوبائية واسقاطا لواقع التنمر على هذه الازمة ، فإن هذه الفئة وبكل اسف ، تلعب دورا محوريا في تأجيج لغة الرفض للتعامل بوعي وجدية مع هذا الفيروس الخطير وبالتالي يضاف الى رصيدهم الجديد ، صناعة رأي عام لا يتكيف مع الازمة الوبائية ، والكثير من البسطاء يركبون - على غير معرفة - موجة الاستنكار لواقع كورونا الأمر الذي يلعب في معترك الازمة ارقاما صعبة لصالح الفيروس ..

في الحقيقة في جعبتي الكثير حول سجناء النقص ، لكن يكفي القول بأنها فئة لا يمكنها العيش الا راقصة على مأساة غيرها ، وفي داخلهم لؤم طاحن ، غيرة مرضية ، افعال غير مبررة ، قاعدة متواضعة او مضمحلة من المبادىء والقيم ، كما ويرفضون باستنكار قاتل من هو الافضل والاعتى نجاحا منهم ، يعيشون في غوغائية منقطعة النظير جراء كثرة الالتفات ، واستباق كل ما هو آت ..

وما يحدث مع الازمة الوبائية ليس الا مثالا واقعيا ومستجدا - ليس بوحيد - كغيض من فيض ، وقطرة في بحر واقعنا المتداخل الابعاد والمصطلحات والاختصاصات عبثا وفوضى ..

فعلينا ان نكون على وعي ودراية في التعاطي مع هذه الفئة ، كما وأن طبقة المثقفين تحمل مسؤولية نشر المعلومات وتشجيع الناس نحو السلوكيات الفضلى ، للتخفيف من هذا الانجراف الكبير نحو الهلاك والممنهج من صناع السلبية والتشتت ، وكما يتوجب على القارىء ان يدرك تمام الادراك لمن يتابع ولمن يقرأ وبقناعات واراء من يبحر ، فهناك من يتاجر بالقضايا ، ويكتب مأجورا ، ويسطر ما وراء الكواليس حرفا ليس بحرفه ، انما بغية الاستعراض والمصالح الشخصية ، وهم الحصة الاشد خطرا من هذه الفئة ، متصنعو الثقافة ، وتجار القوميات ، وما هم بخادمي اقاربهم ، ومعارفهم - ان بقي لديهم - ليخدموا اوطانهم ..

فعلينا ان نكون على قدر من المسؤولية والدراية فيما نشاهد ونقرأ ونسمع ، فلا احد يمكنه ان يعلمنا حب الحياة وهو كاره لنفسه ، ولا احد يمكنه ان يصنع وطنية جمة في نفوس متابعيه وهو خائن لوطنه ..

وحفظ الله بلادنا الحبيبة وشعبنا الغالي .

فداء المرايات
كاتبة وباحثة سياسية
ناشطة في مجال حقوق الانسان


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 2018
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم