حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,25 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1566

(وزير إعلام الحرب) .. قراءة سردية في النكسة

(وزير إعلام الحرب) .. قراءة سردية في النكسة

(وزير إعلام الحرب) ..  قراءة سردية في النكسة

27-08-2020 08:16 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - إشراف بن مراد المساعفة
كاتبة تونسية
أمام ما تمر به منطقتنا العربية، منذ زمن ليس بالقصير، من تحولات متسارعة على جميع

الأصعدة، نشعر دوما أننا بحاجة لنفهم ما حدث. فكلما تعددت القنوات التي تنقل الحدث
نفسه، تُهنا أكثر في زحام التحليلات المتناقضة والمختلفة وازدادت حاجتنا للفهم.
ورغم هذه الطفرة التي أنتجها المشهد الإعلامي والسياسي العربي بصفة خاصة، تَبرز
الرواية العربية بتوجهاتها المختلفة ومدارسها المتعددة لترصد للقارئ جميع التفاصيل
الماضية منها والآنية وتستطلع ما هو آتٍ بجرأة وحكمة، وتهدي قارئها فرصة أن يفهم
المجتمع الذي يعيش فيه ويغوص في أعماقه عن كثب. فالروائي يكتب ما يراه بقلبه
وعقله ووعيه، وأحيانا كثيرة يكتب ما عاشه عن قرب. تتجمع جميع الصور والشخصيات
والأحداث في قلبه فتُنتج نصا روائيا هو جزء من الحقيقة التي عاشها مقتبسا الأحداث
والشخصيات من أرض الواقع، وربما يستند إلى ما حدث فعلا لإنشاء شخصيات وأحداث
خيالية في ظاهرها، واقعية في جوهرها.
لكن ماذا يعني أن يستعيد السياسي ذكرياته ويكتب رواية يستوحي سردها
وشخصياتها من الوجوه والأحداث التي مرّ بها، أو يستعيد وقائعها من ذاكرته ويخبرنا
أنها الحقيقة كما حدثت، مع بعض التصرف في الأسماء والأماكن. فلا نعرف هل يُصنف
عمله على أنه عمل إبداعي سرديّ خالص أم بوصفه شاهداً على العصر.
الحديث هنا عن رواية «وزير إعلام الحرب» للكاتب الفلسطيني نبيل عمرو، والتي صدرت عن
دار الشروق للنشر والتوزيع.
هذه الرواية شدَّتني ليس فقط لحكايتها ولكن أيضا لحبكتها الذكية وسردها السلس
والجميل ولما لمسته فيها من موضوعية، إذ شعرت أن الكاتب كان على مسافة واحدة مع
جميع الأطراف رغم أنه سياسيٌّ أولاً.
يقول الكاتب في تقديمه لروايته: «فكرت في كتابة هذا النص بعد شهور من ذلك
الحزيران، إلاّ أن الحياة التي أسلمتني لانتقالات وانشغالات، أبعدت فكرة الكتابة، بل إنِّني مع
كل مصيبة وقعت في حياتنا... كنت أكتشف أن حزيران كان جذرا تنبت عليه غابة من
حزيرانات أكبر و أفدح».
ورغم ما تستند إليه الرواية من أبعاد سياسية واجتماعية وثقافية ترتبط بالنكسة، إلا أنه لا
يمكن إغفال ما اصطبغت به من كوميديا سوداء ساخرة متألمة في الوقت نفسه، صاغها
الكاتب في قالب ممتع لينقل للقارئ طبيعة ما كان يحدث من تعدّد في التيارات

السياسية والولاءات المختلفة وما يفرزه ذلك من تنوع واختلاف بين مكونات المجتمع
وأفراده.
ويَبرز ذلك في العنوان الذي قد يجعل القارئ يتخيل للوهلة الأولى أن الكاتب سيتحدث عن
سيرته الذاتيه بحكم توليه وزارة الإعلام سابقاً، لكنه يكتشف في ما بعد أن «وزير إعلام
الحرب» هو عبد الشقي الذي يعد الشخصية المحورية في الرواية، إذ يتطرق الكاتب إلى
خصاله ومواقفه بالاضافة إلى كيفية اختياره لهذه المهمة والتي تعود إلى مهارته في
نظم الأهازيج رغم أنّه كان يعمل عتّالا في قرية كفرعرب.
وأنت تتقدم في قراءة الرواية تشعر أنك تسمع جميع الأصوات وترى جميع الوجوه وجميع
اللافتات والألوان وتقترب من جميع القناعات السياسية التي يقدمها عمرو كاتبا وسياسيا
عاش ما يرويه عن كثب، وهو ما يتيح لنا الاستماع إلى شهادة ثرية على ما جرى في كنف
الهدوء والاتزان بعيدا عن الاستقطابات والهتافات، ويُكسب الرواية قيمة «سسيوتاريخية»
إضافة إلى قيمتها الإبداعية، إذ رفع نبيل عمرو الستار عن الخيوط التي ترتبط بالفعل
السياسي أو تختفي وراءه ومن ذلك الفن والثقافة والغناء على وجه التحديد والذي ارتبط
ارتباطا وثيقا بالمشهد السياسي آنذاك، وما زال، رغم أننا قد نتخيل أنه بعيد عنه كل
البعد أو قد نتساءل ما علاقة هذا بذاك.
يقول عمرو في هذا المجال: «ألغيت أغنيات الحرب جميعا، وطُلب من المؤلفين استبعاد
مفرداتها، إلا أن الذي لم يلغَ، بل تم تثبيته بمفردات وألحان مختلفة هي الفكرة. بقي
الوعي الذي يسميه المثقفون (الجمعي) يرزح تحت سطوتها المتجددة. لم يكن الأمر
متعلقا فقط بما يسمى (الأغنيات الوطنية أو السياسية)، ولا حتى بجناحها اليساري
المسمى (الأغنيات الملتزمة)، كما لو الغناء المحترم هو ذلك الذي تنتجه خلية حزبية، أو
حزب معارض».
ومع هذه الإضاءات التي توشَّح بها سرد نبيل عمرو في «وزير إعلام الحرب»، ينتابك شعور
بالمرارة وأنت تنهي قراءتها، إذ تشعر بأنّ الأحداث تجري بشكل دائري فتعود في كل مرة
من حيث بدأت، وهو ما لم يخفه الكاتب منذ تقديمه لهذا العمل حيث قال: «الناس هم
الناس، والبلاد هي البلاد، وحزيران ليس شهرا ولا هزيمة ولا نكسة، هكذا فهمناه أول
الأمر، أما في زمن البوعزيزي فيبدو أنه قدر».


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 1566

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم