حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,20 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 503

الفساد

الفساد

الفساد

14-07-2020 03:46 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : فراس الطلافحة


يقال: بزمن التابعين إدعى أحدهم النبوة. ووصلت أخباره إلى الحاكم في ذلك الوقت، فأمر بالقبض عليه وإقتياده إلى ديوانه. وحين حضر سأله الحاكم:
هل صحيح أنك تدعي النبوة؟
رد عليه: نعم
ثم سأله: وإلى أي قوم بُعثت؟
رد عليه: لم أعلم فلقد حضر إلىّ الوحي في الصباح وأبلغني أنني نبي. وفي المساء تم القبض عليّ. بمعنى ما لحقت أعرف (بالعامية)

كم أتمنى أن يتم التعامل مع الفساد من قبل الموكلون بمتابعته، وممن أنيطت بهم هذه المهمة. كما تعامل بها الحاكم مع من إدعى النبوة. ولا ينتظرون حتى يتمدد، ويتشعب وتنمو له أذرع وأجنحة ويُصبح كالإخطبوط يتحكم بمفاصل الدولة، ويسيطر عليها. حتى يُصبح مؤسسيًا وله نهج وقانون، وأتباع يحمونه ويدافعون عنه.

دائمًا ما نقول ونردد: تشخيص المرض والإعتراف به نصف العلاج. لذلك علينا أن نعترف بوجود الفساد ولا تستطيع الدولة محاربته، ومهما حشدت له من أجهزتها الرقابية والتنفيذية، وأحيانا لا يجب ان نلومها، وكضابط شرطة سابق أقول أيضًا: المجرم دائمًا أذكى من رجل الشرطة! ذلك لأنه يفكر بقضيته هو والطريقة التي سينجو بها من العقاب. أما رجل الشرطة فهو يفكر بعشرات القضايا بنفس الوقت. وكذلك الفاسد والمرتشي ، وممن يستثمر وظيفته هو يفكر بنفس النتيجة، ويخطط وينفذ ويعيث فسادًا بمنصبه، وبتقية شديدة وربما يستثمر أحيانًا غطاء القانون له، ولا يمكن ضبطه إلا مصادفة، وبعد أن سرق الجمل بما حمل.

لا يمكن للفاسد أن يعتلي هرم الفساد مباشرة. لنتأكد من ذلك جيدًا. الفاسد يصعد درجات سُلم الفساد درجة درجة، ويرتقي به للوصول إلى القمة. بمعنى أن هذا الفاسد كانت بداياته موظفًا صغيرًا، ربما كانت البداية بخمسة دنانير، وربما تم ضبطه والطبطبة عليه، بإستعمال بعض الأمثال (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق) ثم الإكتفاء بإنذار له ليواصل بعد ذلك فسادة إلى أن يُصبح أستاذًا ومتمرسًا بذلك، وصاحب منصب وقيمة ورمزًا عند أقاربه، وحين يضبط متلبسًا بفساده. يدافعون عنه ويتهمون الدولة أنها تحارب عائلته وعشيرته نتيجة مواقف سياسية قامت بها، وهي المقصودة بذلك. كما نسمع ونشاهد كل يوم. وسؤالي المهم الآن: ماذا لو تم كف يده منذ البداية، وتوديعه إلى القضاء وسجنه هل سيتجرأ موظفًا آخر بالقيام بما قام به، أو هل ستتجرأ عائلته بالدفاع عنه وإغلاق الطرق وحرق الكاوتشوك وجعله بطلًا قوميًا؟ على العكس تمامًا سيكون ردهم وحتى أقرب المقربين له: الله لا يرده هامل وعليه أن يتحمل نتيجة ما قام به.

نحن كجيل ولدنا قبل أعوام الثمانينيات، من القرن الماضي لم ننسى ولا يجب أن ننسى ذلك الفاسد، والتاجر الجشع الذي لا يملك ذمة ولا ضميرًا. حين أدخل السمنة بتنكات النضح وتم إستهلاكها وإستعمالها في الحلويات والأطعمة، وتناولها من قبل عامة الشعب (صحتين وعافية) وتم ضبطه ومعرفته في حينه. ولا أعلم للآن ما هو الإجراء القانوني الذي تم إتخاذه بحقه، وقد قمت بالإستفسار ممن هم أكبر مني سنًا ولم أصل للحقيقة بعد. وهنا أتساءل: ماذا لو تم في حينه وضعه بداخل إحدى هذه الصهاريج بعد تعبئتها بالبنزين، وإحراقه بداخلها! هل سيجرؤ أحدًا من التجار بالتلاعب بقوت المواطنين أو بيع مواد منتهية الصلاحية ولو كانت عبارة عن علكة عاشور ثمنها قرشًا واحدًا؟ لا أتوقع أبدًا ذلك، ولن نكون قد وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 503
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم