04-04-2020 09:43 PM
بقلم : الخبير المصرفي / محمد العطيات
لا شك بأن أزمة كورونا التي اجتاحت العالم أجمع قد جمدت الإقتصاد وأوقفت عجلة الإنتاج بكافة صناعاته باستثناء البعض اليسير منها كالقطاع الصحي والقطاع الغذائي، مما أدى الى احداث خلل وتشوهات في ميزان المدفوعات الوطني متمثلاً بتجميد جانب الإيرادات المحصلة من الأموال الناتجة عن توقف الاستيراد والتصدير والتي تعتبر الرافد الرئيسي لتغذية صندوق الموازنة العامة للدولة والتي يعتمد عليها في تنفيذ المشاريع الرأسمالية والإنتاجية والتشغيلية لضمان استمرار عجلة النشاط التجاري والاقتصادي.
ما حدث ويحدث في العالم ونحن جزء رئيسي منه يتطلب منا جميعاً الوقوف جنباً الى جنب مع قائد المسيرة سيدنا جلالة الملك عبدالله الثاني للنهوض بالوطن لإعادة عجلة الاقتصاد للعمل وهذا يتطلب ضرورة الإسراع لإعادة جدولة وهيكلة كافة الجوانب الحياتية والمالية لتحديد الأولويات وتدوير بعض من المخصصات المرصودة حالياً لأنشطة أخرى أكثر أهمية وأولوية والتي نحن بحاجة اليها في الوقت الحالي اكثر من غيرها لضمان استمرارية عمل القطاع العام والخاص للحفاظ على ديمومة الأيدي العاملة من التعطل وفقدان المتعلقة بها.
ميزان المدفوعات التجاري هو الجانب الذي يوضح العلاقة بين الإقتصاد المحلي والخارجي ويساهم في توقع أسعار الصرف إضافة الى إحتوائه على السلع والخدمات (الصادرة والواردة ) التي تضخ الأموال لخزينة الدولة، ونتيجة لتوقف الإستيراد والتصدير فإن الإيرادات ستنخفض بشكل ملحوظ نتيجة ضعف الإنتاج والتسويق الخارجي وهذا أصبح تحدي وعائق امام الحكومة لتنفيذ برامجها المختلفة حسب ما هو مخطط لها بسبب الضائقة المالية المتوقعة، ولمعالجة هذا الجانب لمواجهة المتغييرات المتسارعة والمستجدة أقترح ما يلي :
ميزان المدفوعات :
1. ان يتم العمل على إعادة هيكلة جانب الإيرادات الخارجية وإستبعادها لصعوبة الأعتماد
عليها كأيراد في الوقت الحالي لتوقف الإستيراد والتصدير.
2. ان يتم إعادة دراسة كافة المشاريع لتحديد الأولويات والجدوى من تنفيذها لضبط الانفاق،
والتوقف عن المشاريع الرأسمالية في الوقت الحالي، ونقل مخصصاتها للمشاريع الاكثر
أهمية لتأهيل البنيه التحتية الملائمة للمشاريع الصحية والتعليمية لمواجهة الازمات
المستقبلية لا قدر الله مثل :
• إنشاء مستشفى صحي متكامل باستغلال الأراضي المناسبة من الناحية الصحية
والبعيدة عن الاكتظاظ السكاني وملوثات البيئة.
• تجهيز البنى التحتية لمأسسة التعلم الالكتروني (المدرسي – الجامعي) عن بعد
ومارسة ذلك ممارسة حقيقية بمعدل حصة / محاضرة في الاسبوع على الأقل
ليصبح نهج عمل اكاديمي معمول به على ارض الواقع ويعمل به من الان.
• تجهيز البنى التحتية لمأسسة وممارسة الاعمال المكتبية عن بعد، ويعمل به من
الآن كنهج عمل يومي.
السياحة :
تعد السياحة من أهم العناصر التي ترفد خزينة الدولة بالعملة الصعبة إضافة الى العملة المحلية، وفي ظل الظروف الحالية والتي قد تطول لأكثر من عام بسبب بلاء كورونا ، لا بد من العمل على وضع الخطط التسويقية لتشجيع السياحة الداخلية مقابل أسعار مناسبة وفي متناول الجميع ، للإستمتاع بجمالية مواقعنا السياحية، وفي حال تم ذلك سيؤدي الى ارتفاع فإن مؤشر أعداد السياحة الداخلية سيرتفع، والتي ستعوض نوعاً ما جزءأً من إيرادات السياحة الخارجية، وسترفد الخزينة بالإيرادات نتيجة لزيادة أعداد السياح المحليين.
اخذين بعين الاعتبار بأن السياحة الخارجية هي أيضا قد يتم العزوف عنها في هذه المرحلة والفرصة ستكون متاحة للمعنين بهذا الجانب للتخطيط السليم لاستقطاب اكبر عدد ممكن من السياح المحليين.
النشاط التجاري:
ازمة كورونا الحالية أظهرت الحاجة الى مزيد من توفر المواد والمستلزمات الأساسية الصحية بكميات وفيرة ، وان الفترات المقبلة ستكون اكثرتقييداً لتحركات وممارسات المواطنين خوفاً من عدوى كورونا، فمن هنا يقع على عاتق الحكومة تشجيع مسار الاستثمار الداخلي ضمن مسار دقيق وواضح لإقامة المشاريع ذات الاهمية القصوى والاولوية لمواجهة المتغيرات البيئية المستقبلية خاصة للخدمات الصحية لحتمية ازدياد الطلب عليها خلال الفترات الحالية والقادمة من معقمات صحية او ملابس مضادة للعدوى وما شابه ذلك في ظل صعوبة الاستيراد لأكثر من سبب قد يكون عدم توفرها في الدول الأخرى لازدحام الطلب عليها أو احتكارها لديهم ، أو الامتناع عن استيرادها من قبلنا في الوقت الحالي لتجنب العدوى، وكذلك دراسة منح استثناءات تشجيعة للمستثمرين لتشجيعهم على إقامة المشاريع كالإعفاء الضريبي والجمركي لمدخلات الإنتاج او ما شابه ذلك ضمن ضوابط ومدد محددة للمساهمة في إستحداث فرص عمل جديدة وللحفاظ على ديمومة الأيدي العاملة خوفاً من تسريحهم وإحداث زيادة في نسب البطالة، وأنه في حال منح الإستثناءات تشجيعية لاقامة المشاريع المختلفة سنحقق الايجابيات التالية:
• توسيع النشاط الإنتاجي الصحي لمواجهة الملوثات البيئية، وتأمين احتياجات المملكة منها، والتأسيس للعمل على التصدير مستقبلا لدعم ميزان المدفوعات.
• استحداث خطوط إنتاج ومشاريع جديدة ستساهم في سد الإحتياجات الداخلية.
• المساهمة في خلق فرص عمل جديدة للحد من مشكلة البطالة، مع الأخذ بعين الاعتبار احتمالية رجوع أعداد من العاملين في الخارج في حال عدم السيطرة على الوباء خارجياً.
دور البنوك في هذه المرحلة :
البنوك في هذه المرحلة عادت للعمل ضمن ضوابط ومحددات مقتصرة على بعض الأنشطة الأساسية للمواطن كالسحب والإيداع والتحويل، وهذا قرار سليم في هذه المرحلة الحرجة لمنع الاختلاط ، في حين نجد بأن باقي الأنشطة التجارية (الشركات وأصحاب المهن والمدارس والجامعات .....الخ) ما زالت مغلقة الأبواب أمام العمل، وحتما ستواجههم ضائقة مالية متمثلة بعدم توفر السيولة النقدية المناسبة التي تمكننهم من ممارسة نشاطهم التشغيلي.
المطلوب من البنوك في هذه المرحلة إعادة صياغة السياسات الإئتمانية التي تمكنهم من المساهمة بشكل مباشروفعال في تمويل مختلف الأنشطة التجارية (أفراد – شركات) ضمن شروط ميسرة وبفوائد ميسرة بالتعاون مع مؤسسة ضمان القروض للتخفيف من متطلبات شروط المنح قدر الامكان كالضمانات خاصة للفئة الحاصلة على قروض، وهنا أقترح ما يلي :
• التعاون مع مؤسسة ضمان القروض للتخفيف من متطلبات شروط منح الائتمان.
• منح أصحاب القروض القائمة مبالغ إضافية بنفس الضمانات القائمة بإضافتها على أرصدة القروض القائمة، وهذا قد يتطلب تعديلات في الأنظمة الداخلية.
• منح فترات استغلال لسداد القرض لأكثر من عامين ويجدول على أقساط شهرية أو حسب التدفقات النقدية للمقترضين ، مع حرية السداد لمن يرغب خلال فترة الاستغلال.
وفي الختام يتطلب من الجميع إعادة برمجة الخطط والبرامج وتوحيد الجهود لإعادة الحركة التجارية والاقتصادية للظهور مجدداً ليبقى الأردن نموذجا شامخاً امام التحديات بقياده سيدي ومولاي جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين.
الخبير المصرفي ــ محمد العطيات
info@sampetatiyat.com
mohammad.ateyyat@yahoo.com
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا