حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,23 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 9732

من أندية الروتاري إلى خيام "الإخوان"

من أندية الروتاري إلى خيام "الإخوان"

من أندية الروتاري إلى خيام "الإخوان"

18-01-2009 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

 

أحسب أن أحدا من الأردنيين، لم يتخلف عن التعبير عن سخطه على العدوان الإسرائيلي البربري على القطاع المنكوب، وعن تضامنه التام واللصيق مع الشعب الفلسطيني في غزة المحاصرة والجائعة والصامدة والمقاومة...في وقفة إجماع وطني عابر للمنابت والأصول، للطوائف والجهات الأربع، للأجيال والجندر والفئات والطبقات: فالأردنيون كلهم مع فلسطين وغزة...مع الصمود الذي طاول الأسطور وحاكاها.

 

وإذ أتيح لكاتب هذه السطور أن يلتقي مئات الأردنيين في الندوات والاجتماعات التي شهدتها البلاد، من أندية الروتاري حتى   خيام التضامن التي أقامتها جماعة الإخوان وحزب الجبهة، فقد أمكن له الوقوف على نبض الشارع الأردني بكل مكوناته وفئاته ومشاربه وطبقاته، وأكاد أجزم بأنه نبض صدر عن قلبٍ واحدٍ توزّع على ستة ملايين جسد.

 

ثلاث طبقات توزعت عليها مشاعر الأردنيين جميعا: ألم مزق قلوبهم...وغضب جعل دماءهم تغلي في شرايينهم وأدمغتهم...واعتزاز مكّن هاماتهم من أن تبلغ الجبال طولا.

 

ألم لعذابات الأطفال والنساء والرجال والشيوخ في غزة، وحزنٌ حَفرت أشلاء الأطفال المتناثرة ودماؤهم التي لونت شوراع غزة وجدرانها، أخاديدَه على وجوهم، والأرجح أنها ستنتقل إلى وجوه أبنائهم وأحفادهم كما تنتقل العوامل الوراثية، فبعد غزة، لم يعد الصراع محكوما بالسياسة والحقوق والدين والإيديولوجيا، بل بعوامل الوراثة والجينات أيضا، على ما يظن كثيرون.

 

غضب على الوحشية المنفلتة من عقالها، برابرة وفاشيون، مغول وعنصريون من أكثر الطرازات والطبعات انحطاطا: الكوكلاكس كلان، عاثوا في القطاع المنكوب قتلا وتخريبا وتدميرا وإبادة جماعية، قتّلوا البشر والشجر والحجر، لم يتركوا مسجدا ولا مشفى ولا ملاذ آمنا، إلا وأمطروه بوابل من الموت الأصفر والأبيض والأسود.

"كفرٌ" بكل منظومة القيم الزائفة التي بشر بها الغرب المزدوج وكان أول من اغتالها في سماء غزة ومياهها وعلى أرضها، و"ضيق" بكل الأوهام البائسة والرهانات المريضة على سلام مع القتلة والغزاة، ولا أدري مَن مِن رسل السلام والديمقراطية وحقوق الإنسان الغربيين، سيجرؤ بعد اليوم على الظهور بصورة "الواعظ والمبشر" و"الأستاذ".

 

أما الاعتزاز، فكان عزاء الذين نزفت غزة من عروقهم طوال أسابيع نكبتها وصمودها ومقاومتها، فكل يوم يمضي على جرحها المفتوح، كان يضيف إلى ملحمة غزة وأسطورة صمودها، فصلا جديدا ناصعا ومشرقا، خصوصا بعد أن انقضت الأيام الستة الأولى، التي تذكر بحرب الأيام أو الساعات الستة، فلا هي رفعت الرايات البيضاء ولا مقاتليها وقادتهم بحثوا عن نجاتهم الشخصية أو نجاة أسرهم من لهيب النار الإسرائيلية، الكل في المعركة سواء والكل على مسافة واحدة من القدر والمصير، من النصر أو الشهادة.

 

حرب إسرائيل على غزة، و"المؤامرة في مرحلة ما بعد غزة"، وحّدت الأردنيين وصلّبت جبهتهم الداخلية، ووفرت عوامل قوة عديدة، يمكن البناء عليها وفوقها، لمواجهة ما ينتظرنا من تحديات، وإذا كنا في هذا المقام، لسنا بصدد "التنظير" للمرحلة المقبلة، فإن أقل ما يمكن أن يقال على عجل: أن غزة تجبّ ما قبلها، وأن كثير من مفرداتنا ومفاهيمنا ومعادلاتنا وحساباتنا وتحالفاتنا ومقارباتنا التي كانت صالحة قبل غزة – أو ربما كانت كذلك – لم تعد صالحة بعدها، والمؤكد أننا بحاجة لوقفة مراجعة شاملة.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 9732
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
18-01-2009 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم