حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,18 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 7692

حبُّ الدنيا وكراهية الموت

حبُّ الدنيا وكراهية الموت

حبُّ الدنيا وكراهية الموت

29-08-2019 10:00 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أيها المسلمون: نقف اليوم جميعاً مع حقيقة من الحقائق، وبينة من البينات، نقف مع آية عظيمة ذكر الله فيها أحوال وحقيقة الدنيا، ولعلنا نخوض أمواج هذه الآية ونغوص في أعماقها؛ لنستخرج منها الدرر والفوائد الكريمة.

يقول الله عز وجل{ {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} }[الحديد: 20].

فيقول تعالى موهناً أمر الدنيا، ومحقراً لها: { {اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة} }، أي إنما حاصل أمرها عند أهلها هذا، كما قال تعالى: { {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} }[آل عمران: 14]، ثم ضرب تعالى مثل الحياة الدنيا في أنها زهرة فانية، ونعمة زائلة فقال: { {كمثل غيث} }، وهو المطر الذي يأتي بعد قنوط الناس، فأعجب الزراع بنبات ذلك المطر، وكذلك تعجب هذه الحياة الدنيا الكفار، فإنهم أحرص شيء عليها، وأميل الناس إليها { {ثم يهيج فتراه مصفراً، ثم يكون حطاماً} }، أي يابساً متحطماً، فالحياة الدنيا –عباد الله– تكون كذلك: شاباً، ثم كهلاً، ثم عجوزاً شمطاء، والإنسان يكون كذلك في أول عمره وعنفوان شبابه، غضاً طرياً لين الأعطاف بهيَّ المنظر، ثم يكبر، فيصير شيخاً كبيراً ضعيف القوى قليل الحركة يعجزه الشيء اليسير، كما قال تعالى: { {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} }[الروم: 54].

ولما كان هذا المثل دالا على زوال الدنيا وانقضائها وفراغها لا محالة، وأن الآخرة كائنة لا محالة حذر من أمرها ورغب فيما فيها من الخير فقال: { {وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} } أي وليس في الآخرة آلاتية القريبة إلا هذا أو هذا: إما عذاب شديد! وإما مغفرة من الله ورضوان.

وقوله تعالى: { {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} } أي هي متاع فانٍ غارٍّ لمن ركن إليه، فإنه يغتر بها وتعجبه، حتى يعتقد أنه لا دار سواها، ولا معاد وراءها، وهي حقيرة قليلة بالنسبة إلى دار الآخرة.

أيها المسلمون: إن حب الدنيا وتقديمها على الآخرة من أعظم البلايا التي تصيب الأمة في دينها ودنياها، ولذا جاء عند أبي داود عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها)) فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟، قال: ((بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن))، فقال قائل: يارسول الله وما الوهن؟ قال: ((حب الدنيا وكراهية الموت))» 1.

والناظر إلى تاريخ الأمة يجد أنه لا يمكن أن تستباح أراضيها وأعراضها وحرماتها إلا عندما تتخلى عن دينها؛ ولا تتخلى عن دينها إلا إذا رغبت في دنياها!!. وهذا ما حصل أيام دخول التتار إلى بغداد، فقد عاثوا فيها الفساد، وقتلوا آلاف المسلمين، بل وذبحوا ذبحاً حتى وصل الحد إلى أن ذبح خليفة المسلمين آنذاك!! وفي عصرنا الحاضر لم تدخل قوات الاحتلال الغربي إلى أفغانستان، وإلى العراق، ولم تحتل من قبل ذلك فلسطين إلا عندما تنكرت الأمة لمبادئها، وقيمها، ودينها، وعندما كثر حبهم للدينار والدرهم، وشغلهم ذلك عن إقامة دينهم، وحماية مقدساتهم وأراضيهم وأعرضهم، وعندما كثر المنافقون فيها وعلت رايتهم، ونزلت، أو نزِّلت راية العلماء، وعلت أو أعليت مزامير وطبول الفساق، وهذه مصيبة كبرى في تاريخ الأمة المحمدية.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 7692

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم