حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,29 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 18869

الحياة تعود لقصر عمره 600 عام ويصبح فندقًا

الحياة تعود لقصر عمره 600 عام ويصبح فندقًا

الحياة تعود لقصر عمره 600 عام ويصبح فندقًا

24-08-2019 11:23 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا -

دير استيا.. لا يبدو الاسم مغريًا إن لم تسمع من قبل ببلدتها القديمة، أو واديها (واد قانا)، فالبلدة التي يعني اسمها بالسريانية دير الحائط، وتعني أيضًا، دير الزيتون، تقع على بعد 7 كم شمال غرب مدينة سلفيت، على ارتفاع يقارب الـ440 مترًا عن سطح البحر.

يمكن للناظر من نافذة السيارة خلال سفره بين مدينتي قلقيلية وسلفيت، مشاهدة العديد من البيوت العتيقة المتراصة في وسط البلدة، وما يميزها عن غيرها من باقي البلدات الفلسطينية هو تشكيل تلك البيوت بلدة قديمة صغيرة في داخل البلدة الحديثة، شبيهة ببيرزيت القديمة الواقعة شمال رام الله.

اقرأ/ي أيضًا: وادي قانا.. هل تتحقق النكبة الثانية؟

في كل عام وخاصة في فصلي الربيع والصيف، تشهد دير استيا سياحة نشطة وخاصة الزوار من باقي المحافظات الفلسطينية، إضافة إلى سياح يتوافدون من داخل الخط الأخضر وبعض الوفود الأجنبية، حيث تعتبر البلدة القديمة وواد قانا ركيزتين أساسيتين لكل الزائرين.


حفل زفاف في القصر قبل أيام

في الأعوام القليلة الأخيرة، تدخلت البلدية لصالح تطوير دير استيا والاهتمام بشكلها العام، كالتخطيط لبناء مكتبة عامة، ومتحف، وإعادة إحياء البلدة القديمة، فكانت أولى الخطوات الفعلية ترميم أحد القصور القديمة، وذلك في عام 2016، عندما استأجرت "قصر عبد الرحيم أبو حجلة" في البلدة لـ20 سنة، وتحويله إلى فندق (بيت ضيافة) يلبي حاجة السياح للاستراحة والنوم، ويُنشّط الحركة الاقتصادية.

يُحوي القصر المُرمّم أيضًا، مطعمٌ ومقهى يرتاده الأهالي للتخفيف من أعباء الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ومكانٌ للجلسات العائلية والشبابية، في بلدةٍ محاطة بالاستيطان من كافة جوانبها، يعتبر السهر خارجها غير آمن.


أُقيم القصر قبل 600 عام على علو ثلاثة طوابق في وسط البلدة القديمة، ويعتبر أعلى نقطة في البلدة (يرتفع 453 متر عن سطح البحر) ويمكن من سطحه في أيام صفاء السماء وخاصة فترتي الصباح الباكر والغروب، مشاهدة الساحل الفلسطيني المحتل على البحر الأبيض المتوسط.

كان القصر مملوكًا لأميرٍ عثمانيٍ كان في وقتها حاكمًا عسكريًا للمنطقة، وفي فترة الحروب العثمانية سكنه آل قاسم، وهي عائلة موالية للعثمانيين في ذلك الوقت، ثم اشترته عائلة أبو حجلة قبل 110 سنوات. وضم من بين غرفه العشرة الواسعة والكبيرة، مشنقة وغرفة صغيرة جدًا استُخدِمَت كزنزانة، وغرفٌ للجنود العثمانيين والحراس، وساحة اسطبل للخيول، وآبار مياه، وآبار زيت زيتون، حيث استخدم مالكه الزيت بدلًا من الشيد لإكمال بناء واجهاته بعدما نفذت مياه البئر، وهو ما يدلل على الثراء الفاحش في ذلك الزمن.

اقرأ/ي أيضًا: الظاهرية.. غنيّة بالآثار فقيرة بالزوّار

عائلة أبو حجلة هي المشغلة للفندق اليوم، يقول نجله حسين لـ الترا فلسطين، إن تجهيز كوفي شوب القصر تم "بأعلى المواصفات وبأسعار مقبولة ومنافسة"، إضافة لتجهيز غرف استضافة الزبائن، ومطعمٍ فيه جلساتٌ للعائلات وجلساتٌ شبابيةٌ منفصلة، وصالات لعقد المؤتمرات والندوات والاجتماعات.

وبيّن أبو حجلة، أن الإقبال حاليًا وخصوصًا أننا في موسم الصيف، جيد، وأن ترتيبات دائمة تُجريها المؤسسات المحيطة والفعالة في محافظة سلفيت كالإغاثة والنقابات والهلال الأحمر لاستقبال فعالياتها وتطوير عمل الفندق، كما بدأت العديد من الشركات الخاصة بحجوزاتٍ للتدريب، وتنسيق الفعاليات لزيارة واد قانا، وترتيب الأمسيات الموسيقية وحجوزات الأفراح وزفات العرسان.

ووفق رئيس بلدية دير استيا سعيد زيدان، فإن تكلفة ترميم القصر زادت عن مليون شيكل، إذ يتكون من ستّ غرف فندقية مجهزة بأسرّة وخزائن خشبية على الطراز القديم، وأربع غرف للإدارة والمخازن وغيرها، كما يحتوي على مطعم يقدم الأكلات الشعبية الفلسطينية كالمسخن والمفتول.

اقرأ/ي أيضًا: العيزرية: معجزة للمسيح وكنيستان بينهما مسجد

في البلدة القديمة تنتشر اليوم مقاعد خشبية وأحواض ورود ونباتات زينة، وحركة أقدام المشاة يعبرون رصيفها الضيق المبلط بحجارة ملساء، يمرون من بين جدران تخرجٍ شقوقها الحشائش، إلى جانب التاريخ والتراث المعماري الصامد منذ مئات السنوات.

على مدخل الفندق، حيث الباب الواسع وبداخله الباب الصغير "باب الخوخة"، تستنشق رائحة الحجارة العتيقة والتاريخ المنبعث منذ أزمنة بعيدة، وما أن يتخطى الداخل العتبة الأولى حتى يُذهله مشهد الأدراج والأقواس المبنية باحتراف، والشبابيك المرزكشة بألوان الأحمر والأخضر والأزرق على نمط نوافذ الزمن الجميل، كما تسمع الموسيقى العربية الهادئة والكلاسيكية وأغاني الطرب العربي الأصيل، في جو شاعري ودافئ.


يعيش اليوم في دير استيا ما يقارب 5 آلاف نسمة، ويعيش مثلهم خارجها، فيما تبلغ مساحتها نحو 36 ألف دونم، وغالبية أراضيها مزروعة بأشجار الزيتون والحمضيات، وتعتبر ثالث بلدة من حيث إنتاج زيت الزيتون في الوطن، واختيرت قبل عدة أعوام من بين أجمل عشر قرى فلسطينية، تمهيدًا للمشاركة في مسابقة أجمل عشر قرى في حوض المتوسط.

وتعتبر دير استيا من أكبر بلدات الضفة الغربية من ناحية المساحة الجغرافية، وتحتل الرقم الخامس في المراكز التاريخية الفلسطينية، إذ يوجد فيها العديد من الأماكن والخرب الأثرية، ولا يخلو عام من افتتاح البازارات الخيرية والتراثية، وإحياء الأمسيات الشعرية والمعارض الفنية.

ووفق دراسة أجرتها جامعة بيرزيت عام 1983، فإن دير استيا هي الأولى في التعليم على مستوى "الوطن" بنسبةٍ وتناسبٍ على عدد السكان. كما شغل عددٌ من أبناء البلدة رئاسة عدد من الجامعات الفلسطينية، مثل نظام ديب، نائب رئيس الجامعة العربية الأمريكية سابقًا، والبروفيسور عبد اللطيف أبو حجلة الذي عين رئيسًا لجامعة بيرزيت في الأول من آب/أغسطس عام 2015.

ومن أعلام دير استيا، الشاعر والكاتب الراحل عبد اللطيف عقل، والطبيب جمال أبو حجلة، الذي افتتح أول عيادة أنف أذن وحنجرة في فلسطين بمدينة نابلس عام 1955، والأكاديمي فواز عقل، الذي ترأس نقابة الموظفين في جامعة النجاح الوطنية حتى غادرها، وعمل سابقًا أمينًا عامًا في مجلس الوزراء.

وتعتبر دير استيا من أوائل قرى فلسطين في إنشاء المدارس والكتاتيب، فقد تم إنشاء أول مدرسة فيها عام 1923، والكثير من أهاليها يتقنون القراءة والكتابة منذ زمن الدولة العثمانية، وفيها العشرات من الطلبة المنتشرين في الجامعات الفلسطينية وجامعات الخارج، وقدر العام الماضي عدد حاملي الشهادات العليا (الماجستر والدكتوراة) من أبنائها بنحو 300 شخص.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 18869

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم