حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,26 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 4265

إلى أين أيها الإنسان ؟؟؟

إلى أين أيها الإنسان ؟؟؟

إلى أين أيها الإنسان ؟؟؟

16-08-2019 09:50 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. عائشة الخواجا الرازم
أين نخبيء سلة منتوج الحياة التي نعيشها ؟؟؟
ولماذا نجمعها ونحوصلها في مكان سري خفي لنحصل على غيرها ونبدأ من جديد دون التوقف والتأمل والتمتع بمحصول هذه السلة ؟؟؟
وهل حقاً نشعر بمعنى وقيمة ما بذلنا من طاقة وزمن وعمل لنحصد النتيجة الجميلة التي نتمناها ؟؟؟؟
... غريب أنت أيها الإنسان ...
تدور مثل الدولاب وتنشط وتلهث وتسخن وتدعو الله بانتظار بشرى ثمار عملك وزمنك الثمين ... وعند نضوج الثمار تقطفها كأنها تحصيل حاصل ، ولا تجلس معها تتلمس وتبتسم وتسعد بأثر نعمة الله عليك ... ولا تسمو بحمل سلة إنتاج طموحك وعظمة الأمل والانتظار فيها لتعطي نفسك الشقية حبة فرح وقناعة !
إني أراك أيها الإنسان عجولاً حتى في التقاط فاكهة تعبك ...
أراك ماكنة وآلة استهلاكية تتسارع بقطف خيرات جهدك ودموع عينبك وسهرك ووقوفك العسير . لتهدرها مضغا وتلفظها لتبدأ مضغ الجديد ...
أراك عجولاً متسرعاً بوضع روعة خيرات الله من كل صنف في مخزن قصي تدفن مفتاحه وتنشغل ببناء مخزن جديد ، ولا تعترف بفضل الله عليك وتهمش ما أنجزته ... ولا رجاء يستوقفك لتدرك قيمته وتتحسسها ...
تتعدد مفاتيح مخازنك ... فتنسى أي مستودع يحتضن ذاك الثمر الذي انتظرته طويلا وشقيت من أجله .
أيها الإنسان ... أراك وحسرتي فوقك تترامى ...
أراك مدحلة تتسارع في طريق حياتك تعبد وتفتح الأتوسترادات بحلم الراحة في مركبة العمر !!! وتختلط عليك مركبات الطرقات ... ولكني أراك ثقيلاً على الطريق وعلى نفسك ...تدوس فقط ....وتمضي تلك المدحلة مخلفة حصاد عمرك وراءك ... فأنت منهمك بفكرة الوصول ومشاهدة المستقبلين لماراثون شقائك وجهدك وحلمك ...
أنت أيها الإنسان تنتظر بهلع شيئا مهولا ... شيئا ما ...ولا تنظر إلى الوراء لتتأمل كم شجيرة خضراء مررت عليها دون أن تتفيأ ظلالها ودون أن تحمد وتشكر وتبتسم بمتعة أثرنعمة الله على عبده !!!
أيها الإنسان ... كم من بساتين مثمرة زرعت يداك ... وكم من حدائق غناء سقيتها ورويتها بلهفة الدعاء وحين حصلت عليها هيمنت عليك جلبة طاحونة تخزينها لتلتهم التي بعدها ؟؟؟
لقد هامت نفسك طمعاً بحديقة جديدة وبستان آخر ...؟ تفعل ذلك وأنت تراكم وتجمع المحاصيل وتعدد ولا تعد فلا وقت لديك لتأمل النعم التي لا تعد ولا تحصى !!!
فكم من ولد منحك الله فاعتبرته تحصيل حاصل ؟
وكم من طير رفرف حولك في فناء عمرك وغرد وأنت تجلس تعد العدة ليوم آخر يحمل كيسا آخر ...
واعتبرت تغريد الطير تحصيل حاصل ؟؟ وتغريد أطفالك تحصيل حاصل ...
وكم من كوب ماء رشفته وأنت على عجل تتسارع الخطى لكوب آخر واحتسبت كوب الماء الأول تحصيل حاصل ؟؟
وكم قمر أضاء عليك بين الغيوم واعتبرته تحصيل حاصل ؟؟
وكم من فجر تشقق بنسمة الرحمة مع الشمس وأشحت بوجهك عنه كأنك لا تراه ولا تكتسي بغلالة نوره ؟؟؟ واعتبرته تحصيل عادي قد مر مرور الكرام ...

مستعجل أيها الإنسان ؟؟؟ ملهوف ؟ متطاير الشعر والعقيرة إلى الأمام ... إلى أين وإلى أي مقر يا متعب البصيرة ؟؟ إلى أي مخزن تطير لتبني سقفه وجدرانه المحصنة لتخبئة فرحك ونعمتك وسلة ثمار حياتك ؟؟؟ أيها الإنسان أنت تصنع المفاتيح وتوفر الزرافيل لمخازن عمرك وتربت على أكتافها قائلاً : هنيهات وسأعود لك أو بضعة أيام بعد إنجاز حديقة أخرى وملء سلة أخرى سأعود إليك وقد تكاثرت السلال والثمر ... تغادرها بجفاف كأنك تضع حجراً جامداً سينتظر ... منتظراً وحاسباً حسابك بأنك ستعود إليها في مساحات التوفير
أيها الإنسان ... أيها الراكض المستعجل المتسارع العجول المشيد لمخازن البذل والشقاء والعطاء ... أنت تخفي منتوج وسلال ثمار عمرك في مخازن المحطات السريعة ....تعدو وتركض ولا تتلفت إليها إلا لتحصيها وتحشد أرقام مفاتيحها والعناوين تضيع من ورائك ..وحين تحصل على سلال جديدة لامعة الفاكهة طازجة تناشدك بالتمتع بها وإسعاد من حولك ... تجد نفسك قمطريراُ تستكثر إظهار السلة للآخرين ولأحبتك وحتى نفسك ... تعمد لتخزينها ولا تعلم أيضاً أين خبأت المفاتيح ؟؟؟ لكن المفاتيح تعلم مقرها وتنتظرك لتريك المكان الذي تلتهف إليه متجاوزا كل الأمكنة ...
أيها الإنسان تمهل وتأمل وتمتع وابتسم واشكر الله وأسعد من حولك بثمار عمرك ... لعلهم يتعلمون من جمال سلال بساتينك علم الشكر !!!
أيها الإنسان ...لا تقل لي : من أين لي أن أقتني البساتين والشجر والزهر والثمر والمال والبنون وزينة الحياة الدنيا ... فأنا ألهث وأتشظى ويقتلني شظف العيش ...
أقول لك ... تمهل وتأمل وحدث نفسك بصوت عال عن كل ما منحك الله وابتسم واعترف بأنك لم تتعرف على النعم المنثورة حولك ... لأنك مستعجل عجول نحو المخفي تريده لتمسك بقرنيه ثم تحبسه وتنطلق تجرجر شقاءك لاصطياد ما بعده !!
أنت غني لو توقفت لجرد ما بين يديك وتوقفت عنده !


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 4265
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم