حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,23 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 17903

د . منذر الحوارات يكتب لسرايا : هواجس مواطن ساذج

د . منذر الحوارات يكتب لسرايا : هواجس مواطن ساذج

د . منذر الحوارات يكتب لسرايا : هواجس مواطن ساذج

20-12-2018 08:23 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. منذر الحوارات

فجأة تضج وسائل الاعلام المحلية بنبأً عاجل ، ( القبض على مجرم فارّْ من وجه العدالة ) ، ومن فيض ما وصلتني تنبيهات تتحدث في هذا الأمر ، وبسذاجة شديدة سألت نفسي أيقتضي هكذا امر بسيط والذي يُفترض ان يكون عادياً ومتكرراً بعدد الساعات كل هذا الصخب ؟

لم يتوقف الامر عند مجرد الرسائل الالكترونية والأنباء العاجلة ، بل بدأت تتوالا تصريحات لمسؤولين كبار وصلت لحد رئيس الوزراء نفسه والذي تغنى بفخر ملفت بهذا الإنجاز الكبير ، تلاه العديد من وزراء حكومته ، لدرجة انني اكتشفت انه كان واحداً من البرامج المهمة للحكومة ، نعم انا اتحدث بمنتهى الجدية ، كان ربما من البنود المهمة ! ففي اقل من بضع ساعات كان اسم المتهم قد تكرر على لسان اغلب المسؤولين الحكوميين وبنبرة متحدية ها نحن ذَا قد فعلناها ، بدت وكأنها تتشمت بالرأي العام على سو ظنه .

تطلب الامر لإستيعاب الموقف لحظة صمت وتأمل ، قاطعها احساس عميق بالغبن ، عبَّر عن نفسه بسؤال فيه من الحماقة والمرارة الشيء الكثير ، ألم يُقل لنا منذ سنيين ان واحد من اهم اسس استمرار الدولة وديمومتها وتمتعها بالأمن والأمان هو سيادة القانون وهيمنة العدل ؟ اليس اهم اسس ذلك المبداء ان المجرمين ومخالفي القانون من الطبيعي جداً ان يكونوا خلف القضبان ؟

اذاً ألا تشير هذه الاحتفالية بالقبض على مجرم ان محاسبة الخارجين على القانون امر نادر للدرجة التي تقتضي الاحتفال بهذا الشكل الهستيري عندما يحصل ذلك ؟ قادني هذه السؤال الى احساس بالرعب اذاً فواحد من اهم الأسس يتعرض للشك وجعلني اشعر كإنسان انني بدون حماية ، ولكن في أعماقي كنت أتمنى أَنَّ استنتاجاتي ما هي إلا هلوسات ذهنية تسقط امام الاستقرار الذي تنعم به البلد .

وحتى امحي تلك الأفكار من ذهني ، بدأت انظر الى الشوارع وحالة الاستقرار التي تبدوا عليها ، ورجال الامن المنتشرين بحيث يبعث ذلك إحساساً بالهدوء والطمأنينة ، وحتى أزيد من ذلك الاطمئنان بدأت بالاستماع لخطابات المسؤولين خلال الفترات الماضية والتي كانت تعج بالافتخار لحد الزهو بهذا الاستقرار والتأكيد على ان دولتنا هي فقط للقانون والعدل .

تنفست الصعداء بهذا النصر الذي حققته على مخاوفي للدرجة التي كِدتُ ان ادخل في جوقة المحتفلين في هذا الانتصار ، لكن غصةً ما جعلتني أُحجم عن ذلك ، هي نفسها التي ألحّت عليَّ بإعادة قراءةالاحداث
من جديد ، من هو المتهم ؟ وكيف غدا نجماً وإسماً لامعاً يتداوله الجميع ؟

تبدو القضية بسيطة جداً مهرب سجائر ! يالَ البساطة ألِهذا الحد ؟ لكن مهلاً ، ففي كل يوم يتم اعتقال العشرات منهم فلماذا اذاً تميز عنهم هذا بالشهرة والاهتمام ؟
دققت اكثر هذا الرجل لا يهرب من الخارج بل من الداخل ، بدا الامر كلغز وأحجية ، وهل يصح ذلك ؟ فهذا ليس تهريباً ، مسكين هذا المتهم ظلموه في تهمةً ليست موجودة ، بل وشوهوا سمعته ، لحظةً قلت لنفسي ! ومحصت اكثر في الأخبار المتداولة بشأنه ، هو لديه مصانع ، ومزارع وعمال وأصدقاء كُثر ، ولكن ما الضيرُ في ذلك ؟ فهو يدعم الاقتصاد ويوظف عمالاً ويفتح بيوتاً وهو بذلك رجل شريف .

فلا بد ان في الامر سرّ فما هو ؟ ، بدأت مهتماً بالمعرفةِ اكثر الان ، فالفضول اصبح طاغياً لحل هذه الأحجية ، فتبين ان الرجل ادخل ألآته المصنعة بطرق غير قانونية ، وأنتج ملايين صناديق الدخان وباعها بدون اي رقابة اولاً على منتجه وثانياً بدون ان يقوم بدفع اي مستحقات للدولة من ضرائب ورسوم ، وباع بمئات الملايين وتهرب من الضرائب بمثلها ، وأدى عمله هذا الى خسارة منتجين آخرين بقدر ما كَسِب من مال ، وأدى الى إغلاق مصانع اخرى وطرد العاملين فيها ، فأصبحوا بلا عمل وبالتالي بلا مأوى .

هذا عمل سئ فعلاً ، ويستحق العقاب ، ولكن الامر لا زال اكبر من هذه الجملة بكثير ، بدأت الهواجس تظهر من جديد ، بشك أسئلة بسيطة ولكنها مُحيرة ومعقدة ، هل يستطيع رجل ان يقوم بكل ذلك لوحده ؟ وانا افكر أقول في نفسي هو بحاجة لعلاقات قوية مع الجمارك كي يستطيع ان يُدخل هذه المعدات الكبيرة ، او لربما ان لديه قوةً سحرية تجعلهم اصيبوا بالعمى المؤقت حين دخلت تلك المعدات ، هكذا بدأت افكر .
ايضاً هو بحاجة الى علاقات قوية مع وزارة الزراعة حتى يسمحوا له بزراعة نبتة التبغ الممنوعة ، او لربما انهم اعتبروها نوعاً من أشجار الزينة للتصدير ربما .

وهو بحاجة لعلاقات قوية مع سلطة المياه للحصول على كميات هائلة منها للزراعة والصناعة فهي حجر الرحى في هذه العملية ، لا بد انهم ظنوا خير بهذا الامر ولم يلفت انتباههم بالتالي .

كما ان تلك القوافل المؤللة من السيارات المحملة بالدخان بحاجة ماسة للعبور من خلال الشوارع الرئيسة ، وعلى ما يبدوا ان هذا الامر كان متيسراً بشكل جيد .

اما كيف بيعت تلك الكميات من التبغ المصنع في السوق بدون دمغات تثبت انها تجاوزت الفحوصات المخبرية اللازمة فهذا امر لربما يطول البحث فيه . فذلك يقتضي علاقة حميمية مع المشرفين على ذلك وربما هم أنفسهم الذين مكنوه من التغاضي عن دفع الضريبة المستحقة على منتجاته تلك .

وحين تتبعت السيرة الذاتية للرجل وجدت له علاقات صداقة حميمة مع أناس كنت أشاهدهم على الشاشات وفي وسائل الاعلام ، وهم مهمين جداً حسب اعتقادي ، وهو كذلك بدا لي مهماً جداً حتى يتمكن من جمع كل اؤلائك الناس حوله ، لدرجةَ انهُ بدا لي شخصاً محبوباً لهم وقريباً جدا ، فهذا الرجل الذي يعرف كل هؤلاء الأشخاص المعروفين لا يمكن ان يكون مجرماً .

وبدت محبتهم له انه حينما وشا به حاسداً ما ، وصدر أمراً بالقبض عليه سارع أصدقاؤه في تهريبه آمناً خارج البلاد ، فبدت تلك هي عملية التهريب الوحيدة في هذه القضية .

أسئلة وأسئلة بعضها سهل وجٌلها صعب ، أولها هل كان ذلك الرجل الاول في هذه القضية ، ام هو الأخير والذي يسَهل التضحيةُ بهِ حين الحاجة ؟ هل يستطيع ذلك الرجل الذي بدا ضعيفاً بلا حيلة ان يُسخر اجهزتاً كاملة في الدولة لخدمته لو لم تكن تلك مُهيئةً لذلك ؟

بدا الامر اشبه بلعبة الحكواتي توجهها أصابعه وتفرض نمط الحوار وحركة الشفاء والغاية النهائية

من القصة ، فهل شاهد احد منا في اي يوم ذلك الرجل الظل الساكن خلف ستار المسرح ؟ انا على الأقل لم اشاهده وإن كنت اعرفهُ حق المعرفة .

في لحظة بدت لى الدولة كلها متهمة ومجرمة وهي الجاني الحقيقي ، لأنها كذبت عليَّ في اهزوجتها الممتدة عبر عقود ، ان القانون هو سيد الموقف وأن العدل هو الأيقونة التي لن تفرط بها ، ومرة اخرى أيقتضي ذلك من دولة الرئيس افتتاح صالة للأفراح ام إقامة ديواناً للعزاء ؟ فهل هنالك خيبة أكبر من تلك ؟ برسم الإجابة أجيبوا عن هذا السؤال ودعوني اعود الى بساطتي وسذاجة اسألتي فذلك بالنسبة لي اكثر جدوى من التوغل لمعرفة الحقيقة لأنها بدون شك مؤلمة


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 17903
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم