حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,25 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 13136

الأحزاب والعمل السري !

الأحزاب والعمل السري !

الأحزاب والعمل السري !

12-12-2018 10:17 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : محمد علي الزيود

في الدول المتقدمة تعتبر الاحزاب واجهة العمل الديمقراطي الحقيقي ، واهم ما يميز الاحزاب في تلك المجتمعات هو العنوان الابرز " الوصول الى السلطة " وإدارة الدولة وتطبيق الانظمة والقوانين بما يخدم المجتمع بكل مكوناته ، وليس الاستئثار بالحكم بقدر ما هو المنافسة الوطنية الشريفة والحقيقية على خدمة الشعب ولكن ..

ولكن هنا متعلقة بالأحزاب الاردنية على وجه الخصوص ، وقس عليها الكثير من احزاب البلاد العربية ، نجد ان الاحزاب في الاردن تمارس دورا وظيفيا لا يمكن لها ان تتجاوزه ، وهذه الاحزاب راضية بل ومؤمنة بهذا الدور لاعتقاد امناؤها العامون ومن يرسمون سياسة الحزب انهم مجرد لاعبون في لعبة المصالح، ولهم ادوارا يقومون بها من اجل الحصول على مكاسب خاصة ، وما نشهده من شطحات حزبية في بعض الاوقات لا يتجاوز حركات التمرد المنضبط من اجل الحصول على مزيد من المكاسب ، وفي بعض الحالات يكون غض الطرف عن بعض الاحزاب وإعطائها حيز من الحركة ما هو إلا لملئ فراغ سياسي الهدف منه ضبط ايقاع الشارع ..

وكي لا اذهب بعيدا في تفسير الظاهرة ، التي تحجرت عليها قيادات الاحزاب الاردنية وتبادل الادوار القيادية ، اجزم ان رسم سياسات الاحزاب لا يخرج عن خمسة اعظاء يتبادلون الدور المسرحي المخجل ، ومحاولة بائسة من قبلهم لإقناع العامة انهم اقرب ما يكونون الى حكومة ظل تستطيع ان تراقب وتناقش وتحرك وتغير ، وهذا بالمجمل غير صحيح بل هو غبن وتحايل على ثقة الشارع ببعض الاحزاب ، ولا ادلل بأدلة يتيمة اذا سقت لكم مثالا من اقوى حزبين على الساحة الاردنية تاريخيا ، وماذا قدمت ، ولكي تكون الصورة اكثر وضوحا لا بد من القول ان قوة الاحزاب تقاس بقياداتها ومدى تطبيق برامجها ، ومن هنا نجد ان حزب جبهة العمل الاسلامي والحزب الشيوعي هما الاكثر حركة على الساحة الاردنية ، غير ان المدقق في نتاجات هذين الحزبين يجد ان حزب الجبهة تحرك بكل قوته استجابة لتفاعلات الخارج وعاد لسباته ايضا استجابة لانتكاسات الخارج ، واذا ما امعنا التدقيق في مسيرة الحزب نجد انه في المفاصل التاريخية الوطنية كان يغيب او يعبر عن غضبه بالانسحاب وفي كلتا الحالتين يعد هذا هزيمة .. وأما الحزب الشيوعي والذي وقع بمأزق حقيق بعد السماح بالعمل الحزبي العلني ، فبات عليه لزاما الموازنة بين الهم الخارجي وتبهيره ببعض الاهتمام بقضايا الداخل ، فلبس ثوبا غير ثوبه ! ويعاب عليه انه تكلس هو الاخر وتحجر على ايدلوجيات هرمة تتقلص وتتآكل مع تقدم السنين وأصبح في زفراته ، لأنه لم يستطع الخروج من عباءة بعض الافكار الغير قابلة للتطبيق ..

اما بالنسبة لبقية الاحزاب لربما نجد فيما بينها بعد عقد او عقدين من الزمان حزبا او حزبين يملكان خطابا ومشروعا مختلفا ، وأدوات يستطيعان من خلالها الولوج الى عقول وقلوب الشعوب .. ونقول لهذه الاحزاب الناشئة ان المبالغة بالتمسح بالمصلحة الوطنية ، ومحاولات تزيين الاعمال والتكفير عن بعض الخطايا الحزبية السابقة هو ايضا عمل شعاراتي شعبوي موجه لأدوات الدولة وليس الى الشعب ، وهذا خطاب قصير العمر لن يدوم طويلا ، واذا كانت بعض التسهيلات قد منحت في بعض الاوقات كمكافأة تقليمية ، فهذا لا يعني استمرار سيل التسهيلات والعروض ، لان النضج السياسي الحزبي الحقيقي يأتي من الاسفل ومن القاعدة وليس من الاعلى ، وعلى الاحزاب الناشئة ان تكون على يقين ان زمن التنفيعات قد ذهب الى غير عوده !!!

وفي النهاية اقول رحم الله رجالات العمل الحزبي السري ، كان لا ينظم الى هذا العمل إلا الرجال ، وكانوا يجتمعون في زقاق ربما طائر الدوري لا يصل اليه ، وكان ليلهم نهار ونهارهم ليل ، واجزم ان 99% ممن ينخرطون في العمل الحزبي الآن لو قدر للزمن وعاد لمرحلة العمل السري لن تجد منهم من يتعاطى السياسة حتى في منامه ، لأنهم غير مؤمنين بذاتهم السياسية ولأنهم متصالحين في قرارات انفسهم الضعيفة على ان الصدفة هي من وضعتهم في تلك المواقع ، ولان العمل الحزبي السياسي بحاجة الى مفكرين عمالقة ورجال يقنعون الانظمة والحكومات قبل العامة بمشروعية قناعاتهم ويقين نجاح مشاريعهم وبرامجهم ، ومع الاسف الشديد ان الاحزاب اصبحت برتوكول وممارسة هواية وإشباع الإدمان على جلسات المساء الدافئة !!!
محمد علي الزيود ziud1@yahoo.com


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 13136
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم