حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,28 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 9431

التنمية السياسية في عهد الرزاز

التنمية السياسية في عهد الرزاز

التنمية السياسية في عهد الرزاز

12-12-2018 12:14 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : غيث هاني القضاة

ماذا يمكن لدولة الرزاز أن يعمل من أجل النهوض بحياتنا السياسية؟ وماذا يمكن له أن يقدم من مشاريع وقوانين تقنعنا بان الأمور تسير في الاتجاه الصحيح! وكيف يمكنه إقناع هذه الحشود الغاضبة بأن الوطن بخير وأن المستقبل سيكون أفضل للجميع ، وكيف يمكن امتصاص هذا الحنق النفسي الذي بتنا نلمسه في كل مكان ، في الشارع والمدرسة والجامعة ومجالس الافراح والعزاء والصالونات السياسية وعند ركوبنا مع سائق الحافلة او التاكسي أو حتى عند مناقشة أبنائنا داخل منازلنا ؟

قبل سنوات وبدعوة من وزارة الخارجية الاسبانية وضمن برنامج سياسي يُدعى مسار “برنامج دعم عمليات الحكم الديمقراطي في العالم العربي" والذي ينقل بالدرجة الاولى خبرة اسبانيا المكتسبة خلال الفترة الانتقالية في حياتها السياسية الى شعوب العالم العربي ،قامت السفارة الاسبانية في عمان بترتيب زيارة لنا ومجموعة من النشطاء السياسيين الاردنيين الشباب الى العاصمة الاسبانية مدريد ، حيث زرنا القصر الملكي ومجلس النواب والاحزاب المُعارضة الرئيسية ومراكز صنع القرارات السياسية -التي تعمل بطريقة احترافية وينتج عنها قرارات حكيمة ومدروسة - ووزارة الخارجية وبعض الصحف المتميزة وغير ذلك الكثير ، عندما زرنا مقر الحزب الحاكم والذي جاء الى السلطة بعد أن عاقب الناخبون الحزب الاشتراكي المعارض حينها على سوء سياساته الاقتصادية عبر صناديق الاقتراع ! فوجئنا بأن عدد أعضاء هذا الحزب حوالي (600) الف عضو وبزيادة سنوية تتراوح ما بين (10-15%) ،وعدد الشباب الذين يتدربون في هذا البرنامج سنويا( 30000) شاب وشابة حيث يتم تأهيلهم وتدريبهم ضمن هيكلية الحزب لاستلام مواقع قيادية داخل الحزب او داخل الحكومات القادمة ،وتبين لنا بعد السؤال بأن لديهم (3) نواب شباب في البرلمان الرئيسي و(3) شباب في مجلس الشيوخ و(22) نائب في المقاطعات و(800) عضو مجلس محلي ،حيث أن الحياة السياسية لديهم اساسها اللامركزية فلكل اقليم مجلس نواب محلي و حكومة اقليمية وهكذا ،وكم كنا نتحسر حينها أنا وزملائي عند سماعنا هذه الأرقام ، ونقول ألا نستحق نحن ذلك أيضا ؟ وما الذي يجعلهم يعيشون حياة سياسية أفضل من حياتنا بعد أن كانوا دولة ديكتاتورية متسلطة متجبرة ممتلئة بالفساد وعدم احترام حقوق الانسان قبل أقل من مائة عام !

ناقشتُ عدة وزراء للتنمية السياسية والبرلمانية في الأردن بخصوص السماح بالعمل الحزبي داخل الجامعات الأردنية والسماح بأن يكون هنالك قوائم حزبية تتنافس داخل الجامعات اثناء انتخابات اتحادات الطلبة بنسب معينة ،وذلك كمدخل لتعويد الشباب على طبيعة العمل الحزبي وتشجيعهم عليه ، حيث من غير المعقول أن يقضي الطالب الشاب اربع سنوات من أجمل سنوات حياته دون أن يتعرف على العمل الحزبي ودون أن يمارسه بالصورة الحقيقية هناك، وللأسف كانت جميع إجابات الوزراء حينها بأنه لا يمكن السماح بالعمل الحزبي داخل الجامعات لأنها للدراسة فقط ! وكنت أحاورهم حينها وأجيبهم بأن معظم قادة الاتحاد الاوروبي المتميزين كانوا قادة حزبيين في أثناء دراستهم الجامعية في بلدانهم ،ولقد أجريتُ بحثا قديما حول أكثر من عشرين شخصية حزبية سياسية أوروبية ،كان القاسم المشترك بينهم جميعا أنهم كانوا أعضاء ناشطين في العمل الحزبي و السياسي داخل جامعاتهم فاكتسبوا خبرة سياسية متميزة ،وصقلوا مهاراتهم الحزبية و السياسية داخل الجامعات ،ثم تخرجوا وترشحوا للانتخابات عن أحزابهم ،فبعضهم أصبح رئيسا لبلدية مثل بلدية باريس أو مدريد ،وبعضهم كان عضوا في البرلمان و الاتحاد الاوروبي ،وبعضهم أصبح وزيرا ،وبعضهم أصبح رئيسا للوزراء في دولته، وقاد بلاده الى نجاحات متعددة وهو في ريعان شبابه ! فاكتسبت أوطانهم خبرات شبابية سياسية متقدمة، ولم يبدأوا السياسة وأبجدياتها في سنوات متأخرة من عمرهم، كما يحدث في عالمنا العربي بكل أسف ،ولم يحدث بالمناسبة أن سجلّت جامعة واحدة هناك عنفا طلابيا او شجارا على خلفية سياسية !ولم يحدث أن تسلّم أحد منصبا سياسيا لانه ينتمي لهذه العشيرة أو لان جهات أمنية تدعمه أو لأنه أحد أبناء أو احفاد متنفذ أو فاسد ما !

مشكلتنا الحقيقية مع معظم وزراء التنمية السياسية أنهم لا يمتلكون مشروعا سياسيا إطلاقا على الصعيد الشخصي ، فهم موظفون بالدرجة الأولى يقومون بتسيير أمور الوزارة اليومية أو تنفيذ مشاريع تدريب وتطوير قد جاءت بها بعض المؤسسات الغربية بالشراكة معهم ، أو افتتاح مؤتمرات وندوات لا يحضرون منها سوى بضع ساعات !وتمنيت أن اصطدم بوزير يمتلك مشروعا حقيقيا يؤسس لعمل مؤسسي سياسي داخل وزارته يستمر بعد تركه المنصب! ويؤسس لحياة سياسية حقيقية داخل الوطن نشعر حينها بالأمل والتفاؤل في المستقبل، والسؤال الملح الان لماذا لا يطرح دولة الرئيس وبسرعة قانون انتخاب يتم التوافق عليه ليكون مخرجا لنا من هذا المأزق السياسي الذي يطل علينا في كل أربعة أعوام لنحصل على نواب معظمهم لا يلبي طموحات الناس أو حاجات المجتمع والوطن يمارسون دورهم الحقيقي الرقابي والتشريعي دون أية ضغوط أو حسابات معينة ، لماذا لا يتم البدء بمشروع قانون يجعل الحكومات المتعاقبة حكومات منتخبة تمثل ضمير الشعب وحينها سيتحمل الناس نتيجة اختيارهم ،حتى لو كان هذا المشروع سيطبق بعد أربع أو خمس سنوات لكن لماذا لا نبدأ بداية الطريقة ؟


سألتُ منسقة البرامج السياسية في الحزب الحاكم الاسباني حينها عن طبيعة التدخلات الأمنية في سلوكهم السياسي أو الحزبي داخل الجامعات ، فضحكت وقالت متهكمة أنه لايوجد لديهم مكاتب أمنية للاجهزة داخل الجامعات ،و لا يوجد إطلاقا تدخل أمني في نتائج الانتخابات سواء في الجامعات أو الحياة السياسية !وأضافت المتحدثة بأنهم يستحقون ما هم فيه من حياة حزبية حقيقية بعد سنوات طويلة من الديكتاتورية والظلم والاقصاء والتهميش وسوء الأحوال الاقتصادية والسياسية ،و هي تشعر بالفخر الشديد لوجودها في هذا الحزب ،وهم بالمناسبة ينتقلون بين المعارضة و الحكومة فاذا فازوا في الانتخابات كما هو الحال حينها يُشكلون الحكومة و يحكمون ،واذا خسروا ينتقلون الى المعارضة البنّاءة ويراقبون عن كثب أداء الحكومة الاخرى ،ويقومون بتشكيل حكومات ظل تراقب الأداء الحكومي وتحكم عليه وتستفيد من نقاط ضعفه من أجل مصلحة الوطن هناك .

المخرج الوحيد لما نحن فيه من أزمات يا دولة الرئيس هو مخرج سياسي بالدرجة الأولى يجب أن يتم البدء به بصورة حقيقية وسريعة مع تقديري لطبيعة الظروف السياسية لدينا وتقديري لمدى قوة وتأثير قوى الشد العكسي التي تعمل بأذرع أخطبوطيه في كل مكان ، لكن دعنا نبدأ معك بقانون انتخابي تتوافق عليه معظم الاتجاهات السياسية والنقابية والشعبية في الوطن ، ونبدأ معك بالتجهيز الحقيقي في نهاية المطاف نحو تشكيل حكومات برلمانية نابعة من انتخابات حقيقية يقول فيها الشعب قولته ، حتى لو كان ذلك ضمن خطة مبرمجة بعد عدة سنوات وبالتدريج الممنهج ،وذلك بعد اتفاقنا على أساسيات وثوابت رئيسية وهي الوطن ومؤسسة العرش وجلالة الملك، وما سوى ذلك فهو خاضع للنقاش والمحاسبة والتقييم وإعادة النظر والمحاسبة .



لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 9431
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم