حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,29 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 13097

مؤسسة الإسكان إلى أين

مؤسسة الإسكان إلى أين

مؤسسة الإسكان إلى أين

13-11-2018 09:20 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : عادل إسماعيل بصبوص
عرضت المؤسسة العامة للاسكان والتطوير الحضري الأسبوع الماضي وللمرة الثامنة خلال هذا العام قطع أراضي للبيع بالمزاد، وهي قطع مختارة من مشاريع منفذة سابقا إحتفظت بها المؤسسة لتبيعها لاحقا بعد إرتفاع أسعارها لتحقيق عوائد مالية تشكل مع الأقساط المحصلة من المستفيدين من مشاريع الإسكان المختلفة وإيرادات تأجير محلات وأسواق تجارية المصدر الرئيسي لتوفير التمويل لأنشطة ومشاريع المؤسسة، دون الإعتماد على الموازنة العامة للدولة.
يمثل عنصر الأرض المادة الأساسية لمشاريع المؤسسة خاصة بعد تحولها من تنفيذ مشاريع الشقق السكنية إلى مشاريع قطع الاراضي المخدومة، حيث يقتضي ذلك الإحتفاظ بمخزون إستراتيجي من الاراضي يتم تعزيزه بإستمرار من خلال الشراء أو الإستملاك أو التخصيص من اراضي الخزينة، تعويضا عن الاراضي التي يتم تنفيذ المشاريع عليها أو بيع قطع منها بالمزاد، إلا أن الملاحظ أن المؤسسة ومنذ أكثر من ست سنوات لم تقم بإضافة أراضي جديدة لمخزونها الإستراتيجي بالرغم من "السحب" الكبير والمستمر من هذا المخزون لتنفيذ المشاريع المختلفة وخاصة مشاريع "مبادرة سكن كريم"، حيث تم إستنفاذ الغالبية العظمى من الاراضي التي تملكها المؤسسة في المدن الرئيسية، وهذا يفسر أن معظم المشاريع التي تم تنفيذها خلال السنوات الخمس الماضية كانت خارج هذه المدن.
يعتبر مخزون المؤسسة من الاراضي بمثابة "بنك" للاراضي (Land Banking) يجب أن تتم تغذيته بمساحات واسعة من الاراضي رخيصة الثمن يتم شراؤها على أطراف المدن وفي المناطق المتوقع ان يتم فيها التوسع العمراني، ليتم إستغلالها لاحقا بعد وصول حركة العمران إليها وإرتفاع أسعارها، من خلال تنفيذ مشاريع إسكانية عليها أو من خلال بيع جزء منها لشراء أراض أرخص في مناطق أخرى تتم إضافتها إلى هذا "البنك" وهكذا، وقد أصبح الآن واضحا أن موجودات هذا "البنك" من الاراضي الصالحة لتنفيذ المشاريع قد أوشكت على النفاذ، بإستثناء عدد من قطع الاراضي في منطقتي الجيزة والزرقاء تمت إستعادتها مؤخرا من مستثمرين أخفقوا في تنفيذ مشاريع شراكة تم التعاقد عليها سابقا مع المؤسسة.
لقد إنتهجت المؤسسة ومنذ أكثر من عقدين من الزمن مبدأ الإسترداد الكامل للكلفة (Full Cost Recovery) لتحقيق الإستدامة لأعمالها بحيث تعمل وفق أسس تجارية وتحقق أرباحا يتم من خلالها توفير الدعم للمستفيدين من قطع الاراضي المخصصة للفئات المستهفة وفق مبدأ الدعم المتبادل (Cross Subsidy)، إضافة إلى تغطية نفقاتها التشغيلية والجارية، إلا أن هذا النهج قد تم التخلي عنه مع مرور الوقت بحيث أصبحت المؤسسة في نهاية المطاف تقوم بتغطية نفقاتها الجارية وخاصة الرواتب والمكافآت وتوابعها والتي تبلغ قيمتها حوالي أربعة ملايين دينار سنويا حسب تقارير المؤسسة وموازنتها المنشورة على موقع دائرة الموازنة العامة، من خلال إستهلاك جزء كبير من عوائد أقساط المشاريع أو حصيلة بيع قطع الأراضي بالمزاد ( إستهلاك جزء من الأصول / رأس المال لدفع الرواتب )، وبالنظر إلى أن عوائد الأقساط قد تراجعت بشكل كبير بعد إستكمال سداد الأقساط لغالبية المستفيدين من مشاريع الإسكان الكبيرة الكبيرة وخاصة مشروع مدينة أبو نصير، فقد غدت المؤسسة في وضع مالي غير مريح، قد يضطرها إلى اللجوء ولأول مرة منذ عقود إلى خزينة الدولة المنهكة أصلاً، مما يهدد إستمرار مشاريع المؤسسة ليس في المديين المتوسط والبعيد فحسب وإنما في المدى القريب أيضا.
لقد إنعكس تراجع الاوضاع المالية للمؤسسة على الدور الأساسي الذي وجدت المؤسسة من أجله والمتمثل بتوفير أو المساعدة في توفير السكن الملائم للأسر محدودة الدخل، حيث تبين التقارير السنوية للمؤسسة المنشورة على موقعها الإلكتروني أن إجمالي مبيعات المؤسسة خلال السنتين الماضيتين (2016 و 2017) قد بلغ (148) شقة سكنية و (440) قطعة أرض، بمعدل (295) وحدة سنويا أي ما يقل عن (0.5 %) نصف بالمئة فقط من الحاجة السكنية السنوية في المملكة والتي تقدرها المؤسسة نفسها بحوالي (63) ألف وحدة سكنية سنويا، أي أن تأثير المؤسسة أو دورها في مجال الإسكان يكاد يكون هامشيا، حيث أن إنتاجها السنوي كمياً لا يزيد كثيرا عن إنتاج شركة واحدة أو بضع شركات من القطاع الخاص التي تقوم بتنفيذ مشاريع أراضي مخدومة على طريق المطار أو في غيرها من المناطق.
لا تقتصر مشاكل المؤسسة حالياً على نضوب مخزونها من الأراضي او نقص إحتياطياتها المالية، وإنما تتعدى ذلك إلى تراجع خبراتها الفنية المتميزة محليا وإقليميا بسبب عدم تعويض نقص الخبراء والمختصين الذين يتركون المؤسسة لأسباب مختلفة.
محزن جدا الحال الذي وصلت إليه المؤسسة وهي التي كانت حتى الأمس القريب ملء السمع والبصر ونفذت مشاريع ناجحة ومتميزة مثل مدينة أبو نصير السكنية وضاحية الحسين وغيرها الكثير، محزن جدا أن تتخلى المؤسسة تدريجيا عن دورها في الوقت الذي تزداد الحاجة فيه إلى مثل هذا الدور، ومحزن أيضا أن تعاني المؤسسة من مصاعب مالية وهي تعمل في القطاع العقاري، هذا القطاع الذي يمثل "منجم ذهب" يغرف منه كل من عمل فيه حتى لو كان هاويا فما بالك بمؤسسة محترفة تتمتع بإمتيازات متعددة.

لا بد من إتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة الحياة والنشاط لمؤسسة الإسكان قبل فوات الأوان، إن لم يكن لأهمية الدور الذي يفترض ان تقوم به هذه المؤسسة، فعلى الأقل من أجل حوالي (400) موظف ومستخدم قد يضطرون يوما لمواجهة خيارات صعبة ومؤلمة لا قدر الله.






لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 13097
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم