سرايا - عزا خبراء ماليون عدم تحقيق الحكومة إيرادات محلية مقاربة لما هو متوقع في الموازنة العامة للعام الحالي إلى تفاؤل الحكومات دائما بوضع التقديرات من جهة، وتباطؤ النشاط الاقتصادي وتراجع الطلب العام من جهة أخرى.

وبين الخبراء، في حديث لـ"الغد"، أنه رغم قيام الحكومة السابقة برفع ضريبة المبيعات وإزالة الدعم عن سلع أساسية لغاية زيادة إيراداتها، إلا أن ذلك لم يحدث، وهذا يدحض فرضيتها بأن فرض الضرائب يزيد الإيرادات.

وطالبوا الحكومة بعدم تجميل موازنة العام المقبل ورفع سقف التوقعات بناء على نسبة نمو عالية.

وقدرت حكومة د.هاني الملقي السابقة الإيرادات المحلية في موازنة العام الحالي بنحو 7.89 مليار دينار، علما أنها
وصلت إلى نحو 4.5 مليارات في بداية شهر أيلول (سبتمبر) الماضي؛ أي بفارق 3.3 مليارات دينار.

ويعني ما سبق أن الحكومة حصلت إيرادات بمتوسط تبلغ قيمته 500 مليون دينار شهريا، بينما سيتحتم عليها تحصيل 1.1 مليار دينار شهريا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الحالي للوصول إلى الإيرادات المتوقعة، وهو أمر مستحيل، بحسب خبراء.

وكانت الحكومة تتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي للعام الحالي نحو 2.3 %، إلا أنها عادت لتخفضه إلى 1.9 %.

وزير المالية الأسبق سليمان الحافظ، قال "إن عدم تحقيق الحكومة إيرادات محلية كما توقعت في الموازنة يعود لأسباب عدة أهمها المبالغة في التقديرات لكل عام مقبل".

وأضاف الحافظ "أن الأسباب الأخرى هي ضعف النمو الاقتصادي نتيجة تراجع الطلب العام وضعف القوى الشرائية التي سببها رفع الضرائب وإلغاء الإعفاءات عن سلع".

ولفت إلى أن هناك أسبابا خارجية تتعلق بالوضع السياسي العام غير المستقر الذي يؤثر على الصادرات وقطاعات اقتصادية أخرى، مما يضطر قطاعات عديدة إلى تخفيض إنتاجيتها.

وأكد الحافظ أن ارتفاع معدلات البطالة، ووجود قوى عاملة غير منتجة، يتسببان في تراجع الإيرادات الحكومية.

وبين أن قاعدة فرض الضرائب لزيادة الإيرادات تطبق عندما يكون هناك نشاط اقتصادي ونمو، مشيرا إلى أهمية التوقيت السليم في اتخاذ هذا القرار.

ومن جانبه، اتفق الخبير المالي مفلح عقل مع الحافظ حول أن الحكومة تبالغ في تقديرها لموازنة العام المقبل.

وأضاف عقل أن بطء النشاط الاقتصادي وتراجع الطلب بشكل عام أديا إلى عدم نمو الإيرادات المحلية بالشكل المتوقع.

وأكد أن نظرية فرض ضريبة ورفع الأسعار ليس بالضرورة أن تحقق إيرادات أعلى للحكومة.

وقال عقل "سوف تواجهنا مشكلة في العام المقبل لأن الحكومة ستزيد من توقعاتها في بند الإيرادات".

وأشار عقل إلى المساعدات القادمة من الدول التي من المتوقع أن تكون أقل من المقدر وأنها تعتمد على أوضاع الدول المانحة.
وأخضعت قرارات حكومة الملقي بداية العام الحالي نحو 164 سلعة لضريبة 10 %، فيما أخضعت سلعا أخرى (كانت معفاة) لضريبة 4 % و5 %.

وحملت الجريدة الرسمية الصادرة أصنافا وسلعا وخدمات أخضعت لنسبة 10 % الضريبية، في إطار سعي الحكومة لزيادة إيراداتها وتحقيق ما يفوق النصف مليار دينار من تلك الإجراءات.

ورغم ارتفاع الإيرادات الضريبية من السلع والخدمات، إلا أنها لم تسهم في تقديم دعم كبير لإجمالي الإيرادات الضريبية نتيجة تراجع مكونات الأخيرة (من الدخل والأرباح والمبيعات العقارية) في ظل ركود اقتصادي يخيم على معظم القطاعات.

ومن جانبه، اتفق خبير الاقتصاد السياسي زيان زوانة، مع سابقيه، حول أن حجم توقعات وتقديرات الحكومة للموازنة عادة ما تكون كبيرة وترفعها لإظهار الوجه المشرق للاقتصاد.

وبين زوانة أن تقديرات النمو دائما تكون أعلى ومبالغا بها ومتفائلة جدا، لافتا إلى أن التباطؤ الاقتصادي سبب أساسي في عدم تحقيق الإيرادات المرجوة.

واتفق أيضا مع سابقيه حول أن قاعدة فرض الضرائب يحقق إيرادات أعلى، غير صحيحة، في حالة عدم وجود نشاط اقتصادي.

وقال زوانة "أتمنى أن تكون تقديرات موازنة 2019 واقعة ومنطقية وأقرب إلى الصحة على عكس موازنة العام الحالي".
ومن جانبه، قال الخبير المالي د. سامر الرجوب "اعتدنا منذ عشرات السنين على أن تقوم دائرة الموازنة العامة بإجراء عملية تجميلية لموازنة كل عام".

وأضاف الرجوب "لا يجوز بناء الموازنة على أرقام نمو عالية جدا ونحن في ظروف اقتصادية صعبة وفيها ركود عام".
وبين أنه عادة ما تتضح قيمة الإيرادات المحلية في الشهر الأخير من العام ولكن الفرق واضح بين المقدر في 2018 وما هو متحقق حتى الوقت الراهن.

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا