حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,20 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 15332

قانون الضريبة المقترح بين التشريع والتسويق

قانون الضريبة المقترح بين التشريع والتسويق

قانون الضريبة المقترح بين التشريع والتسويق

24-09-2018 07:31 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور عيسى عثمان المبيضين

لقد اثبتت التجارب التي مرت بها مختلف اقتصاديات الدول النامية والمتقدمة انه كلما كانت معدلات الضرائب مرتفعة، كلما ادى ذلك الى دفع الافراد والشركات الى تجنب الضرائب بمختلف الوسائل والطرق بما في ذلك اخفاء الدخل وتاجيل النظر في الاستثمار واتخاذ مخاطر اقل، فضلا عن ازدياد ممارسات التهرب الضريبي، وهذا وفقا لما اصدره المجلس الاقتصادي الاجتماعي الاردني عام 2016 والذي اشار ايضا بشكل واضح الى ان التخفيض في نسب الضريبة بالقانون المؤقت رقم 28 لسنة 2009 قد ادى الى ارتفاع حصيلة الايرادات الضريبية للدولة حيث تبين ان الايرادات الضريبية سجلت نموا

مستمرا لترتفع من 2.47 مليار دينار عام 2007 الى 4.04 مليار عام 2014.

مما يثير تساؤلا حول الية عمل الحكومة من خلال طرح مسودة مشروع قانون ضريبة دخل وبنسب ضريبية مرتفعة عما سبق في ظل الوضع الاقتصادي المتراجع وضعف القوة الشرائية وعدم وجود حركة استثمار بالاضافة الى الضغوط الاقليمية والسياسية التي تحيط بالمملكة حيث ان رفع نسب الضريبة هي سياسة انكماشية لا تصلح ان تنفذ في الحالة الاردنية الراهنة .

وبقراءة عامة لمسودة مشروع القانون فقد لوحظ ان الحكومة تسعى الى الكسب السريع وقريب المدى دون الاهتمام بالمديين المتوسط والطويل من خلال توسيع شريحة دافعي الضرائب والغاء العديد من المزايا التي توفرت بالقوانين السابقة لبعض الفئات والقطاعات والمناطق المصنفة استثماريا مما يلحق الضرر بالاقتصاد الوطني بالمجمل بدلا من خلق بيئة تحفيزية تعزز النمو والنشاط الاقتصادي وتجذب الاستثمار في ظل اوضاع دول الجوار , حيث ان زيادة الضرائب على الدخل تؤدي الى خفض الانفاق الكلي في الاقتصاد وبسسب انخفاض الدخل الشخصي المتاح بعد الضريبة مما يؤدي الى تقليص الاستهلاك والادخار وتبدا دورة الانكماش في الاقتصاد كله.
ان مشروع قانون الضريبة المقدم من قبل الحكومة تشوبه العديد من الملاحظات ذات البعد التحصيلي فقط دون الاكتراث بالنتائج او ربط بعض التشريعات بقيود وسقوف منطقية حيث الزمت المادة (11) في الفقرة (و) منه شركات التضامن والتوصية البيسطة المسجلة في المملكة بتنظيم سجلات وبيانات مدققة من محاسب قانوني او فرض ضريبة بحد ادنى 1000 دينار دون وجود ملامسة حقيقية لحجم ونوع ومكان هذه الشركات والتي قد تكون على شكل كشك صغير او بسطة خضار او محل بناشر سيارات، والتي كان من الاولى ان تربط هذه التعديلات بسقف مالي معين يضمن من خلاله المشرع وجود ملاءه مالية لدى هذه الشركات تمكنها من مسك الحسابات اولا وبكلفة مالية ومن ثم تدقيقها بكلفة اضافية واستخدام برامج محاسبية معتمدة يتم شراؤها بمبلغ قد يتجاوز ارباح بعض هذه الشركات .
ان تخفيض الاعفاءات الشخصية بمقدار 3000 دينار والعائلية بمقدار 6000 دينار سيؤدي الى خفض الاستهلاك وتراجع معدلات الاقتراض والحاق الضرر ايضا بتحصيلات الضمان الاجتماعي على شكل تخفيض بالرواتب بما يتناسب مع حجم الاعفاء الممنوح في مسودة القانون بسقف 9000 للفرد و18000 للعائلة لعام 2019 كما ان اخضاع المؤسسات المسجلة في المناطق التنموية سابقا لشريحة ضريبة تبدا من 7% لعام 2019 وتستقر عند نسبة 20 % لعام 2023 وما تلاها ستكون بمثابة رسالة لهذه الشركات لمغادرة المملكة خلال خمس سنوات وانهاء خدمات موظفيها وتقليص حجم عملها والتخلي عن المزايا التي تتاتى منها على شكل رسوم اخرى
وبتعديل المادة (12) من القانون الاصلي ستصبح نسبة الضريبة التي يجب اقتطاعها من اصحاب المهن 10% بدا من 5% كدفعة بالحساب مما يؤدي الى بحث المكلفين سواء مؤدي الخدمة او متلقيها عن طرق التهرب مما يؤثر سلبا على التحصيلات الضريبية .
وحتما سيؤدي عدم تقاص ضريبة المسقفات وفق المادة (12) من مشروع القانون واعتبارها نفقة مقبولة الى زيادة الاعباء والمصاريف التي تنعكاس على المستاجرين من اصحاب الاعمال والمشاريع وبالتالي الارتفاع الغير محدد بالاسعار وتراجع القوة الشرائية .
هذه بعض المحاور التي ارى انها تؤدي الى تغيير اتجاهات الاعمال بشكل يخلق الارتباك الاقتصادي بالاضافة الى العديد من التعديلات المقترحة والتي ستزيد من العبء الضريبي.
ان لغة مشروع القانون هي لغة منفذ وليست لغة مشرع، لذا لابد من اعادة النظر بالعديد من تفاصيل هذا القانون واثره المتوقع على الاقتصاد الوطني ككل والابتعاد عن السياسة الطاردة والانكماشية والتي ستلحق ضررا مضاعفا في المدى المتوسط والبعيد كما ان على الحكومة الابتعاد عن دور المسوق والاتجاه نحو لغة وطنية متخصصة تراعي مختلف الابعاد لهذا القانون في ظل مبدأ ديمومة الدولة.

الدكتور عيسى عثمان المبيضين

مستشار ضريبي


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 15332
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم