حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,25 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 7503

إبراهيم خليل: نقاد المجاملات مقاولون ومحترفو علاقات عامة

إبراهيم خليل: نقاد المجاملات مقاولون ومحترفو علاقات عامة

إبراهيم خليل: نقاد المجاملات مقاولون ومحترفو علاقات عامة

19-09-2018 08:55 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - لا أصنف كثيراً من الكتابات عن معارك فلسطين وحوادثها وشهدائها عملاً روائياً
يرى الناقد د.ابراهيم خليل أن من الكتاب من يظن أنه بالحديث عن بعض المعارك
والحوادث التي وقعت في فلسطين، وذكره بعض الشهداء بالاسم، وتاريخ استشهاد كل
منهم باليوم والشهر والسنة، أنه يكتب رواية تستثير فضول المتحمسين للقراءة عن
فلسطين... وفي الحقيقة لا علاقة لذلك بالرواية.
ما بين الشعور النبيل للشباب ولهفة الرواد على التوثيق ربما تضيع التقنيات الفنية
للرواية الفلسطينية تحديداً، كيف ترى؟
من المعروف أن الرواية فن صعب، وعلى من يريد كتابة هذا النوع الأدبي أن يمتلك الخبرة
به وبتقنياته، عدا ذلك لا بد له من خبرة حياتية عميقة وممتدة ومتراكمة، ولهذا فإن
السؤال المطروح هو هل بمقدور الفتى العشريني أوالثلاثيني أن يكون روائيا كبيرا،
سؤال الجواب عنه قطعا لا. فمثل هذا الكاتب- حديث الولادة- لا يمتلك المعرفة المعمقة
بالحياة الإنسانية، وبالنفس البشرية، وتجاربها، وهذا ما اعتمد عليه الكتاب العالميون من
أمثال تولستوي ودستويفسكي وديكنز وستاندال وبلزاك وغيرهم ممن لا يشك في
عبقريتهم السردية. ولا بد للكاتب الروائي أيضا من أن يكون حكاءً، يستطيع تأليف
الحكاية والمتواليات السردية فيها من غير أن يتورط بما يعد تلفيقا عير متسق لا يقبل به
القارئ. فالحكاية ينبغي لها أن تحبك حبكا جيدا يقنع القارئ باحتمال وقوع ما فيها من
حوادث وإن كانت من نتاج التخييل، وخلاف ذلك يعد نقصا خطيرا في ذخيرة الكاتب وعدته
الإبداعية إن لم يكن مقحما على هذا الفن. وعلاوة على ذلك نعتقد أن كاتب الرواية محتاج
لآليات في التعبير اللغوي تخاطب القراء بصفة عامة لا فئة محدودة. فالرواية من الأدب
الشعبي إذا جاز التعبير وإن كتبت بالفصحى، فهي كالكوميديا في المسرح لا يجوز أن
تكتب بلغة التراجيديا المتقع

استشهاد كل منهم باليوم والشهر والسنة، أنه يكنب رواية تستثير فضول
المتحمسين للقراءة عن فلسطين. وهذا متوقع في كثير من الأحيان. إلا أنه – في نهاية
الأمر- لا علاقة له بالرواية، فالنوايا وحدها لا تكفي، إذ لا بد من أن تلتحم النوايا بالأداء
الروائي. فمثلما يستجيب القارئ المتحمس للتاريخ وللسير والمذكرات والوثائق التي تروي
بعض ما جرى في فلسطين، أو في لبنان، أو سوريا، أو العراق، يستجيب لمثل هذه
الكتابة، وإن لم تكن رواية بالمعنى الاصطلاحي الدقيق. وقعت بين يدي مؤخرًا كتابة من
هذا النوع لم يترك المؤلف فيها صغيرة ولا كبيرة عن جهاد شعب فلسطين بدءا من
مؤتمر بازل في سويسرا، ومرورا بوعد بلفور، والثوارت اللاحقة وحرب عام 1948 وحرب 1967
والحرب الأهلية في لبنان، وحرب المخيمات.. ومذابح صبرا وشاتيلا ، نقول لم يترك من ذلك
شاردة أو واردة إلا وألم بها، وذكرها.. وقد استمتعت بالكتاب لما فيه من وقائع قد يعتريها
النسيان، فلا نتذكرها في بعض الأحيان، لكن الكتاب في نهاية المطاف ليس رواية، وإن
كتبت هذه الكلمة على الغلاف.
أنشأتَ أعداءً ومناوئين بسبب من آرائك النقدية، ما الخط الفاصل بين الموضوعية
والمجاملات في هذا المجال؟
من الطبيعي أن تشوب العلاقة بين الكتاب والشعراء والنقاد شائبة التوتر والشنآن،
فعدم الرضا يكاد يكون قاسما مشتركا تتصف به العلاقة بين الفريقين.
وقد حفظ لنا التاريخ الأدبي والثقافي صورا من هذا الشنآن. واضطر أحد الشعراء الإغريق
في القرن الخامس قبل الميلاد(ارستوفانيس) لتأليف مسرحية بعنوان الضفادع يسخر
فيها من المعركة بين المجددين والمحافظين في الشعر من وجهة نظر النقاد. وتضمنت
المصادر الأدبية العربية نماذج من المناكفة والملاحاة بين شعراء كالفرزدق وجرير وغيرهما
مع النقاد، ونجد شيئا من هذا في مقدمات الكتب النقدية التي ألفت في القرن الرابع
والخامس الهجريين. وفي رسالة الغفران للمعري أمثلة كثيرة وملاحظ عدة تندرج في هذا
السياق. وهذا يتكرر أيضا في التوابع والزوابع لابن شهيد الأندلسي. على أن من يُردْ
لعلاقته بالشعراء والكتاب أن تظل على وئام وصفاء ومودة خالصة لا تشوبها شائبة من
الشنآن، فما عليه إلا أن يتخذ من المجاملات متراسا يقبع خلفه، وأن يغض النظر عما في
كتاباتهم من عيوب، إذا لم يقعد به اقتداره عن اكتشاف هاتيك العيوب. بيد أن لهذا
مقابلا، فالمودة- ها هنا - ليست مجانا، فهو سيدفع بالمقابل الكثير من سمعته أولا،
ومن نزاهته، ومن موقعه العلمي ثانيا إن كان له موقع، ومن تقدير الأجيال لكتاباته لاحقا
إن كانت له كتابات تستحق النظر. فنحن لا نكتب لأنفسنا ولا لأصدقائنا وإن كنا لا

نستثنيهم من ذلك، ولا لمعارفنا الذين يتصلون بنا مهنئين أو منتقدين، وإن كان هذا
مما يسرنا ويثلج صدورنا، وإنما نكتب أيضا لقراء لا يعرفوننا، ولا نعرفهم، وقد يقرؤون ما
نكتبه بعد زمن طويل من زماننا هذا. وذلك ما اعتدنا إدراجه في ما يعرف بتاريخ الأدب
وتاريح النقد، وهذا التاريخ – بلا ريب- يغربل، بل ينخل – بكلمة أدق- ما نكتبه، فإن رجح
فيه حظ المجاملات على حظه من الموضوعية كان ذلك مدعاة لنبذه في الشوائب والزؤان،
وإن لم يرجح فيه حظ المجاملات على غيره من النقد الموضوعي المنصف احتفظ به
التاريخ، وعده من التراث الأدبي الذي يستحق أن يكون مادة للدرس. والواقع أن تاريخ الأدب
حافل بنماذج كثيرة من هؤلاء الذين توارت أخبارهم، وطُمست كتاباتهم فلا يكادون
يذكرون إلا عند الضرورة.
كتبت فصولا في نقد النقد، لمَ لا نراك محكما في جوائز عربية للرواية مثلا على الرغم من
إصداراتك النوعية المواكبة لهذا المجال؟
هذا السؤال الافتراضي غير دقيق، فلطالما كنت عضوا في لجان التحكيم لجوائز عربية
ومحلية في الرواية وفي الشعر وفي القصة القصيرة. ولكنني لا أفخر بهذا، ولا أتحدث عنه،
ولا أجد فيه مزية تستحق أن تذكر على أساس أن أسماء أعضاء لجان التحكيم - عُرْفا -
ينبغي لها أن تظل سرية, فالإعلان عن هذه الأسماء، قبل أو بعد الوقت المعين للجائزة،
طعن صريح بنزاهة اللجنة، ويفتح الأفق على مزيد من التأويلات. ولهذا حين عرض علي
مرتين متواليتين كي أكون في لجنة التحكيم بجائزة عربية للرواية تمنحها إحدى دول
الخليج، اعتذرت عن ذلك لسببين، الأول هو الذي ذكرت، والثاني أن تلك الجائزة تتلقى ما
يزيد على 1460 رواية في الدورة. وهذا شيء لا طاقة لي، ولا لغيري، بقراءته، مما يفصح عن
أن الجائزة تتضمن الكثير من « الفبركة « إذا ساغ التعبير. علاوة على ما يحيط بالجوائز
الأدبية العربية من ريبة. والأمثلة على هذا كثيرة، وليس منح رواية عزازيل ليوسف زيدان
التي سرق قسم منها من رواية (هيباتا) لتشارلز كينجزلي 1852 إلا دليلا على هذا. ومنح
أحمد سعداوي جائزة عن روايته فنجشتاين في بغداد التي أخذت فكرتها من رواية بهذا
العنوان لميري شيللي (1811 (وعن فيلم أمريكي بالعنوان نفسه، دليل آخر. نقول ليست
هذه الأمثلة، وغيرها الكثير، بالنماذج التي تجعل المتابع مطمئنا لهذه الجوائز. والدلائل
التي تشكك بنزاهة الجوائز الأدبية العربية لا تعد، ولا تحصى. تصور أن جائزة منحت عام
2010 لجزائري (حفناوي بعلي) عن كتاب ثبت بعد تسلمه الجائزة أن فيه عشرات الصفحات
المسروقة من كتب أخرى، والعجيب أن مقرر الجائزة في تلك الدورة هو صاحب الكتاب الذي
سرقت منه صفحات كثيرة، مثلما سرقت من غيره صفحاتٌ اخرى، وقد ادعى بعد إقالته من
اللجنة أنه لم يقرأ ذلك الكتاب

يتجه الشباب إلى الانعتاق من ضوابط الأدب ومعايير النقد زاعمين أن العصر الجديد يحتاج
لكتابة جديدة فيكثر بسبب ذلك ما يعد انزياحات غير مدروسة، أو فائضا في السرد
انتصارا للفكرة النضالية، أو لفكرة قيد الاحتفاء، وربما صنعت منهم نماذج روائية أو
شعرية مشهورة على أيدي نقاد بأعيانهم؟
سؤال مهم جدا وضروري. وما أحرانا بالإجابة عنه بدقة لأن ما يجري في الواقع الثقافي
والأدبي لا تنطبق عليه إلا كلمة الفوضى. وهي - ها هنا - فوضى غير خلاقة. وليست
خلاقة مثلما يُظن ويحسب. نحن في عصر مختلف، وهذا صحيح، وهو في حاجة لكتابة
جديدة في الشعر والقصة والرواية والمسرح والنقد الأدبي وكل الفنون، ولكن أيا كانت
الكتابة الجديدة، وأيا كان حظها من العصرنة، فإن لها ثوابت لا يمكن التخلي عنها. فقد
عرفنا مثلا الشعر، وبم يختلف عن غيره من الفنون، ومن يرد التجديد فيه عليه أن يفعل
بشرط أن يبقى الشعر شعرا. وإلا فإن هذا الذي يكتبه لا يمكن أن يوصف بغير الهذر الذي
لا قيمة له، ولا مزية فيه. كذلك القصة مفهومها معروف منذ بداية ظهورها إلى اليوم، فإن
شاء هذا الكاتب العصري أن يجدد فيها، فله ذلك، بشرط أن تبقى قصة، لا أن تتحول إلى
نكتة. فالكاتب الذي يكتب « يلهث فريد وراء نعيمة على فيسبوك، ونعيمة تغرد لنجيب
على تويتر «، زاعما أنها قصة قصيرة جدًا، إنما يتشدق بنكتة سمجة، وغثة، ثقيلة الظل، لا
قيمة لها قطعا، ولا مزية.
أما الاحتفاء بمثل هذه الكتابة التي لايتوافر فيها الحد الأدنى من الأدبية، أو الشعرية، على
أيدي من تصفهم، فموجود في كل عصر، ومعروفٌ في كل مكان. ولكن مثلما ذكرنا من
قبل يغربل التاريخ، وينخل، مبقيا على الأصيل والصحيح، مستبعدا الزائف. دعني أسال:
ألم يظهر شعراء كثيرون في عصر المتنبي، ألم يزد عدد شعراء تلك الحقبة على الآلاف؟
من منهم نسمع به، ويذكر، ويشار إليه بالبنان عند تعداد الشعراء، ولا سيما الفحول، في
تلك المرحلة ؟ قلة لا تتجاوز في أحسن الأحوال عدد أصابع اليدين. وقل مثل ذلك عن سائر
الفنون، وهذا يجعلنا نتوقع لمن تملأ أسماؤهم الصحف، وتتكدس صورهم في إعلانات
الناشرين.. مصيراً لن يكون أحسن حالا، وأعظم شأنا، من مصير أولئك الذين لم يحفل
بذكرهم الدارسون، ولا النقدة، ولا مؤرخو الأدب.
فماذا عن هؤلاء النقاد الذين يتعمدون الاحتفاء بهؤلاء ويجعلون منهم كتابا كبارا
مشهورين؟

أمثال هؤلاء موجودون في كل زمان ومكان. وهم الذين أشرت إليهم في سؤالك السابق،
نقاد المجاملات الذين يهتمون بالعلاقات العامة على حساب الحقائق الأدبية والجمالية
والفنية الكامنة في الأدب. بعضهم يصدق عليه وصف (المقاول) الذي يتعهد بالدفاع عن
الأدب الرديء، وينافح عنه في كل مقام، ومجلس. وبعضهم للأسف لا يعرف ما يقول إذ
يصف كتابا جمع فيه صاحبه بعض (السواليف) بأنه رواية. ولا يسلم من هذا بعض حملة
الدكتوراه ممن يروجون للأدب السطحي ترويجا يجعلنا نرتاب في مصداقية الدرجات
العلمية التي يحملون.
إننا نسمع في بعض حفلات التوقيع، التي غالبا ما يتناول فيها المنتدون الرواية الأولى
لكاتبة، أو كاتب، تقريظا يوشك أن يكون غزلا من نقاد يتكرر ظهورهم في هذه
المناسبات، كيف تنظر لذلك؟
أعجبني تعليق أحد الحضور في ندوة من هذه الندوات التي تشير إليها فشبهها بحفلات
أعياد الميلاد، إذ لا ينقصها إلا قالب (كيك) وعدد مناسب من الشموع. أما سائر شروط
الحفل فهي متوافرة: الأقارب، وأبناء العائلة مع أولادهم، وأطفالهم الذين يتراكضون
ويتصايحون في صخبٍ، كأن ما يجري بتعبير خيري شلبي (هيصة) وتنتهي هذه (الهيصة)
بالتقاط الصور التي تذكرنا بؤتمرات الساسة العرب. والواقع أن توقيع الكتب شيء معروف
ومتداول في كثير من البلاد، لكن الكاتب الذي يتقاطر الحضور على توقيع كتابه الجديد –
في العادة- كاتب معر

التطبيق. إن أكثر الذين تعنيهم في هذا السؤال - إن كنت قد فهمت ما أردته بالضبط -
يحملون درجات أكاديمية وبعضهم يعملون في الجامعات الرسمية أو الخاصة، ولكنهم
في الأساس جاءوا إلى هذا المجال من باب البحث عن عمل يكسبون به عيشهم،
وأرزاقهم، كأي موظف آخر، ولهم الحق كله في ذلك، بيد أنك إذا بحثت وتحريت وجدت
أكثرهم يفتقرون للمواهب، والممارسة المستندة للمعرفة النظرية. لذا ما أيسر أن
يصدروا أحكاما بالاستحسان على هذه الرواية، أو تلك، أو هذا الشعر أو ذاك. ولدي أمثلة
كثيرة على هذه الحال، آخرها ذلك الذي قدم في ندوة متابعة نقدية لرواية تعج بالكثير
من الأخطاء، والاضطرابات الفنية، وزعم في حفل التوقيع أن الرواية – وهذا وفق تعبيره-
رواية جيدة. فوجئت بهذا لأنني كنت قرأت الرواية، ورأيت فيها محاولة فجة لا تفصح عن أن
الكاتبة لديها فكرة عن الرواية، واختلافها عن السواليف. وهذا النوع من التقديم المجاني
للكتب خطير، وينسحب عليه المبدأ الاقتصادي القائل بأن العملة الرديئة قد تطرد العملة
الجيدة من السوق.
تابعت الحياة الأدبية في الأردن وفلسطين وصنفت في ذلك كتبًا ضعْنا في صورة
المشروع؛ انقطاعه أو استمراره.
المتابعة للحياة الأدبية في الأردن وفي فلسطين شيء فرضته علينا الممارسة النقدية.
فقد تناولت الكثير من الأعمال القصصية والروائية والشعرية وفقا لصدورها تباعا وفي
أوقات متباعدة، ونشرت تلك المقالات أو الدراسات في أوعية من النشر مختلفة ومتعددة.
ولو جمعت ما كتبته على هذا الصعيد كله لتألفت منه مجلدات، ومع ذلك لم أقم بجمع
الكثير منه في كتب. والواقع أن الحياة الأدبية في الأردن تبدو حيوية لمن ينظر إليها من
الداخل، على الرغم من أن الكثرة الساحقة من الكتاب والشعراء غير معروفين عربيًا،
وهذا قد لا ينسحب على الشعراء والكتاب في فلسطين، ذلك لأن ظروفا سياسية أتاحت
لأولئك الشعراء والكتاب الفرص لتسلط عليهم الأضواء، لذا نجد أعلاما كمحمود درويش
أو سميح القاسم أو مريد البرغوثي أو أحمد دحبور أو يحيى يخلف أو غسان كنفاني أو
ليانة بدر وآخرين معروفين .. عربيا، بل إن بعضهم تجاوز ذلك ليصبح من الكتاب
أوالشعراء العالميين. ولا تفوتنا الإشارة لبعض الكتاب الأردنيين ممن تجاوزوا المحلية لأفق
أوسع كتيسير سبول وغالب هلسا ومحمود الريماوي وليلى الأطرش والراحل جمال أبو
حمدان. وأنا لا أرى أي انقطاع في التيار الأدبي الأردني والفلسطيني، ولكن مساره - كغيره
- يتعرض لنوبات من المد والجزر، وهذا شيء طبيعي.
لا نراك تتردد إلى الندوات والأماسي في الروابط والمنتديات الثقافية هل هو زهد بما يقدم

أم حفاظا على اسمك النقدي؟
في إحدى الأمسيات الشعرية التي حضرتها بناء على دعوة خاصة سمعت مقدم الشاعرة
ينشد بيتين من الشعر القديم زاعما أنهما لرابعة العدوية والبيتان معروفان ومتداولان
جدا وهما من شعر أبي فراس الحمداني في عتاب سيف الدولة ومنذ ذلك الحين أصابني
ما يشبه الاشمئزاز مما يقدم في أمسيات كهذه.
وقد زاد الطين بلة أن الشاعرة المحتفى بها قرأت بعض ما قيل عنه قصائد من ديوان
مطبوع، وكانت تخطئ في الإلقاء، مع أنها هي من كتب تلك الأشعار على ما أحسب
وأظن، فهل يمكن أن يتسامح المرء مع من يخطئ في الشيء الذي كتبه بنفسه. لو أنها
قرأت شيئا كتبه آخرون لكان لها بعض العذر، ومع ذلك تقدم على أنها شاعرة تذكرنا
بالخنساء ونازك الملائكة وفدوى طوقان. والأمثلة التي تجعل الغيور على الأدب الأصيل
الرفيع يزورّ عن هاتيك الندوات كثيرة لا تعد ولا تحصى. ولهذا لا أعترض على استنتاجك أي
أن الزهد بما يقدم هو السبب.
أنت عضو في رابطة الكتاب الأردنيين، لماذا نأت هذه الرابطة عن دورها الإبداعي باتجاه
محاضرات توعوية واحتفالية في حدها الأعلى؟
سؤال جيد لأنه يذكرني بعضويتي في الرابطة التي كدت أنساها. فعلى الرغم من أنني
بشيء من التسامح أعد من مؤسسي هذه الرابطة، إذ كنت عضوا في أول من قبلوا فيها
في شهر تموز من العام 1974 وانتخبت عضوا في الهيئة الإدارية في السنة الأولى التي
تلت السنة التأسيسية أي دورة 75 /76 التي ترأسها المرحوم محمود العابدي ثم انتخبت
عضوا أيضا في الهيئة الإدارية التالية 76 /77 التي ترأسها المرحوم محمد أديب العامري.
وإذا تتبعت تاريخ الرابطة عرفت أنني من المكافحين الذين أسهموا في تثبيت هذا الكيان
الثقافي وعملت مع رؤساء منهم عبد الرحيم عمر وخليل السواحري وفخري قعوار
وإبراهيم العبسي وأحمد ماضي وجمال ناجي ومؤنس الرزاز وآخرين.. لكن كلما نظرت
وتأملت في أحوال الرابطة هذه الأيام ساءني الوضع الذي آلت إليه فثمة عدد كبير
مقاطعون. وآخرون مستقيلون. ومن لم يكن من هؤلاء أو أولئك لا يترددون إليها إلا في
يوم الانتخابات حتى مقرري اللجان لا يعرفون ولا يتواصلون مع الآخرين. وقد زاد الطين بلة
وجود ناشطين ثقافيين أنشأوا روابط منزلية أدبية وثقافية فنية لا أدري مدى مشروعيتها

كبيت الثقافة والفنون والبيت الأدبي وصالون فلانة الأدبي وجمعية النقاد .. وغير ذلك مما
يوشك أن يكون بدائل للرابطة ولغيرها من الهيئات الثقافية. وضع الرابطة لا يسر العدو
ولا الصديق.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 7503

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم