حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,29 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 13029

الفقراء لا تحتمل قلوبهم الحب

الفقراء لا تحتمل قلوبهم الحب

الفقراء لا تحتمل قلوبهم الحب

26-08-2018 09:19 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : احمد عقله الشمايله
كان كلما ابتسمت في وجهه ,أرسل اليها حمامه,يمسكها برفق، يمسح جناحيها و يقبلها ,ثم ينظر في عيني حبيبته على السطح المقابل ويطلقها, وبكل ود تسكن الحمامة كفيها، فتأخذها الى صدرها بدهشة وعشق, كان ذلك الشاب النحيل ,مربي الحمام, قد درب صغيراته على أن تسير بخط، واحد بدايته قلبه ، ونهايته حضنها، حاملة معها نبضه واحلامه
هي تلبس فستانا طويلا، مزركشا بالورود الحمراء والصفراء مشدودا الى خاصرتها بحزام حريري اخضر ,وجديلتان طويلتان تتعلق الفراشات بهما ,تختبئ خلف علب الزيت الكبيرة الصدئه,الفارغة منه,والمملوئة بالتراب، مزروعة بأزهار الخبيزة والريحان ,تسترق النظر مبتسمة لعاشقها وهو يلوح بيديه لحماماته التي تغيب تارة وتظهر تارة من وراء الغيم مع الحان بصفير منسق من شفتيه ,كان ماهرا جدا وكأنه قائد اوركسترا او ساحر ,تخضع طيوره لملكته عليها ،ترقص في السماء مع حركاته ،وكذلك كانت حبيبته تتبع تلك الحركات فتركض على سطح منزلها حافية القدمين فاتحة ذراعيها للريح ، لعلها تحملها اليه....وعند الغروب يامر الرعايا بالعودة للمبيت,تعود لتطوي اجنحتها وتنام , ويغطيها هو بسعف النخيل كي يقيها برد الشتاء الذي يطرق الابواب ,تغلق العاشقة كتابها الذي لم تقرأ منه حرفا وينزل الجميع عن الاسطح الفقيرة مرافقين الشمس الخجولة الى واديها...
كانت أمها وهي وحيدتها تلاحظ ذلك الانسجام الاخرس والاعجاب المتبادل ما بين ابنتها وذلك الشقي,فاخبرتها بانها لن تمانع ان تقدم لخطبتها، وهذا ما كان، ليتم بعده الزواج البسيط كبساطة أهل الحاره ،
وما كادت عدة سنين تمضي حتى امتلأ بيتهما بالاطفال واحد يتبع الاخر وكأنهما كانا يسرقان السعادة والفرح سرقا من هذه الحياه ,هو لم يغادر مهنة بيع الطيور والفقر لم يغادره ,وهي الى جانبه تقاسم الحمام قمحه بكل رضى وسعادة
حين ركضت باتجاههه وهي يهوي في (حوش )المنزل، واضعا يده على قلبه ,اخذت تصرخ حبيبي يا عمري ما الذي اصابك ,ما بك, سقط مغشيا عليه في احضانها ,مبتسما مع دمع غزير من عينه اليسرى ,داهمته نوبة قلبيه حاده فارق على أثرها الحياة دون مقدمات ,
كل بكاء وسواد الدنيا ما كفاها عزاء به ،راكمت حزنها وياسها في قلبها الذي ما عاد يحتمل حتى على احتضان اطفالهما...

أية قدرة الهيه تلك التي تزرع العشق في القلوب ,فتجعلها لا تستطيع احتمال الفراق لساكنيها ,هي,لم تقوى على بعاده ,ولم تقوى على احتمال الحمى التي اصابت جسدها الذي بدا يتهاوى امام وصفات الاطباء
,بعد شهر او قد يزيد من ذات صباح موته ,اودعوا جسدها الى جانبه في ذات القبر .....
تركا ورائهما أسرابا من الحمام ,وأطفالا يأكلون فتات الخبز مع الماء الدافئ وما تيسر من القمح.......
يا لقساوة الدنيا يا لقساوة الحياه....قدر الفقراء ان لا تحتمل قلوبهم الحب...
.
الى روح جارنا وليد وزوجته ...


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 13029
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم