حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,29 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 4595

الشاطر وهيبة الدولة

الشاطر وهيبة الدولة

  الشاطر وهيبة الدولة

19-07-2018 09:04 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

بعد ان صعد الخطيب المنبر , وما ان انتهى من المقدمة حتى قال : "الخطبة الموحدة لهذا الاسبوع هي عن الفساد, ثم قال. اقول مستعيذا بالله, او ربما قال : اقول مستعينا بالله: يسمون الفاسد عندنا بالشاطر ,اي الذي يلهط ويشفط ويأكل اموال الناس بالباطل, ويظلم هذا ويحرم ذاك" انتهى الاقتباس ,اذا فالشاطر من يمتلك القدرة على التهرب من دفع استحقاقات الوطن والمواطنة, ويقدم للناس بضاعة عفنة فاسدة, ويتعدى على الممتلكات العامة, وشبكات الكهرباء والماء, في حين يتستر بقناع زائف من الاخلاق والانسانية, وربما يجلس في الصفوف الاولى من المصلين متظاهرا بالأدب والخشوع , ولربما يسود قومه ويتقدم في المجالس, ويعلو في المناصب, ويحظى بالصدارة والاحترام , والاسترضاء من قبل الحكومة, والاسوأ انه يذهب الى ابعد من ذلك بالخروج على القوانين والتشريعات, تلك التي تعد من أهم اركان الانضباط والالتزام, واحترام القيم والاخلاق, ويمارس الانتقائية في تطبيقها مقدما مصالحه الشخصية على المصلحة العامة, ومغلبا مصالح البعض ضد البعض, وبسلوكه هذا فانه يدفع المواطنين الى فقدان الثقة بالتشريعات والانظمة, ويضعف منظومة القيم لديهم, ويفقد ثقتهم بمؤسسات الدولة المعنية بانفاذ القوانين, ومع مرور الوقت يصبح خرق القانون والخروج عنه, والتنمر عليه "شطارة" وسلوكا محببا ومستساغا, ورمزا للقوة والبطولة والشجاعة, ومبعثا على قوة السطوة والنفوذ والتي تثير الانبهار والإعجاب في الثقافة المجتمعية السائدة, ونجسد هذه الثقافة ونترجمها ونعكسها الى واقع في تعاملنا مع بعضنا البعض ومع ابنائنا, فعندما نريد ان نغرس في الطفل روح الاقدام والشجاعة والقوة , والدفاع عن النفس, نضرب له مثلا سيئا, نذكّره بقرينه المنحرف اخلاقيا الذي يعتدي على هذا, ويضرب ذاك , ويصادر اغراض زملائه, ويمارس التنمر والاعتداء والاساءة اليهم, ويقصي زملاءه خلال اللعب باعتباره نموذجا يحتذى في المكر , ونموذجا في الاقدام والشجاعة والشطارة .


وفي المقابل فان المواطن الحر المنتمي لتراب وطنه الصادق مع خالقه وذاته, يجد نفسه على نحو مباغت ومفاجئ واذ به يتراجع إلى الصفوف الخلفية, ويخرج من مضمار حلبة يشوبها الغش والخداع, ويغلب على قواعد اللعب فيها الشطارة والاقصاء, والتدليس والكذب, والمحسوبيات, وعدم الخوف من الله, وهؤلاء هم الذين يتعدون على هيبة الدولة وهيبة الحكومة بأجهزتها المختلفة, وهم من يضعفون اساساتها, ويوهنون بنيانها, وهم من يزعزعون اركانها. اعود الى حديث خطيب المسجد , عندما استطرد في الحديث عن الفاسدين وصفهم: (بالشاطرين) أو (الشطّار), وبحسب قوله: "فان الشاطر هو قاطع الطريق", كما أن الشاطر هو الخبيث الماكر ومن يمارس الفهلوة واللعب والخداع في الوصول الى اهدافه واشباع حاجاته ورغباته. وامام هذا الذي يسود في فكرنا وثقافتنا نجد انفسنا في موقف الضعفاء الخجولين من الحديث عن هيبة الدولة , ودولة الهيبة, او لنقل هيبة الحكومة لأن هناك خلط بينهما اذ ان الفارق كبير بين هيبة الدولة وهيبة الحكومة, والبعض يستبدل الحديث عنهما بسيادة القانون, وفي كل الاحوال فان الحديث غير الواعي عن الهيبة وسيادة القانون يجعلنا في اشد الخوف من ان يجعل البعض من الفاسدين هذا النوع من الحديث شماعة او ذريعة يتم تحتها ممارسة الظلم على الاخرين والحاق الاذى بهم واشاعة الرعب بينهم, فهيبة الدولة مطلب واستحقاق وليست شماعة نعلق عليها الفشل وممارسة الفساد, وتبرير التسلط على الآخرين الضعفاء بهدف الاستحواذ على الثروة والسلطة والنفوذ, وأن علينا أن نتذكر انه بغير تصحيح المسارات, ومعالجة الاختلالات, وتحقيق العدالة والمساواة، واحقاق الحق وشيوعه بين المواطنين, وجعل ذلك عملا مؤسسيا، وحقيقة واقعة عملية وماثلة للعيان, فان الحديث عن هيبة الدولة والحكومة حديث لا يعدو الا كنافخ الكير, أو كمن يرهقه النفخ في القربة المقطوعة او المخزوقة, ولا يعدو كونه شكلا من التنظير, ونوعا من الترجي أو التمني بعيد المنال .



لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 4595
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم