حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,20 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 3724

اتساع العموميات .. وغياب التركيز

اتساع العموميات .. وغياب التركيز

اتساع العموميات ..  وغياب التركيز

18-07-2018 10:08 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. إبراهيم بدران

توسّع البيان الوزاري في العموميات التي شملت كل المسائل تقريبا كما هي الحال في معظم البيانات الوزارية. ومع أن البيان في بداياته أشار إلى 8 محاور رئيسية لخصها في سيادة القانون ومحاربة الفساد ومعالجة الفقر والبطالة وتشجيع الاستثمار وضبط كلف الإنتاج ثم الإصلاح السياسي والمالي والاداري ورفع مستوى الخدمات في الصحة والتعليم والنقل والمياه واخيرا الالتزام بالامن الوطني. إلا أن هذه المحاور بالذات تكررت على مدى 15 سنة ماضية.

وبعد ذلك دخل البيان في تكرار العبارات الجميلة والجاذبة والتي ليس عليها خلاف،، كالاصلاح الاداري والمالي وتقليص النفقات، واجراء الدارسات، والرجوع إلى الاوراق النقاشية، والحكومة البرلمانية وغير ذلك. أما المهام التي تتعهد الحكومة بانجازها خلال الـ 100 يوم، فالجزء الاكبر منها لا يضيف شيئا جديداً، بل إن البعض منها هو قائم فعلا مثل مدونة سلوك الوزراء وكبار الموظفين.

إن اتساع رقعة البطالة وتعمقها لدى الشباب لتتجاوز 30 %، وتنامي الفقر ليتعدى في بعض المحافظات 25 %، وبطء النمو الاقتصادي ليتأرجح حول 2.5 % واختلال سوق العمل، وتراجع القطاعات الاقتصادية الرئيسية كالصناعة والزراعة والسياحة، وعزوف المستثمرين، وتآكل الطبقة الوسطى، وتصاعد الاستيراد ليتعدى 15 مليار دينار تمثل في تجمعها جوهر الازمة الاقتصادية الاجتماعية التي مر عليها البيان مرورا سريعا لا يوضح رؤية الحكومة إزاءها. كما أن الدوران حول الإصلاح السياسي دون الدخول فيه بجدية، واستمرار تهميش الأحزاب،واضعاف البرلمان، يمثل جوهر الازمة السياسية. إلا أن البيان لم يتناول أيا منها إلا في اطار العموميات.

ما هي الرؤية الاقتصادية للحكومة وكيف ستوقف التراجع في الصناعة والتي أصبحت المنتجات الأجنبية تنافسها بكل الوسائل؟ اليس هناك من هدف لزيادة معدل النمو الاقتصادي ليصل إلى 6 % خلال 3 أو 4 سنوات مثلا؟ ما هو الموقف من الطاقة النووية غير المبررة وغير المجدية وهي تتأرجح بين 1000ميغاواط و70 ميغاواط والتي ستؤزم المديونية ؟، وما رؤية الحكومة لقطاع النقل الذي اصبح يستهلك 53 % من الفاتورة النفطية ؟ هل ستعمل على إنشاء سكة حديد تربط شمال البلاد بجنوبها وتساعد في إنشاء صناعات جديدة وتشغيل عشرات الآلاف وإعمار الارياف وتتيح للمستثمر أن يقيم مشروعه عند أي محطة من محطات هذه الشبكة؟ هل سيستمر باب الاستيراد مفتوحاً على مصراعيه دون ضوابط تمكن المنتجات المحلية من التماسك؟ هل سيتم مراجعة اتفاقيات التجارة الحرة غير المتكافئة؟ هل سيتم تصحيح العمالة في المناطق الصناعية الخاصة التي تستخدم 80 % عمالة وافدة؟ هل تزمع الحكومة إقامة عدد من المشاريع الإنتاجية بواقع 3 مشاريع مثلا في كل محافظة سنويا ؟ ماذا ستفعل الحكومة بالشركات المتعثرة وبالمصانع التي توشك على الاغلاق أو اغلقت وهي بالالاف؟ ما رؤية الحكومة لنقص العمالة الأردنية الماهرة في قطاعات معينة؟ هل لدى الحكومة رؤية لحل التناقض بين حجم العمالة الوافدة الهائل 1.5 مليون مقابل البطالة الوطنية المرتفعة جدا والتي تتجاوز 25 % في عدد من المحافظات ؟ ماذا ستفعل الحكومة ازاء ازمة الزراعة؟ والتقارير تقول أن 50 % من مزارعي وادي الأردن عاجزون عن زراعة اراضيهم بسبب غياب القدرة على التمويل،وارتفاع تكاليف الإنتاج، إضافة إلى إشكالية العمالة وارتفاع كلفتها، في الوقت الذي تتصاعد فيه البطالة. ولم يشر البيان إلى تصنيع الزراعة سواء من حيث مدخلات الإنتاج أو وسائطه أو تصنيع المنتجات الزراعية من خلال مشاريع تشارك فيها الحكومة.

ويؤكد البيان الوزاري على «الدراسة» و«المراجعة» و«النظر في»، وكأنه لا يوجد دراسات وتقارير في كل تفصيلة من التفاصيل، وكأن الاشكال ليس في الدراسة، وإنما في تنفيذ ما توصي به الدراسات.

أما الإصلاح السياسي فلا يبدو من البيان أي مدخل عملي ملزم للاصلاح يمكن أن يحدث فرقا بين ما تنادي به الحكومة،وما نادت به الحكومات السابقة. هل لدى الحكومة برنامج لتعديل قانون الانتخاب باتجاه معين، وتعديل قانون الأحزاب؟ كيف ستنشأ الحكومات البرلمانية البرامجية الحزبية وما هي آليات ذلك من منظور الحكومة؟

الجميع يدرك ثقل المهمة الملقاة على الحكومة، وصعوبة الظروف التي تعمل من خلالها. ولا احد يرفع سقف التوقعات ويطلب المعجزات. ولكن حبذا لو تم تغيير النمط التقليدي للبيان الوزاري ليكون مركزا ومحددا بنقاط يمكن تحقيقها. ذلك أن ما ينتظره المواطن هوالإقتناع بالمدخل الصحيح لمواجهة الازمة.كان من الأفضل التركيز على مسألتين أو ثلاث جوهرية كالبطالة والحكومات الحزبية البرلمانية والنقل أو غيرها. وهذه بالضرورة ستكون قاطرة لمسائل أخرى كثيرة، كالإستثمار، والطاقة،و تأهيل وتحفيز الجهاز الوظيفي، ودمج الدوائر المستقلة وغيرها. أن الحكومة بمفردها لا تستطيع، ولكن التعاون الحقيقي المنظم والملزم والمتكافىء مع البرلمان والأحزاب والقطاعات الإقتصادية والإجتماعية،و منظمات المجتمع المدني المتخصصة والخبراء والجامعات من شأنه أن يساعد في تطوير حلول إبداعية، واستعادة ثقة المواطن، ومواجهة المستقبل وتحقيق الإنجازات.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 3724
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم