حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,24 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 6396

"تاريخ الجنون" لفوكو: أهواء النفس في حالاتها المتنوعة

"تاريخ الجنون" لفوكو: أهواء النفس في حالاتها المتنوعة

"تاريخ الجنون" لفوكو: أهواء النفس في حالاتها المتنوعة

07-04-2018 08:02 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا -

صدر كتاب "تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي" للفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو في العام 1961، عندما كان المؤلف في السويد، وفيه يفحص الأفكار والممارسات والمؤسسات والفنون والآداب المتعلقة بالجنون في التاريخ الغربي.

وتقول الموسوعة الحرة "ويكيبيديا"، إن الكتاب يبدأ في العصور الوسطى، ليشير إلى العزل الفيزيائي والاجتماعي الذي أحاط بالمجذومين. يقول فوكو بأنه ومع الانحسار التدريجي للمجذومين في المجتمع، تم ملء الشاغر من خلال المجانين، فالعزل ظل موجوداً لكن موضوع العزل تغير. أمثولة سفينة المجانين التي ظهرت في القرن 15 هي تعبير حرفي عن هذا الاستبعاد، إذ تم إرسال المجانين بعيداً على متن سفن تجوب الأنهار الأوروبية من دون قبطان.

وقد وقعت حركة خلال القرن السابع عشر في أوروبا، يصفها فوكو بأنها الإرهاص العظيم، الأشخاص غير العاقلين من الناس كانوا يحتجزون بعيداً من خلال مؤسسات. في القرن الثامن عشر بدأ اعتبار الجنون نظيراً للعقل، وأخيراً في القرن التاسع عشر بدأ مصطلح "المرض العقلي" يأخذ مكاناً له.

يتفحص فوكو ظهور المعالجات العلمية والإنسانية للمختلين، التي ظهرت على يد فيليب بينيل وصموئيل توك. ويزعم فوكو أن هذه المعالجات لم تكن في واقع الأمر أقل "سلطوية" من تلك السابقة لها. فقد اعتمد توك في سعيه لعلاج المجنون على معاقبته حتى يتعلم السلوك "العاقل". كذلك الأمر بالنسبة لفيليب الذي اعتمد معالجات منها الحمام البارد. من وجهة نظر فوكو، يتصاعد هذا العلاج حتى يستدخل المريض هذا النمط من العقوبة.

وفي موقع "البوابة"، يستعرض الكاتب عمر السنوي جهد فوكو في هذا الكتاب، ليؤكد أنه يعد أول عمل نظري متكامل للمؤلف، ويمكن اعتباره البداية لمشروع نظري متكامل امتدّ إلى قرابة ربع قرن، ومادتة الأساسية (الخبرة الإنسانية) في لحظات إبداعها لأشكال التعسف المتنوعة للحدّ من اندفاع الجسد والروح، ولتخطّيها حدود (المعقول)، (العقلاني)، (الرزين) و(المستقيم)، للانتشاء بالذات داخل عوالم اللاعقل التي لا تعترف بأي حدود إضافية غير تلك التي تأتي من أشياء طبيعية، ومن طبيعة الأشياء.

ويرى أن الكتاب يهتم بأهواء النفس في حالاتها المتنوعة، من خلال معرفة علمية تختص بحالات الجنون العقلي واللاعقل والاختلال النفسي وكل السلوكيات الغريبة والشاذة.

ويضيف أن الكتاب ذو طابع تاريخي، فهو يسرد حالة المجتمعات في القرون الوسطى والعصر الحديث، وتقبّلها للجنون ومراحله، حتى يتم إدراجه في الأعمال والإرث الإنساني، مستصحبًا النشوء التاريخي للاعقل، والأعراض التي أصابت بنْية المجتمع وإنسانيته، ما اضطرها إلى العزل والإقصاء، وتشكيل تلك الأحداث لمحاور أعمال فنية خالدة وأثرها عند المفكرين والفنانين فى تلك المرحلة.

يبدأ الكتاب بالبحث في التاريخ رجوعًا إلى العصور الوسطى، بحسب السنوي، فيشير إلى العزل الفيزيائي والاجتماعي الذي أحاط بالمجذومين. يقول فوكو بأنه ومع الانحسار التدريجي للمجذومين في المجتمع، تم ملء الشاغر من خلال المجانين، فالعزل ظَل موجوداً لكن موضوع العزل تغير.

فصّل فوكو كتابه إلى فصول؛ فاختار لأولها اسم: سفينة الحمقى. فمثّل بسفينة المجانين التي ظهرت في القرن الخامس عشر، للتدليل على أنها تعبير حرفي عن هذا الاستبعاد، إذ تم إرسال المجانين بعيداً على متن سفن تجوب الأنهار الأوروبية من دون قبطان.
ويقول السنوي إن (سفينة الحمقى) اسم كتاب لمؤلفه المحامي الألماني، سباستيان برانت، الأديب الساخر، يدور حول مدى حماقة البشر، ويحكي عن رحلة بحرية خيالية لـمجموعة من الحمقى، كل منهم يمثل نوعاً محدداً من التصرفات البشرية الخرقاء، وهم متجهون إلى الأرض الموعودة "ناراغونيا" أو "فردوس الحمقى". يقود مجموعة الحمقى هذه، القارئ الأحمق: مقتنعاً بسعة علمه، ينخرط في ملاحقة الذباب الذي يطِن محيطاً بمكتبه المكدّس بالكتب، هذه الكتب التي لا يبذل جهداً لمطالعتها واكتساب المعرفة منها. لا ينتقد برانت الحماقة في ذاتها، بل ينتقد استمرار البعض في الحماقة لعدم وعيهم بعيوبهم ونواقصهم.
ويضيف أن سفينة الحمقى لا تمثل حالة أوروبية فريدة، بل إنها مثال لكل مجتمع يتحول فيه الإقصاء والنبذ والطاعة العمياء إلى قاعدة وليس استثناء، فسفينة الحمقى نموذج لتلك المصلحة الفردية الطاحنة التي تجعل مجتمعًا بأكمله يضحّي بمن فيه أو جزء منهم لصالح الباقين، ومن أجل مصلحتهم فهي تلك السفينة التي شُيدت ورفعت أشرعتها على جثث الآخرين، وغالبًا ما تبحر سفينة الحمقى في أفكارنا، ولا سيما في محاولات البعض تسويغ ما يحدث في مجتمعٍ ما تحت مسميات عدة تبدأ من تبجيل شخصٍ ما مرورًا بالخوف الذي يجعل الكثيرين يسوّغون التضحيات ويَقبلون الأمر الواقع خوفًا من القادم أو المستقبل.
ويرى أن العوامل والعوالم الرمزية التي اخترعتها المخيلة البشرية لخلْق حدود عالَمٍ غريب هو عالَم المجنون المليء بالأوهام والاستفهام والمليء بأشكال النبذ والإقصاء أيضًا. وهي المقابلة بين الحقيقة الموضوعية للجنون (الخلل البيولوجي) وبين العوالم الثقافية التي تستثيرها شخصية المجنون، والتي تسللت إلى عوالم الإنسانية كافة من حيث التقديس والتدنيس.
ويلفت إلى أن العصور الوسطى جمعت بين عوالم اللاعقل وعوالم الجنون، وعوامل الممنوعات الجنسية والدينية، وخلطت بينها وبين حرية الفكر والقلب، وهنا نلج إلى عوالم اللاعقل التي تهدد كيان المجتمع بأسره والقائمين على أخلاق الأمة. فالغريب أن نكتشف أن البليد والمعتوة والأحمق والغبي جميعًا مجانين في قانون حسب هذه النظرة الفلسفية، أي أن الأغلبية قد فقدت عقلها منذ زمن بعيد!في القرن السابع عشر حدث ظهور سمة أدبية جديدة تُدعى (مستشفى المجانين)، بحسب السنوي، ليكون جوبيتر إله الجنون المسعور والمخرف، وليكون الحجز في هذه المستشفيات بمثابة الإبحار! وليعود ظهوره فى المسرح والأدب بثوبٍ جديد. ويشير فوكو إلى هذه الحركة التي وقعت خلال القرن السابع عشر في أوروبا، واصفًا إياها بأنها الإرهاص العظيم، فالأشخاص غير العاقلين من الناس كانوا يُحتجزون بعيداً من خلال تلك المؤسسات. وفي القرن الثامن عشر بدأ اعتبار الجنون نظيراً للعقل، وهذا ما نعثر عليه فى الآداب العالمية أيضًا، فقد كان الجنون من صلب العقل والحقيقة، فالجنون يأخذ الكل في زورق بلا عقل ويعدهم بأوديسا مشتركة.
وأخيراً، في القرن التاسع عشر بدأ مصطلح "المرض العقلي" يأخذ مكانه في الساحة العلمية، ويقول السنوي إن فوكو يجادل بأن الجنون فقَدَ قدرته على الدلالة على أهمية حدود النظام الاجتماعي، وبالتالي فإنه فقدَ توضيح الحقيقة وتم إسكاته من خلال العقل. يتفحص فوكو ظهور المعالجات العلمية والإنسانية للمختلين، الّتي ظهرت على يد فيليب بينيل وصموئيل توك؛ ويزعم فوكو بأن هذه المعالجات لم تكن في واقع الأمر أقل "سلطوية" من تلك السابقة لها، فقد اعتمد توك في سعيه لعلاج المجنون على معاقبته حتى يتعلم السلوك "العاقل"، كذلك الأمر بالنسبة لبينيل الذي اعتمد معالجات منها الحمّام البارد، ما يؤدي إلى تصاعد هذا العلاج حتى يستدخل المريض هذا النمط من العقوبة.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 6396

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم