حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,29 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 13754

رسامات اربديات .. إيقاعات اللوحة وتجليات التفاعل

رسامات اربديات .. إيقاعات اللوحة وتجليات التفاعل

رسامات اربديات ..  إيقاعات اللوحة وتجليات التفاعل

03-03-2018 11:04 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - اللوحة المتخيلة، اللوحة الحالمة، اللوحة الواقعية، وتجليات التفاعل البصري والوجداني والبانورامي فيها، تعتبر مرتكز ذاكرة التشكيلي الذي يبحث عن تأطير عالمه بمفردة أسلوبية تشكل علامة التكوين الدلالي الأول للعمل، ومهاد تطور أدواته ورؤاه، ضمن هذه التوليفة التي تتمثلها صبغة الإبداع، وتقدمها كعلامة للحضور الفني، نقف مع ثلاث تشكيليات من محافظة إربد، لنحاول التعرف على الذاكرة الفنية وتحولاتها البنائية لكل من: رنا حتاملة، مرام حسن، ورندا المصري.

حتاملة: بطولة خارقة

لفكرة غيبيّة

تقول التشكيلية حتاملة إن أعظم الأعمال (اللوحات)، تلك التي تنبثق وتنشأ عن التناغم الحسيّ الخارجي، والنفسي الداخلي، والتي تُشعر الفنان بأنه في مأمن داخلي، أنه من ذاته يرسم ليكون ذاته في اللوحة، بمعنىً ما. وهو يُعرف بأنه الفنان التشكيلي الذي يمتلك لغة بصرية نافذة، ويكون أكثر صمتاً وأكثر إدهاشاً في إيحاءاته، وكأنه في أعماله يقدم انتصارا لثورة نشبت في داخله.

وتضيف الحاصلة على درجة البكالوريوس في فنون الجرافيك من جامعة اليرموك، بأن الإنسان المثقف يستطيع مع توالي المدارس الفنية التشكيلية عبر القرون، أن يفرق بينها، رغم أنها جميعاً تتضمن قيماً وجماليات، ولهذا فإن تفاعلنا الوجداني ينخرط في علاقة حوار مع المشهد البَصَري البانورامي (أو المحدود). إنه تفاعل ينشأ عن الرؤية البصرية للخارج المادي المحيط بنا، وغير البصرية التي تختلف عن الأولى بكتابتها هكذا: الرؤية، وعبر علاقة التفاعل هذه يتخلّق هارموني (موسيقى) الحياة وانسجام عناصرها وتناغمها. هكذا نعاين الألوان التي تتحدث لغتها الخاصة أثناء امتزاجها على المساحة البيضاء، وباختلاف قوة ضربات الفرشاة عليها.

وتعتبر عضو رابطة الفنانين التشكيليين، ومؤسسة ومديرة بيت نجم الدين للثقافة سابقاً، أن في اللوحة الواقعية سردٌ لشعور منقول عن صورة الواقع خارجنا، وهي المدرسة المُسماة بمدرسة الشعب، تكتفي بنقل الموضوع نفسه كما هو، غير معنيَّة بذات الفنان المتفاعلة ورؤيته. إنها أكثر صدقاً والتزاماً في نقل الصورة كما هي، غير أنّنا نجد الفنان الفرنسي ( إدوارد مانيه)، الذي رسم الواقعية، قد دعا إلى التجديد منطلقاً من اللون، في محاولة منه لإيجاد حيّز وخصوصية لذات الفنان، وذلك باختياره الألوان التي يرتاح إليها. وهكذا تحرر متخلصاً من فكرة تكوير الأجسام عبر الظلال.

وفي قراءتها للواقعية وتفاعلها الواضح مع البانوراما (الرؤيا الشمولية)، تنوّه التشكيلية حتاملة التي شاركت في معارض فنية على الصعيد المحلي والدولي، بأن الأجدى أن نسميها تسلسلاً لسرد أحداث واقعية ذات فصول لحكاية بصرية واحدة. وربما نجد لوحة اكتفَت بزاوية مشهد قريب، لتكون هي نفسها، في مشهد آخر، أكثر اتساعاً وأعمق. هذا التسلسل الممزوج بالحدث الواحد، والمشهد المتكرر، إنما له غاية في إيصال الحدث الكُلّي ليتحوّل إلى بانوراما واقعية، لكنها الأصدق. ولهذا، فإن اللوحة المتخيلة لا تتعاكس مع اللوحة الواقعية من خلال تفاعلها البانورامي (المشهد البَصَري) والوجداني (بانوراما متخيلة )؛ إذ أنّ التسلسل يحوز ذات الفنان ووجدانه على نحو أعمق. وهذا ما تطرقت إليه المدارس السوريالية والمستقبلية وغيرها من المدارس الحديثة.

وتؤكد صاحبة فكرة ( الحوت الأزرق للإبداع )، التي أنتجت من خلالها أفكاراً ورسوماً لتصميم أغلفة الكتب وقصص الأطفال، أن اللوحة المتخيلة قد لا تنتمي إلى مدرسة محددة معروفة، لكنها في الغالب حالة لصورة أو تصور أوجدهما الفنان من خلال خياله وحلمه (لا فرق بين الحلم والخيال هنا) في رأيها، فكلاهما يقدمان بطولة خارقة لفكرة غيبيّة كامنة في عالم اللاواعي، تتجسد فيها نفسية الفنان الذي يتحول إلى شخص آخر–شخص موجود في الحلم الذي يحلمه! وهذا غير مألوف، فيرى العالم كاللغز، إذ يتحول إلى رموز وأحياناً يتمظهر بأشكال واقعية غيبية: كمن يرسم الملائكة، والضوء. إنها رؤيا للمستقبل أو إلى ما بعد المستقبل، وهذا يماثل ما قدمه (سلفادور دالي) السوريالي الاسباني، ما دفعه لأن يرسم خلاف المنطق البصري مبالغاً في ذلك، فقد أنجز دالي رسوماً ولوحات تصل إلى 100 عمل لكتاب دانتي الشهير «الكوميديا الإلهية».

ولا تخفي التشكيلية حتاملة الناشطة في مجال الفنون والثقافة والمدربة المعتمدة في الفنون التشكيلية من قبل وزارة الثقافة، ما وجدته أيضاً في لوحة الفنان النمساوي (غوستاف كليمت)، وهو أشهر من عرف بحركة الانفصال الفنية في فينا، تقصد لوحته «القبلة» المشهورة؛ إذ بمقدورها أن تتخيل فيها أن الرجل الذي يقبل المرأة هو من صلب الخيال أو (الحلم)، وذلك يتضح برسمه بلا أقدام، والملائكة هم كذلك في الحلم.

حسن: تحرير الفنان من مشاعره

ترى التشكيلية حسن بأن الفن مفهوم سام وُجِدَ لإشباع رغباتنا الروحية إضافة إلى خلق توازن بينها وبين الرغبات المادية في الحياة الإنسانية، كما أنه يحرر الفنان من مشاعره إن كانت خوفاً أو غضباً أو سعادة، لتذهب به بعيداً إلى حالة من الاستقرار النفسي.

وتعتبر أن الفنون التشكيلية هي اللغة البصرية الوحيدة التي تحقق التفاهم الإنساني في صناعة حضارة إنسانية شمولية متكاملة البصمات والهويات والخصوصيات، لافتة بهذا السياق إلى أن اللغة البصرية تعتمد على الذاكرة البصرية، وهي مرجعيات من فنون غربية وشرقية وتراثية ورؤى تُستلهم من الواقع.

وتضيف مؤسسة جاليري أرب آرت إلى جانب الفنان محمد الهزايمة، أن المدارس الفنية تباينت في تدرجها من الكلاسيكية والرومانسية والواقعية والانطباعية التأثيرية والتكعيبية والسريالية وصولا إلى التجريدية، منوهة أن تفاعل الفنان مع واقعه وإحساسه وخياله تدرج في استعمال أدواته بالتعبير عن ذاته، وكان له أثر بالغ في مكنوناته وتكوينه بالخروج في إطار لوحته وتوازنه الروحي والمادي.

وتؤكد صاحبة الاهتمام بالجانب الإنساني، وخاصة قضية فلسطين التي أبرزتها من خلال المدرسة الواقعية والتعبيرية والسريالية، أن الفنان الأردني ربما تأخر قليلا عن أقرانه في الحركة التشكيلية العربية، إلا أن الحركة التشكيلية الأردنية أصبحت في العقود الأخيرة نشطة جداً، وصولا لوقتنا الحالي، مشيرة إلى أن من أهم مراحل هذا التطور، أن الراحل إبراهيم قطان أسس المنتدى العربي عام 1951م، وفيه تم إقامة المعرض المشترك لنخبة من الفنانين أمثال: إحسان إدلبي، رفيق اللحام، ومهنا الدرة، إضافة إلى إرسال الحكومة الأردنية بعثة لدراسة الفن في الخارج التي عملت على تدريس مادة الرسم في المدارس بعد عودتها من البعثة، إلى جانب اهتمام وزارة السياحة في المشاركات الفنية على المستوى الدولي.

وتخلص التشكيلية حسن التي شاركت في معارض محلية وعربية ودولية مشتركة، إضافة إلى ثلاثة معارض شخصية، إلى أن الجمهور الأردني أصبح يلحظ حراكاً تشكيلياً فاعلاً، حيث بدأ الفنان بالتفاعل مع كل ما يدور حوله من أحداث، مما شكّل دوراً كبيراً لهذه الحركة بالتعبير عن مجريات الواقع.

المصري: تحوّلات البناء البصري

من جهتها تعتبر التشكيلية المصري أن الفنان التشكيلي ذاكرة زمانه أو إحدى أهم أدواتها، حيث تسرد هذه الذاكرة لوحاته التي يبتدعها، من القصص والمدلولات البصرية والرمزية التي أثرت به، ضمن مجتمعه وبيئته في زمن شهد على ملامح تحولاته على مستوى الواقع أو الحلم أو التخيّل، وتضيف الحاصلة على بكالوريوس علوم حياتية أن الفنان قد ينتج لوحات واقعية تسرد تفاصيل الأحداث أو ينقل وقائع بتفاصيلها، أو ينقل معلماً أثريا أو مشهدا طبيعياً أو يسجل حادثة أو معركة، إلى غير ذلك من المشاهدات البصرية التي تقف في مواجهته، مشيرة بهذا الصدد أن التشكيلي يستحث المتلقي على استحضار صور مماثلة في ذاكرته حينما يقف أمام لوحة ما.

وتؤكد المصري التي أقامت معرضها الشخصي الأول في بيت عرار الثقافي عام 2011، وشاركت بالعديد من المعارض المشتركة في الأردن، أن التشكيلي يبرهن مع كل لوحة أنه يمتلك ذاكرة بصرية كبيرة تثري الخيال والتخيّل لديه، فيسكب كما تقول لوحته ضمن أزمنة وأماكن متعددة قد تكتمل في لوحة، أو تتمدد في عدة لوحات كفعل بانورامي يبدأ من نقطة وينتهي في نقطة.

وحول تمازج الأساليب وتعدد الاتجاهات تضيف صاحبة عدد من المقتنيات في وزارة الثقافة ومصر وإيطاليا، أن تجربتها الفنية تنقلت عبر مدارس فنية عديدة، جرّبت من خلالها الكثير من الأساليب الفنية، لتعبر عن الفكرة التي تتجول في مخيلتها، منوّهة أنها تحاول إشراك المتلقي بلوحاتها بوصفه ضلعاً ثالثاً للمثلث، «الرسام، اللوحة، المتلقي».

وتلفت النظر إلى تحوّلات التجربة، التي بدأت بالواقعية، من حيث تسجيل مشهد بعينه، حيث ترى أن المتلقي يستطيع في تفاعله مع هذا المشهد استحضار صورا مطابقة له من ذاكرته الزمانية والمكانية، غير أنها تؤكد أن هذه المدرسة لم تأسرها كثيراً، لأنها لم تترك لها المجال الكافي لسرد القصص والصور المستقاة من الخيال والأحلام، فلجأت إلى التعبيرية والتخيلية لإكمال إيقاع المشهد، أو مشهد اللوحة، مؤكدة أن هذا التجاور الذي اختلط في لوحاتها يحضر كصورة حلم أو مشهد بانورامي.

وفي سياق حديثها عن تفاعل اللوحة مع الواقع والحلم والمتخيل، تقول الحاصلة على عدد من الجوائز والدروع، أنها تعمدت الإبهام في شخوص لوحاتها، ولم تفصح عن ملامح بعينها لهذه الشخوص، لغايات اقتناص اللحظة التأملية التي تريدها، أو تريد للمتلقي أن يتشابك معها،

وحول بانوراما التفاعل، وتقارب المساحات بين اللوحات، تقول التشكيلية المصري أنها تعمل على معرض شخصي جديد، تستخدم فيه خامات تشترك فيها اللوحات بمواضيع متجانسة، وتتخذ أسلوباً مشابها في كل منها، وفي هذا العمل الجديد تؤكد أنها ستنقل المتلقي إلى مشهد بانورامي متكامل، ليخرج وقد طُبعت في ذاكرته صور متحركة كفيلم سينمائي، مستخدمة للوصول إلى هذه الحالة كما تقول بناء بصرياً قادراً على التمدد بمساحات وخامات متنوعة ومختلفة في عدد من اللوحات التي تتماشى مع هذا الفعل المتحوّل من لوحة إلى أخرى، واستخدام مواداً وأحباراً مختلفة، إضافة إلى ألوان الأكرياليك والزيتي.




لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 13754

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم