حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,29 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 26020

استقالة الحريري هي بداية شرارة الأزمة الإقليمية ومنها قد ُترسم النهاية!

استقالة الحريري هي بداية شرارة الأزمة الإقليمية ومنها قد ُترسم النهاية!

استقالة الحريري هي بداية شرارة الأزمة الإقليمية ومنها قد ُترسم النهاية!

06-11-2017 01:54 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :


كتب أحمد عبد الباسط الرجوب

الزلزال الكبير الذي شكلته استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري والذي تحدث في بيان استقالته الذي جاء من الرياض حيث أشار الى أن الأجواء السائدة في لبنان اليوم تشبه تلك التي سبقت استشهاد والده رفيق الحريري، وما أشار اليه بما يحاك في الخفاء لاستهداف حياته، وما قد أحدثته هذه الاستقالة من مفاجأة ذات صدىً مدويٍ للقوى السياسية في لبنان بشكل خاص والعربي والإقليمي بشكل عام، حيث أتت الاستقالة في مضمونها برفع الغطاء عن حزب الله الذي كان أمّنه له عبر التسوية الرئاسية التي دخلها قبل عام والتي آلت إلى انتخاب رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية والمجيء به " أي الحريري " رئيساً للحكومة، والتي اعتبر يومها أنها قد تسهم في وقف انهيار الدولة والمؤسسات الدستورية، وفي الحفاظ على " اتفاق الطائف "، وفي تحييد لبنان عبر سياسة النأي بالنفس عن الأزمات في المنطقة.

لقد أتت استقالة الحريري لتشير إلى امرين رئيسيين أولهما أن الرياض رفعت الغطاء الذي كانت تؤمنه لحكومة سعد الحريري في لبنان، والثاني تخوف الحريري " كما أعلن " من تعرضه لعملية اغتيال " الامر الذي يضع علامات استفهام كثيرة حول هذا الامر " وفي هذا السياق وكما كانت تعرض له الصحافة اللبنانية وعلى مدار السنة الماضية فقد كان أداء الحريري في إدارة الحكومة متوازنا ووسطيا وأفضل مما توقعه خصومه السياسيون، وبالتالي لم يكن يوجد أي مؤشرات على وجود مخططات لاغتياله ، مما يوحي بان الاستقرار في لبنان مهدد وعلى نقيض ذلك كنا نسمع دوما من داخل لبنان في الوقت الذي كنا نتابع فيه وباستمرار التصريحات عن ان الوضع الامني ممسوك والامور مستقرة خاصة بعد مجيئ الرئيس عون لسدة رئاسة الجمهورية، كما ويعتبر في رأينا توقيت هذه الاستقالة كثير الدقة وانها اعادت كل الاتفاقيات والتفاهمات التي أنتجتها الحكومة اللبنانية الى نقطة الصفر الامر الذي يستدعي مشاورات بين جميع الفرقاء بصورة فورية وخصوصا انها حصلت من خارج لبنان وهذا أمر مستغرب إذ لم تتم عملية من هذا النوع منذ استقلال لبنان في العام 1943 ، ويبقى الامر هنا مرهونا بقبول الاستقالة من الرئيس ميشال عون والذي عليه سرعة إجراء حسابات دقيقة لصيانة الامن والاقتصاد، وان تكون هناك ثوابت أمنية واقتصادية لتثبيت الاستقرار الذي يحتاجه لبنان في هذه المرحلة الدقيقة والتجاذبات والمصالح الإقليمية المتصارعة.

الحريري المستقيل لم يكتف بالاستقالة فقط، بل أعلن موقفه السياسي بالانحياز إلى المحور العربي الذي تتزعمه المملكة العربية السعودية في المواجهة مع إيران وحزب الله لان الحريري وحسب ما أتت عليه استقالته والذي بات يدرك " أي الحريري " وحسب قناعته الشخصية المتمثلة بقرار من حزب المستقبل الذي يتزعمه بأن بقاءه في الحكومة مكلف ليس عليه فحسب، بل أيضاً على لبنان الذي التصق بشكل كلي بحزب الله ولم يرسم خطاً فاصلاً بين الدولة وبين الحزب.

وبعيد عن التزمت في قراءة الاستقالة ورمي سهام المحللين دوما نحو الخواصر الرخوة في بؤر النزاع لامتنا العربية بالسعي دوما نحو التبرير لإيجاد مخارج واهيه لا تتفق مع الواقع الإقليمي ولا حتى الدولي وفي خضم تداعيات هذه الاستقالة وفي تحليل بسيط فإنها تندرج من منظور الاستراتيجية الأمريكية للرئيس ترامب ومعها التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية رسمت مسارها منذ قمة الرياض " الامريكية الإسلامية " والتي حددت أهدافها بتحجيم إيران وضرب نفوذها وأذرعها الممتدة إلى دول عربية وخليجية وحتى دول أفريقية والذي يشار اليه بوضوح ودون مواربة بضرب أذرع إيران العسكرية والذي بات هدفاً معلناً وتحديدا حزب الله اللبناني حيث كان الاعتقاد أن استهداف حزب الله في لبنان عبر العقوبات المالية " القوة الناعمة "وعبر رسم خط الفصل المطلوب بين الدولة والحزب، وأنه سيتم استهدافه " بالقوة الخشنة " حيث هو منخرط في الحرب في سوريا واستعداده لمواجهة إسرائيل في اية منازلة قادمة.... والسؤال الذي بات يطرح نفسه ماذا عن حزب الله؟ هل هو متيقن من انه في تصور ماذا سيجري لو حدث انفلات مواجهة مع إسرائيل وهل هو قادر أن يتحمل تبعات وتداعيات جر بيئته الحاضنة وطائفته إلى دفع أثمان كبرى بعد. هل يمكن أن يجازف الحزب بمنظومة الأمن في لبنان، وغيرها الكثير من الأسئلة.. اعتقد ان حبالى الأيام عند مخاضها وولادة حروب بدأت تدق طبولها سيكون الجواب...

وفي موازاة ذلك لا يمكننا المرور وعدم الربط ما بين تداعيات استقالة الحريري والإجراءات عالية السقف التي أقدمت عليها السعودية مؤخرا من توقيف وعزل العديد من الامراء والوزراء في مواقع القرار التي كانوا يشغلونها تحت إجراءات بقضايا مكافحة الفساد ... وبتحليل بسيط فإن المملكة العربية السعودية ببنيتها السياسية الاجتماعية هي عباره عن دولة مترامية الأطراف وتملك موارده الطبيعية ضخمة يقوم على ادارتها بضع الآلاف من الامراء والمواطنين يتحكمون بمفاصل الدولة … وفي هذه الظروف كان يجب ان يبدأ التغيير … لا اعني بهذا بان نلغي بجرة قلم النظام الملكي! هذه رومانسية سياسية… ما اعنيه هو برنامج مرحلي لتحويل النظام السياسي الى نظام ملكي لبرالي كما هو موجود في الأردن وبعدها يتم تطوير الامر ليصل بعد النقلة النوعية للمجتمع والبنية السياسة فقد يتحول الى نظام ملكي كما نراه في الدول الأوروبية في القرن الواحد والعشرين ...

وفي موضوع مكافحة الفساد هذا الذي أتت عليه الإجراءات المتلاحقة اعتقد ببساطة انها غير مسبوقة في هذا البلد بسبب الازمات المالية المتفاقمة التي حلت بالخزينة السعودية والنفقات التي تتحملها صباح مساء في حربها باليمن والنفقات الحكومية الأخرى لتسيير أمور الدولة من مشاريع البنى التحتية والتعليم والصحة والانفاق العسكري الى غير ذلك ... وللتذكير في هذا الصدد بأن المملكة السعودية عاشت نمط حياة في الثلاثين سنة الماضية وكأن نبع النفط لن يجف أبداً… وقد اقتنعت بتغيير نظرتها الى هذا الاعتقاد من تلقاء نفسها مؤخرا وان خزينة الدولة تكشف منذ سنوات عجز مالي بعشرات المليارات سنوياً… حيث الأزمة المالية السعودية قد تفاقمت في السنوات الخمسة الماضية بعد ان قامت بمحاصرة كل من ايران ورسيا ومحاولة تركيعهم اقتصاديا عبر المنافسة بأسعار النفط بالسوق العالمية لتكتشف السعودية بعد سنوات بان ايران وروسيا خرجتا بعافيه من هذا التنافس في الوقت الذي تبين ان العجز المالي السعودي تضاعف والازمة الداخلية تفاقمت في الفترة ذاتها. وعليه فقد بات مسار رؤية 2030 الذي يقوده ولي العهد السعودي " الملك القادم " يتبلور يوما بعد يوم في السعودية خصوصا وأنه يتمحور حول نقل المملكة من اقتصاد يعتمد بأغلبيته على عائدات النفط إلى تنويع الموارد وتقليص هذا الاعتماد، بالإضافة لتخفيف الأعباء عن الدولة نتيجة الاقتصاد الريعي والتركيز على توسيع ودعم القطاع الخاص لخلق فرص عمل للشباب السعودي ... هذا مجرد رأينا في هذا الجانب وقادم الأيام في ثناياها المزيد من المفاجآت..

وأخيرا وليس اخرا اعتقد بأن الدور السعودي محدود في هذه الاستقالة  واجزم حتى ان الحريري نفسة ولا حزب الله أطراف فاعلة في قضية الاستقالة لأنها جاءت بأمر أميركي وذلك من منظور ان الاستراتيجية الأميركية قد تغيرت أهدافها معوصول ترامب الى السلطة، فبعدما أدت إيران الدور الذي أرادته منها الولايات المتحدة بالتوسع في العراق وسوريا واليمن، جاء ترامب ليرسم حدود النفوذ الإيراني في المنطقة وباعتقادي أيضا ان السعودية لن يكون لها تأثير مستقبلي على الساحة اللبنانية وما سيحدث هو أن أنصار إيران سيعملون على إنشاء توليفة حكومية جديدة يتحكمون فيها بشكل كامل...

ختاما هل يفهم بأن الاستقالة أتت لرفع الغطاء عن لبنان تمهيداً لحرب إسرائيلية؟ هل إسرائيل تخطط لهذه الحرب وانتظارها الفرصة الاستراتيجية والسياسية الملائمة؟، ...  وهل استقالة الحريري هي بداية شرارة الأزمة الإقليمية ومنها قد ُترسم النهاية؟! ... وهنا اعتقد بان المنطقة مقبلة على اشتباك كبير في هذا الإطار، بدءاً من سوريا مروراً بالعراق واليمن وصولاً إلى لبنان - في ظل إصرار إيراني من خلال ترجمه كلام مستشار الرئيس الإيراني للسياسة الخارجية علي أكبر ولايتي خلال لقائه مع الحريري قبل ساعات من تقديم الأخير استقالته من أن لبنان جزء لا يتجزأ من نفوذ إيران ! -، ويبقى الامل معقود على دور الدول الفاعلة الإقليمية لكبح جماح اية " انفلاتات " من أي طرف لان فتيل الازمة لو اشتعل لا سمح الله لا يعرف أحد متى تتوقف بسبب ان العالم محتقن ودول كبرى تتربص ببعضها وساحتنا العربية هي المكان الخصب للمبارزة بينها " الدول العظمي " وما زلنا نحاصر بعضنا بعضا وكأننا في شريعة الغاب " الكبير يبتلع الصغير " وكلنا لقمة مستساغة تتربص بها إسرائيل وعلى الدوام..

السلام عليكم ،،،

باحث ومخطط استراتيجي

arajoub@aol.com


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 26020
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم