حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,20 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 21100

الطالب إيهاب خماش وطريق النجاح

الطالب إيهاب خماش وطريق النجاح

الطالب إيهاب خماش وطريق النجاح

01-11-2017 09:21 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أ.د. إبراهيم الكوفحي

كان في يده ضميمة أوراقٍ ، عندما دخل مكتبي ، أول مرةٍ ، مستأذناً أن يطلعني عليها ، ليسمع رأيي فيها .. ، كانت مجرّد محاولاتٍ شعريةٍ ، ربتما تفتقر إلى كثير من عناصر صناعة الشعر ومقوّماتها الفنية ، ولكنّها بحقّ كانت سطوراً مفعمةً بالروح الإنسانية والمشاعر والأحاسيس الظامئة إلى الحياة والأنس والسعادة .
ظننتُ الفتى ، أول وهلةٍ ، أنه طالبٌ في قسم ( اللغة العربية وآدابها ) ، ليتبيّن الأمر بعد ذلك أنه من طلبة قسم ( الإرشاد والصحة النفسية ) ، ولكنّه يعشق العربية ، ويحبّ الشعر ، ويحاول كتابته ، وقد دُلّ عليّ لآخذ بيده في تنمية موهبته ، وتطوير أدواته الإبداعية .
ومنذ ذلك اللقاء ، وهو يختلف إلى مكتبي من حين إلى آخر ، فأقرأ ما تجود به قريحته من خواطر شعرية ، أو مقالات إنشائية ، ثم نتحاور حول ذلك ..
إيهاب خمّاش .. طالبٌ ذو أدبٍ جمّ ، تلقاه دوما باسمَ الثغر ، لا يحبّ شيئا حبّه للمعرفة ومطالعة الكتب ، فيه ظلعٌ بسيطٌ إذا مشى ، وحبسةٌ في لسانه إذا تحدّث ، مع قدرته الفائقة على صياغة الكلام ، وحسن اختياره لألفاظه وجمله ..
كان يشكو لي دائما أنه لا يجد كثيراً من الأصدقاء في الجامعة ، وخاصة من الطلبة ، فأقول له : ألا يكفيك أنا.. وفلان وفلان وفلان من الدكاترة أن نكون أصدقاءك ؟ وكان يردّد على مسمعي أسماء كثيرٍ من الزملاء ممن يُعنون به وبمواهبه ، فيبتسم ، ويقول : بلى دكتور . ثم يطرق قليلاً ، ويسكت .
وفي أحد الأيام ، أراد أن يفسّر لي ، بحسب رؤيته الخاصة ، انصراف بعض الطلبة عنه ، فيردّ ذلك إلى ما يعانيه من ظلعٍ في مشيته ، وحبسةٍ في لسانه ، ثم راح يخبرني عن الأسباب التي أدّتْ به إلى هذه الحال ، وقصّ عليّ قصته ..
قال لي : دكتوري الفاضل ، كان أبي يعمل في ليبيا ، وكنت طفلا صغيراً ، فدعستني سيارة في ليلة ليلاء، ونقلت إثر ذلك إلى المستشفى ، وكانت إصابتي ، كما علمتُ لاحقا ، ارتجاجا شديدا في الدماغ فضلا عن توقف القلب ، ليقرر الأطباء غبّ ذلك موتي ، فتُطلب النقالة ، ويُحضر كيسٌ أسود ، ثم أساق إلى ثلاجة الموتى .. ، وفي بهو المستشفى ، وأنا في طريقي إلى الثلاجة ، يلقى والدي طبيباً أجنبياً ، فيلحّ عليه أن ينظر في جثتي ، وهو يبكي عليّ بكاء شديداً ، وفي نظرة خاطفةٍ منه .. ، يطلب الطبيب الأجنبيّ إرجاعي بسرعةٍ ، لملاحظته حركةً خفية مني ، فينعش لي قلبي ، لأبدأ أفيق يوماً بعد يومٍ من غيبوبتي الطويلة ، وأعود إلى الحياة من جديدٍ . وها أنا ذا أمامك ، والحمد لله ، أدرس في الجامعة الأردنية ، لم أغبْ عن محاضرة ، ولم أقصّرْ في واجبٍ ، وكم أنا سعيد بحياتي ، وبدراستي ، وبتشجيع أساتذتي لي ، ودعمهم المعنويّ .
تخرّج إيهاب خمّاش ، ولكنه لا يزال وفياً لجامعته الأردنية ، وفياً لأساتذته فيها ، ولا سيما الذين درّسوه ، أو لقي منهم التشجيع والتحفيز ، ولكم رأيته يفرح بكلمة ثناءٍ عليه ، يسمعها من أحد الأساتذة ، وربتما كرّرها على مسمعي عدة مراتٍ ، لعميق أثرها في نفسه .
علمني إيهاب خماش كثيرا من دروس الإنسانية ، ومن دروس التربية والتعليم .. ، فله التحية ، والدعاء الصادق بالتوفيق .



لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 21100
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم