حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,29 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 20518

عيدٌ .. بأيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ؟!!

عيدٌ .. بأيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ؟!!

 عيدٌ  ..  بأيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ؟!!

24-12-2016 03:41 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المهندس عصمت حداد
في وطني الحبيبِ .. يَلُفُّ الحزنُ بيتَ كلِّ الأردنيينَ ، وفي مدينةِ الكركِ الأبيَّةِ - كَركُ العِزَّةِ والرجولةِ - تُقرعُ أجراسُ الكنائسِ ؛ حُزْناً على إِبنها الشهيدِ البطلِ "سائد المعايطة" .. وعلى رِفاقه الشهداءِ الأبطالِ الذينَ رَوَتْ دماؤُهم ترابَ الوطنْ . في وطني .. يُطِلُّ علينا - هذه الأيامَ - عيدُ الميلادِ المجيدِ ، والسيِّدُ المسيحُ عليه السلامِ .. حزينٌ جرّاءَ ما يَحْدُثُ في الأرضِ التي أرادها .. أرضاً للمحبّةِ والسَّلامْ ، وقلبهُ مجروحٌ ومتألّمٌ ممّا يرتكبهُ الإنسانُ بحقِّ أخيهِ الإنسانِ .. مِنْ قَتْلٍ واضطهادٍ وإِهانةٍ للكرامةِ الإنسانيّةْ ، وكأنَّ هذه الأرضَ متعطشةٌ للمزيدِ مِن الدّماءِ ، تستقي من نَزْفِ الإنسانيّةِ .. ولا ترتوي ، وكأنَّ الإنسانَ لم يدرك بعدُ بِأنَّ هذه الأرضَ ليستْ له وحدهْ ، وأنّ أخاهُ في الإنسانيّةِ .. ليسَ عبداً لهُ ، ولا مخلوقاً من درجةٍ ثانيةْ ، فتراه يستحْكِمُ ويبدِّدُ ويكفِّرُ ويخطِفُ ويقتلُ .. دونَ أيِّ خوفٍ أو احترامٍ لخالقِ الإنسانْ.

ومهما حاولنا أن ندَّعي الفَرَحَ ونخرجَ مِنْ أحزاننا .. فإن محاولاتنا تفشلْ ؛ لأنَّ الفرحَ .. شعورٌ داخليٌّ ، ورغبةٌ في صِناعةِ القلبِ الذي ينشرحُ على كل ما حولهُ من مظاهر البهجةِ والمحبةِ والصفاءِ الذي من الممكن أن يتلون العيدُ به ، إلا أنَّ ذلكَ القلبَ - للأسف - غارقٌ في أوجاعِهِ ، وجازِمٌ أنَّ الإحتفالَ بالعيدِ .. هو خيانةٌ لِأَوجاعِ وطنِهْ .

اليومَ .. أستذكرُ شِعرَ معلِّمنا المتنبي العظيم ، تلكَ الكلماتِ التي سَطَّرَها ولوعةُ فِراقِ مَن فارقهم.. تمزِّقُ صدرَهُ ، وتَقُضُّ مضجَعَهْ ، اليوم .. أستأذنُ روحَهُ في اِستدعاءِ بيتهِ الشِّعريِّ النازفِ وجعاً وألماً وحيرَةْ ، وأردِّدُ صرخَتَهُ التي أطلقَها قبلَ أكثرَ مِن عشرةِ قرونٍ ، وما زالَ صداها مدويِّا حتى يومِنا هذا .. دونَ جوابٍ شافٍ أو ردٍّ مقْنِعْ ، حين تساءل :

" عيدٌ .. بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ــــ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ "

عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ؟ ، يا له من سؤالٍ يشبه اللعنةْ ، وكأنَّ شاعِرنا المتنبي .. يعيشُ بيننا اليومَ .. وشبابُ أُمّتي ارتدَوا أكفاناً مزخرفةً بألوانِ الشهادةِ .. تاركينَ - وراءَهُم - صدى ضحكاتِهم وأحلامهم وطموحاتهمْ - تحتَ أنقاضِ الغدرِ- تستنجدُ الأيادي لتتلقَّفَها وتزيلَ غبارَ الموتِ عنها ، بأيّ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ؟ وقلوبنا ممتلئةٌ بالأحزانِ , وأنفسُنا تَنْخَرُها الهمومُ والأوجاعُ والحسراتْ ، بأيِّ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ؟ يردِّدُها لسانُ حالِ كلِّ أبٍ وأُمٍّ وأخٍ وأختٍ وابنٍ وابنةٍ وزوجةِ كلِّ شهيدٍ من شُهدائِنا الأبرارِ الذينَ سَقَواْ بدمائِهمِ الزكيةِ ترابَ وطننا الغالي ، شهدائِنا الأبطالِ الذينَ أثمرتْ كلَّ قطرةٍ مِن قطراتِ دمائِهمِ الغاليةِ .. نبتةَ عِزٍّ وكرامةٍ وشموخٍ في وطننا الحبيبِ , نبتةً ستبقى ذكرىً تنشرُ عبقَها في كُلِّ صباحٍ ومساءٍ وفي كل مناسبةٍ وفي كلِّ عيدٍ .. فيرتاحُ قلبُ أمِّ كلِّ شهيدٍ ويهدأْ ، وتهدأُ معهُ دمعتُها التي أبتْ إلا أن تُنْزِلَ وسَطَ الزغاريدِ .. تحيةً لشهدائنا الأبطالْ .

في بلدنا الغالي .. أمهاتُ الشهداءِ ضربنَ مثلاً في البطولةِ والتضحيةِ ؛ لأنْهُنَّ - ورغمَ الجُرْحِ العميقِ في قلوبهنَّ على فقدانِ مَنْ أنجبنَ وربَّيْنَ وأحببن ، ورغمَ الدمعةِ التي أدمَتِ العيونَ والقلوبَ والحزنَ الذي لا يعادله حزنْ- هتَفنَ و زغردنَ وعلَّمْنَ العالمَ درساً لا ولن يُنسى في التضحيةِ والبطولةِ والمواطَنةِ وعِشْقِ الوطنْ .

سلامٌ عليكُنَّ يا كُلَّ أمهاتِ الأردنِّ ، سلامٌ عليكُنَّ يا أمهاتِ شهدائِنا الأبطالِ ، كُلَّ عامٍ وأنتُنَّ بألفِ خيرٍ ، وكُلُّ عيدٍ وقلوبِكُنَّ بألفِ خيرْ ، وكما سَبَّحت الملائكةُ ليلةَ الميلادِ : " الْمَجْدُ لِلَّهِ فِي الأَعَالِي وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ " .. أرجو أن يسودَ السلامُ عمومَ الوطنِ الغالي ، ويُصيبُ الخيرُ الجميعَ ، وكلُّ عامٍ ووطنُنُا الأردنُّ وأهلُه بألفِ خيرْ .


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 20518
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم