حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,25 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 29231

عبيدات: المناهج المدرسية بحاجة لإصلاح حقيقي

عبيدات: المناهج المدرسية بحاجة لإصلاح حقيقي

عبيدات: المناهج المدرسية بحاجة لإصلاح حقيقي

08-07-2015 12:16 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - * الدين عنصر أساسي بالمناهج لكن المطلوب اختيار القيم النبيلة للإسلام وتوظيفها في المناهج بشكل صحيح
* إصلاح المناهج يحتاج لعمليات جراحية يمكن إنجازها بتوفر الإرادة خلال سنة
* مطلوب مناهج مدرسية لا تعيد إنتاج الشخصية الماضوية بل تركز على غايات الإسلام ومقاصده بتحقيق العدل والمواطنة واحترام الآخر
* "المنهاج الخفي" الذي يعكس ميول وثقافة المعلم يفاقم أزمة المناهج واختلالاتها ما يدعو لتعظيم أهمية الإشراف التربوي
* الامتحانات التي تقيس الحفظ هي التي تدمر التعلم.. وعلى المناهج التركيز على منح الطالب والمعلم دورا كمنتجين للمعرفة
زايد الدخيل
عمان- يطالب الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات بتشكيل هيئة وطنية للمناهج المدرسية، تبعد تأثير بعض الاتجاهات السائدة على بناء المناهج، وتركز على المشتركات الثقافية والوطنية والاجتماعية، وتشرف بأجهزتها الفنية على بناء مناهج وطنية علمية حداثية مستقبلية.
ويدعو عبيدات، الذي أثارت دراسة تحليلية له نشرتها "الغد" مؤخرا حول المناهج وما تحمله من قيم متطرفة ردود فعل واسعة في المجتمع وبين النخب، إلى إجراء دراسات تحليلية معمقة للمناهج، "بهدف ربطها بحاجات الطلبة، بدلا من حاجات المؤلفين المتأثرين بالاتجاهات الفكرية الضيقة".
ولا يتردد عبيدات، وهو يحمل درجتي الماجستير والدكتوراة في المناهج، في القول إن ثمة "سياسة غير مكتوبة" لدى وزارة التربية والتعليم، بأن تكون المناهج "ذات ثقافة دينية"، مدللاً على ذلك بأن مسؤولي الوزارة يحرصون على أن يكون الشخص الذي يشغل منصب مدير المناهج ذا ثقافة دينية معينة، وهي إحدى المشكلات في إنتاج الكتب المدرسية، على حد وصفه.
لكن عبيدات يرفض، خلال حوار مع أسرة "الغد" أدارته رئيسة التحرير الزميلة جمانة غنيمات، استنتاج البعض بأنه يدعو لإبعاد الثقافة الدينية عن المناهج المدرسية، لمعالجة اختلالاتها، ويوضح "من الطبيعي أن يكون الدين عنصرا أساسيا بالمناهج، لكن المشكلة تكمن في كيفية اختيار القيم النبيلة، في الدين الإسلامي، وتوظيفها في المناهج بشكل صحيح".
ويلخص عبيدات إحدى أهم أزمات العملية التعليمية والتربوية في مدارسنا، ويقول إن "ما تضعه وزارة التربية من مناهج، لا يصل إلى الطلاب، فالمؤلفون يهملون جزءا، والمعلمون يدرسون جزءا، فيصل الطالب جزء بسيط من المنهج، في ظل منهاج خفي أيضا، هو ما يزرعه المعلمون بطلبتهم من آرائهم وثقافتهم الخاصة، في ظل غياب الرقابة، فضلاً عن استناده إلى شرعية ما".
كما يعتبر عبيدات، أن ثمة بعدا آخر في اختيار الوزارة لمؤلفي المناهج، هو "العلاقات الشخصية"، دون أن تعطيهم أي تعليمات حول فلسفة الوزارة في التغيير، أو فلسفة الكتاب المطلوب. مبيناً أن فلسفة التربية والتعليم منبثقة منها سياسات وأهداف التربية والتعليم التي تحدد المصادر الأساسية للمناهج، إذ هناك 5 أسس منها 4 دينية خالصة، وأساس واحد غير ديني، وعند ترجمة هذه الفلسفة إلى سياسات ومناهج، فستكون تطبيقا للأسس التربوية، فمن الطبيعي أن تكون المناهج منسجمة مع فلسفة التربية والتعليم.
مبتدأ المشكلة لدى مجلس التربية والتعليم
وحول آلية وضع المناهج في الوزارة، يقول عبيدات إن الوزارة كانت في السابق تضع خطوطا عامة للمناهج، لتتطور فيما بعد الآلية وتحدد فيها أيضا النتاجات والتوقعات المطلوبة من المنهاج، والتي تسمى أهداف المناهج ومحتوياتها، وترسلها إلى مجلس التربية من أجل إقرارها.
ويبين عبيدات، وسبق أن عمل لسنوات طويلة في وزارة التربية والتعليم، قبل أن ينقل إلى وزارة الشباب أمينا عاما لها، أن المشكلة أن مجلس التربية مكون من شخصيات غير متفرغة لقراءة المناهج والكتب والمتابعة التفصيلية، وقال "هذه ليست تهمة، كون مراكزهم لا تؤهلهم لمتابعة قضايا تفصيلية دقيقة، لذلك من الطبيعي أن تمر عليهم أمور، وهم لا يدققون إطلاقاً".
ويشير عبيدات إلى أنه بعد ذلك، يتم إقرار المنهج ليذهب إلى الوزارة التي تكلف مؤلفين لتأليف الكتب حسب المعرفة والعلاقات الشخصية وحسب الطلب، وتعود الكتب إلى مجلس التربية تمهيدا لإقرارها وتعديلها، مبينا أنه في الوقت الحالي ليس من المتوقع وجود أشخاص، لديهم الاستعداد لقراءة هذه الكتب لتعود إلى الوزارة ويتم إقرارها.
عبيدات، الذي سبق وأن كان عضوا في مجلس التعليم قبل أكثر من عقدين، يشير إلى أن مجالس التربية المتعاقبة ضمت أحيانا أشخاصا مؤهلين في المناهج وأسس التربية الحديثة، لكن وزارة التربية "كانت ترفض العديد من التوصيات التي كانت تقدم لها حول المناهج".
ويلفت، في هذا السياق، إلى حادثة حصلت في الثمانينيات الماضية، أوصت فيها وزارة التربية والتعليم بشطب كتاب أجنبي، لوجود رسم لفتاه صغيرة، تلبس لباس البحر وهي تقف على الشاطئ، وذلك رغم أن توصية مجلس التعليم بخصوص الكتاب جاءت بالاكتفاء بطي أو إزالة الصفحة، التي تضم الرسم، فقط، وليس الكتاب كاملا.
ويعتقد عبيدات أن ذلك يدل على "وجود سياسة غير مكتوبة، لدى الوزارة، بأن تكون المناهج بثقافة دينية، على حساب قيم ومحاور أخرى تكملها".
كما يلفت عبيدات إلى غياب الرقابة على مؤلفي الكتب المدرسية المقررة في المنهاج، وأوضح أن "تشكيلة مجلس التربية، بحكم اختصاصات ومناصب أصحابها، لا تسمح لأي عضو بقراءة أي كتاب يتم تأليفه وفق المنهج كما يفترض"، وبالتالي "تغيب الرقابة البعدية على الكتاب المؤلف".
المطلوب توظيف الثقافة الإسلامية بشكل صحيح بالمناهج
وردا على سؤال لـ"الغد" حول إن كان المطلوب إبعاد الثقافة الدينية عن المناهج المدرسية، لمعالجة اختلالتها، يرفض عبيدات مثل هذا الاستنتاج، وأوضح أن "الدستور الأردني ينص على أن دين الدولة هو الإسلام".
ويقول "نحن لا ننتقد الدين، ولا نعارضه، ونحن شعب بطبيعته متدين، ولا ندعو إلى تخفيض حصص التربية الإسلامية في المدارس، أو وضع قيود على تدريسها، خاصة أن فلسفة التربية لدينا أركانها إسلامية، لذا من الطبيعي أن يكون الدين عنصرا أساسيا بالمناهج، لكن المشكلة تكمن في كيفية اختيار القيم النبيلة، في الدين الإسلامي، وتوظيفها في المناهج بشكل صحيح".
ويزيد أن على المناهج والوزارة أن تعنيا أيضا بثقافة المدرسة وإدارتها، وبالمعلم وبطرق التدريس"، متسائلاً: إن كان جمهور كبير من المعلمين يدرسون وفقا لشروط الوزارة، أم وفقا لقناعاتهم وثقافاتهم.
ويرى أن أكثر شيء يصل للطلبة تلك المناهج التي تركز على قيم معينة، بالإضافة إلى أسلوب المعلم في حشو أذهان الطلبة بأشياء معينة، وهو ما يسمى بالمنهاج الخفي الذي يعتبر جزءا من المنهاج الأصلي، لذلك من الطبيعي أن تصل إلى طلبتنا أفكار لا يقبل بها أحد".
ويؤكد عبيدات أن عملية بناء ووضع المناهج المدرسية "فيها ثغرات كثيرة"، وقال "من الطبيعي أن إعادة بناء المناهج حاليا، تتم من خلال نفس الأشخاص المسؤولين عن خرابها، وهو أمر يدل على العبثية في بناء المناهج" على حد وصفه.
ويوضح، في هذا السياق، أن المؤشرات والدراسات تشير إلى أن محاولة وزارة التربية والتعليم إعادة بناء مناهج الصفوف الثلاثة الأولى، والتي أعلن عنها وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الذنيبات، "لم تكن أفضل مما كانت عليه في السابق، ولم تطور هذه المناهج، لذلك لا أنصح بتغيير شيء في المناهج ما دام العمل سيكون بهذه الطريقة".
غياب قيم التسامح مع الآخر
وفي إيضاحه لما ذكره في دراسة سابقة حول تعزيز المناهج المدرسية لما أسماها "الداعشية"، بتعزيز قيم التطرف وعدم التسامح مع الآخر، قال عبيدات إن للمسألة وجهين؛ فـ"الداعشية" موجودة بصورة "سلبية" في مناهجنا، وتتمثل في غياب الفن والموسيقى والشعر، وقيم التفكير المنطقي العلمي والعاطفة والحب والحنان والذوق، إضافة إلى تغييب أفكار وأشعار لأدباء وشعراء عظام، أردنيين وعربا، كعرار ومحمود درويش.
ويعرف عبيدات السلوك "الداعشي" بأنه "كل تغييب للفكر الناقد والإبداعي، وغياب الجمال والحق والخير والتأمل، وغياب العاطفة والحب والشعر والموسيقى والغناء".
ويستعرض عبيدات "المبادئ" التسعة لنمو الدماغ، والتي أكد أن المناهج المدرسية لا تراعيها ولا تتضمنها، وهي ارتباط المنهج بحاجات الطالب، توفير بيئة غنية ومتعددة المصادر، الشراكة والعمل ضمن مجتمع مهني وفريق عمل، الحركة الحرة للمتعلم، توفير الوقت الكافي للتعلم، توفير بيئة آمنة خالية من التهديد، حرية الاختيار للطالب، الحصول على تغذية راجعة مستمرة ووصول التعلم حد الإتقان.
ويرى عبيدات أن مناهجنا لا ترتبط بحاجات الطالب، "فهي مرتبطة بحاجات المؤلف، وحين تقدم المعلومة للطلبة، لا تقدم لهم على أساس مقنع، كما لا تقدم لهم مجالا للاختيار، فكل الأمور معدة مسبقا، على طريقة المعلم".
ويقول إن مناهجنا "ثقيلة وطويلة، لا يمتلك المعلمون وقتًا لمناقشتها مع طلابهم"، لافتا إلى دراسات تقول إن المنهاج الدراسي الأردني "بحاجة إلى 16 شهرا للإحاطة الصحيحة به، وليس إلى 9 أشهر كما هو الآن".
ويلخص عبيدات مظاهر "الداعشية السلبية" في المناهج، بـ"غياب ما ينمي الدماغ، وبوجود الكتب والنشاطات والامتحانات ذات النمط السردي التلقيني"، إضافة إلى "تغييب الفن والموسيقى والشعر والعاطفة والحب والحنان والذوق عن المناهج.. وهو أمر مقصود".
ويبين عبيدات أن الإدانة الحقيقية للمناهج، تتمثل مع نهاية كل فصل دراسي، وذلك بقيام الطلبة بتمزيق الكتب المدرسية بعد تأدية الامتحان، "كونها لا تمثل قيمة، ولا هيبة للمنهاج لديهم، لأنه لا يرتبط أصلاً بحاجات الطلبة".
وفيما يخص "الداعشية" الإيجابية، حسب تصنيف عبيدات، قال إن هنالك "إصرارا وتصميما، على نقل أفكار معينة للطلبة، من مثل أن المسلم يحب أخاه المسلم فقط، دون الإشارة إلى أن المسلم يحب الناس جميعا، وتعليمه هذه القيمة". متسائلاً: عن شعور الطالب غير المسلم في مثل هذا الوضع، إضافة إلى الإكثار من الكلام عن إطاعة الزوجة للزوج، دون أن يتم الحديث عن الزوجة كإنسان.
ويشير عبيدات إلى دراسته التي نشرتها "الغد" مؤخرا، حول المناهج، ويقول إنها هدفت إلى "تبيان حجم "الداعشية" في المناهج، وإبراز مواقع الخلل، كما هدفت إلى الكشف عن عدد من الاتجاهات والقيم الشائعة في المناهج والكتب المدرسية، خلافًا لما خططت له وزارة التربية والتعليم، مثل التعصّب والتحيز لاتجاه ما، وعدم احترام الآخر، أو عدم الاعتراف به".
كما تتمثل "الداعشية الإيجابية"، من خلال تصميم بعض الاتجاهات على زرع أفكار معينة عبر المناهج المختلفة، لافتا إلى وجود ذلك بوضوح في دروس العلوم والرياضيات والتاريخ.
ويبين أننا في حاجة لإعطاء الطلبة مساحة للتفكير، قبل إعطاء الجواب.
ربط المناهج بحاجات الطلبة
وهو يرى أن بإمكان المناهج التربوية أن تبني شخصية أردنية عربية إنسانية، بناء سليما، من خلال ربط جميع هذه المناهج بحاجات الطلبة، والمشاكل الحياتية التي تواجه المجتمع والدولة والبشرية، من قضايا المياه والبيئة والمرور والأسرة والسياحة وغيرها.
ويبين عبيدات أن وزارة التربية والتعليم تتذرع بعدم قدرتها على تخصيص وحدة في المناهج للحديث عن مشكلة معينة تواجه الأردن، وهو ما يتفهمه عبيدات، لكنه يلفت إلى أنه بإمكان المسؤولين عن المناهج طرح المشاكل والقضايا المذكورة، من خلال ربطها، بأمثلة معينة في الرياضيات وغيرها من مواد، دون الحاجة إلى تخصيص وحدات كاملة للحديث عن تفاصيلها، وتكليف الوزارة أعباء إضافية.
ويشير عبيدات إلى أننا نستطيع من خلال الدين مثلا أن ندخل نقاش مشكلات حياتية، مهمة عند الطلبة، بدل أن ندخل الدين في قضايا لا تخدم الدين والعلم لدى الطلاب.
ويبين أن وزير التربية، وبعد اكتشافه وجود 100 ألف طالب على مقاعد الدراسة في المرحلة الأساسية، لا يستطيعون القراءة بالعربية أو الإنجليزية، وبدل معالجة هذه المشكلة لجأت الوزارة إلى عقد امتحان للصفيين السادس والتاسع.
ويجدد موقفه الرافض لفكرة الامتحانات التحصيلية العامة، بما فيها التوجيهي، متسائلا حول مصير نحو 80 ألف طالب يرسب بالتوجيهي سنويا، وما الآثار النفسية والاجتماعية لـ"هذا الجيش من الراسبين" سنويا؟! وقال "بدلا من حل مشكلة ارتفاع نسبة الرسوب نعود إلى عقد امتحانين تحصيليين لطلبة الصفيين السادس والتاسع".
ويرى أن الامتحان التحصيلي "كان مطروحا في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، حيث احتدم الجدل بين تيارين؛ الأول لإلغاء الامتحان التحصيلي للسادس الابتدائي وامتحان الإعدادي إضافة إلى التوجيهي، لتنتهي هذه المرحلة بسقوط الامتحانين التحصيليين للسادس والإعدادي، في حين حال تغيير الحكومات المستمر، دون إلغاء التوجيهي".
وردا على سؤال، يقول عبيدات "مناهجنا على مر الزمن كانت هكذا، ولم نكتشف أنها "داعشية فجأة"، وأوضح أن "الأساس الذي زرع فيها في السبعينيات والثمانينيات عبأ الطلبة بالكثير من القيم، التي سهلت مرور "داعش" والتطرف الفكري والسياسي"، مبينا أن المناهج "لم تخلق "داعش"، ولا يوجد سبب واحد لذلك، بل يوجد عدة أسباب لخلق "داعش".
وبرأي عبيدات فإن إصلاح المناهج عملية "سهلة لا تحتاج إلى سنوات"، وقال "في حال توفر الإرادة لذلك، تتم عملية إصلاحها في سنة واحدة، من خلال عمليات جراحية".
ويؤكد أهمية ودور المعلم الذي يحتاج إلى إعادة بناء وإشراف مشددين، لأنه يستطيع إيصال ما يريده للطالب، مبينا ضرورة إعطاء الطالب والأهالي فرصة ليعبروا عن أنفسهم.
ويبين أن المعلم لديه مشكلتان أولاهما المنهج الخفي الذي يوصله للطلبة ولا يكتفي بالمنهج الأصلي، بل يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، حين يقول إن المنكر هو خروج المرأة بدون حجاب، أو دون إذن زوجها.
ويشير عبيدات إلى أنه قابل الوزير الحالي محمد ذنيبات وناقش معه أزمة المناهج واختلالاتها، كما قدم من خلال بعض الشخصيات في الوزارة أوراقا ودراسات بهذا الخصوص منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
المطلوب علميا وتربويا لمعالجة اختلالات المناهج
ما هو المطلوب علميا وتربويا لمعالجة اختلالات المناهج المدرسية؟ يرى عبيدات، في هذا السياق، أن المطلوب أولا تشكيل هيئة وطنية للمناهج، تبعد تأثير بعض الاتجاهات السائدة على بناء المناهج، وتركز على المشتركات الثقافية والوطنية والاجتماعية، وتشرف بأجهزتها الفنية على بناء مناهج وطنية علمية حداثية مستقبلية.
كما يدعو إلى إجراء دراسات تحليلية معمقة، بهدف ربط المناهج بحاجات الطلبة- بدلا من حاجات المؤلفين المتأثرين بالاتجاهات الفكرية الضيقة. ويرى أهمية إظهار الدور الحقيقي للمنهاج، وهو تكوين المعرفة، وليس المعلومات والحقائق. فـ"المعلومات موجودة في كل مكان، بينما نحتاج إلى استخدام المعلومات في بناء معارف، تكون جزءا من سلوكات الطالب وشخصيته".
ويوضح "نحن نتعلم بالمادة الدراسية، ولا يجوز أن نتعلم المادة الدراسية نفسها، فالمناهج الحديثة تستخدم المادة وسيلة وأداة وليست غاية أو هدفا".
ويشدد عبيدات على أهمية بناء عقلية تحليلية ناقدة لدى الطالب، تستطيع فحص المعلومات وغربلتها، والتمييز بين ما فيها من حقائق وآراء، والتمييز بين الأسباب والنتائج، وعدم وضع العربة أمام الحصان. كما يدعو إلى بناء عقلية علمية، تربط الأحداث بأسبابها المباشرة، دون أن تقحم أسبابا عامة وبعيدة، فالأسلوب العلمي هو التحكم بالحدث من خلال ضبط أسبابه، بدلا من إرجاع التفسيرات إلى أسباب وهمية.
وهو يرى أيضا ضرورة اعتماد الملاحظة والتجربة والتأمل والتفكير وسائل أساسية للوصول إلى المعرفة، فـ"الحدس والإلهام وسائل للإبداع، ولا يجوز قصرها على الأحلام والرؤى والاستخارة".
ويدعو عبيدات، كذلك، إلى تنمية مهارات المعلمين، على إتاحة كل فرص التعليم أمام الطلبة، من خلال تنظيم بيئة التعلم بما يسمح لكل طالب بالتعلم، والوصول إلى حد الاتقان، فـ"لا مجال للرسوب والفشل إلا بمقدار عدم قدرة النظام التعليمي على تعليم الأطفال".
ويلفت إلى أهمية تعهد المدرسة والمعلم على القيام بالتدخلات الممكنة لحماية الطالب من الفشل المدرسي، فـ"كل طالب قادر على التعلم إذا وفرت له المدرسة شروط ذلك".
ومطلوب أيضا إدخال مفهوم المجتمعات المتعلمة، بحيث يسمح المنهج للمعلم أن يتعلم داخل مجتمع مهني، وما يسمح للطلبة بأن ينخرطوا في مجتمعات متعلمة، يتبادل فيها الطلبة تعلمهم.
ويرى أهمية تركيز المناهج على دور الطالب والمعلم، كعمال معرفة، ينتجون المعرفة من خلال البحث والتجريب والملاحظة والتأمل والتحليل والإبداع.
ويختم عبيدات توصياته المقترحة لمعالجة "اختلالات" المناهج، بالتأكيد على أنه لا يمكن تطوير المناهج والكتب، بغير تطوير أدوات التقويم، فـ"الامتحانات التي تقيس الحفظ هي التي تدمر التعلم، وهي التي شجعت على حشو المناهج بأفكار ومعلومات فكرية متطرفة".
ويقول "في ظل هذه المبادئ، يمكن بناء مناهج سليمة وطنية علمية منفتحة، تحترم الذات وتحترم الآخر، تمكن الطلبة من فهم المتغيرات المستقبلية، وتمكنهم من إطلاق عقولهم نحو المستقبل، بدلا من إعادة إنتاج الماضي والشخصية الماضوية. وتركز على غايات الإسلام ومقاصده، في تحقيق العدل والمواطنة واحترام الآخر، وتنمية الأخلاقيات النبيلة للإسلام".


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 29231

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم