ذوق اصطناعي .. وصداقات عابرة

12-06-2010 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

ككل الأشياء التي أثقلت بكميات المواد والمكملات التجميلية أصبح الذوق الخاص بالسلوك يخضع لهذه المكملات، أصبح اصطناعيا وموقوتا.. تلتقي شخصا ما أو قد تجمعك به الصدفة فيبدأ كلاكما باستخدام الألقاب التي تليق بقيمة كل شخص بنظر الآخر، يحاول كل منكما أن يظهر بمظهر الأكثر تواضعا ويظهر للمقابل بأنه الأكبر قيمة ويلجأ كلاكما لاستخدام عبارات: " لا أعوذ بالله إنت استاذنا" وقد يرد الآخر" لا، حاشا لله" وإذا ما تدخل طرف آخر فإن كلا الشخصين يقوم بتعريف الآخر بالنيابة عنه بنية إثبات حسن النوايا وحسن التقدير ومن باب الالتزام بالذوق العام أو الذوق الطارئ الذي يفرضه الظرف، وقد يضطر أحدهما إلى ترك المكان متذرعا بأي سبب ومؤكدا على ضرورة التواصل رغم أنه قد يكون آخر ما يطمح له ورغم أنه قد يكون مأزوما من هذا اللقاء أو التعارف العابر، لكنه الذوق، الذوق الذي أصبحنا لا نتقن سوى التجمل به لظرف طارئ، لكن في بعض الأحيان قد يتحول التعارف العابر أو تعارف المصادفات إلى صداقة ويجد كل شخص في الآخر ما يغريه بالتواصل، تتشكل الصداقة ونحن لا ندرك ماهية الصداقة، لكنها في بداياتها تشبه ما قاله محمود درويش عن أول الحب، كلا الطرفين يتجملان وكلاهما يبذل ما في وسعه لإثبات حسن الأخلاق والسلوك، ولا تكاد تخلو جلسة دون إشارة كليهما إلى مواطن الخلل في المجتمع والناس وتدهور منظومة القيم، والتغني بقيم الشهامة والإيثار وحتى الوطنية، ويبدأ بيع الكلام ، الكلام الذي لا يتطلب تكلفة من أي نوع ، وإن كانت هنالك تكلفة يدفعها أحد الطرفين فإنها إلا فيما ندر لا تكون بدون انتظار مقابل، حتى إذا تأخر المقابل أو لم يأت أو لم يكن بمقدور الشخص "المُتمَنَن عليه" رده بدأ الطرف الذي حمّل ذاته كلفة مادية أو معنوية بالتخلي تدريجيا عن الذوق الرفيع ، الذوق الاصطناعي، فتسقط الأقنعة ويبدأ كلا الشخصين بالظهور بمظهرهما الحقيقي، فليس هنالك من حاجة وقد شعر أحد الطرفين بأن العلاقة غير متكافأة في مفهوم "الأخذ والعطاء" لمواصلتها، وقد يتذرع أحدهما أو كلاهما بأية ذريعة للوصول إلى قرار القطيعة الذي يريح كليهما ويزيح عن كاهلهما عبء ارتداء الأقنعة.. قلت أن التكلفة التي يتحملها أحد الطرفين لا تكون إلا فيما ندر بدون انتظار مقابل وهذه للأسف حقيقة تكشف لنا علاقاتنا وصداقاتنا العاجلة والمؤقتة والقابلة إلىى التحول إلى علاقة عدائية أو علاقة بين بين قد يصبح فيها طرفي الصداقة"أعدقاء" فلاهما أصدقاء لأنهما لا يعيان بأن الصداقة تعني المحبة والعطاء دون انتظار مقابل أو استعجاله ولا هما أعداء بحكم أن زمنا ومكانا وأكاذيب كثيرة كانت قد جمعتهما ولذا هم عابرون في علاقاتهم في زمن كل ما فيه عابر .............

maisa_rose@yahoo.com

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا

طباعة

المشاهدات: 3617


1 -	ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.	12-06-2010 04:00 PM سرايا
لا يوجد تعليقات