حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,26 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 22359

شاب غزي يخاطر بحياته للوصول إلي أوروبا لقتل البطالة .. وسيّارة مفخخة غيرت مجرى حياته

شاب غزي يخاطر بحياته للوصول إلي أوروبا لقتل البطالة .. وسيّارة مفخخة غيرت مجرى حياته

شاب غزي يخاطر بحياته للوصول إلي أوروبا لقتل البطالة  ..  وسيّارة مفخخة غيرت مجرى حياته

23-12-2013 06:14 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - "المال في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة" قالها الإمام علي بن أبي طالب حين كان الفقر قاتلا، فتوعده ابن الخطاب لو كان رجلا، وحين كان الثراء لا يتجاوز عدة دراهم في صُرة، ورغم مرور سنوات طويلة، واختلاف مفاهيم الفقر والثراء، مازال الكثيرون يهربون من الفقر ويسعون إلي وطن من المال، ومن أهم هؤلاء الشاب الغزي فادي راجي المشهور "بالبرنس".

فادي كغيره من الشباب في غزة قرر امتطاء جواد الهجرة عله يكون السبيل الذي يخرجه من ضيق الحصار وظلم الجوار والبطالة القاتلة والحاضر المظلم الذي يعيشه ويشعر به كل شاب وفرد في القطاع , ومع عدم إنكار قدسية هذه الأرض وفضلها إلا أن الواقع مؤلم , لذلك قرر أن يتغرب عن وطنه وأهله من أجل طلب العلي والراحة والاستقرار واكتساب العمل الذي بات هم كل شاب , مستشهدا بقول الامام الشافعي :

ارحل بنفسك من ارض تضام بها ،،،، ولاتكن من فراق الاهل في حرق

فالعنـبر الخام روث فى مواطنـه ،،،، وفى التغـرب محمول على العنق


بدأ صاحب ال26 عاما يروي تفاصيل طويلة ومخيفة حول قصة رحلة الموت التي داهمته خلال تنقله عبر هجرته السرية , وما واجهه من مخاطر وصعوبات خلال مغادرته قطاع غزة .

يقول فادي:"خرجت من غزة إلي مصر عبر الانفاق , وما ان وصلت إلي منطقة السلوم الواقعة بين مصر وليبيا حتي اتصلت بالمهرب الذي سيقوم بنقلي إلي الأراضي الليبية , وهنا بدأت رحلة الجحيم من مصر إلي ليبيا عبر الصحراء".

فمع ساعات الليل بدأ السير مشيا علي الأقدام برفقة 200 شخص يريدون التهرب إلي ليبيا أيضا , وخلال السير لمدة 14 ساعة بدون طعام وشراب , اعترضتنا مجموعة من الجيش الليبي وقامت بإطلاق النار علينا بشكل مباشر , وبدأ مشوار العذاب بعد أن تفرقنا عن المهرب الذي سيوصلنا إلي الاراضي الليبية وكان برفقتي في هذه اللحظة شاب سوداني و6 مصريين .

بدأنا نفقد الأمل بالحياة وسلمنا أمرنا إلي الله عز وجل , فقد أصبحنا تائهين في الصحراء بين رمال وجبال عالية , ويسيطر علينا الخوف الأكبر من مواجهة الألغام المنشورة في الصحراء والتي يمكن أن تنفجر في أي شخص فينا.

ولكن قدّر الله عز وجل لنا ان نحيا من جديد , فقد تم التقاط إشارة إرسال لجوال أحد الشباب المصريين الذين كانوا يسيرون معنا , فقمنا بالاتصال بالمهرب الرئيسي ووصفنا له مكان تواجدنا فأحضر لنا سيارة كروز ونقلتنا من المكان الي داخل ليبيا .

بعد وصولي إلي ليبيا عملت في بداية الأمر بالبناء والقصارة والطوبار , ثم قمت بفتح بسطة الكترونيات في سوق العرب ببنغازي وهو سوق مشهور في ليبيا , وبدأ الوضع المادي يتغير فبدأت بشراء سيارة لكي اتنقل عليها خلال عملي إلى أن وفقني الله عز وجل بأن اجمع مبلغ لا بأس به من المال يؤهلني للزواج والاستقرار في ليبيا , إلا أن القدر لا يمكن إيقافه, ففي أحد الأيام وانا اسير بسيارتي في أحد شوارع بنغازي انفجرت سيارة مفخخة تبعد عني بضع أمتار , ولكن الله سلم أن انجو من الموت المحقق بعد ان اصيبت سيارتي بإصابات خفيفة.

فبالإضافة إلي حادثة السيارة المفخخة وعدم الاستقرار الامني وكثرة العصابات والقتل والخطف والسرقة بدأت اشعر أن الوضع في ليبيا لا يطاق وأن العيش فيها أصبح صعبُ جداًولا يمكن الاستقرار في هذه البلد , فبدأت فكرة الهجرة إلي أوروبا عبر إيطاليا, مع العلم أن الفكرة كانت برأسي قبل خروجي من غزة.

تواصلت مع السمسار وبعد تثبته من غايتي عبر سؤالي عدداً من الأسئلة ومنها مصدر الحصول على رقمه، حيث يخشى أن توقع به السلطات، حسبما قال لي، حيث اتفقنا على التكلفة التي كانت 1500دولار شريطة الدفع قبل الوصول إلى سواحل إيطاليا".

ومن منطقة زوارة الليبية بدأت رحلة الموت علي مراكب الموت حيث أخبرنا المهرب انه ستتم عملية التهريب بواسطة باخرة شحن كبيرة , وهنا حصلت المفاجئة الصاعقة بظهور مركب صيد اكبر من مركبنا بقليل بدلاً من سفينة الشحن المزعومة , وبدأت عملية نقل الركاب بدون سلالم أو حبال , حيث تم وضع اكثر من 420 شخصا في مركب يبلغ طوله 22 متر كان غالبيتهم من النساء والأطفال الفلسطينيين السوريين والسوريين الاصل.

فمع ساعات الفجر انطلق بنا المركب إلي أرض المجهول وبدأت عملية الابحار ب(وابور) الصيد كما يسمونه الذي هو عبارة عن مركب صيد بطبقتين , في الطبقة السفلى للنساء والأطفال، لكن بدون نوافذ أو تهوية كما يوجد غرفة مخصصة لطاقم المركب، وهناك مستودع للحقائب وتنكات الماء والطعام، وهناك حمام وحيد وتقف على الدور, ومعظم الناس يجلسون على سطح السفينة.

وبعد يوم من الرحلة وصلنا إلي جزيرة لامبدوز الايطالية, وقام شخص من افراد السفينة بالاتصال علي الصليب الاحمر لإخبارهم علي مكان تواجدنا , وقام الصليب بالتنسيق مع القوات البحرية الايطالية , وبعد ساعات وصلت سفينتين حربيتين ايطاليتين لمكاننا , وتم بعد ذلك نقلنا جواَ عبر طائرات الهليكوبتر إلي داخل الجزيرة لمدة أسبوع , ثم تم نقلنا إلي مدينة سيسيليا الايطالية.

بعد الوصول للشاطئ فجرا كان بانتظارنا الصليب الاحمر الايطالي وفريق طبي متكامل وشرطة مدنية بالإضافة الى التلفزيون والصحافة وبدأت عملية القفز الى الرصيف البحري في جزيرة لامبدوز, ومباشرة بدأ عمال الصليب الاحمر بإعطائنا بطانية وقنينة مياه بلاستيكية ثم تم وضعنا في خيمة كبيرة فيها كراسي ومعدات طبية.

وبدأت عملية الفحص والتصوير وتسجيل الاسماء , فقط الاب والأم من كل عائلة يجب ان يعطوا صورهم عن طريق كاميرا الكترونية مثبته وخلفية بيضاء , ومن ثم تتجه لتسجيل اسماء عائلتك عن طريق مترجم مصري وجزائري.

وتم نقلنا الى مكان مثل مدرسة كبيرة ومن ثم الى المخيم (كامب) , يوجد غرف وحمامات منفصلة ولكن مشتركة بدون ابواب يعني على الطبيعة، ولكن الجميع كان بحاجة حمام بعد الرحلة المضنية فبدأنا بوضع الاغطية مكان الابواب وتم تنظيم موضوع الحمام.

داخل المخيم يوجد ساحة وجدران عالية وأسلاك شائكة و(كبينة بوليس) بالداخل وعلى الباب الخارجي.

في اليوم الثاني بدأت المرحلة الأهم في الرحلة وهي عدم التبصيم , حيث حضرت اعداد كبيرة من البوليس وتم جمعنا وفصل الشباب , وبدأت عملية الضرب والسحل لمنتصف اليوم , حتى أن أحد الشباب تمسك بمقبض الباب ولم يستطيعوا فكه ثم اخرجوا الهراوات والعصي وبدأوا بضربه حتى انخلع كتفه وازداد الرعب مع ادخال الكلاب البوليسية الشرسة الى القاعة الرئيسية لإخافتنا, ولكني رفضت التبصيم كغيري من الشباب.

وبعد عدم وجود جدوي من اجبارنا علي التبصيم تم فتح أبواب الكامب أمام أعين البوليسللخروج والهروب منه , وبعدها تنفست الصعداء فقد أحسست بأن المهمة التي قدمت إليها شارفت علي الانتهاء .

فقمت بالخروج بسرعة من الكامب والتوجه إلي محطة القطار وقمت بقطع تذكرة لمدينة ميلانو الايطالية برحلة دامت 16 ساعة بالقطار , ثم توجهت إلي الحدود الفرنسية ومنها إلي مدينة نيس الفرنسية , ثم واصلت إلي مدينة ليل الفرنسية ايضا , ومنها إلي الحدود البلجيكية إلي بروكسل عاصمة بلجيكا , وبعدها توجهت لكامب اللجوء وقمت بتقديم المستندات والأوراق اللازمة لأتمكن من أخذ الإقامة في بلجيكا.

وختم البرنس حديثه بالقول "صحيح أننا واجهنا الموت إلا أنه وكما يقول المثل الشعبي: ما الذي جبرك على المر سوى الأمر منه؟", مضيفاً "لم نجد كفلسطينيين في بلدان لجوء عربية ما كنّا نعوله على أخوتنا في العروبة والإسلام، وهو ما وجدناه في الدول الغربية التي تتعامل معنا بإنسانية، وليس كمخربين وإرهابيين".


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 22359

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم