حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,24 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 19931

حكاية "السائق المخضرم" في شوارع غزة

حكاية "السائق المخضرم" في شوارع غزة

حكاية "السائق المخضرم" في شوارع غزة

17-11-2013 03:43 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - رغم الحالة الصعبة التي يحياها قطاع غزة نتيجة الحصار المفروض عليه والتي اشتدت ضراوته عقب إغلاق السلطات المصرية للأنفاق الحدودية التي كانت تمد القطاع بالمواد الأساسية والبترولية إلا أن الحياة لا زالت تسير بشكل شبه اعتيادي في قطاع غزة .

لكن الصعوبات التي تتراكم في وجه الحياة العادية للمواطن الفلسطيني في غزة لا يمكن أن تحصى ، ولكل واحد من الناس في غزة حكايته مع الحصار وآلامه المبرحة في حياته اليومية.

قطاع المركبات العمومية ناله نصيب كبير من آلام تشديد الحصار على قطاع غزة نتيجة انقطاع الوقود المصري عن الدخول عبر الأنفاق الحدودية التي كانت تزوّد القطاع بكميات كبيرة وبأسعار رخيصة قد تصل لأكثر من النصف مقارنة بالوقود الإسرائيلي الذي يدخل قطاع غزة بكميات محدودة وأسعار باهضة.

"دنيا الوطن" رافقت السائق أبو شادي من وسط قطاع غزة، الذي يصف نفسه بـ"المخضرم" في عالم سياقة السيارات العمومية فهو يعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 35 عاماً وهو الي يتجاوز عمره الخمسين بقليل.

سرعان ما بدأ حديثه مع "دنيا الوطن" باستذكار أيام خلت كان يتنقل خلاله بين قطاع غزة والداخل الفلسطيني المحتل ويحصل قوت يومه بـ"الدينار الأردني" على حد قوله، واصفاً تلك الأيام بـ"أيام العز".

ويقول:"كان السائقين يعملون بشكل يؤمن لهم حياة كريمة، ويجعلهم في مصاف الأغنياء نظراً لما يجمعونه في نهاية يوم عملهم بين القطاع والضفة ناهيك عن أسعار السولار التي كانت منخفضة جداً في ذلك الزمان".

ويكشف أبو شادي عن سر لطالما خبأه عن كثير من معارفه وأصدقائه، فقال بابتسامة وحسرة في ذات الوقت :" كنت في بعض الأيام أجمع أكثر من 100 دينار في اليوم وكانت تعادل في تلك الأيام أكثر من 650 شيكل إسرائيلي" (أي ما يقرب الآن من 200 دولار).

ويضيف ضاحكاً: "لقد ولدت زوجتي أربعة من أبنائي وأنا في عملي، لم نكن كسائقين نتمكن من ترك العمل والجلوس في منازلنا نظراً لكثرة الشغل وقلة عدد السائقين وسعة الرقعة الجغرافية التي كنا نستطيع التنقل بها ورخص سعر السولار".

ويخرج أبو شادي في هذه الأيام من الساعة السادسة صباحاً من منزله - الذي بناه من "تحويشة العمر" التي جمعها في تلك الأيام الخوالي-، ليجوب قطاع غزة جيئة وذهاباً على مدار اثني عشر ساعة عمل لا يجبي خلالها في بعض الأيام ما يسد رمقه ورمق عائلته الكبيرة التي تتكون من 10 أبناء 4 منهم يدرسون في جامعات وكليات قطاع غزة وبحاجة لمصاريف "تهد الحيل" حسب وصف أبو شادي.

هموم كثيرة ومصاعب جمة تعترض تكوين أبو شادي لـ"غلة" جيدة في نهاره الطويل أهمها كما يقول انقطاع الوقود المصري الذي خفف عنهم بعد انحصار عملهم في قطاع غزة وتوقف حركة المسافرين على المعابر ونوقف "النقلات" من المعبر إلى أماكن سكنى المسافرين والعكس.

"الوقود المصري يتيح للسائق هامش من الربح الصافي أكبر بكثير من الوقود الإسرائيلي المتوفر بشكل متقطع وبأسعار غالية تجعل السائق يدفع من جيبه لو تنقل بين المحافظات دون حمولة كاملة وزائدة عن الطبيعي"يقول أبو عماد.

ويؤكد أبو شادي أنهم مضطرون لزيادة عدد الركاب داخل مقاعد سياراتهم حتى يستطيعوا تحصيل ربح قليل يقيهم تسوّل لقمة العيش في هذا الواقع الصعب، ويقول:" تعال نحسبها حسبة عرب، مثلاً من غزة للنصيرات يدفع الراكب 3 شواكل ما يعني أن الحمولة الكاملة (7 ركاب) تساوي (21) شيكل، وبالمتوسط نحتاج 2 لتر سولار للمشوار الواحد، ما يعني أن السائق بحاجة لـ(12) شيكل تقريباً فقط للسولار دون النظر لتعب السائق وأعطال السيارة وغيرها ما يعني أن مثل هذه النقلة التي تستغرق ساعات لتحصيلها لا تدخل في جيب السائق أكثر من (5-7) شواكل".

ويوضح أبو شادي أنه لا يتمكن من السير أكثر من 4 نقلات يومياً وقد تزيد قليلاً في بعض الأيام نظراً لعدم قدرته على العودة دون حمولة كاملة من مدينة غزة ما يضطره للوقوف في دور طويل على أحد المواقف المخصصة لسيارات النقل العمومي حتي لا يعود بالسيارة دون ركاب وهو ما يعني بالضرورة خسارة محققة ليومه.

ويشتكي أبو شادي كغيره من السائقين من مزاحمة السيارات الصغيرة أو ما يطلقون عليها "سيارات الأربعة راكب" والتي تستطيع خطف الركاب من أبواب أماكن عملهم بسبب السماح لها بالتحرك في أماكن ممنوعة على سيارات العمومي كالتي يقودها أبو عماد.

بعض السيارات بدأت باستخدام زيت الطهي كوقود وهو ما يرفض فعله أبو عماد نظراً لآثاره السلبية على موتور السيارة وما يخلفه من رائحة كريهة لا تؤذي الناس في الشارع فقط بل تؤذي الركاب والسائق في نفس الوقت، حسبما يؤكد أبو عماد.

ولا تتوقف هموم سائقي سيارات العمومي (سبعة راكب) على ما سبق بل يتعداه لدفع الضرائب والترخيص السنوي الذي يتجاوز (2600) شيكل والتأمين الذي يتجاوز (1700) شيكل، ما يعني أن السائق عليه أن يضع مبلغاً لا يقل عن (500) شيكل شهرياً لهذه الأمور الثابثة بعيداً عن الأعطال المفاجئة التي قد تصيب السيارة وتحتاج لمبالغ كبيرة تهق كاهل السائق.

وطالب أبو شادي المعنيين والمسئولين بالعمل على التخفيف كاهل السائقين، وسن القوانين التي تمنع محاربتهم في لقمة عيشهم من قبل سيارات (4 راكب)، والعمل على ايجاد حل مناسب لنقص الوقود وتوفيره بأسعار مناسبة أو رفع الأجرة على الركاب يمكن السائق من جمع "غلة" تقيه صعوبات الحياة وتوفر له ولعائلته لقمة عيش كريمة.

ورغم الحالة السيئة التي أصبحت عليها الحالة المزاجية لأبي شادي وهو يشرح لنا ما سبق من مكدرات وهموم يعايشها في حياته اليومية، إلا أنه في نهاية حديثه قال :" الحمد لله على هالحال وعلى كل حال".


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 19931

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم