حول رجال الدين والسياسة والمجتمع المدني

04-06-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

بداية ...لا بد من القول اني ادرك ان الأقتراب من المواضيع التي تتعلق بالدين ورجال الدين من قريب او بعيد هو طريق محفوف بالعوائق والمحاذير ...ذلك ان الدين بالألضافة الى الجنس والسياسة ما زالت تشكل في ذهن الكثيرين ( تابو ) محرمات يمنع على اي كان الخوض فيها ..وانسحب ذلك على رجال الدين الذين ( بصفتهم حراس الدين والقائمين على حسن تنفيذ تعليماته ) انسحب عليهم ما للدين من قدسية وما يحيط به من هالة ..لدرجة انه اصبح الحديث عنهم ايضا من المحرمات ...مما سهل عليهم التمادي في فرض رؤستهم الحاصة وتفسيرهم الخاص وفتاويهم الخاصة التي يريدون الزام الجميع بها كترجمة عملية للألتزام بأهداب الدين ...وليت الأمر يتوقف عند رجال الدين من ذوي شهادات الأختصاص التي تؤهلهم للفتوى او للخوض في تفاصيل المسائل الدينية ...( وانا هنا لا اقصد دينا بعينه كي لا تنهال علي الأتهامات من كل حدب وصوب )...بل ان اغلب المتنطعين للأمور الدينية هم من انصاف المتعلمين وممن نصبوا من انفسهم حراسا للفكر الديني وممن احتكروا الحقيقة واوهموا الناس ان الحقيقة ( وهي ضالة المؤمن ) هي ملكهم وحدهم...وبهذا نرى ان الفكر الديني ...على يد امثال هؤلاء المتنطعين ...قد تحول الى فكر ارهابي قمعي استئصالي يرفض الأخر وثقافة الآخر وكل ما قد يمثله هذا الآخر بحجة الحرام والحلال ...وما اسرع ما يصدر بعض رجال الدين الفتاوى في امر معين برقضه وتحريمه لأنه عادة غربية ..او لأن الأوروبيين هم من بادروا بممارسته ...ففي بلد عربي اصدرت هيئة كبار العلماء فتوى بتحريم اهداء الزهور الى المريض عند زيارته بحجة انه قد يعتقد البعض ان الزهور في حد ذاتها هي سبب الشفاء ..فأي عقلية هذه التي يريدون فرضها علينا ؟ واية فتاو هذه التي يريدون اقناعنا بها ؟ هذا ناهيك عن الفتاوى الجاهزة والمعلبة والمفصلة سلفا ..والتي منها ما يبيح للمسلم الأستعانة بالكافر ضد اخيه المسلم في خوض حرب ما ...( وما اكثرها بين المسلمين ) ..ومنها ما يكفر هذا أو ذاك لمجرد انه اجتهد في امر من امور الدنيا ولم يوافق اجتهاده طريقة تفكير وفهم رجل الدين .....الخ من مثل هذه الفتاوى التي ما انزل الله بها من سلطان ...وبهذا نجد ان هؤلاء البعض من رجال الدين يسيئون للدين وللمجتمع المدني بخوضهم لمعارك وهمية يختلقونها دون مبرر حقيقي بما يحبط مساعي القوى الناهضة في المجتمع لبناء مجتمع مدني سليم ومعافى ...ويكون امر رجال الدين اسوأبكثير عندما يتدخلون في امور السياسة ...ذلك انهم يمالئون السلطان وينافقون له حفاظا على ما يعتقدون انه مكسب لهم ...الا في بعض الأستثناءات القليلة والنادرة عندما نجد رحل دين باع الدنيا واشترى الآحرة بموقف سجله له التاريخ كمناضل صلب ضد الدكتاتورية في بلد ما مثلا ...وللأسف ترى البعض منهم يريد ان يقنع الفرنسيين بالأسلام مثلا من خلال الحجاب ويتهم فرنسا بكل انواع الكفر والفجور بينما هو يرى ما تمارسه الأنظمة والحكومات الأسلامية على شعوبها من اصناف التعذيب والأضطهاد والظلم متعدد الأشكال والقمع والأستبداد ...ولا يحرك ساكنا ...بل نراه في الكثير من الحالات يدافع دفاع المستميت عن نظام همجي دكتاتوري يتحكم في حيوات الناس ولقمة عيشهم ويحرمهم من ابسط حقوقهم بالعيش الكريم ...ورجل الدين هذا نراه ماهرا جدا في لي عنق الآيات والأحاديث لتبرير ما يقوم به من دفاع عن الحاكم الظالم ...اذ لو سألته لأجابك : ( واطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم ) متناسيا حديث الرسول الكريم بما معناه ان من اعظم الأمور عند الله كلمة حق عند سلطان جائر ...لهذا كله ندعو الى فصل الدين عن الدولة ...وندعو الى تأسيس المجتمع المدني والى عدم تدخل رجال الدين بالسياسة ...حفاظا على هيبة الدين ونقاءه من التلوث بما قد يعلق به من اذى بسبب امتها ن السياسة والسياسيين له ...فليبق الدين في علياءه وليتصرف رجال الدين الى عبادتهم ولتكن المواطنة وما يستتبعها بالضرورة من حقوق وواجبات متساوية لكل الأفراد هي المعيار الوحيد .... عاطف الكيلاني atef.kelani@yahoo.com

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا

طباعة

المشاهدات: 11136


1 -	ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.	04-06-2008 04:00 PM سرايا
لا يوجد تعليقات