حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,29 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 9297

رسالة مفتوحة إلى وزير التربية

رسالة مفتوحة إلى وزير التربية

رسالة مفتوحة إلى وزير التربية

20-12-2009 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

معالي وزير التربية والتعليم د. إبراهيم بدران ؛؛؛ *** أبارك لك منصبك الجديد، داعياً الله العليم الحكيم أنْ يُعينك على مهمتك الانتحارية في هذه الوزارة الغارقة في المشاكل من كل صنف ولون. معبِّراً عن ارتياحي وقسم كبير من التربويين بتوليك هذه الوزارة لما عُرِفَ عنك من فكر نيِّر ورأي ثاقب واهتمام بالشأن الوطني، بعيداً عن الشعارات الجوفاء الممجوجة والنرجسية المقيتة، وأؤكد لك أنْ لا أحد يحسدك على هذه الوزارة وبالذات في هذا الوقت العصيب، ولكن يأمل الكل أنْ تقود سفينة الإصلاح والتطوير والنهوض بالوزارة والخروج بها إلى بَرِّ الأمان. *** معالي الوزير ... الشمس لا تُغطى بغربال، والواقع المرير لا يمكن أن يُحجب بتقارير مكتبية لا قيمة لها، وإقناع أنفسنا بأنَّ الوضع جيد وحسن، لن يعفينا وإياك من المسؤولية أمام الله وأمام الجيل وأمام التاريخ، فالأمانة ثقيلة، والعبء كبير، والأعوان قلة، والصادقون ندرة، والمخلصون إبرة في جبل قش!! *** معالي الوزير ... وزارة التربية هي وزارة المستقبل، لأنها الوزارة التي يقع على عاتقها بناء المستقبل وصناعته، فمستقبلنا مرهون بمدارسنا ومخرجاتها التي تتراجع يوماً بعد يوم بفعل فاعل، نشعر به ولا نراه، ولكنه موجود ومؤثر بقوة، لكأنَّ هناك قوى ظلامية مهمتها مسخ الجيل وتمييعه، ليخرج هلامياً دون لون أو طعم أو رائحة. *** هل أحدثك معالي الوزير عن البيئة المدرسية الفقيرة التي لا تصلح لأية عملية تربوية سليمة متكاملة، والتي تقدم خدمات تربوية مبتورة تعمل على تشويه الطلبة وتخريب عقولهم، ولا أريدك أن تحكم على البيئة المدرسية من خلال بضع مدارس في عمان مخصصة لأغراض الدعاية والتسويق وزيارات المسؤولين والوفود الأجنبية، بل ترجل وزر مدارس القرى والبادية، التي تفتقر إلى أدنى مقومات العملية التربوية؛ أبنية متهالكة، غرف ضيقة، صفوف مجمعة، صفوف مكتظة، لا مكتبات ولا مختبرات، عدم متابعة كافية من المديريات، نظافة معدومة، ... . إنَّ العدالة والمساواة تقتضي أن تتوفر جميع الخدمات التربوية لجميع الطلبة في جميع أرجاء الوطن، فالطالب في قلب عمان ليس أفضل من أي طالب في أي مكان آخر سواء في الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب، فكلهم أبناء هذا الوطن، ولهم عليه حق أن يعدل ويساوي بينهم. *** أم تريدني معاليك أن أحدثك عن المعلم المنهك البائس المحبط حتى النخاع، هذا المعلم الذي يتعرض للتهميش والإذلال بفعل تعليمات وبلاغات وأنظمة لا تمت للتربية بصلة، كتبها موظفون لم يخرجوا من مكاتبهم يوماً ولم يمارسوا التعليم إطلاقاً، وحسبهم من التربية أنها صفة لحقت بهم رغماً عنهم فركبوا موجتها وتسلقوا حبالها وهم منها براء، يقومون بعملهم بشكل آلي منتظرين رواتبهم آخر الشهر على أحرَّ من الجمر. المعلم يستصرخ ويئن من الألم ولا مجيب ولا طبيب يأخذ بيده ويسمع شكواه، فقد تكالبت عليه الذئاب من كل ناحية، تنهش لحمه دون رحمة، وتطالبه بالمستحيل وهو يتوجع ويتألم، عارٍ لا يستره شيء إلا بقية من إيمان بغد أفضل، ومستقبل قد تشرق شمسه يوماً ما. الرواتب متدنية إلى حدِّ الفجيعة. بالله عليك معالي الوزير هل ترضى لابنك أو حفيدك أن يعمل معلماً براتب معلم حكومي؟ هل تتخيل أنَّ معلماً يتقاعد بعد خدمة ثلاثين عاماً ولا يستطع أن يبني بيتاً أو يشتري شقة تستره في شيخوخته؟ هل تتصور معلماً وهن العظم منه وهو يخدم في التربية لا يستطيع أن يُدخل ابنه الجامعة إلا بالدين وإراقة ماء الوجه على الأبواب، يمنحه واحد ويرده عشرة؟ *** إنَّ نقص المعلمين المزمن، وضعف خبراتهم، ولا مبالاة قسم منهم، وتهربهم من مهنة التعليم، مرده الرئيس إلى تدني الرواتب، ولو شاءت الوزارة ومن خلفها الحكومة أن تحل مشكلة النقص والضعف فإنَّ الحل المؤكد يكمن في مضاعفة الرواتب على الأقل مع علاوات سنوية مجزية، ومراعاة البعد مهما كان، وتخصيص بدل مواصلات، وتخفيف النصاب، وأنا أضمن تغيراً حقيقياً سريعاً في كل مخرجات العملية التربوية. *** أما العدالة في التعيين، فهي من الكبائر التي تقض مضاجع ألوف المعلمين، فهل يعقل أن يتعين اثنان معاً، أحدهما قرب بيته، والآخر على بعد مائة كيلومتر على الأقل، بالراتب نفسه والعلاوات نفسها، وما ذنب الثاني أن يتكبد بدل مواصلات ويخرج مبكراً ويعود متأخراً، وفي ظروف غير مناسبة؟ بأي قانون يحدث هذا، وأي تربية تستمرئ هذا الظلم؟ *** والمعلمون يا معاليك ... يستغربون لم يُحاربون ويُمنعون من تأسيس نقابة تجمع تفرقهم، وتوحد كلمتهم، وتعمل على تنميتهم مهنياً وعلمياً، وتخدمهم، وتؤمن مستقبلهم، وتوفر لهم فرص التطور والنماء والإبداع. ولم يُسمح لغيرهم بنقابات وهم ينظرون بحرقة وألم، بل إنَّ بين ظهرانيهم من ينتسبون لبعض النقابات ويتمتعون بميزاتها وهم يتحسرون ولا نصير لهم إلا رب العالمين. *** أما الطلبة فهم ضحايا كما المعلم سواء بسواء، فلا بُدَّ من وضع تعليمات صارمة للضبط التربوي مع تطبيق الأنظمة والتعليمات بعيداً عن المسكنات التربوية التي لا تفيد، وبعيداً عن الواسطات والتدخلات والتساهلات لأي سبب كان، فالمقصود إحداث تغيير تربوي سلوكي قبل التعليم، وهذا لا يتأتى بالتساهل والطبطبة وأخذ الطلبة بالأحضان، وتحويل الغرف الصفية إلى خيم سيرك. الحزم مطلوب، والشدة الراشدة مطلوبة، وعقاب الأب المحب من معلم واعٍ مدرك أمر محمود لا يعارضه تربوي حقيقي. *** وإن أردت أن أحدثك عن الكتب المدرسية، فهذا حديث يطول، وأمر لا يُلخص بكلمات مهما ملكت من بلاغة لا أدعيها، كتب تمتلئ بالحشو حتى الثمالة، وموضوعات لا تهم زيداً ولا عُبيداً، وتفصيلات لا تقدم ولا تؤخر، ومغالطات يُدركها من مارس المهنة وتورط بها، وموضوعات مملة لا تراعي عمراً ولا تلبي حاجة، وكتب زائدة تركها فضيلة وبقاؤها خطيئة، وأساليب عرض لا تبني جيلاً ولا تصنع وعياً ولا تعلم تفكيراً. *** معالي الوزير .... هذا غيض من فيض، ونقطة من بحر، والقائمة تطول، ولا يمكن أن أوفيها في رسالة محدودة، ولكن الأمل أن تقود ثورة تربوية حقيقية، برؤية إبداعية وحلول ابتكارية ونهج جديد مختلف يتعدى الأطر التقليدية والأساليب الجامدة والطرق البائدة، فصناعة المستقبل لن تتم إلا بأساليب وإجراءات غير معهودة وحلول غير مألوفة، ونهج غير مسبوق، وأنت بعون الله تعالى وبدعم من بقية المخلصين الصادقين قادر إن شاء الله أن تفعل المستحيل، وتحدث التغيير المنشود، واعلم أنَّ العمليات الجراحية الصعبة لا بدَّ منها أحياناً، ولا يذهب الداء إلا بها، ولن يُدرِك المريض ذلك إلا بعد أن يبرأ ويشتدَّ عوده، ويعود إليه بريقه ورونقه وعافيته. ومن أجل ذلك يلزمك أن تواجه الميدان بنفسك دون وصاية أو برمجة من أحد داخل الوزارة، أو تحديد مساراتك، وحصر خطواتك. واعلم يا رعاك الله إنَّ من حقِّ كل مدرسة في هذا الوطن أن تزورها وتتلمس حاجاتها، ويكفيك أن تزور بعضها لتدرك أنها كلها كذلك، ولن تعدم إن شاء الله الحل المناسب والعلاج الشافي. *** معالي الوزير ... إنَّ سوس الوزارة من داخلها، فلا يخفى على أحد أنَّ معظم المسؤولين في الوزارة ومديرياتها يتعاملون بعقلية الموظف لا عقلية القائد التربوي الذي يُفترض فيه أن يقود عملية التطوير والتغيير، وهؤلاء هم من يُعيقون العمل، ويفرملون همم أصحاب العزائم، ويحاربون كل مخلص وصادق، فهم العقبة الكأداء، والصخرة الصلداء، والأفعى الرقطاء، ولن ينجح تغيير أو يُفلح إصلاح إلا بتجميدهم وتحييدهم والخروج من شبكة العنكبوت التي نسجوها على مرِّ السنين. *** معالي الوزير ... اعلم أنَّ عيون نصف الأردنيين على الأقل تتعلق بك، وتنتظر ما تفعل، وكلها أمل أن تحقق أمنياتها، ولا أظنك إلا ذاك الشهم الهمام الذي لن يتراجع أو يخذل قومه، فسر على بركة الله، وكلنا معك ما دمت تعمل بهمة وعزيمة وصدق وإخلاص، وإنك بعون الله جلت قدرته بالغ ما تحب، ومحقق ما تصبو إليه. *** mosa2x@yahoo.com


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 9297
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
20-12-2009 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم