حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,29 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 12907

مواصفات و مقاييس !!

مواصفات و مقاييس !!

مواصفات و مقاييس !!

07-05-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

 ** 
 يقولون ويروّجون ، في ما يتناولون ويبرّرون ، عن نصف الشيء ، كثير الكلام وفيه يختلف الرأي وتتضارب الأفكار .. فالدارج الآن : " نصف البطن يغني عن ملئِهِ " .. فهل يسوقنا ذلك إلى قناعة بضرورة أن تسود فكرة الأََنصاف ، أنصاف الأشياء ؟ كأن ْ نشيع في روعنا في الأقلّ فكرة نصف العقل يكفي ونصف الجسد يكفى ونصف ابتسامة تكفي ونصف النهار يكفي ، مثلما نصف الحياة تكفي ؟ • لا دافع جوهريّا ً لهذا الاستهلال سوى فكرة " الاكتفاء " التى راجت في وقتها وفي غير أوانها كذلك ، أي ْ أنها راجت بمسوّغات مقبولة حيناً وبلا داع ٍ أو مبرّر في أحيان عديدة ، فالبحث الآن عن المطلوب ، عن المواطن المطلوب والوقت المطلوب و الحلم المطلوب ... وإن ْ بدا الطلب خافياً ومستتراً ، فإن ّ السعي إلى تحقيقه بات شغلاً يوميّا ً شاغلاً لكثير من مديري الأزمات أو لمن يحاولون التنطّع لإزاحة كومة القشّ وتوسيع الأبواب أمام الناس بعدما أحكمت الحياة اليومية إغلاقها وكادت تطبق عليهم ... فكرة " هكذا مطلوب " هي عنوان يعالج به المختصّون تأثيرات الأزمات ، فتبدأ نصائحهم بطرح أولويّات ينبغي على الناس إنفاذها أو الالتزام بها . • ضمن نهج ورواج " تقليعة " أنصاف الحلول ، يسعى مختصّون إلى " إقناع وإفهام " المواطن ، أيّ مواطن ٍ ، بأنّ سلوكاته ، في الشكوى و الكلام والبحث عن الرزق وسواها ، تنطوي على عُقم ٍ في التفكير وخطأ ٍ في المنهج ، ويتطوّع عارفون ومجتهدون ، في إطار منهج الحياة ، لتعديل قائمة الأولويّات في حياة الناس وترتيب أذهانهم ، فلم يعد المطلوب أن يتهيّأ المواطن لدخول بيت الطاعة وفق الحاجة والتوقيت وكفى ، بل اتجه الأمر إلى ابتداع وتطوير وصارت عناوين " ترشيد الاستهلاك " خبراً بائتاً ... واليوم لا حياة من غير التزام بمقتضيات المُتاح والملائم والقليل الذي يُغني عن الكثير ! • هل سيكون ، اليوم قبل غد ٍ ، مطلوباً من المواطن ترشيد ساعات نومه وصحوه ، وتقليص فتره نموّه ، مثلما هو مطلوب منه أن يكظم غيظه ويمنع لهفته و " يتروّى ويتّئد ويصبرويحتمل " عند فاجعة هنا أو حزن ٍ هناك ؟ فما تنفك وسائل و قنوات عديدة تروّج لدعوات و وصفات جاهزة لـ ِ " حياة فضلى " بما يكفل الحصول على " إنسان بلا لون ٍ أو رائحة " ! • بالتزامه لائحة الممنوع والمطلوب ، وبعد اجتياز شروط النجاح في حفظ بنودها ، سيتعلّم المواطن كيف يواجه مصاعب الحياة بالكتمان ،فلا يفصح عن أسباب حزنه أو مرضه ، وعليه أن يصمت حين ينبغي حضور الكلام ، وأن يقتدي بفكرة الفضيلة الناجمة عن السكوت ! • فالفاتورة اليوميّة والحياتيّة للمواطن ، ومهما بلغت أكلافها ، شأن ٌّ لا يجوز التعبير عنه بقلق ٍ ظاهر ، والمطلوب قراءة الفاتورة بدقّة عالية وتسديدها في أوانها من غير اعتراض أو عتب .. وفي سياق انسجام المواطن مع شروط الحياة وضمن اللائحة ، ينبغي عليه الاكتفاء بـ " ربع ِ حصته من المياه و ربع حصته من الرصيف ، والشارع مغلق ، وليس من سبيل أمامه سوى الاكتفاء باستخدام واحدة من عينيه وواحدة من أذنيه ونصف لسانه ، من باب الترشيد وصيانة الأعضاء ... مثلما يقتضي الأمر أن لا يذهب إلى تصديق ما يسمع هنا وهناك أو ما يقرأ ... عليه ، اي ْ المواطن ، ان يبصم بأصابعه كلها على أنّ الاكتفاء بوظائف بيولوجية وحسب من شأنه تحسين شروط الحياة والقضاء على كآبة مرتقبة ! • ولا مانع جوهريّاً ، من وجود مواطنين وبالكثرة المناسبة ، ممّن يحملون مرض العمى اللونيّ ، فلا يعودون ، وعند اختطاف الموت لطفل ٍ في حادثة سير ، يميّزون بين طفل دهمته عربة متهوّرة أو طفل مات معتدياً على عربة مسرعة .. هل يعتدي طفلٌ على عربة ؟ • لائحة المطلوبات تطول ، ومن غير سرد لمحتوياتها ، نكتفي بالسطر الأخير منها ، وفيه نقرأ : عين َ الرضا تجعل من المواطن كائناً هادئاً ، فلا بأس أن ينظر إلى الدنيا بعين ٍ تبدي له محاسنها ... وإن اضطّر مواطن إلى رحيل ٍ أو موت فعليه أن لا يُزعج أحداً وأن لا يعلن عن موته حتى لو أكرهته ظروف إلى الذهاب بمفرده إلى قبره ومنتهاه .! • لم نأت ِ على تفصيلات لائحة المطلوب ، لكنّ اجتهاداً في طريقه إلى التنفيذ ، ابتدعه مختصون ، يوصون فيه بضرورة أن يتناول المواطن "حبوب الاعتراف " ، ثلاث مرّات يومياً بعد الأكل ، عفواً ،من غير أكل ، وبانتهاء فترة تناول الدواء يغدو المواطن مكتمل البهجة ، بحيث يعترف دائماً أنه على خطأ ، فيريح ويستريح !  


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 12907
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
07-05-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم