حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,29 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 9629

حكموا العالم من هنا

حكموا العالم من هنا

حكموا العالم من هنا

14-10-2009 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

 


     يطيب لي صباح مساء أن أتنسم  شذى الربيع الأردني المزهر في أرض الكرامة و الأغوار ، و أحراش السلط و دبين و العالوك و ربى مأدبا وذيبان وعمان وأم قيس وعين جنة والربة والشوبك ، وأن أشتم رائحة الصفاء والنقاء من مياه الوالة والهيدان والحمة والسخنة ووادي الشتا وعين الجادور ووادي موسى ، وأن أستنشق عبق التاريخ والعز والفخار من روابي مكاور ومليح واليرموك ومؤتة ومعسكرات صلاح الدين في الزرقاء ، كيف لا يطيب لي ذلك والاردن بوابة الفتح الراشدي الأول في طبقة فحل ، وحاضرة بني أمية ومشتاهم في عمرة و الحرانة ، ومنطلق ثورة بني العباس في الحميمة ؟!
كيف لا يطيب لي ذلك والأردن أرض الحشد والرباط وبوابة بيت المقدس ؟!
دخل منها موسى عليه السلام وجنده المؤمنون ، وسيدخل منها أبطال أمة الإسلام ومجاهدوها مصداقاً لقول المصطفى عليه الصلاة والسلام :
" لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود ، أنتم شرقي نهر الأردن وهم غربيه "
كيف لا يطيب لي ذلك وعلى مسافة أميال قليلة منا مثوى أهل الكهف رضوان الله تعالى عليهم والذين نزلت فيهم سورة الكهف شقيقة سورة الإسراء وتوأمها ؟!
إن ولائي وانتمائي و حبي وعشقي لهذا الوطن نابع من إيماني و عقيدتي ، ويكفي أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر عمّان الحبيبة فقال (حوضي من مقامي هذا إلى عمّان البلقاء) ، وهي اليوم أرض الحشد والرباط وبلد المهاجرين والأنصار .
أنا أعشق التاريخ و أقدس عبقه وأنتشي لرؤية أي شاهد من شواهده الأثرية ، و أشعر بالسعادة و السمو و العزة و الكرامة الإنسانية عندما ألمس حفنة من تراب جبل القلعة أو تلال عمان فأجد في ثناياها قطع الفخار الحمراء المتناثرة و عظام الأجداد و رائحة حضارات غيبتها القرون و أحافير أمم نحتتها سنن التاريخ و نواميس الحياة و الموت .. كنت دائما و لا زلت أفتخر بأننا في الأردن و ما حوله نعيش في قلب العالم و ذاكرته الحضارية و أصالته الإنسانية و جذوره التاريخية .. حتى ليخيل إلينا أننا ما قبضنا على حفنة تراب و ما دقت مناجلنا حجرا إلا و فاح منه عبير الماضي العريق .
     لذا فقد حرصنا على استجلاء تاريخ هذه الأرض المقدسة و الاطلاع على كل آثارها و معالمها، فهي بلدنا و جذورنا و منبتنا و مدفن آبائنا و أجدادنا ، و هي مهد الأنبياء موسى و عيسى و شعيب و يوشع عليهم الصلاة و السلام ، و هي مزار سيد الرسل محمد صلى الله عليه و سلم ، و هي أرض الفاتحين و مثوى خمسة عشر ألفا من الصحابة الكرام  و فيها مراقد التابعين و الأئمة و الأولياء و الصالحين و الشهداء و الصديقين ، و هي فوق كل ذلك جوار المسرى و حوض المعراج ، و ممالك اليونان و الإغريق و الرومان و البيزنطيين ، و فيها حضارة العرب الأنباط الخالدة البديعة ، و مملكة مؤاب و إمارات الأدوميين ، و حصون المماليك ، و امتداد سلطنة بني عثمان ، و محضن الثورة العربية الكبرى ..
أما البتراء ، ففي كل مرة ندخلها نتوقف متأملين  مدينة كأنما نراها للمرة الأولى؛ تبهرنا خطوط النحت فيها بحدتها وصفائها و روعة صخرها المتوهج.
 مدينة البتراء الوردية المذهلة كانت ذات يوم حصنًا لشعب عربي قديم موهوب هم الأنباط ، تميزت بأسلوب بنائها المهيب وبالإبداع في أحواضها وسدودها وقنواتها التي أكسبتها صمودا أمام أعدائها الذين ضربت حولها حصار صعبا طويل الأمد .
تراث خلّفه الأنباط العرب الذين استقروا في جنوب الأردن قبل أكثر من ألفي سنة، وسيطروا من محطة القوافل المستترة تلك على طرق التجارة في بلاد العرب قديمًا فكانوا يفرضون المكوس، ويؤوون القوافل المحملة بسلع عربية كاللبان والمرّ المستعملين كبخور، وبالتوابل والحرير الهندي والعاج وجلود الحيوانات الإفريقية.
لقد امتدت المملكة النبطية في أوج قوتها وشملت أجزاء من صحراء سيناء في مصر وصحراء النقب في فلسطين ،  فكانت بذلك تحكم فعليًا الجزء الأكبر من بلاد العرب ، وأصبحت محط إعجاب واسع بثقافتها الرفيعة وأسلوب بنائها المهيب وشبكة سدودها وقنواتها المائية المحفورة بنسق عظيم داخل الصخر .
     سجل بكل فخر أنني مسلم عربي ، و احفر بجوف الصخر إني أردني .. سجل فخري و اعتزازي بأن أجدادي الأنباط و العرب و المسلمين و الأمويين حكموا العالم من هنا.

    

hishamkhraisat@hotmail.com


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 9629
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
14-10-2009 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم