حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,20 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 3191

القدر خيره وشره

القدر خيره وشره

القدر خيره وشره

27-06-2009 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

روى البيهقيُ في أمرِ القدرِ عنْ عطاءٍ بن السائبْ عنْ ميسرةَ عنْ عليٍ بن أبيْ طالبٍ رضيَ اللهُ عنهُ ، أنّهُ قالَ : " إن أحدكم لنْ يخلصَ الإيمانُ إلى قلبهِ حتى يستيقنَ غيرَ ظنّ ، أنَّ ما أصابَهُ لمْ يكنْ ليخطيئه ، وما أخطأهُ لمْ يكنْ ليُصيبه ، ويُقر بالقدرِ كُلهْ " ، ومعناهُ :- لا يجوزُ أن يؤمن ببعض القدرِ ويكفرَ ببعضهِ ، بل يجبُ على كلِ مسلمٍ أن يؤمنَ بكلِ ما يجريْ في الكونِ منْ خيرٍ وشر ، ضلالةٍ أو هدى ، عُسرٍ أو يُسر ، كل شىءٍ هذا أو غيره في هذا الكونِ هو بخلقِ الله ، ومشيئتِهِ حدثَ وكان ، ولولا أنَّ اللهَ تعالى ما شاءَ وجودهُ وكونهُ وخلقَهُ ما حصلْ ، ويؤيدُ ذلكَ ما رواهُ الإمامُ أبو حنيفةَ النُعمانْ عن الهيتم عن الشعبي عن عليٍ ، أنّهُ خطبَ النّاسَ على منبرِ الكوفةِ فقال : " ليسَ منّا منْ لمْ يؤمنَ بالقدرِ خيرهِ وشرّه " ، وقال الإمامُ الحسنُ البصري : " مَنْ كذَّبَ بالقدرِ فقدْ كفَرْ " . ومن أنكرَ الإمانَ بالقدرِ كُلِهِ أو بعضِهِ فقدْ كفر ، والكفرُ منْ أسبابِ الخلودِ في نارِ جهنَّمْ إلى أبد الأبادْ ـ والعياذّ باللهِ منها ـ ، فالرسول صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ لمّا جاءَهُ جبريلَ عليهِ السلام يسألهُ عن بيانِ الإسلامِ والإيمانِ والإحسانِ ، أجابَهُ عنْ الإيمانِ صلّى اللهُ عليهِ وسلم ، بقولِهِ : " أن تؤمِنَ باللهِ وملآئكَتِهِ وكتُبِهِ ورُسُلِهِ واليومِ الآخرِ وتؤمنَ بالقدرِ خيرهِ وشرِّه ، فقالَ لهُ جبريلَ عليهِ السلام :"صَدَقتْ" " ، رواهُ الإمامُ مُسلِمْ في صحيحِه . فبينَ لنا صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ أنَّ الإيمانَ منْ جُملَتِهِ الإيمانُ بأنَّ المقدورَ الّذي منهُ ما هو خير ومنهُ ما هو شرّ وجدَ بتقديرِ اللهِ تباركَ وتعالى ، فمن أنكرَ ذلكَ لا يكونُ مؤمناً ، وإن شهد أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ مُحمَّداً رسولُ الله ، قال القاضي أبو بكرٍ بن العربي : " منْ أعظمِ أصولِ الإيمانِ القدر ، فمنْ أنكرَهُ فقدْ كفرْ " ، وروى البيهقيُ رحمهُ الله في أمرِ القدرِ عن عطاء بن السائب عنْ ميسرةَ عن عليٍ بن أبي طالبٍ رضي اللهُ عنهُ ، أنَّهُ قال : " ليسَ منّا من لمْ يؤمن بالقدرِ خيرهِ وشرّه " . والقدرُ بمعنى " التقدير " كما ذُكرَ في كتابِ ( الإرشاد ) للجويني ، وقالَ الزَّجاج ـ وهو لغوي ـ : القدر ( التقدير وهو التدبير ) وهو : " جعل كل شىءٍ على ما هو عليه " ، وحاصلهُ أنَّ القدرَ هو مشيئةُ الله تعالى التابعةُ لعلمهِ ، أي الموافقةُ لعلمهِ تعالى عنْ النقائصِ والمشابهةِ لخلقه ، لأنَّ المشيئةَ لا تُخالفُ العلم ، فما شاء اللهُ حصولَهُ علمَ حصولَهُ فلا بدَّ أنْ يحصلْ ، أي ما شاءَ اللهُ تعالى دخولَهُ في الوجودِ كان ـ أي وجدْ ـ ولا أحد يمنعُ نفادَ هذهِ المشيئة ، لا دعوةَ داعٍ ولا صدقةَ مُتصدق ، ولا بِرَّ والدَين ، ولا شىءَ من الحسنات ، إنما ينفعُ ما ذُكِرَ وغيرهُ من الأعمالِ الصالِحاتِ ، إن كانَ سَبَقَ القَدرُ أن هذا الإنسان يفعلُ هذهِ الدعوة أو يتصدق أو يبر والديه أو يصلُ رحمه ، فيعطى ما طلبهُ أو يُدفع عنه ما طلب أن لا يصيبه ، أي أن علم الله قد سبق أن ما يعطاه أو يدفع عنه لا يكون إلا بالدعاءِ أو البر بالوالدينِ أو الصدقة أو أي من الأعمالِ الصالحة ، وهنا صارَ دعاؤهُ من القدرِ ونيلِهِ لطلبهِ منْ القدرِ أيضا ، وانصرافُ البلاء الذي طلبَ من اللهِ أن لا يصيبَهُ من القدر ، والمحصلة أنَّ كلَ شىءٍ من القدرِ ، فقد كانَ رسول الله صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ ، يُعَلِمُ بناتِهِ قائلاً : " ما شاءَ اللهُ كان ، وما لمْ يشأ لمْ يكنْ " . وأما ما يعتقِدُهُ البعضُ بأن الدعاءَ يردُ القضاءَ فغيرُ صحيح ، لأنَّ قولَهمْ هذا يؤدي إلى القولِ بأنَّ مشيئةَ الله تتغير ، وتَغَيُر المشيئة دليل الحدوث ، لأنهُ لو كانَ يحدثُ في اللهِ صِفةً لمْ تكنْ له في الأزلِ لاحتاجَ لمنْ يُخصصهُ بها ، والمُحتاجُ لا يكونُ إلَهاً ، ومما يدل على أنَّ الدعاءَ لا يردُّ القضاءَ الحديثَ الذي رواهُ الإمامُ مُسلم : " سألتُ ربي ثلاثاً فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة .... " ، فلو كانَ الدعاءُ يردُّ القضاءَ لكانَ رُدَّ بدعاءِ سيدنا محمّد صلّى اللهُ عليهِ وسلم أشرفُ خلقِ الله كلِهمُ، فلما يدعوا الأنسانُ ربّهُ ويتحققُ دعاؤهُ فذلكَ لأنَ اللهَ شاءَ تحققَ دُعائهْ ، وإن لم يتحققُ فلأنَّ اللهَ ما شاءَ حصوله ، ويكونُ لهُ الأجرُ والثوابُ بدعائِهِ هذا ، وقد وردَ عن الرسولِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ أنَّ اللهَ سبْحانَهُ وتعالى قالَ لهُ : " إني إذا قضيتُ قضاءً فإنَّهُ لا يُرَدْ " ـــ رواهُ ابن حبانْ ــ ، وأما قول الله تعالى : " ادعوني أستجب لكم " فمعناهُ : اعبدوني أُثَبِتَكُمْ ، وقولِهِ تعالى : " وما دُعاءُ الكافِرينَ إلا في ضلال " فمعناهُ : أنَّ عبادَتهمْ فاسِدة ، وأما قوله صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ : " ولا يرد القدر شىءٌ إلا الدعاءْ " ــ رواه الترمذي ــ وقولُ ابن عباس الذي رواه البيهقي : " لا ينفعُ الحذرُ من القدرِ ولكنَّ اللهَ تعالى يمحو بالدعاءِ ما يشاءُ من القدر " ، فليسَ فيهِ دليل على أنَّ الدعاءَ يُغيرُ مشيئة الله ، إنما المُرادُ بهِ القدرُ المُعلََّقْ ، بمعنى أنَّهُ كتبَ في صُحفِ الملائِكةِ أن (فُلان) إن برَّ والِديه يكونُ عمره (مثلاً) 100 عام ، وإن لمْ يفعلْ يكون عمره 60 عاماً ، أو إن تصدَقَ أو وصلَ رحمهُ وما شابَهَ ذلكَ من الأعمالِ الصالحةِ ، فهذا الشىءُ الذي يحصلُ لهذا العبدِ يُقالُ لهُ " القضاءُ المُعَلّقْ " وذلكَ لأنَّهُ كتبَ في صحفِ الملائِكةِ على وجهِ التعليقْ ، أمّا الله تباركَ وتعالى فإنَّهُ عالِمٌ في الازلِ بأنَّ (فلانٌ هذا) يفعلُ كذا ويكون لهُ كذا وشاءَ لهُ ذلكْ . فالشافعيُ رضيَ اللهُ عنهُ يقول : " ماشِئتَ ـ أي الله ـ كان ، ما شئتَ دخولَهُ في الوجودِ وجدَ وحصلَ لا بدْ وإن لمْ أشأ ـ أي العبد ـ ، وما شئت ـ أي العبد ـ إن لم تشأ لمْ يكنْ " ، أي أنَّ مشيئتكَ أزليةً أبدية لا تتخلف ، وأما مشيئتيْ ـ العبد ـ فهيَ حادِثة لأنها لا تحصل إلا أن تشاءَ أنتْ في الأزلِ أن تحصلَ مني المشيئة ، ثمَّ إنَّ أن تتنفذَ وإما أن لا تتنفذ ، وإن تحققَ فلأنَّ اللهَ شاءَ في الأزلِ حصوله ، وإن لمْ تتحققَ فلأنَّ اللهَ تعالى ما شاءَ في الأزلِ حصول مرادنا الذي تعلقتْ بهِ مشيئتنا ، " خلقتَ العِبادَ على ما عَلِمتَ ... ففي العلمِ يجريْ الفتى والمسنْ " أي أنَّ اللهَ تباركَ وتعالى يُبرزُ العبادَ للوجودِ بعدَ العدمِ على حسبِ ما سبقَ في علمهِ الأزلي ، لا على خِلافِ علمهِ الأزليْ ، لأنَّ تَخَلُفَ العلمِ في حقِ اللهِ مستحيلْ ، أي ما عَلِمَ اللهُ وجودهُ لا بدَّ أن يوجد ، وما علمَ اللهُ أنَّهُ لا يوجد لا يوجد ، والفتى الذي هو ذو قوةٍ ونشاط ، والمُسنُ الذي هو ذو عجزٍ وضعف ، كل منهما لا يحصلُ منهُ شىء من الحركاتِ والسكناتِ والنوايا والمقصودِ والإراداتِ والسعي للأعمالِ إلا على حسبِ علمِ اللهِ الأزليُ الأبديْ . " على ذا مننتَ ، وهذا خذلتَ ، وهذا أعنتَ وذا لمْ تُعنْ " على ذا مننتَ " أي وفقتَهُ للهُدى والصلاحِ وعلو القدرِ في الإيمانْ " ، وهذا خذلتَ " أي هذا ما وفقتهُ فلم يهتديَ للحقِ ولمْ يقبل الحقَ " ، وهذا أعنتَ " أي أعنتهُ على الأعمالِ التي تُرضيكَ " ، وذا لمْ تُعن " أي ما أعنتهُ على ما يُرضيك " ، فالإعانةُ على الخيرِ توفيقٌ ومَنٌّ وفضلٌ من اللهِ تعالى ، والإعانةُ على الشرِّ خُذلان ، قال الرسول صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ : " إنَّ اللهَ يُبغِضُ كلَّ جعظريٍ جَوَّاظٍ سَخّابٍ بالأسواقِ جيفةٍ بالليلِ حمارٍ بالنهار ، عارفٍ بأمرِ الدُنيا جاهلٍ بأمرِ الأخرة " ـ رواهُ ابن حبان في صحيحه ـ ، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، في الحديثِ الذي يرويهِ ابن حبانٍ في صحيحهِ : " إنَّ اللهَ يُبغِضُ كُلَّ جَعظَريٍ جَوَّاظٍ سَخَّابٍ بالأسواقِ ، جيفَةٍ بالليلِ حمارٍ بالنّهارِ ، عارفٍ بأمرِ الدُنيا جاهلٍ بأمرِ الآخرةِ " ، في هذا الحديثِ الشريفِ سمَّى صلّى اللهُ عليهِ وسلَمَ أُناساً وَصَفَهُمْ بهذهِ الصفاتِ ، وهيَ : الصفةُ الأولى :- أن يكونَ المرءُ جعظرياً : وهو الجموعُ المنوعُ الذي يحرِصُ على جمعِ المالِ بنيةٍ فاسدة ، وهيَ أن يكونَ جَمعَهُ للمالِ حُباً بالمالِ من حيثُ ذاتهِ ليتوصلَ إلى إشباعِ شَهَواتِهِ المُحرَّمةِ ، وليفخَرَ ويَتَكَبرَ على عِبادِ الله ، ليسَ يجمعُ المالَ من طريقِ الحلالِ ليصرِفَهُ فيما أحلَ الله ، لأنَّ الذي يجمعُ المالَ ليصرِفَهُ بالحلالِ لا ليفخَرَ بهِ على النّاسِ وكانَ قد جمَعَهُ من حلال ، ولا ليبطرَ به بطراً ، ولا ليتوصلَ بهِ إلى الشهواتِ المُحرَّمةِ ، فإنَّ ذلكَ ليسَ بمذمومٍ لأنَّ رسولَ الله صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لم يّذمَّ المالَ ذماً مُطلقاً ، ولا مَدَحَهُ مدحاً مُطلقاً ، فالمالُ منهُ ما يُذمُ ومنهُ ما يُمدح ، والدليلُ على ذلكَ ما رواهُ أحمد بن حنبل وابنُ حبانٍ بالأسنادِ الصحيحِ المُتصلِ ، أنَّهُ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، قالَ : " نِعمَ المالُ الصالحُ للرجلِ الصالح " ، والرجلُ الصالحُ هو الذي يقومُ بحقوقِ اللهِ وحقوقِ العباد ، يعرفُ ما افترضَ اللهُ عليهِ ويؤديه ، ويعرفُ ما حرمَ اللهُ عليهِ ويجتَنِبَه . الصفةُ الثانية :- الجَّواظُ : وهو الرجلُ المُستكبرُ ، فإذا جُمِعَ مع صفةِ الجَعظَريِّ فقد ارتَفعَ في الشرِّ والفساد . الصفةُ الثالِثة :- سَخَّاباً بالأسواقِ : أي أنَّهُ من كثرةِ حبهِ للمالِ يُكثرُ الكلامَ في سبيلِ جمعِهِ . الصفةُ الرابعة :-جيفةً بالليلِ : يقضي ليلهُ في النَّومِ ، ولا يهتمُ بأن يكسبَ في ليلهِ من الصلواتِ والعباداتِ بأنواعها . الصفةُ الخامسة :- حماراً بالنّهارِ : يكونُ همُّهُ التفننَ بالأكلِ والإكثارِ منْ الملذاتِ ، وينشغلُ بذلكَ عنْ القيامِ بما افتَرَضهُ اللهُ عليه . الصفةُ السادسة :- عارفاً بأمرِ الدُنيا جاهلاً بأمرِ الأخِرة : ـ أضف هذهِ الصفةِ إلى بقيةِ الصفاتِ المذكورةِ فيما سبقْ ، يزدادُ شرَّ منْ اتصفَ بها مُجتَمعة ـ ، أي أن يكونَ مُلماً بما يهُمَّهُ منْ أمورٍ دُنيَوية ، وغيرَ عالمٍ بأيةِ صغيرةٍ أو كبيرةٍ عنْ آخرَتهِ التيْ فيها معاشَهُ الآبدي . لقد أتيتُ بهذا الحديثِ الشريفِ لأوضحَ صورة خاصة بضرورةِ الإيمانِ بالقدرِ خيره وشره ، وأنَّ كل ما يمضي أو مضى أو سيأتيْ هو في علمِ الله ، وهذا في قولهِ تعالى في سورةِ الأنعام : " وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَآ إلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِى ظُلُمَاتِ الأرضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إلّا فِى كِتَابٍ مُّبِينٍ " ، وقد يقولُ قائِلٌ ما دخلُ هذا الحديثِ بالقدرِ موضوعَ الدرسْ ، فأقولُ موضحاً : لا سبيلَ إلى معرِفةِ مَا أحلَّ اللهُ وما حرَّمَ إلا بِمعرِفةٍ بأمورِ العلمِ الدّينيّ ، والذي قالَ فيهِ الرسولُ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : " طَلَبُ العلمِ فَريضَة على كلِ مَسلم " ، رواهُ البيهَقي ، فمن أعرضَ عنْ التعليمْ هلكَ وهوَ لا يَشعُر ، وقالَ الإمام علي رضيَ اللهُ عنهُ : " ارتحلتْ الدُنيا وهيَ مُدبِرة ، وارتحَلَتْ الآخرةُ وهيَ مُقبِلة ، فكونوا منْ ابناءِ الآخرةِ ولا تكونوا منْ أبناءِ الدُنيا ، اليومَ العَملُ ولا حِسابْ ، وغداً الجزاءُ ولا عَمَلْ " رواهُ البُخاري . قالَ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : " ما شاءَ اللهُ كانَ ، وما لمْ يشا لمْ يكنْ " ، وقد كان يُعلِمُ بناتِهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ هذا الحديث ، أي أن ما أراد اللهُ لهُ أن يكونَ كان وما لمْ يُرد لهُ أن يكونَ لا يكونَ ولو اجتمعت الأنسُ والجنُّ على أن يجعلوهُ موجوداً ما جعلوه ، فلو اجتمعت الأنسُ والجِنّ على أن ينفعوكَ بشىءٍ ما كتبهُ اللهُ لك ما نفعوكَ به ، ولو اجتمعتِ الأنسُ والجِنّ على أن يضروكَ بشىءٍ ما كتبهُ اللهُ عليكَ ما اضروكْ ، فقد رُفِعَتِ الأقلامُ وجُفتِ الصُحف ، كما وأنَّ الشخصَ يعملُ بعملِ أهلِ الجنَّةِ حتى لا يبقى بينهَ وبينها ذراع ، فيسبقُ عليهِ الكتابُ فيعملُ بعملِ أهلِ النّارِ فيدخُلَها ، وأنّهُ قد يعملُ بعملِ أهلِ النّارِ حتى لا يبقى بينهُ وبينها ذراع ، فيسبقُ عليهِ الكتابُ فيعملُ بعملِ أهلِ الجنَّةِ فيدخُلَها ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفتِ الصُحُف ، كما وأنه قد وردَ في الحديثِ الصحيحِ عن رسولِ اللهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ أنَّ أول ما خلقَ اللهُ القلم ثمَّ قالَ لهُ اكتُبْ ما هوَ كائِن إلى يومِ القيامةِ ، كما وأنَّ قولَ أحدهمْ بأنَّ اللهَ ما كتبَ عليكَ ذلكَ أنتَ منْ جناهُ على نفسهِ ، يدلُ على جهلِ هذا الشخصِ باللهِ أولاً وبالعلمِ الدّينيّ ثانياً ، معْ نفيهِ صفةُ العلمِ عنْ الله ، وهذا كُفرٌ والعياذُ بالله ، فقد سبقَ وأن قالتْ المُعتَزلةُ أنَّ الشرَّ منْ خلقِ البشرِ لا منْ خلقِ الله ، وفي هذا تكذيباً لقولهِ تعالى : " وَخَلَقَ كُلَ شىء " ، والإيمانُ بالقضاءِ والقدرِ خيره وشرّهِ من أركانِ الإيمانِ التي لا يكون الشخصُ مؤمناً إلا بتمامِ إيمانِهِ بها ، فعلينا التنبهُ إلى ما نتلفظُ بهِ منْ الفاظٍ قدْ نراها بسيطةً وهيَ عندِ اللهِ عظيمة ، واختِمُ بما قالهُ الإمامُ علي بن ابي طالب رضي اللهُ عنه : " النّاسُ ثلاثة : عالِمٌ ربّانيّ ، ومُتَعَلمٌ على سبيلِ النَّجاةِ ، وهمجٌ رُعاع أتباعُ كلِ ناعق " ، وآخرُ دعوانا أن الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ والصلاةُ والسلامُ على سيدِ المرسلينَ سيد ولد آدم محمّدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ الطيبينَ الطاهرينْ . mwfqahmad@yahoo.com


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 3191
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
27-06-2009 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم