حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,28 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 8357

في التغيير الاجتماعي

في التغيير الاجتماعي

 في التغيير الاجتماعي

26-06-2009 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

 

     عندما يتم بناء الفرد بعيداً عن التأثيرات الاجتماعية الضارة فعند ذلك  نضمن ان يكون المستقبل بايد امينة، وان هنالك نهاية لهذا النفق الممتد الذي تمر به اجيالنا ولا يكاد يكون له نهاية، فالفرد يتعرض منذ نعومة اظفاره الى موروثات تدخل في تشكيل شخصيته فيما بعد، وتظل تستكمل نفسها مع باقي حلقات هذه الدائرة الاجتماعية المغلقة، والتي باتت تفصلنا عن العقل البشري، وهنالك قضية بالغة التعقيد تقف في وجه الدعوة الى الاستفادة من تطور المجتمعات البشرية تتعلق بما وصلته الحريات في تلك المجتمعات من انفلات اثر على الاسرة وكاد يلغيها، وجعل التجربة الغربية تقابل بالرفض بالرغم من ان مخرجاتها من قيم سلوكية تفوق مخرجات عمليتنا الاجتماعية، فالانسان في الغرب يتمسك بالنظام، والمصداقية، والحرية الفردية، ويشجع على الابداع، ونحن انساننا يميل الى الماضي، والخوف من الحياة، وتشديد القيود الداخلية، والنفور من التجديد، ويتميز بالباطنية، وعدم التوازن السلوكي، فسلوكنا الاجتماعي مدعاة للآسف من حيث احترام الوقت، والعمل، وحتى مجتمعاتنا فهي مغرقة بالماضوية، وتفسير الاحداث عندنا يستمد جزءاً كبيراً منه من الغيب، ونحن تبريريون بالطبع ونصنع عدواً وهمياً لنلقي عليه اسباب فشلنا، وغالباً ما نضع المسؤولية على الغير، واذا لم نجده رميناها على الظروف، والحظ التعيس.

ونعاني من عدم وجود سلم مجتمعي حقيقي فنحن نستخدم العشيرة كعامل تهديد بيني، وليس كعنصر تعريف، وقد خرجت من كونها وحدة اجتماعية الى تكوين سياسي يبحث له عن امتيازات، وأثر على مفهوم المواطنة، وعندما يتم التعارف بين اثنين فغالباً ما يتطرق الى العشيرة وكأنها دعمة خلفية لكليهما، وكأن الاول يذكر الثاني بتفرده وحتى سلامنا فيشي بوجود عداء باطني،   فنحن نبالغ في القبل فتشعر ان كل فرد يناشد الآخر بهذه الطريقة ان يصدق صدق عواطفه اتجاهه.

وطرحنا انفسنا كضحايا في الحياة وبؤساء بدعوى تكالب الامم علينا، ووظفنا الموروث الديني بطريقة خاطئة في دعم كسلنا العقلي، وعدم بناء الفرد بشكل يتناسب مع ظروف حياة اليوم، فالله ملزم ان يقوم بكل مهماتنا ما دمنا مسلمين، وهو المعني بتحرير اراضينا المحتلة، وحتى القيام بأقل شؤوننا اهمية، واكتفينا شر القتال.

وموروثنا الاجتماعي يتسبب في عدم بناء الفرد النوعي الذي يكتفي بالاستناد الى العشيرة لابراز قوته الاجتماعية،  وبذلك اكتفى الفرد بهذه القوة الوهمية التي ظن انها تسنده في الحياة، ولم يحاول ان يبني تميزاً خاصاً به يعطيه دوراً ما دام حياً.

وبناء على حالة التفاخر بالانساب ، وتصديق هذا الوهم ترفعنا عن كثير من المهن فلا تكاد تجد في غالبية قرانا بليطاً، او كهربجياً، او معمارياً او صاحب كراج ناجح، او حتى حلاقاً ماهراً، وفضلنا البطالة على ممارسة هذا الانتاج ، وملنا الى الوظيفة الرسمية كونها تحتمل البرستيج، وامتلأت الوزارات والدوائر بالبطالة المقعنة بفضل الواسطة وهي مظهر من رداءة نظامنا الاجتماعي الذي لا يؤمن بالمساواة، وتركنا جزءاً مهماً من السوق للعمالة الوافدة التي نادراً ان تجد احد افرادها لا يحمل شهادة جامعة او كلية على اقل تقدير.

وفهمنا المغلوط للدين ساهم في وضعنا في مرتبة اعلى من غيرنا على اعتبار اننا مسلمون، وهذا بحد ذاته يرفعنا فوق البشر، وليس ما نحسن من اعمال، وما نقدم للحضارة، او ما يصدر عنا من سلوك فردي يجب ان يؤشر على افضليتنا.

وها نحن تحولنا اليوم الى عالات على الدنيا، لا نكاد ننتج، ولا نقرأ، والتطور الاجتماعي عندنا بطيء وقد امسكت برقبته الموروثات، وبدا انساننا اقرب الى المريض نفسياً، وهو لا يكف عن التفاخر بذاته التي ترفعه عن ذوات الآخرين، ويعتقد ان له تميزاً اين منه انسان الحضارات في هذه الدنيا، وحتى التوسع بافراحنا واتراحنا فمنعكس عن ذلك، وقد تأخرنا في كثير من شؤون حياتنا لأن الفرد لا يحسن التعامل السليم مع الحياة، ويغادر الدنيا دون ان يضع بصمة على أي انجاز، وتحول الى كتلة من العقد، وعانت المرأة من عدم انسجام حقيقي في مجتمع لا يكاد يعيش في النور، وزادت حالات الطلاق، وها نحن نشهد بداية توسع دائرة الانتحار في مجتمعاتنا.

وهي دعوة لاعادة قراءة مجتمعاتنا بعيداً عن التعصب وبما يلغي اثر الموروثات من نظامنا الاجتماعي فنحن ما نزال الى هذه اللحظة نمارس الجلوة، وما نفتأ نزج العشيرة كقوة في التوازن الاجتماعي، ونهمل دور الفرد النوعي.

 وفهمنا للدين يجب ان يعاد وضعه في سياقه التنويري ، وليس كعامل احباط فلا يعقل ان العالم في جهة قصية من التقدم، ونحن ما نزال نتحدث عن ارضاع الكبير، وجواز تطليق المرأة لزوجها السمين.

ان عربي المستقبل يجب ان يكون انساناً ايجابياً، وعامل بناء، وعطاء في هذه الدنيا، وليس نتاج عملية هدم ذاتي لا تكاد تتوقف.

 


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 8357
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
26-06-2009 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم