حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,24 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 15638

راكان المجالي يكتب: من الصحافة إلى السياسة ..

راكان المجالي يكتب: من الصحافة إلى السياسة ..

راكان المجالي يكتب: من الصحافة إلى السياسة ..

25-10-2011 03:25 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - لستُ الأوّلَ وبالتأكيد لَنْ أكون الوزير الأخير، الذي ينتقل، مؤقّتاً، من بيتِ الصحافة وهُمومها، إلى بيتِ السياسة ومحاذيرها، وإنْ كانت المسافة، بينَ البيتينِ، الصديقينِ واللدودينِ في آنٍ معاً، ليست "مفازَة..". وكلٌ لهُ شجونُه وشؤونُه، وأروِقَتهِ وفناءاتهِ، ومصاعبه ومُشكلاته وتناقضاته، فإلى أيّ "بيتيكَ.."، أو قُلْ جَنبيكَ، تَميلُ..!؟
 
ولأنّ "القولَ.." كان في البدءِ، في تاريخ البشرية، مشروطاً ومُقدّساً. وبعدَ البدءِ، صارَ القولُ المكتوبُ، في قانوننا الأردنيّ، للموظّف العموميّ، مشروطاً بموافقة رئيسِ الوزراء، فأستميحُ القارىء بِفسحةٍ مِن: التوضيح، والتفسير، والتأكيد.
 
فأمّا التوضيحُ، فهو أنّني وقبلَ كِتابة هذا النصّ استأذنتُ الرئيس ، تحت سقف الدستور الأردني الجديد وقوانينه، الذي أقسمت، لِتوّي، على كتاب الّله المجيد، "أن أُحافظ عليه.."، و"أن أكون مُخلصاً للملك.."، و"أن أخدم الأمّة.."، وزيراً في حكومة الرجل الراشد والرشيد، دولة السيّد عون الخصاونة، رأساً للولاية العامة، التي تُمثّلها الحكومة، التي يُمارسُ مِن خلالها جلالة الملك سلطاته التنفيذية، كما يُحدّدها الدستور.
 
حكومة القاضي والنائب لرئيس محكمة العدل الدولية، الذي تخلّى عن موقعه العالميّ المرموق فيها، مِن أجل موقعٍ محليّ هو الوطن بعينه، وهمومه وشجونه، في حِقبةٍ بالغة الحساسية والدقّة والأهميّة. حكومة الرجل، الذي وصفه جلالة الملك، عِندَ تكليفه، بأنّه "أحد أبرز المراجع القانونية على المستوى العالمي".
 
أمّا التفسيرُ، فربّما يرى فيه البعضُ بأنّه فائضٌ عن الحاجة، أو لا لزومَ لهُ، غيرَ أنّي رأيتُ أنّه ضروريٌ ولازِمٌ. فالضرورةُ، تأتي مِن باب تفسير جدوى الإنتقال، مِن الصحافة إلى السياسة لشخصٍ مثلي. واللزومُ، يجيءُ مِن رِحابِ أسئلةِ الأسباب الشخصية، سيّما وقد قضيت عُمري كُلّه في مهنة الصحافة وبيتها: صحفيّاً، وكاتباً، رئيسَ تحريرٍ، ونقيباً للصحفيين.
 
ففي التفسيرِ، أستطيعُ القولَ بأنّه لا أدقّ مِن اللحظة العربية الراهنة، في تاريخ الأوطان العربية الحديث.
 
لحظةٌ يحتاج الوطن فيها إلى كلّ أبنائه، ويعجِمُ فيها عيدانَه. لحظةٌ، لا تُساءَلُ فيها المقاديرُ، عن مصائر الأوطان: "هَلْ لاَ زِلْتِ سَادِرَةً / أَمْ أَنْتِ خَجْلَى لِمَا أَرْهَقْتِهِ نَصَبَا؟".
 
بل يُساءَلُ فيها الولاةُ والمسؤولون، وقادةُ الناس والجماعات والعصبيّات، عَن كلامهم وأفعالهم ودعواتهم: "هَلْ تَبْتَغِي مَطْمَعاً أَوْ تَرْتَجِي طَلَبَا؟". ويشهدُ الّله ، بأنّني لم أرتَجِ طلباً أو مطمعاً. لكنّه الوطنُ والأمّة، والمخاطرُ المتزايدة عليهما، ساعةً تلوَ ساعة، وحيرةُ المواطنِ العربيّ فيما ينبغي عليه ويجبُ، وإمكانية ذلكَ وجدواه ..
 
فهَذَا البَلَدُ الطيّب، الذي أخذ شكل "الضِّيَاءَ.."، الواضحَ والكاشفَ في آنٍ معاً، فأهْدَى إلى "مكامِنِهِ.." لصوصاً ونهّابين، وأفاعي "تَنْفُثُ العَطَبَا". فيما أبناؤهُ يلهجون بالرجاءِ "يا ربُّ نَوِّر لَنَا، إنَّنَا فِي أَيِّ مُدَّلَجٍ"، ذلكَ أنّ زُمَرَ الفكرِ والسياسة والعصبية والدين والثقافة.
 
"تَفَرَّقَتْ فِي ضَلالاتِ الهَوَى عُصَبَا"، تتصَيّدُ "الجَاهَ وَالأَلْقَابَ" والمصالحَ، متناسيةً "بِأَنَّ فِي فِكْرَةٍ قُدَسِيَّةٍ لَقَبَا"، ومُشيحةً بوجهها ورؤاها، عَن حقائق الدينِ والدُنيا، وبأنّه "تَأْبَى انْحِلالاً رِسَالاتٌ مُقَدَّسَةٌ / جَاءَتْ تُقَوِّمُ هَذَا العَالَمَ الخَرِبَا"..!؟
 
فإذا كانت الأحوال العربية، البائسةِ والخطيرة، والتي شاهدَها المواطنُ العربيّ، طوال عامٍ تقريباً، صوتاً وصورةً، ولحظةً بلحظةٍ، أوصلتِ الناسَ، في بلادنا، إلى يقينٍ مفاده بأنّه: "ما أقبحَ الدُّنيا إذا / ضَلَّ الرُّعَاةُ وما أَضَلاَّ".
 
فإنّ الأردنيين عَرَفوا، والحمدُ للهِ، كيف يُحبّون وطنَهم ومليكَهم، وجوهرَ وطبيعة الحُكم في بلادِهم، منذُ أن تفتّحت أبصارهم وبصائرهم على إمارتهم الفتيّة، عشيّةَ خمودِ نار الحرب الكونيّة الأولى.
 
تماماً، كما عَرَفَ ملوكُهم، الهاشميون الأردنيون، كيف يسوسونَ العِباد والبلادَ، فيُجنّبون الناسَ مخاطرَ العواصف.
 
فمِن عبد اللّه الأوّل، إلى عبد اللّه الثاني، لم ينسَ الأردنيونَ كم مِن الأهوال تمّ اجتيازُها بأمانٍ، وكم مِن الحِقَب والمراحل القاسية رَسَت فيها سفينةُ الأردن إلى برّ السلامة. كيفَ لا، وسيّدُ البلاد يُحبُّ سماعَ قول "الفاروق عُمر..": "إنني أحب قيادة السفينة أثناء العاصفة .."..!
 
ولأنّ "هذه المرحلة.. تتميّز بطابع الإصلاح السياسي"، كما شخّصها جلالة الملك، و"ضمن رؤية إصلاحية شاملة"، مُحدّداً أنّ "مهمة هذه الحكومة.. هي الإصلاح السياسي"، وبالتفاصيل التي ورَدت في كتاب التكليف. وهو ما تفهّمه دولة الرئيس عون الخصاونة، وباشَرَ تنفيذه منذُ لحظة التكليف الأولى.
 
ولأنّه لا أمانَ بلا أمنٍ، فقد جاء التغيير الحكوميّ الجديد متلازماً مع تغيير في رأس المؤسسة الأمنيّة. فبالمضيّ "في تنفيذ خطّة تطويرية وتحديثية لهذا الجهاز الوطني"، يأمل جلالة الملك، في اللحظة الراهنة، بترجمة رؤيتهِ "الإصلاحية الشاملة". ولا يتحقّقُ ذلكَ إلّا بالإلتزام "بروح الدستور والقانون، وقدسية الحفاظ على حقوق الإنسان، وحريته وكرامته"، كما قالَ اللواء فيصل الشوبكي، في رسالته الجوابية إلى الملك.
 
قد يكونُ مِن اليسير الآن، وفي سياق المديح الشخصيّ لِلواء الشوبكي، وهو، في رأيي الشخصيّ، يستحقّ ذلكَ فعلاً، القولَ:"تلكَ الأمانةُ أَوْدَعَتْ / أثقالَهَا كُفُوَاً وَأَهْلاَ"، لكنّه قولٌ مُحبٍّ، ورأيُ منحازٍ، يأخذُ شكلَ الشهادة المجروحة. فمَن يعرفون المهمّات المهنيّة، التي أنجزها الرجل، في عُمرِ جهاز المخابرات الأردنية العامّة، يذكرونَ أنّه كان "يَقْفُو بِعَيْنِ النَّسْرِ تَرْقُبُ.." ذِئاباً وضِباعاً وبنات آوى، بِعلمٍ ورويّةٍ وصبرٍ، عزّ نظيرها.
 
أمّا ما هو حقٌّ، ويؤكّدهُ تاريخُ الرجلِ، وعملهُ وجدّيتهُ، في المؤسّسة نفسها، فأقوله، بكلّ راحة الضمير الأردني النقيّ، بأنّها أمانة الوطن الأثقل، وأنّه يُريدها للناس والوطن مَغْنَمَ أمنٍ وأمانٍ، على حدّ تعبيرِ الجواهريّ: "كانتْ لهُ غَلاًّ وَآخَرُ / شَاءَهَا للناسِ غُلاَّ "..!؟ وسيرى الأردنيونَ، في قادِمِ رئاسته لمؤسّسة الأمن الأردنية الأبرز، مفرداتِ التطبيق الفعلي لقولِ الحقّ سبحانه: "وقُل اعملوا.."، وإنّ غداً لناظرِهِ قريب.
 
أما في باب التأكيد، الذي أشرتُ إليه، فإنّ في قولَ الزعيم الإنجليزيّ "ونستون تشرتشل"، بأنّه يبحثّ "عن حقيقة الأمة في حبر المطابع وصفحات الصحف"، ما يجعلُ من الصحافة، الحرّة والمستقلّة، البيت الأوّلَ والأخير للصحفيّ المهنيّ المُحبّ لمهنتهِ، على الرغم مِن، أو ربّما بسبب، ما يخسرهُ الصحفيّ بالسياسة من استقلاليته الكاملة.
 
ولِما لجريدتيّ "الرأي" و"الدستور"، في نفسي، وفي تاريخيّ المهنيّ والشخصيّ، مِن مكانةٍ وتجربةِ طويلةِ، فقد سمحتُ لنفسي، مُستأذناً، أن أكتبَ هذا النصّ، على صفحاتهما، توضيحاً وتفسيراً وتأكيداً، قبل البدء بمرحلة جديدة، في أعمارنا الشخصية، وفي عُمرِ الوطن.
 
هي الدُنيا، "تَجري على رَسْلِها.."، ويختلفُ الناس فيها وحولَها، "ويَتْبَعُها رأْيٌ بتعليلِ مَجْراها ومُعْتَقَدُ.."، ويطولُ التَّمَحُّلُ، وتعتاصُ الحُلولُُ، وتبقى العُقَدُ الأساسيّة كما كانت عليه. وحولها تَحْتََشِدُ عواطف كثيرةٌ وأهواءُ. فيا شعبُ .. "زَعموا التطرّف في هواكَ جهالةً":
 
فُرُبَّ ثَاقِبِ رَأْيِ حَطَّ فِكْرَتَهُ
غُنْمٌ فَسَفَّ.. وَغَطَّى نُورَهَا فَخَبَا
وَأَثْقَلَتْ مُتَعُ الدُّنْيَا قَوَادِمَهُ
فَمَا ارْتَقَى صُعُدَاً حَتَّى ادَّنَى صَبَبَا
وَرُبَّ رَاضٍ مِنَ الحِرْمَانِ قِسْمَتهُ
فَبَرَّرَ الصَّبْرَ وَالحِرْمَانَ وَالسَّغَبَا
وعلى الّلهِ الاتّكالُ، مِن قبلُ ومِن بعدُ، وحمى الّلهُ الأردنّ وأهلَهُ ومليكَهُ.
 
Rakan1m@yahoo.com


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 15638
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
25-10-2011 03:25 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم