حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,24 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 15738

مقاصد واحكام رمضان

مقاصد واحكام رمضان

مقاصد واحكام رمضان

29-05-2017 09:32 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د.محمد حرب اللصاصمة
أيها المسلمون، إنني أوصيكم بأعظم وصية وصى بها رب العالمين عز وجل أمتنا، كما وصى بها من سبقها من الأمم حيث قال عز من قائل: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّـٰكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ [النساء:131]، وأسال الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من المتقين، اللهم إذا جمعت الأولين والآخرين، حرم وجوهنا على النار يا رب العالمين.
إن المتتبع لكثير من الغزوات والمعارك الفاصلة في تاريخ الأمة الإسلامية يجدها قد حدثت في شهر رمضان المبارك، ففي الأول من رمضان وقفنا على أبواب فرنسا في معركة بلاط الشهداء، وفي السادسل من رمضان فتحت عمورية، وفي السابع عشر من رمضان كانت غزوة بدر الكبرى، وفي العشرين من رمضان كان فتح مكة وفيه أيضا حدثت معركة عين جالوت.
إن هذه الغزوات والمعارك الكبرى تسترعي انتباه الإنسان، وكيف أنها حصلت في شهر الصوم، في شهر الجوع، في شهر العطش، كيف ينتصر المسلمون على أعداء الله عز وجل في وقت يعتبر فيه كثير من الناس أن هذا الشهر شهر استرخاء، وأن هذا الشهر شهر تباطؤ.
لكن تأتي روح الصوم التي بثها نبينا محمد في الصحابة رضي الله عنهم، وجاء وهو يحمل هذه الروح ليورثها ويتوارثها المسلمون جيلا بعد جيل، روح التحدي، روح الإرادة الصلبة، روح الثورة على أسباب الذل والعبودية والشقاء، لأن الأمم تُسترَق، ولأن الشعوب تُستعبَد عندما تقاد من بطونها، وتصطاد من فروجها، لذلك جاءت فريضة الصيام ثورة على هاتين الشهوتين.
ألم تروا ـ يا عباد الله ـ إلى أبينا آدم عليه السلام كيف نسي ولم نجد له عزما؟! وذلك لما قال له رب العالمين: لاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ [الأعراف:19]، فوسوس له الشيطان: قَالَ يـئَادَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ [طه:120، 121]، هذه كانت بعد أن ضمن في الجنة أن لا يجوع فيها ولا يعرى، وأنه لا يظمأ فيها ولا يضحى، فلولا أن اجتباه الله تبارك وتعالى، فتاب عليه وهدى، لكان مصيرنا بائسا.
تلكم كانت أول حادثة، وكانت سببا من أسباب الشقاء عندما قيد الإنسان من بطنه.
أما الشهوة الأخرى، أما المصيبة التي حدثت على يد قابيل بن آدم عليه السلام عندما فرأى مخطوبة أخيه أودع وأجمل من مخطوبته قال: لاَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ لَئِن بَسَطتَ إِلَىَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِىَ إِلَيْكَ لاِقْتُلَكَ إِنّى أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَـٰلَمِينَ إِنّى أُرِيدُ أَن تَبُوء بِإِثْمِى وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلنَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء ٱلظَّـٰلِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ [المائدة:27-30].
فكان بذلك سن سنة القتل في هذه البشرية، ومنبتها كانت شهوة الفرج، وكما أخبر النبي : ((إنه ما من نفس تقتل ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها)).لا أجد مثالا للذي سنَّ سنة القتل في الأرض إلا كمن سن التصالح والتسالم مع أعداء الله عز وجل اليهود القتلة المجرمين، سن فيهم هذه السنة من أجل
أن يدمج الغزاة الإرهابيين المجرمين في المجتمعات العربية والإسلامية وفي هذه المنطقة لكن وَٱلَّذِى تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النور:11].
الذي فتح اللقاء مع أعداء الله وفتح باب تنفيذ أوامر الأسياد وجعل أرض العرب والمسلمين مرتعا لمخابرات العالم واستخباراتها من شرقها إلى غربها.
إذًا في الصيام ثورة على أسباب الشقاء الأولى، حتى نتحرر من العبودية والذل لتلكم الشهوتين وما يجران بعد ذلك من معاص وإثم وتهالك جهة أعداء الله، إن الذي تستصيده شهوته ويسترقه بطنه لا بد أن ترى ذلك في حالات الجهاد، لا بد أن ترى ذلك وهو يؤمر بالقتال وهو يؤمر بدخول الأرض المقدس يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِى كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَـٰرِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَـٰسِرِينَ قَالُوا يَامُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ [المائدة:21، 22].
أرادوا أن يسلكوا طريق المفاوضات مع الجبابرة الذين كانوا موجودين في هذه الأرض والذين لا يشرفنا بأي حال من الأحوال أن ننتسب إليهم، بعض الناس يقولون في كثير من الأحيان: إن فيها قوما جبارين، ذلكم تاريخ لا يشرفنا وإنا نستلهم من ذلك العبرة عندما أمرهم موسى عليه السلام فوضعوا أيديهم وراء ظهورهم وقالوا: فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَـٰهُنَا قَـٰعِدُونَ [المائدة:24]، قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمَا ٱدْخُلُواْ عَلَيْهِمُ ٱلْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَـٰلِبُونَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ قَالُواْ يَـٰمُوسَى إِنَّا لَنْ نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَـٰهُنَا قَـٰعِدُونَ [المائدة:23، 24].
أرأيتم كيف يصبح الإنسان عبدا لشهوته؟! كيف يصبح الإنسان عبدا للحياة الدنيا الذليلة؟!
والحياة ذليلة بغير إيمان والحياة ذليلة بغير إسلام
أما الذين كانوا على عهد النبي محمد ، وفي غزوة بدر الكبرى، عندما استشارهم النبي وقف العابد سعد بن معاذ يخاطب محمد ، يخاطبه بكل أدب، ويخاطبه بكل حزم وشجاعة: (والله يا رسول الله، لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، لكن: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، والله لو استعرضت بنا برك الغماد وخضته لخضناه معك).
أرأيتم إلى أمة الصيام؟! أرأيتم إلى أمة الإقبال على الله عز وجل؟! أرأيتم إلى هذه الأمة التي أدركت الحكمة من وراء فرض الصيام؟! إن الأمور منسجمة مع بعضها البعض، فالأمة التي فرض عليها القتال والجهاد فرض عليها الصيام، وليس في الأمر غرابة، لأن الذي يريد أن يرفع لواء لا إله إلا الله لا بد أن يكون عنده إرادة صلبة لا تلين، ولا بد أن يكون عنده عزم لا يلين، ذلكم يوجده الإسلام.
ونحن في هذه الأيام ـ يا عباد الله ـ أحوج ما نكون فيه إلى الصيام كالذي يريده رب العالمين عز وجل، نحن أحوج ما نكون إلى الصيام كالذي صامه محمد ، نحن بحاجة إلى هذا الصيام في الوقت الذي نشهد فيه حصارا مفروضا علينا، وجوعا يفتك بكثير من إخواننا في هذه الأرض، واعتقالا يتصيد مجاهدينا، وغناء وفجور تنشره الفضائيات ومقاهي الإنترنت إلا من رحمه الله. كل أولئك في حاجة إلى تحصين شبابنا، فالصيام جُنة، والصيام حماية، والصيام حصن حصين يحمي كل من بداخله.
فإذا كان يا عبد الله، إذا كان الجوع لا يركعنا، وإذا كانت الشهوة لا تسترقنا، فإنا لن نهزم أبدا. كانت الأمة الإسلامية عندما تهزم في مسيرتها هنا أو هناك تقف وتقول كيف نهزم؟ فيأتي قول الله تعالى يبين السبب: أَوَ لَمَّا أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلّ شَىء قَدِيرٌ [آل عمران:165].
إن على هذه الأمة أن تفتش نفسها، وتفتش في علاقاتها مع أعداء الله، لا بد أن نفتش عن نظام الحكم الذي يحكم حياتها، فإذا كنا مع الله حاشا لله أن يخذل عبدا من عباده، إذا كنا مع الله، إنه لا يخذل أمة لا إله إلا الله.
إن الذي يتربى على الصيام والقيام وعلى العلاقة بالله عز وجل يساوي في أرض المعركة عشرة من أعداء الله، ألم تسمعوا معي إلى قول الله تعالى: يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ حَرّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ إِن يَكُن مّنكُمْ عِشْرُونَ صَـٰبِرُونَ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ [الأنفال:65]، أما في حالة الضعف فالمسلم مقابل اثنين: ٱلئَـٰنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مّنكُمْ مّاْئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ [الأنفال:66].




لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 15738
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم