حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,19 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 25582

الصادقون في كذبهم

الصادقون في كذبهم

الصادقون في كذبهم

06-04-2017 08:58 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أحمد محمود سعيد
كان سماحة الوالد رحمه الله يقول انظر الى العربي انه يتكلم كذبا ويقول كذبا ومع هذا لا تنتفض له قامة ولا ترمش له عين ولا يندى له جبين وتشعر انه صادق في كذبه مع ان كلّ شعرة فيه تعرف انه يكذب فمديحه نفاق وكذب وشتيمته نميمة وكذب وضحكته تمثيل وكذب وبكاؤه دموع تماسيح وكذب وتعاليه وتكراره للوعود تفاخر كاذب , رحمك الله يا ابي كم كنت صادقا لنظرتك للعرب جميعا .
اهم شيئ في التعامل بين الناس حين يقول لك العربي يا اخي انا اتعامل مع رجل او ان يقول والد العروس لطالبها اننا نشتري رجلا والفلوس ليست كل شيئ بينما يدور في خلده ان الفلوس هي ما يتوعد ويخطط ويسهل لك الأمور ويعتبرها كل شيئ بل واهم شيئ , لذلك عند اول كوع او منعطف يقول لك والله لولا الإلتزامات لما طالبتك بشيئ وهو كاذب كذلك لأنه سيطالبك في حال وجود التزامات ام لا علما بعدم وجود شيئ ملِحّْ من تلك الإلتزامات إن وجدت وإن زنقْته في موقف يجب ان يتصدّق او يزكّي او يتبرّع لعمل خير او إغاثة ملهوف او إنقاظ جار من ورطة وقع بها ترى يده مغلولة الى عنقه ويتحجج باقبح الأعذار لأنه يعتبر المال كل شيئ إلاّ من رحم ربّي واهل الخير لا ينقطعون فهم يزيدون في تبرعهم وعمل الخير فيبارك الله في ما يملكون وتزداد بامر الله تعلى لذلك كثيرا ما ترى الخلافات في الأسرة الواحدة على قضايا الميراث والأرض والمهر وحق البنات وغيرها.
وعندما اقف امام المرآة ابصق على عروبتي التي اوجدتني بين هؤلاء البشر الذين يعتبرون الضحك على الغير فهلوة وشطارة بينما هم لا يساوون شيئا بين الشرفاء إذ لا صدق ولا طهارة إلاّ من رحم ربّي.
عندما اسمع بكاء سيدة تستغيث لأن من حاول الإعتداء على شرفها يخرج من الحبس بنفس الساعة لأنه مدعي عام او اخ لمدعي عام أوابن مدّعي عام قاموا باخفاء الملف وتغيير صفة التهمة عندما اسمع بكائها في المذياع ابصق على نفسي طويلا لأن القدر جعلني اعيش بين هكذا بشر منزوعي الضمائر واتسائل اين الأمن والآمان في الوقت الذي تخشى فيه المرأة وبناتها من الخروج بسيارتها في الشارع وفي الوقت الذي يخشى فيه الرجل على اولاده اين الأمن والآمان انه الخوف والرعب , كيف لا اخشى على اولادي من العيش هنا وانا اسمع ان زعرانا يطلقون النار على بيت بساكنيه في اربد وترى المحافظ الذي يكون قد تلقّى الحقيقة مقلوبة يرسل ثلّة من الأمن مدجّجين بسلاحهم ليحضروا المطلوبين وبينهم المطخوخ بالرصاص كيف سينشأ اطفالنا وهم يروا ذلك المشهد وكيف يثق المواطن بالأجهزة الحكومية عندما يعرف أن الحقيقة قد تقلب ويصبح اهل البيت المعرضون لإطلاق النار هم المطلوبون لدى المحافظ وليس مطلقي النار فاين الأمن والآمان ونسمع الكثير الكثير .
ونسمع الكثير عن الفاسدين ومن يأكلون اموال الدولة كمن يأكلون لحم الناس الجياع والفقراء المعوزين ولا يوجد هناك حساب ولا عقاب فبعض من سارقي الملايين يتمخطرون في الداخل والخارج بينما من يسرق رغيف خبز ليقتات به يُرمى في السجن رمي الكلاب فأين الأمن والآمان .
عندما يكون الوطن عبارة عن إنسان وارض وتراث وجواز ترى الأكابر من يبيعون الوطن بما حوى ويستحوذون على المنصب في الداخل بينما الجواز من الخارج والأموال من الداخل والخارج وهكذا فقد أمّن حاله لمواجهة اي تحديات يا ربِّ فماذا يفعل الفقير وأين المفرُّ والمستقرُّ .
يا ربي إذا كان هذا البلد تعداد سكانه حوالي تسعة مليون وخمسمائة وواحد الف وخمسمائة شخص فهل ضاقت مساحته على تسعة مليون وخمسمائة الف ليرحلوا عنه ويفتشون لهم على ارض تحتضنهم وسماء تظلِّلهم وهوية ينتمون اليها وجواز سفر يحميهم أم ماذا يا ربّي أيتسع هذا الفضاء والأرض فقط لألف وخمسمائة شخص لكي يعيشوا برفاه وبمواصفات خاصّة ومريحة لهم يتداولون الوظائف المهمّة والعليا وإذا كان كذلك فأين الأمن والآمان للباقي من البشر .
من قال انه ليس باستطاعتنا ان نكون مثل سنغافورة او ماليزيا فديننا يحضُّنا على العمل والصدق والإخلاص بالعمل وقيادتنا لا تئلوا جهدا من مشرق الكون الى مغربه لرفع راية الوطن بالحب والقناعة كما انه يجب ان يدفعنا انتماؤنا لبلدنا ان نعمل ونطوِّر بلدنا ونحن فقط بحاجة لأن ننبذ الفاسد والطامع والجشِع من بيننا حتّى لو كان ذاك انا او انت او اخي او اخوك او ولدي او ابنك وعندها سنرى ان بلدنا اصبح اجمل وارقى من سنغافورة وسترى وطني ووطنك ارقى من ماليزيا وسيكون الأردن هو الأقوى والأجمل والأزهى وعندها قد يكون ليس ضروريا ان اتباهى بعروبتي إن بقي العرب على حالهم وعندها لن ابصق على صورتي في المرآة وقد ابصق على مرايا اخرى بعيدة عنّي او قريبة منّي .
عندما غادرت الوطن للعمل خارج البلد قبل عشر سنوات غضب ابي كيف أغتربُ وانا بعمر كبير ولكن سرعان ما إقتنع وابلغني أنني على حقِّ فيما فعلته وكذلك هاتفني صديقُ عمرِ وزميل الجامعة ومَن بيني وبينه صداقة صادقة وكم جرّسني ذلك الصديق آنذاك لتركي البلد ومهما صغت له من مبرِّرات حينها قال لمن نترك البلد لمن تصفهم بالفساد والجشع وهاتفني ذلك الصديق منذ ايام وقال لي يا اخي لقد كنت انت على حق وانا على خطأ والله وانا في هذا العمر لو وجدت اي بلد يقبل ان يعطيني جوازا واقامة لذهبت اليه حبوا اهرب من الأجواء التي نعيشها وخلته يكاد يبكي فهل نهاية العيش في بلدي عويل امرأة مكلومة وبكاء عجوز على حافّة قبره .
انا لست متشائما وإنما انا مقهور لدرجة انني ابحث عن قبر يمنحني إقامة وجواز سفر وحياة بها ساكنون لا يعرفون الكذب والحقد والطمع لا يعرفون البكاء إلاّ خشية من الله الغفّار الرحيم ولا يعرفون الضحك والبكاء نفاقا او المديح كذبا بل هم ساكتون في رحمة الله ورضوانه ساكنون في جنّاته.
والإغتراب او الهجرة هي ليست رغبة عجوز مقهور على وطن وانما هي رغبة شباب مقبل على الحياة بنهم ولا يجد المحفزات لذلك في وطنه.
حمى الله الأردن ارضا وشعبا وقيادة وظلّله بالأمن والأمان وابقى رايته مرفوعة في الأعالي وابعد عن طريقه الجاحد والفاسد والحاقد والحاسد .

ambanr@hotmail.com


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 25582
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم