حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,19 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 58099

" ربة عمون "

" ربة عمون "

" ربة عمون "

23-01-2017 10:28 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : سعيد ذياب سليم
تطير أسراب الحمام سعيدة فوق الجبال ، تنساب مع التيارات كراقصات البالية ، تحلق في دوائر تضيق و تتسع في نسق موسيقي جميل ، تغرقك الدهشة ، ترتسم حولك لوحات جميلة ، فوق المنحدرات بيوت متراصة كالمدرجات ،على القمم مآذن تناجي السماء، في الوديان و على السفوح آثار التاريخ حيث سار ، مشهد رائع ينفرد به المكان ، يستظل برايتنا الهاشمية الخفاقة في الأفق ، لا عجب فأنت في جبل القلعة ربة عمون.
في الوقت الذي بنيت فيه حضارة وادي النيل وقف العمونيون هنا ، أقاموا مدينتهم ، وبنوا الأسوار لحمايتها مستخدمين الحجارة الضخمة ترى ذلك في بقايا السور والقصور والآبار التي حفروها في الصخر . ماذا ضمت أسوار قلاعهم؟
أين انتصبت آلهتهم ؟ كيف كانت طقوسهم في الحب و الحرب ؟
ما السر في هذا المكان؟ اجتمع عليه آثار كنيسة بيزنطية ومسجد أموي و معبد وثني .توارثت الحضارات قداسته ، كيف اتفق لهم ذلك ؟ أ لقربه من السماء ?
تسير في هذا المتحف المكشوف في رحلة ترفيهية تاريخية ممتعة ، تزاحمك أشباح الماض ، شظايا التاريخ حولك ، كتابات يونانية ، بقايا أعمدة رومانية، زخارف إسلامية هندسية ونباتية ، تمر بمعبد هرقل و أعمدته الضخمة ، تشعر بالرهبة ، تبحث عن طريقة لترقى إلى قاعدتها ، ثم تدعوك بقايا الكنيسة البيزنطية ، تعيد إحياء الماض ، تسمع ناقوسها وتراتيل رهبانها ، في طريقك باتجاه القصر الأموي كهف يضم عدة حجرات يعود إلى العصر البرونزي ، استخدمه العمونيون مدفنا لموتاهم ، ثم تصعد بضع درجات لتصل إلى بقايا المسجد الأموي ، تقف في محرابه تمر بنوافيره تسمع رجع المصلين خلف إمامهم ، تنحدر إلى القصر لتستقبلك ساحة مكشوفة ، تتخيل الناس ينتظرون دورهم في المثول أمام الوالي تسمع وقع خطوات الحراس يسيرون بحزم ، فإذا دخلت القصر تكتشف بناؤه المربع بمحوريه ، ينتهي أحدهما بالبوابة الشمالية و الجنوبية وينتهي الآخر بإيوانين يعلوهما نصفا قبة . تتجول عيناك ، تقع على الزخارف الهندسية ، تقف تحت القبة الخشبية في الوسط ، تتصور كيف توزعت قطع الأثاث و لماذا استخدمت هذه الحجرات ، كيف كانت أزياؤهم ؟ ما هي ألوان ملابسهم ؟
لتخرج بعد ذلك إلى شارع الأعمدة الذي يؤدي إلى بقايا أبنية استخدمت في أزمنة مختلفة. بجوار القصر صهريج ماء دائري الشكل محفور في الصخر ، تجمع فيه مياه الأمطار ، ما زال بالإمكان استخدامه ، تغذيه قنوات تنتشر في جبل القلعة ترى فتحاتها هنا و هناك .
فإذا وقفت على السور الشمالي تذهلك عمان المعاصرة ، في البعيد ترى الأبراج الحديثة والمساجد و الفنادق ، فإذا لمحت الراية خفق قلبك معها طربا . وفي المطل الشرقي ، ترنوا إلى وسط البلد و المدرج الروماني ، تسير على الأرصفة تتبع ذكرياتك ، هنا سرنا و هناك اجتمعنا و في تلك الزاوية كان لنا لقاء ، ذلك الشارع يؤدي إلى سبيل الحوريات و ساحة المسجد الحسيني ، وذلك هو شارع الأردن الذي يصل شمالا إلى جراسا و جلعاد و أربيلا .
من هنا مرت جحافل الفاتحين ، وقوافل التجار لتصل إلى الجزيرة العربية جنوبا مارة بالبتراء و أيلة ، و شرقا إلى طريق الحرير و غربا إلى يبوس وشمالا في سفر لا يتوقف.
لن تكفيك زيارة واحدة لابد أن تستعين بالكتب لتعرف مدلولات الأشياء و الحوادث التاريخية ثم تعود تحمل الشوق في رحلة حب لا تنتهي ، أنت و كل الذين جاؤوا من مختلف بقاع الأرض يلاحقون الحضارات الإنسانية يحملون أسئلة تبحث عن إجابة يجدون البعض منها هنا في هذا المتحف الضخم على تراب وطني.



لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 58099
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم