حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,29 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 52807

لو كان الفقر رجلا لقتلته

لو كان الفقر رجلا لقتلته

لو كان الفقر رجلا لقتلته

23-01-2017 10:22 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : محمود الشيبي
في محاضرةٍ ألقاها في منتدى المدارس العصرية في 28 كانون الأول 2016، قـرع رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري جرس الخطر محذراً بأنّ المجتمع الأردني بـدأ يفقـد " تماسكه ومتانته"، ورأى أنّ " خطر الجوع أقسى من خطر الإرهاب ".
وهذه رؤية تمثل واقع حال الأردنيين، كما أنها تستشرف خطر السنين المقبلة، وكأني به ما قاله الفاروق سيدنا عمر بن الخطاب " لو كان الفقر رجلاً لقتلته" ، والفاروق لا يقول هذا إلاّ لعلمه بأنّ الفقر باب واسع يدخل منه الشيطان إلى قلوب ذوي النفوس المريضة، فيسول لها ارتكاب المعاصي والآثام بدافع الفقر بالقتل او السرقة أو نحوهما. وقد تعوذ رسولنا الكريم من الفقر فقال :" اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر"، فقرن الفقر بالكفر، والفقر ومايتبعه يؤدي إلى انهيار الدول. لذا فالإسلام أول مَـنْ تصدى للفقر ووضع له الحلول، كما وأن جميع المصلحين يحذرون من الفقر، ويدعون لمحاربته. قبل سنوات كان الأردنيون يشكون من جيوب الفقـر والبطالة، في حين أنّ الفقر الآن استشرى وانتشر وتجـذّرت البطالة ، وارتفعت أصواتٌ تُحـذر من الجوع، ويعود السبب في ذلك إلى إهمال الحكومات المتعاقبة لواقع الإقتصاد المتردي، واعتمادهم على الجباية دون الإكثراث لعواقب الأمور.
بالعودة إلى محاضرة الأستاذ طاهر المصري التي حملت عنوان : الحكم الرشيد والدولة والمعارضة والنقد والديموقراطية في الأردن"، فقد قال :" نقف جميعاً في مواجهة مفتوحة مع الحاضر والمستقبل على حدٍ سواء، ومسؤوليتنا جميعاً أنْ نتصدى للتحديات التي نواجهها في بناء وطننا وإنقاذه، ولا أرى في منظومة الحلول الإستراتيجية التي يمكن أن تساعدنا على النجاة، غير أنْ نؤمن أولاً بأنّ التعبير عن الرأي وقول الحقائق والكشف عنها وتقديمها للمواطنين وللجمهور، لا يتم إلاّ باعتماد مبدأ الإفصاح الكلي، وعلينا واجب وطني هو الكشف عن مواطن الخلل وبواطن الضعف والتعامل معها باعتبارها حالات مرضية تستوجب العلاج فوراً. وشعارا " الشفافية" و "الحرية سقفها السماء" اللذان طرحهما جلالة الملك، يجب أنْ تُـتـرجم على أرض الواقع، لا أنْ تبقى شعاراً بلا مضمون، وبغير ذلك فإنّ الصمت في هذه الحالة ليس فضيلة من ذهب، بل جريمة من نار جهنم ".
حقيقة لم يعد الصمت فضيلة والنار تأكلنا من الداخل وتحيط بنا من الخارج، وحقيقة أننا لا نملك ترف التفاؤل في المستقبل ونحن نعيش خطر الفقر والجوع ولا نعتمد الإفصاح الكلي عـمّـا جرى ويجري، وقد استشرى الفساد وعمّ لعدم وجود رادع، وأصحاب الفساد في مـأمـنٍ من العقاب والمسائلة.
إنّ مَنْ لا يدرك خطر ما يجري وصعوبة العيش الذي يعاني منه الأردنيون، ونتائجه السلبية على الأردن ومستقبل الأجيال القادمة ، هو كمن يدفن رأسه في الرمال اتـقـاء رصاصة انطلقت نحوه. إنّ المصارحة والمكاشفة وقول الحقيقة والكشف عنها بغرض معالجة أمراض المجتمع هو جزء من الإصلاح، وإنّ تطبيق ما جاء في الأوراق النقاشية الملكية هو خير طريق نهتدي به للوصول إلى ما يتطلع اليه الشعب الأردني من كرامة وعـزة وازدهار .
لقد تمكنت تركيا وماليزيا واندونيسيا أنْ تصطف إلى جانب الدول المتقدمة عندما وضعت حكوماتها خططاً اقتصادية وبرامج اقتصادية واضحة المعالم، مصحوبة بمحاربة الفساد والمفسدين، يديرها رجال مخلصون لأوطانهم، أكـفّـهـم نظيفة وعقولهم نـيِّـرة وقلوبهم مشدودة للوطن، همهم عـزة أوطانهم وقوتها. ينظرون إلى مستقبل الوطن، وليس إلى ما يمـلأ جيوبهم من أموال أبناء الوطن.
إننا نتطلع إلى حكومة تـضـع خطة اقتصادية رائدة يستطيع الأردن من خلالها بناء اقتصاد وطني قوي، يكون فيها المواطن شريكاً في بناء الوطن بحيث يكون شريكاً في الـغُـنْـم والغُـرم على حد سواء كما قال الأستاذ طاهر المصري في محاضرته، وأن يكون شريكاً في الرأي والنقد والمشورة والعمل، وأن يتقاسم الربح والخسارة، لا أنْ يكون رهـناً بدفع فاتورة الخسائر صاغـراً مجبراً. لذلك فإنّ النقد البناء وطنية عالية وانتماء حقيقي للوطن، أما النقد الهدام فهو هادم للوطن ومنجزات الشعب، وليس مَـنْ يبني كمنْ يـهـدم .
إنّ الرجال المخلصين للوطن من الذين يتمتعون بثقافة عالية، قادرون على إعادة بناء الوطن والعمل على ازدهاره، إذا ما نـفّذوا الرؤية الملكية الواردة في الأوراق النقاشية الملكية. في حين وكما ورد في محاضرة المصري فـإنّ " عواقب عدم تجاوب المسؤولين مع متطلبات الشعب أمــرٌ خطير، وكلما تجاهل الحاكم متطلبات الناس ومطالبهم السلمية، ازداد احتمال حدوث العنف في المجتمع، كذلك فإنّ عدم اكتراث المواطن بضرورات الأمن والإستقرار التي يجب مراعاتهما عند إدلائـه برأيه، هو أمـرٌ خطير أيضاً ".
وصدق الفاروق عمر بن الخطاب عندما قال " لو كان الفقر رجلاً لقتلته". فالفقر يؤدي إلى الرذيلة والفساد والجريمة وتفكك المجتمع، ويؤدي إلى انحطاط الدولة وقد تصبح فاشلة. وأخيراً وليس آخـراً فإن محاضرة المصري كانت صريحة ومتميزة، تستحق الوقوف عندها للتأمل والتفكير وأخذ العبـر.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 52807
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم