حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,20 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 19811

لعبة الانجال بمصير الاجيال !

لعبة الانجال بمصير الاجيال !

لعبة الانجال بمصير الاجيال !

21-01-2017 09:41 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : بسام الياسين

" لا خير فيكم ان لم تقولوها،ولا خير فينا ان لم نسمعها. قالها الفاروق قبل الف و اربعمائة عام ، ونقولها اليوم على مسامع اولي الامر :ـ " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهن احرارا " . كلمات ليست عابرة للقرون بل نهج حكم يجب ان يكون.فجوهر الحريات يقوم على حرية التعبير والتفكير،حيث ان الحريات ترتبط بدولة القانون ارتباطاً جدلياً وزواجاً كاثوليكياً.الدولة الحديثة تُحلّق عالياً بقانون عصري متقدم يُظل الجميع بظله ويسودهم بروح نصوصه ، و مواطنيين لهم حق التعددية والعمل على التعبير و التغيير فيما ينفعهم ويخدم الامة.وان حملة اعتقال المسالمين من ابناء الوطن والدولة،وجرجرتهم الى محكمة امن الدولة ، مغالاة وإفراط باستعمال السلطة لا دليل قوة.
هنا يجب التمييز بين العصرنة والتحديث. عصرنة المجتمع تكون باستخدام التكنولوجيا المتطورة من ماكنة الحلاقة الى الطائرة،اما التحديث ـ الحداثة الفكرية ـ بمعنى تحديث العلاقة بين المجتمع والدولة لما فيه مصلحة الطرفين على اسس حديثة.دولة امينة على مصالح الناس،و اناس آمنون مطمئنون على انفسهم، ممتلكاتهم ،اعراضهم ، و حرياتهم مصانة على راسها حق اصحاب الوجوه المهمومة،والظهور المنحنية في الحصول على جرعة وقائية ضد المُساءلة والملاحقة عند التعبير عما يدور في دواخلهم بلا قيود او ممارسات قمعية تهز كيانهم وتربك عوائلهم.
لا نطالب بـ " هايد بارك " ولا ساحة حرية،انما بالحد الادنى من حق الانسان الحر في الحرية.فالكلمة الحرة العادلة لا تضل طريقها ابداً. وتشق مسيرتها الى ان تصل ذروة مراميزها الدلالية ومراميها المعلنة من دون تورية او باطنية،نقيضها التخفي خلف اقنعة مزورة،وإطلاق اراء ملتوية...ضالة ومضللة.ونفاق رخيص يٌغضب وجه الله .. لذا راينا طرح معضلة الانجال احدى المعضلات التي تؤرق المواطن،وتشكل عائقاً خطراً على تقدم الوطن.
قاموسياً الانجال جمع " نجل " .جاءت بمعنى طيب الاصل،سوي الطبع ومن اشتقاقاتها " إنْتَجَلَ " فلان اي ـ تخّير لقريبته زوجاً كريماً،ولدابته فحلاً منجباً. الدلالة السياسية للنجل هي بلا حرج وطني او عوج لفظي : ـ تَخَيُر المتنفذ لـ " نجله وظيفة متقدمة في الدولة ـ ذات مردود مادي كبير ومكانة اجتماعية عالية ،وحصانة وراثية اذا ما اساء الامانة باللجوء الى العشيرة او الهرب خارج البلاد لضمان عدم المتابعة.اللافت ان رقابنا اصيبت بآلآم مبرحة من كثرة الالتفات وعيوننا بالحّول من متابعة هذه الظاهرة الكريهة التي انتجت شريحة طفيلية منحلة من الانجال،احتلت الصفوف الامامية بالوراثة و اعتاشت على خزينة الدولة من دون انتاج ، ما سبب ترهلاً ، فساداً، تبذيراً وبذخاً وطبقة لا تعتني الا بمصالحها الشخصية باعتبارها انها تمتلك الاحقية لانها هابطة من سماء علوية ـ فوق رؤوسنا ـ.
من المعروف علمياً ان زواج الاقارب يورث الاعاقة ويضعف النسل،و يفاقم الامراض.هذا قانون علمي صارم اما القانون السياسي فان توريث الوظائف يضعف الدولة بسبب غياب الكفاءة وقلة الخبرة وبروز طبقة لها امتيازات غير قانونية ، تُشكل غُصة جارحه في نفوس الاكثرية،ما يدفعهم الى النقمة،وسيطرة روح الكراهية على سلوكياتهم ، لاختفاء العدالة الاجتماعية،خاصة بعد ان اصبحت فاتورة الحياة غالية جداً ، يعجز المواطن عن تسديدها،فوقع تحت ازمات نفسية طاحنة...نظرة فاحصة للآخرين فانك لا تستطيع التمييز بين الصحيح والمعتل وبين خط العقلانية و الجنون الفاصل بينهما ، مهما أًوتيت من علم وحكمة...لا ادل على ذلك من تنامي جرائم القتل ، الانتحار ، الادمان ، انتشار الامراض النفسية والجسدية ذات المنشأ النفسي :ـ الضغط،السكري،البدانة،القولون العصبي،القرحة....وحتى السرطان بانواعه المتعددة.
منطق الحياة يستدعي التغيير.فالمياه الراكدة آسنة بالضرورة ، لانها " واقفة " بينما المياه المتحركة نقية،صالحة للشرب و الري، تُولّد اثناء جريانها طاقة متجدد،ناهيك انها صديقة للبيئة اما الراكدة فهي عفنة،عدوة للبيئة و الانسان . اذاً ، العبرة ليس بتغيير الرؤوس وتلبيس الطواقي بل بتغيير النهج والمنهاج حتى يخرج الناس من معمعة الرعب والخوف الى الامن النفسي والاقتصادي والمستقبلي...ما يحدث امامنا من مشهد سريالي يطرح اسئلة محيرة ومقلقة "ـ الى اين نحن ذاهبون ؟!. ومتى تتوقف هذه الطريقة السقيمة في التعيين والتشكيل ؟!.ولماذا يقف الشباب سنوات طويلة في طابور ديوان الخدمة المدنية بينما ابناء المتنفذين لا يعرفون ولا يعترفون بالديوان اصلاً ..؟!. وهل تبقى هذه التعديات على حقوق البسطاء غير المسنودين مجرد صرخات اعلامية وتظلمات مصيرها سلة المهملات ؟!.طبعاً الاجابة عدم الاجابة.
في كل دول العالم يتمتع رئيس الوزراء بشخصية قيادية لإدارة البلاد،حيث يمر تشكيل الوزارات و تعديلها من دون اكثرات ،نظراً لوجود احزاب قوية وفاعلة لا احزاب تتسول اجرة مقارها من وزارة الداخلية وبرلمان قوي جاء بانتخابات نزيهة.اما عندنا يكون الرئيس موظفاً نخبوياً تراه يذعن للتوجيهات و معزولاً عن معاناة الناس.المفارقة الاكثر اثارة عند التشكيل او التعديل ترى الوطن يقف على رؤوس اصابعه بانتظار ولادة معجزة الاختيار.المفاجأة الصاعقة ان المخاض العسير يتمخض على الدوام عن ولادة عادية،و احيانا يكون الوليد بحاجة الى غرفة خداج لاستكمال نموه بسبب قلة الاوكسجين او الولادة الخاطئة. المطلب الشعبي للخلاص من هذه الازمة ليس تعجيزياً بل عادي وشرعي ودستوري،يتمثل في تحرير تشكيل الوزارات من ربقة القبضة الامنية،وتحرير مجلس النواب من هيمنة السلطة التنفيذية...لاننا في وضعنا الحالي لا نختلف عن الانظمة السلطوية.
ان وزارة الملقي دليل واضح على ما نقول.التعديلان الاول والثاني يؤشران على مدى الخلل الحاصل في الاختيار. ففي التعديل الاول قال الملقي كما تداول المقربون منه :ـ " هذه ليست حكومتي " فاظهرت الخلافات الطافية على السطح بين الطاقم الوزاري مدى الشروخ العميقة،وسوء التجانس بسبب زج المرجعيات بازلامها كلُ من جهته...مرجعيات متعددة تحد من صلاحيات الرئيس وتفقده هيبته،وتعطي الانطباع للجميع بان الرئيس فاقد الولاية.المشكلة قديمة و لم يزل القديم على قدمه . " التشكيلة الجديدة في الجيبة ". لعبة انتهى زمانها بالوعي السياسي العالي والمتميز للشعب الاردني العظيم . فقد كشفت دراسة دولية حديثة لعام 2016 ان الاردنيين احتلوا المرتبة الاولى عالمياً في استعمال شبكات التواصل،وان مستخدمي الانترنيت في المملكة ينوف على ( 8 ) ملايين مستخدم،ما يعني انه لم يعد يُخفى على الاردني خافية لا خلف الستارة ولا في الغرف المغلقة.
منطق الديمقراطية الحقة يستدعي الاحتكام للقانون والدستور في اختيار رئيس الوزراء،والمبني على المعايير الوطنية تاريخاً،كفاءة،خبرة،لا مكافاة و لا جائزة ترضية، ليكون صاحب ولاية حقيقة لا مجرد اداة تنفيذية لا يعرف ما يدور حوله،و اطلاق يديه في اختياره وزرائه بحرية مطلقة من دون ضغوط او فرض شخوص عليه تخالف رغبته،بالتوازي مع استقلالية السلطات الثلاث عن بعضها،لتعمل كل واحدة بمفردها من دون تدخل او تمادي واحدة على اخرى.ما دون هذا هراء و عبث ، يستأهل اقامة سرادق عزاء لتقّبل العزاء بوفاة الدولة المدنية الحديثة.





لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 19811
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم