12-12-2016 02:26 PM
بقلم :
المتابع لما يجري في الاقليم هذه الايام ، يدرك ان ثمة دولا بعينها باتت تأخذ مكانها بجدارة ، وتمتلك اوراق اللعب دونا عن غيرها ، فايران وتركيا واسرائيل لكل منها دور خاص بها في الاقليم .
باعتقادي مصر اكبر الدول العربية سكانا ، تخلت عن هذا الدور طوعا او كرها ، علما ان مؤتمر باندونغ الذي عقد في العام 1954 كانت مصر بزعامة جمال عبد الناصر احدى الدول التي اسست ما سمي بدول عدم الانحياز ، مع نهرو وتيتو وسوكارنو ، ولولا اهميتها في ذلك الوقت ، لما كانت من بين هؤلاء اللاعبين الكبار ، لكن نظرية وُجدت اسرائيل لتبقى !! ، يتناقض مع وجود دولة عربية او اكثر تمتلك القوة ،التي من شأنها تهديد وجود اسرائيل ، وعليه لا بد من اضعافها وخلق المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، كي تعيش اسرائيل آمنة مطمئنة ،المؤسف الأمر لم يقف عند حد الاضعاف ، بل تعداه الى حروب داخلية ، كما هو الحال في العراق وسوريا واليمن وليبيا ، ما اضعف العالم العربي كله بملايينهم الأربعمائة واصبحوا كغثاء السيل .
هنا لا بد من الاشارة الى مصالح الكبار الكبار اميركا وروسيا ، فكل منهما يتسابق على مناطق النفوذ جريا وراء تحقيق مصالحه في الاقليم المضطرب ، ما يجري في سوريا من قتل وتدمير وتشريد ، نزل بردا وسلاما على قلب اسرائيل ،ومعها كافة الدوائر الصهيونية اينما وُجدت ، اميركا بدورها اطلقت يد روسيا تفعل ما تشاء ، ليس حبا فيها ، بل ثمة تقاطعات في المصالح، وان ابدت اميركا انها مع الشعب السوري وحريته الى آخر هذه الخزعبلات الكاذبة ، اميركا لو ارادت فعلا ازالة حكم الطاغية بشار الاسد لأزالته في بحر اسبوع ، لكنها تعلم ان هذا النظام لم يزعج اسرائيل ولم يطلق طلقة واحده منذ حرب اكتوبر لعام 1973 ، فلماذا تزيله ما دام يؤدي الدور المطلوب منه اميركيا واسرائيليا !!
في هذا السياق نقول ان ما اطلق عليه بالربيع العربي بل هو ( السخام ) العربي الذي لم يأت صدفة ، بل هو ضمن مخطط غربي صهيوني ، للسبب الذي تحدثت عنه آنفا، وهو بقاء اسرائيل خارج دائرة الخطر .
اللاعبان المهمان الآخران ايران وتركيا ، لكل منهما طموحاتهم واطماعهم الخاصة ، وليس بخاف على احد ان ايران تتطلع الى اعادة امجاد الفرس التي حطمها العرب بعد معركة القادسية ، فظل الحقد الفارسي قائما الى يومنا هذا ، اميركا التي اسماها قادة ايران بالشيطان الأكبر ، وجدت من مصلحتها مهادنة ايران مقابل صفقة او صفقات علنية وسرية ، والا ما سبب سكوت اميركا عن التدخل الايراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن ؟؟
تركيا لا اظن انها تطمح لإقامة دولة عثمانية كما يقول البعض ، لكن اردوغان وجد ان من مصلحة بلاده مد يد الصداقة لبعض الاطراف العربية التي يأمن جانبها ولديها استعداد للتعاون معها اقتصاديا وسياسيا واستراتيجيا ، فهذا الرجل يعاني من ثقل موقف انصار العلمانية اليمينية المعارضة لنظامه ، المتطلعين الى الغرب ، والنأي عن العرب لأسباب كثيرة ومعروفة ، ولا يتسع المجال للخوض فيها بمزيد من التفاصيل ، في الوقت ذاته تبين لهذا الزعيم ان اوروبا تسعى لفرض شروط قاسية لقبول تركيا في صفوفها !
السؤال الذي يطرح نفسه الى متى سوف يستمر هذا الحال الذي لا يسر صديقا ؟ حقيقة لا ارى مخرجا في القريب العاجل من هذه ( الورطة ) التي يعاني وطننا العربي منها الأمرين ، ففي هذه الدول التي اشرت اليها آنفا ، الشعب هو الذي يدفع هذا الثمن الباهظ ، والدليل الملموس على ما اقوله ، المشهد السوري في حلب وفي غير حلب يندى له الجبين ، وكعرب ومسلمين نرى اشلاء الاطفال في كل مكان ، ورائحة الموت تفوح من تحت ركام مدنها وقراها ، نقف عاجزين ، ولا من مجيب .
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا