حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,25 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 22815

الحلم عماد التربية

الحلم عماد التربية

الحلم عماد التربية

10-12-2016 09:24 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور علي الصلاحين
الحلم - هو: "ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب, والحلم حالة متوسطة بين رذيلتين هما الغضب والبلادة, ونجد من الآيات التي وصفت الله بالحلم وقد قرن فيها ذكر الحلم بالعلم كقوله تعالى: وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59) سورة الحـج. وهذا يفيد أن كمال الحلم يكون مع كمال العلم"1.والأناة في لغة العرب: "لها عدد من المعاني منها الحلم والعقل والرزانة والوقار, واصطلاحاً: هي الروية والتفكير قبل الحكم، لتضاد بذلك معنى العجلة في الإقدام على قرار أو حكم قبل التبصر والتثبت, وتتفاوت درجات الناس في استجابتهم للمثيرات حولهم، فمنهم من يستثار لأتفه الأسباب فيطيش ويخطئ على عجل، ومنهم من تستثيره الشدائد فيتعامل معها بعقل وحكمة وأناة، فيخرج من شدتها مأجوراً مشكوراً. ومع هذا التفاوت فهناك علاقة وثيقة بين ثقة الفرد في نفسه وبين أناته مع الآخرين، وتجاوزه عن خطئهم، فكلما سما دينه وخلقه اتسع صدره، ووسع غيره بعلمه، وعذر من أخطأ، وتسامح مع من سفه عليه.وقد كانت الأناة والحلم- صفة لازمة للأنبياء، مارسوها مع الناس، ونبهوا على أهميتها في حياة الإنسان، لذا كان رد الأنبياء على أقوامهم المكذبين والمتهمين لهم معلماً للبشرية، فنبي الله هود -عليه السلام- يقول لمن قالوا: إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ* قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ* أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (66-68) سورة الأعراف قال عمر -رضي الله عنه-: "تعلموا العلم وتعلموا للعلم السكينة والوقار والحلم, وتواضعوا لمن تتعلمون منه, وليتواضع لكم من يتعلم منكم, ولا تكونوا من جبابرة العلماء فلا يقوم علمكم بجهلكم". ويقال ما آتى الله عبداً علماً إلا آتاه معه حلماً وتواضعاً وحسن خلق ورفقاً, فذلك هو العلم النافع.قيل للأحنف بن قيس: ممن تعلمت الحلم؟ قال: من قيس بن عاصم، قيل: فما بلغ من حلمه؟ قال: بينما هو جالس في داره إذ أتته خادمة له بسفود عليه شواء فسقط السفود من يدها على رأس إبنه فمات، فدهشت الجارية، فقال: ليس يسكن قلب هذه الجارية إلا العتق فقال لها: أنت حرة لا بأس عليك.وهكذا فالناس دائماً في حاجة إلى كنف رحيم, وإلى رعاية فائقة وإلى بشاشة سمحة, وإلى ود يسعهم وحلم لا يضيق بجهلهم وضعفهم ونقصهم, إنهم في حاجة إلى قلب كبير يعطيهم ولا يحتاج منهم إلى عطاء، ويحمل همومهم ولا يعنيهم بهمه ويجدون عنده دائماً الاهتمام والرعاية، والعطف والسماحة والود والرضا, وهكذا كان قلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو القدوة، وهكذا كانت حياته مع الناس, ما غضب لنفسه قط ولا ضاق صدره بضعفهم البشري, وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ (159) سورة آل عمران. أي: فاعف عنهم فيما يختص بك واستغفر لهم فيما لله تعالى.وما موقف الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع الأعرابي الذي قال له: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ, فرد الرسول الكريم عليه: فَقَالَ: (وَيْلَكَ, وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟)2. ما هذا الرد الهادئ إلا شاهد على أناته عليه الصلاة والسلام.قمة ما يتمناه العبد يوم القيامة أن يُبعث في زمرة حسن الخلق. وما من شيء أثقل في ميزان العبد من الخُلُق الحسن وصاحب الخلق الحسن ليبلغ بحسن خُلقه درجة الصائم الذي لا يفطر والقائم الذي لا يفتر. وفي الحديث الشريف :" الخلق الحسن يذيب الخطايا كما يذيب الماء الجليد والخلق السيئ يفسد العمل كما يفسد الخل العسل". وما مدح الله تعالى نبيّاً كما مدح المصطفى عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } والحِلم قمة في حسن الأخلاق. إذا بلغ العبد مرحلة أن يكون حليماً فقـد جمعت له كل عناصر حسن الخلق فقـد بلغ مرحلة كمال الخلق الحسن وقد قال الإمام علي رضي الله عنه الحِلم سيد الأخلاق. وعلى الإنسان أن يتصف بصفات وأوصاف يتـدرج فيها صعوداً إلى أن يصير حليماً ولهذا مدح الله تعالى إبراهيم عليه السلام:(إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ ) بل إن الله تعالى وصف نفسه بأنه غني حليم، عليم حليم وشكور حليم وكل واحدة من هذه الصفات تعني مفصلاً معيناً.الصبر :أول مراحل حسن الخلق الصبر (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) والصبر هو حبس النفس عن المصيبة من موت أو مرض أو قتل أو مصيبة أو زلازل وطوفان ويتدرج الصبر في كثير من القضايا حينئذ نقول أن الصبر هو أول مراحل الصعود الى حسن الخلق الكامل الذي هو الحِلم. والكلام عن الصبر يطـول وبعـد أن جعل تعالى الصبر على المصائب عاد وجعله عن المصائب الناتجة من الغير كالصبر على الاعتداء المادي وهناك اعتداء مادي واعتداء معنوي (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ.كظــم الغيــظ:بعـد الصبر العام وبعد كون الإنسان صابراً يتدرج لأن يكون كاظماً لغيظه. أن تصبر على رجل أساء اليك وتبدي غضبك فهذا أمر والأعلى من مجرد الصبر أن تكظم غيظك (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ). اعتدى عليك أحـدهم بالشتم أو السب أو الطعـن في العرض فغضبت غضباً شديداً حتى صار غيظاً لكنك كظمته كما تكظم فم القِـربة حتى لا يسيل الماء منها فهذا أعلى من الصبر لأن الصبر قـد يصاحبه إبداء للغضب أو شكوى من الذي أغاظـك أما كاظم الغيظ فهو لا يبـدي غضبه أبـداً.العفــو:الصبر أولاً ثم كظم الغيظ والأعلى منهما العفـو وقـد تكظم غيظك لكن تشتكي على الذي آذاك (وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) أن تعفـوا عمـن ظلمـك وكل هذه المراحل فيها آيات وأحاديث عديدة عجيبة.الصفـــح :الأفضل من العفـو هـو الصفح . والصفح هو العفـو بـلا تأنيب (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) لمّا تعفـو قـد تعفـو وتـؤنّب أما الصفح فهو أن تعفـو بـلا تأنيب نهائياً الصفح الجميل والأعلى منه الصفح الجميل وهو بالإضافة إلى الصفح فيه عطاء للذي أساء إليك تصبر وتكظم غيظك وتعفو وتصفح ثم تحسن إليه بعطاء ومنها قصـة أبو بكر ومسطح عندما عفا عنه في حادثة الإفك وأستمر في عطـاءه له (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)والصفح الجميل هو الإحسان وكان الإمام جعفر الصادق إذا أخطأ أحد عبيده أعتقه ومن شدة حلمه كان يطمع فيه الخدم.الحِلـــــم :الحِلم هو أن لا تغضب في نفسك أو في العَلَن .الحليم لا يكون في نفسه أي غضب على من أساء إليه وهـذه قمة الإنسانية ولا نجـد الكثيرين من هؤلاء (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) . وجميعنا يعلم حِلم رسول الله الذي ظهر جلياً في فتح مكة حين قال :"اذهبوا فأنتم الطلقاء" وليس في قلبه شيء من الغضب على أهل مكة الذين أخـرجوه وعذبـوه هو وأصحابه. وممن عُرف بالحِلم علي بن أبي طالب والأحنف بن قيس وعمر بن عبد العزيز. والحليم لا يغضبه شيء إلا الاعتداء على حرمات الله تعالى ولا يكون الحليم حليماً إلا وقد مرّ بعدة صفات ومواصفات من منظومة ِحسن الخلق فكل حليم صابر كاظم لغيظه عفـو يصفح عن الناس لكن قـد يكون الإنسان صابراً ولا يكون حليماً فالحِلم جمع الخلق الحسن ومن بلغ مرحلة الحِلم فقـد فاز ولهذا قال الإمام علي بن أبي طالب: الحِلم سيد الأخلاق. والحِلم لا يكون إلا مع القـدرة لأن غير القادر إذا حلم فحلمه يسمى جبناً. والله تعالى هو الغني الحليم والعليم الحليم. قـد يكون الإنسان حليماً على غيره لكنه جاهل بوقائع الأمور ومدى تعدي المجرم فيسكت لكن الله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ومع هذا فهو حليم على عباده فالرجل الذي قتل مئة نفس الله تعالى وحده يعلم مدى جـرم هذا الإنسان ومع هذا ومن حلمه سبحانه وتعالى غفـر للقاتل بمجـرد أن تاب واستغفر ربه فتاب الله تعالى عليه. وملوك الأرض عندما يكونون على حلم تنقـاد لهم شعـوبهم طـواعية عندما سُئل الأحنف بن قيس لم أنت حليم هكذا؟ قال: وجدت الحلم أنصر لي من الرجال. وشدة الحلم أعظم درس في التربية.حِلـــــم الله تعالى :رب العالمين القوي الجبار المتكبر يستر ذنوب عباده مهما بلغت ويأخـذ عبده المذنب يوم القيامة في كنفه فيسأله ألم تفعل كذا في الدنيا وسترتها عليك؟ فيقول العبد أجل يا رب فيقول سبحانه وأسترها عليك وأغفـرها لك اليوم وهو تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور فكم يـذنب المرء وكم تحدثه نفسه بالمعاصي والشهوات ومع علم الله تعالى بكل هذه الأحاديث لا يحاسب عليها إلا أن يفعلها الإنسان وحتى لو فعلها ثم تاب واستغفر ربه يغفر الله تعالى له.ومن حلم الله تعالى حلمه على فـرعون الذي ادعى أنه الإله ومع هذا أرسل الله تعالى له نبيين وأوصاهما بأن يقولا له قولاً ليناً. [فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ] ومن حلمه تعالى أنه لو بلغت ذنـوب العبد ما بلغت يغفـرها الله تعالى له كما جاء في الحديث القدسي" عبدي لو جئتني بقراب الأرض ذنوبا لا تشرك بي شيئا بقرابها جئتك بقـرابها مغفرة"... فبمجرد أن يكون الإنسان موحداً يغفر الله تعالى له (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء). والمشرك هو الذي يخرج نفسه من دائرة الإنسانية فكل المخلوقات التي خلقها الله تعالى تسبح له والإنسان الذي أسجد تعالى له ملائكته وأعطاه عقـلاً استنباطياً فكفر بالله تعالى يكون من العـدل أن لا يغفر الله تعالى له لأنه أخرج نفسه من دائرة الإنسانية التي كرّمه تعالى بها ودخل في بهيمية.ومن حلمه سبحانه وتعالى أنه يبدل السيئات حسنات فإذا تاب المذنب يبـدل الله تعالى سيئاته حسنات.[إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ]الفرقان70قالــــوا في الحِلـــم من حلِم ساد. ومن عفا عظم ومن تجاوز استمال القلوب إليه. سئل الأحنف بن قيس بم سدت قومك؟ قال وجدت الحِلم أنصر لي من الرجال. لا سؤدد مع الانتقام فمن انتقم فقـد شفي غيظه فـلا يجب حمده. شدة الحلم تـزيد في العمر فالحليم يطول عمره لأن الغليان والحقد يقصر العمر أما الحليم فيبقى صحيح الجسم ويطول عمره.الحلم هو ضبط النفس عند الغضب ، والصبر على الأذى ، من غير ضعف ولا عجز ابتغاء وجه الله تعالىوتتفاوت قدرات الناس في ضبط النفس ، والصبر على الأذى ،فمنهم من يكون سريع الانفعال ويقابل الأذى دون النظر في العواقب ، ومنهم من يتمالك نفسه ، ويكبح جماح غضبه ويتحلى بالصبر والحلم ويتلمس الأعذار والمبررات لمن أساء إليه ، وهذا هو الرجل الحليموقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه رضوان الله عليهم بالتحلي بالحلم في تعاملهم ، ويحثهم عليه بنفس القدر الذي يحثهم على طلب العلم وكان مع ما أعطاه الله من خلق عظيم وصفات حميدة يدعو الله بأن يجعل الحلم زينة له فيقول : ( اللهم أغنني بالعلم، وزيني بالحلم ، وأكرمني بالتقوى ، وجملني بالعافية )كما يرفع الله تعالى منزلة الرجل الحليم ، فإنه يناصره ويقف إلى جواره أمام من يعاديه ، فقد روي أن رجلا جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني ، وأحسن إليهم ويسيئون إلي ، ويجهلون علي ، وأحلم عنهم ، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : (إن كان كما قلت فكأنما تسفهم المل ، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك ) ويعد الحلم وسيلة إلى تبوء المراكز الهامة في المجتمع ، وكانت العرب تقول في أمثالها : (من حلم ساد) ومن هؤلاء الذين تزعموا أقوامهم بسبب حلمهم عرابة بن أوس ، والأحنف بن قيس ، وروي أن معاوية بن أبي سفيان قال لعرابة بن أوس : بم سدت قومك يا عرابة ؟ فقال عرابة : يا أمير المؤمنين كنت أحلم عند جاهلهم ، وأعطي سائلهم ، وأسعى في حوائجهم ، فمن فعل منهم فعلي فهو مثلي ، ومن جاوزني فهو أفضل مني ، ومن قصر عني فأنا خير منهوإن الحلم فضيلة تقع بين رذيلتين متباعدتين ، فمن وراء يمين الحلم يأتي التباطؤ والكسل ، والتواني والإهمال ، وتتبدل الطبع عند مثيرات الغضب ، ومن وراء يسار الحلم يأتي التسرع في الأمور واستعجال الأشياء قبل أوانها ، والذي جعل الحلم فضيلة خلقية هو اعتداله ، ومسايرته لمقتضى العقل السليم ، والآثار النافعة المفيدة الخيرة التي تترتب عليه. ولقد ضرب رسول الله-صلى الله عليه وسلم أروع المثل للمسلمين في الحلم فقد روى البخاري عن أبي هريرة قال : بال أعربي في المسجد ، فقام الناس ليقعوا فيه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء ، فإنما بعثتم مسيرين ، ولم تبعثوا معسرين ) فقد علم الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا أصحابه ، كيف يكون الحلم بالجاهلين وكيف يكون الرفق بهم .ومن حلم الرسول صلى الله عليه وسلم عدم دعائه على الذين آذوه من قومه ، وقد كان باستطاعته أن يدعو عليهم ، فيهلكهم الله ، ولحلمه بهم غاية يهدف إليها فهو يرحمهم لعلهم بعد مدة يؤمنون فينجون من عذاب النار ، فيحلم بهم رجاء إصلاحهم روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود قال : كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء صلوات الله عليهم ، ضربه قومه فأدموه ، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول : (اللهم أغفر لقومي فإنهم لا يعلمون )والغضب هو مفتاح الشر ،فالشخص الذي يغضب سريعا ، كثيرا ما تصدر عنه تصرفات خاطئة ، لذا روي أن أبا الدرداء قال : يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة ، قال رسول الله :صلى الله عليه وسلم ( لا تغضب ولك الجنة ) وقد مدح عليه الصلاة والسلام أشبح عبد القيس فقال : (إنك فيك خصلتين يحبهما الله ، الحلم والأناة ) ومن أن عمر بن عبد العزيز دخل المسجد في أحد الليالي ، وكان مظلما لا نور فيه فعثر برجل نائم ، فرفع الرجل رأسه إليه وقال : أمجنون أنت ؟ فقال عمر بن عبد العزيز : لا ، فهم الشرطي الذي كان يصحبه بضرب الرجل ،فقال له عمر : لا تفعل إنما سألني أمجنون أنا ؟ ، فقلت لا وكما رغب الإسلام بالحلم وحث عليه ، حذر من اخلاق النفاق له ، وعمل على تربية المسلمين تربية عملية تأخذ بأيديهم حتى يكونوا حلماءوإن الحلم لفضيلة حيوية وايجابية للمسلمين ، فهو يصون علاقاته مع معلمه إن كان طالبا وأهله إن كان زوجا ،وجيرانه، وزملائه، وشركائه،وكل من يتعامل معه وكلما زادت سلطاته وقدراته ونفوذه القيادية ، كان حلمه أنفع له ولمن يحكم. . ألم تسمع قوله صلى الله عليه وسلم : ( أنا الرفق لا يكون في شئ إلا زانه .. ولا ينزع منه شئ إلا شانه ), فالحلم بقصة الأعرابي الذي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبه شيئا .. فأعطاه وقال له : أحسنت إليك ؟ فقال الأعرابي : لا , ولا أجملت .. ؟ فغضب الناس وقاموا إليه .. فأشار الرسول إليهم أن : كفـوا .. قام الرسول صلى الله عليه وسلم فـدخل منزله فأرسل إليه وزاده شيئا فأعاد عليه : أحسنت إليك ؟قال : نعم ,فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا ,كــون حليمـاً يجـب أن تكون طلق الوجه...أن لا تغتاب أحـداً في حياتك. .أن تكون سخياً معطاء جـواداً..أن لا تهجـر فـوق ثـلاث فـلا يكون حليماً من يهجر أخـاه..أن تعـود نفسك على أن تسلّم على الناس. وأن تكون بهـم رفيقاً..أن لا تـروّع أحـداً في حياتك "من أخاف مسلماً أخافه الله تعالى يوم القيامة"..أن تيسّر على الناس كما قال رسول الله : إنما بعثتم ميسرين لا معسرين. أن تكون هيناً ليناً سهـلاً .


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 22815
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم