سرايا - سرايا - بَعْدَ سِلْسِةٍ مِنْ عَملياتِ أَطْفالِ الأنابيبِ الفاشِلَة وَبَعدَ سنينٍ مِنَ المُعاناةِ والإِحْبَاط و بعدَ عقدٍ كاملٍ مِنَ الأملِ والألمِ الذي كادَ أَن يَعصفَ بأَركانِ بيتي الصغير فَينهارُ وتَتَلاشى مَعَهُ عِشرةَ عَشرةُ أعوامٍ منَ الحبُ والوِئامُ بيني وبينَ رَفيقةُ دَرْبي
رُزِقْتُ بتوأمٍ مِنَ الأطفالِ الذُكور قََرتْ بِهما عَيني وعَينا والدتُهما ومَلآ أجواءَ المنزلِ أفراحاً وسروراً
مَضى مِن عمرِ أَبنائي الآن ثلاثُ سنواتٍ ونِصف وَقدْ اسميتُهم بأسماءِ الأنبياءَ تيمناً بِهم ودَرئاً لَهم من عينِ غاسقٍ إذا وَقب وحفظاً من شرِ حاسدٍ إذا حَسَد
كنتُ أسمعُ عن شقاوةِ الأولادِ ولكن لم أرَ شقاوةً وشغباً مثلَ ما رأيتهُ عندَ ولداي . . . أقلُ ما يقالُ عنهم أَنهم ( زُعْران ) بِكلِ ما تَحْملُهُ الكلمةُ من معاني
مَع خُطواتهم الأولى وانبثاقِ حروفهم الغَضَة. . . بَدأوا يَعيثونَ في الأرضِ فَسادا . . . كانوا يَستمتعونَ برياضةِ تَسلقِ رُفوفِ الثلاجةِ . . والقفزِ منْ سطحِ طاولة السفرة الذي يقعُ على ارتفاعٍ شاهقٍ بالنسبةِ لقامتيهما القَصيرتين . . . . هِوايتهم المُفضلة هي العبثُ بأزرارِ مفاتيحِ الإضاءات فيُطفئوا الإضاءةِ ويُشَغلُوها عشرات المرات في الليلةِ الواحدة وِفقَ تَسلسلٍ لا نَمطي مُستَفز يَجعلُني أفقدُ صَوابي أَحياناً فأَهمُ بضربِهم . . سوى أنَ زَوجَتي تقفُ لي بالمرصادِ وتحولُ بيني وبينهم وعِندما يَحتدُ النقاش بيني وبينها تُذكرني بأيامِ المعاناةِ التي كنا نتمنى فيها أن نَظفَرَ بظِفرِ طِفل

استيقظتُ أحد الأيام - قبلَ ستة شهور تقريبا - على صوتِ مواءَ قطةٍ بقربِ الباب فأدخلتها للمنزل لأريها لأطفالي . . فرحَ الولدانُ بها كثيراً وَمَسَدوا على رَأسِها وعلى جِسمها فلمْ تُبدِ أي انزعاجٍ بلْ أَخذتْ تتمايلُ وتتمطى بدلالٍ ملفتٍ للنظر
كانت القطةُ دلوعةً جداً واكادَ أجزمُ بأنني لم أرَ أغنجَ من تلك القطة في حياتي بِرمتها
اقترحت زوجتي أن نقتني القطة فوافقتُ على الفورِ وقُمتُ بتحميمِ القطةِ وأطلقتُ عليها اسم ( جي جي )
واصبحَ أولادي يَلعبون معها العاباً بريئة في البدايةِ
بعدَ عدةِ أيام تبدلت الأحوالُ قليلا فأصبحَ الشقيانُ يتماديانِ في مضايقتها وقد وَصلَ الأمرُ الى حدِ الإيذاء فكانا يَشدانِها من ذَيْلِها أو يَحْملها أَحدُهُم بطريقةٍ فوضوية ويَقرصانِ أُذُنيها حتى انني رأيتُ مرةً أحَدُهما يَضعُ إصبَعَهُ في عَينِها ومَا كانَ يثيرُ اندهاشي فِعلاً أَنَ هذهِ القِطة كانت أليفةً لدرجةِ أنها لمْ تبدِ أي مقاومةٍ تذكرُ لتصرفاتِ هذان الوغدان
لم أتحملْ السكوت عن عذاباتِ القطة ومُعاناتها فَقررتُ أن أَتخلصَ مِنها في منطقةٍ بعيدة حمايةً لها من عبثِ أولادي وسَفَالَتِهُم
وهذا ما كان فعلا فَقد وضعتُها في كيسٍ من الخيشِ وأخذتُها عبرَ المواصلاتِ العامة الى منطقةٍ بعيدةً جدا حتى لا تعودَ الى مَنزلنا مرةً أخرى وتَكونَ خَطيئَتُها قلادةً في عُنُقي الى يومِ الدين

بعد أن أضعتُ القطةِ بأسبوعين تقريبا اصطحبتُ الطفلين الى سوقِ اللحوم والسمك لشراءِ احتياجات المنزل وما أن أوقفت السيارةَ في الموقف حتى نَزَلَ الطفلين منها باندفاع وكأنهم نزلوا في مدينة الألعاب الترفيهية . . . كنتُ أمشي خلفَهم وأُراقبهم مراقبةً حَثيثة لئلا يَتيها في زحمةِ السوقِ
وفجأةً ظهرَ أَمامَهم قطٌ يُشبهُ قِطتنا الضَائعة ولكن منظرهُ العام يُوحي بالشراسةِ والعنف فركضَ أحدُ الولدين باتجاههِ وأمسكهُ من خاصرتَيه ورَفَعَهُ عاليا وَقَذَفَهُ بقوةٍ الى الأرض
تفاجئَ القطُ وَوقَفَ شعرُ بَدَنهُ وتَموضَعَ متأهباً للهجوم . . في تلكَ اللحظةِ رَكَلَهُ الولدُ الآخر في بطنهِ وكأَنهُ يَركلُ كرةً للقدمِ . . عندها لاذَ القطُ بالفرارِ مَذعورا . . بلا عودةٍ على الأَغْلَب
كل ذلكَ كانَ على مرأى مَجموعة من الحريمِ يَجلسِنَ في مكانٍ قريبٍ من هذا المشهد نظرتُ نظرةً خاطفةً إلى اولئك النسوة فلاحظتُ أن أِحداهُن تَفْركُ عَينيها بِقَبضَتيها
من الدهشةِ . . وقالت أُخرى عبارة سَمعتُها بوضوحٍ تَام
ولمْ أَجْرُؤُ أن أردَ عَليها قالت الحرمةُ باندهاشٍ واضح وبعينينِ لامعتين ( ما أقْواهُمْ هَالمَسَاخِيطْ )
عندما سَمعتُ تلكَ العبارةِ استعذتُ باللهِ مِن الشَيطانِ الرجيم و حَمَلتُ أولادي بِسرعة وعَدلتُ عنْ التسوقِ في ذلك اليومِ وَعدتُ الى المنزلِ بِخُفي حُنَيْن
في تلكَ الليلةِ انتابتْ الطفلُ الأكبر حُمى شَديدةٍ وإسهالٍ وتَقيؤ وتَبعهُ الآخر في اليوم التالي ومنذُ ذلكَ الحينِ لم نَذُق أَنا ووالدتهم طَعمَ الراحة فما أَن يشفى أحدُ الأولادِ الا ويَتبعهُ الآخر وتُعادُ الكرةُ مراتٍ ومرات . . . .ذهبنا بهم الى عدةِ اطباء ولكل طبيب تَشخيصٍ يَختلفُ تَماماً عن الآخر أَحدُهم قالَ جرثومة
والآخر قال أنه فايروس مُنتشرٌ في الأجواء وثالثٍ نَصحني بالرقيةِ الشرعية . . . تعبتُ كثيراً من مراجعةِ الأطباء والمستشفيات . . أَرهقتني المضاداتُ والمسكناتُ وخافضاتُ
الحرارةِ والتحاميل . . وكلَ الأدويةِ التي لم تُجدِ نَفْعَا
أشارتْ علي والدةُ زَوجتي بأن أَذبحَ كبشٍ وأوزعَ لَحمَهُ على الفقراءِ والمساكين تَضرعا للهِ تَعالى ورجاءً بأن يَشفي أَولادي مِن ما ألمَ بِهم . . ولكن دونَ فائدة
جربتُ كلَ وسائلِ العلاج الطبي وكل أعشاب ومستحضرات الطب البديل والطب الشعبي والطب النبوي وكل ذلكَ باءَ بالفشل
أتمنى أن يستردَ أطفالي عَافيتهم ونَشاطهم . . نَذَرتُ على نَفسي إِن شَفاهُم الله أَن أَتركهم
يَعبثونَ بالمنزلِ والأثاثِ كما يَحلو لَهم و دون أَي اعتراض . . .
ماذا أَفعلُ لحلِ هذه المُشْكلةِ فَقَدْ أَرقَتْني وأَرْهَقَتْني كَثيرا . .

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا