حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,29 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 18250

قباني والساهر يختزلان بغداد في أغنية .. جماليات الصورة واللحن

قباني والساهر يختزلان بغداد في أغنية .. جماليات الصورة واللحن

قباني والساهر يختزلان بغداد في أغنية ..  جماليات الصورة واللحن

31-07-2016 10:18 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - إختزل الشاعر نزار قباني بغداد في جلسة شاعرية بين حبيبين،غناها ولحنها كاظم الساهر الذي أحيا حفله الساهر مؤخراً على المدرج الجنوبي ضمن فعاليات مهرجان جرش 31.

كانت الأغنية خير وداع وتتويج لعلاقته بالشاعر الرقيق كما أطلق عليه العندليب عبدالحليم حافظ ويتجلى الحضور في كلمات القباني التي اهداها لزوجته بلقيس ، ففي الإهداء البغدادي سحر ورومانسية خاصة وحميمة واثيرة ولا تصدر الا من عاشق لمعشوق ، فهو يقول بعدما يضعنا مباشرة في مطعم ، لم يصفه بل وصف أهم ما فيه ، عاشقين جسدا وروحا ، وبغداد تاريخا ومستقبلا روحا وعقلا وقلبا ، ولهذا قال

( لم يبق سوانا في المطعم ) لكن من هم ، نحن لا نعرفهم ، فقد زاد في تشويقنا حين قال (لم يبق سوى ظل الرأسين الملتصقين) وهنا تحدد انه ترك المطعم كاملا ، واكتفى بذكرشخصين لم يعرفنا بهما بعد ، لكنه أطلعنا على سر ، حين همس (لم يبق سوى حركات يدينا العاشقتين) ، اذن ، هما عاشقان لمحنا ظلهما صورا متخيله من كلام معسول ، لكن أين هربت بغداد ؟

انها تغوص (كلؤلؤةٍ داخل عينيكِ السوداوين) ، حسنا هي سمراء ، وليست شقراء ، وعيناها بالقطع سوداوين ، وبما انها في البؤبؤ منها ، اي بغداد فهي عزيزة ، ولها اثر دائم ، فالصور المرئية تتغير ، لكن بغداد ثابته لا تزيغ ولا تحيد ، في عينيها .

حسنا بغداد على اتساعها تنحشر في بؤبؤ فتاة جميلة ، وبداخل البؤبؤ ( تغيب بأكملها رملاً وسماء وبيوتاً ) كل بغداد ، كل جذور الحبيبة ، كل جيناتها ، كل تفاصيلها تغيب في مكان صغر ، مكثف ومختزل ، فالعاشقة تحب المكان ، وهو يحب المعشوقة ، وضمنا كل التفاصيل التي يخفيها ما (تحت الجفنين المنسبلين) ، وإذ ذاك ، كيف يصبح المشهد وبغداد على اتساعها ، تملأالبؤبؤ وتتماهى فيما تحت الجفنين ، أي في العين ، فكيف ستكون هذه البغداد وهذه العين .؟

هنا يبدأ الشاعر بتذكار ووصف بغداد ، على الأقل ما أمتلىء البؤبؤ منها ، فيؤكد ( بغداد أنتِ على صدري شيء لايحدث في الرؤيا

، من يوم تلاقينا فيها صارت عيناكِ هي الدنيا) ، يا للجمال ، عينا الحبيبة تصبح دنيا كاملة ، طالما اتسعت لبغداد ، بظلها المكاني والزماني وما يضمره من حياة ووجود إنساني كامل يعود للترميز والتذكير بحضوره الإنساني ، حين يعيدنا للطاولة وللمنظر، مع تغير في الرؤية ووصف شكل الحبيبة ، بعدما فرغ من تحديد ما رآه في العين فقط ، فبدأ يذكرنا بأنه (لم يبق سوانا ياعمري)، إذن المطعم رمز لحياة فراغ ، إلا منها ، هي أو بغداد، عواصم كثيرة على الخارطة ،، وأناس كثر يمرون هنا وهناك ، لكنهم «كومبرسات» أو شخوص بخانات لا تعنيه ، هي فقط من يحفظ تفاصيلها ، بدءا بما رآه ، بعدما أنزل صدره من البؤبؤ لما بعد الوجه ليرى ( شالُ الكشمير على كتفيكِ يرف حديقة ريحانِ) ، والشال الكشميري يهفهف ويرف مع نسمة ريح ربما جاءت لتضفي سحرا على المطعم ، ومعها صور الشاعر حديقة الريحان ، حين ترف غصونها باثر الريح أو الهواء العليل ؟

وبعدها نعلم انها لم تطل النظر فيه ، فقد قامت أخيرا بأول فعل ، لقد وضعت يدها على يديه ( يدكِ المدودة فوق يدي أعظم من كل التيجانِ، مادامت مملكتي عيناكِ فأني سلطان زمانِ) ، وسلطان الزمان حن ترك المقهى ، فهو لم يصبح فارغا للحظات أوساعات أو ايام ، فبعدهما أصبح مهجورا - وهذا قد لا يكون على وجه الحقيقة ونفهم منه مجازا - أنه لم يعد يذهب هناك ، وبعدم وجود من اسماه «دنيا كاملة» فهل يعقل أن يصبح المقهى مهجورا أو حتى مهدما ؟

من يهتم لذلك؟ ، والدليل ، هو شخصيا بات يهتم بشء أخر ، فقد بات يتأمل فنجانه ، ولهذا تساءل (ماذا سيكون بفنجاني) !

وهنا يقرر ، المقهى لم يصبح مهجورا لأنه غادره وتركه فقط، بل يبدو أن حبيبته (هي أو بغداد) هي سبب ما بات مهجورا بدونه ، والدليل نستشفه من خلال العبارات المتدفقة التي تصف ما يمكن ان يكون بداخل الفنجان ( غير الأمطار وغير الريح وغير طيور الأحزانِ) هي راحت إذن ، وذبحته من الوريد الى الوريد بغيابها ( تذبحني امرأة من وطني تساوي ملك سليمانِ،، ياحبي البغدادي .. آه ياجرحي البغدادي،، لم يبقى سواكِ بذاكرتي لم يبقى سواكِ بوجداني) لكنه رغم كل شيء فانه يحبها ، ودليل تأثره ووفاءه وحبه الكبير بانه يعلن ( قد ماتت كل نساء الأرض وأنتِ بقيتي بفنجاني) ، وهنا تصريح ناري يقودنا لمعرفة شيء نقرأه بين السطور ، وهو أن الحبيبة كانت وستبقى بغداد ، هي من ستبقى قدره ومصيره الذي رمز اليه بالفنجان حيث نقرأ المخبأوالمستور فيه ، وبغداد الماضي والحاضر والمستقبل ، في الفنجان وفي الحقيقة ، والمقهى مسرح درامي دارت فيه أحداث القصة شعراً ممتعاً وغناء شجيا بصوت كاظم الساهر الذي أعاد بغداد لمحبيها ، نقية مشتهاة كما لو أن مغتربيها.. لما يغادرونها بعد.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 18250

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم